عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-10-2014, 05:42 PM
 
الفصل الاول
الجزء الأول ( سيارة الأجرة ! )


كل إنســان يجد حياته " غريبة " ، وهذه الحقيقة ! فالحياة إن لم تكن غريبة فهي مملة دون نقاش
ولكن للغرابة درجــات بالنسبة لي .. فهنــاك عادي و متوسط و متهور .
الغرابة المتهورة هي الاجمل بالتأكيد فحينهــا الحياة لن تخلو من المفاجئات الغريبة وغير متوقعة
تستيقظ غير ميقن بمــا سيحدث هذا اليوم ...

رزان سالم فتاة حياتهــا بين المتوسط والمتهور ويمكننـا القول بأن عقرب الغرابة سيميل
ناحية المتهور في مستقبلها و لطيلت حياتهــا فهذه القصة تتمحور حول حياتهــا وما يرافقها من أحداث

مثل أي صباح يوم ثلاثاء ، تستيقظ رزان في السابعة و تقف أمــام دولاب الملابس وتتفحصه لمدة ساعة
كاملة تتخيل جسدهــا بهذه الثياب ، ومن ثم تستقر على ارتداء بنطال وقميص يدل على أنهــا ليست مهتمة
بعالم الموضة والملابس وأنهــا لا مبالية ترتدي أي شيء يقع عينها عليه وهي في الحقيقة عكس هذا .

ـ صباح الخير

تقولها فور الجلوس على مائدة الإفطار، عائلة رزان أفراد عاديون ، سالم والد رزان رجل في الستينــات
يرفض فكرة التقاعد ويفضّل الجلوس في المكتبة التي اشتراهــا منذ زواجه من جمــانة ، جمــانة والدة رزان
والدة و زوجة غريبة ولكنها تتمتع بموهبة الطبخ اللذيذة ، لين أخت رزان الكبرى تعمل في مختبرات كميائية
وهي سريعة الغضب وعنيفة ، وهنــاك آخر العنقود آدم أخ رزان الأصغر والوحيد فتًا في السادسة عشر من عمره كثير المتاعب في المدرسة والمشاكل .

عائلة رزان مماثلة لأي عائلة إن طرحتم السؤال ، ولكن لا تحكم الكتاب من غلافه !

ـ حسنــا سأذهب ، أشكرك على الطعام

وقفت رزان والحقيبة على كتفهــا و شعرها الأسود القصير منسدلا على وجهها الطفولي تنظر لـ جمانة

ـ آه رزان حبيتي

صدرت أقوال جمانة المتأخرة بعد أن وصلت رزان لخارج الشقة و خارج المبنى بأكمله

ـ رزااااااااااااااااان

توجهت جمانة لـ شرفة المنزل و صرخت لـ رزان التي ناظرت والدتها من الأسفل بنظرة تود التخلي عنها
في هذه اللحظة و إكمال المشي كما لو شيئًا لم يحدث

ـ لا تتجاهليني ، الخميس صديقاتي سيأتون للمنزل

صرخت جمانة من جديد و الحيّ قد نظر ناحية المنزل ولـ رزان أسفل الشارع التي مازالت في أفكارهــا
" هل أكمل المشي أم أحادثها ؟ " كانت تردد تساؤلاتها في دماغها قاطعتًا العالم الخارجي عنها

ـ اسمعي ، اشتري ثيابًا جميلة أو فستان زهري هذا اللون جميلٌ على بشرتكِ

ومع تكرار التساؤلات في عقلها وقع خيار رزان على تجاهل والدتها وإكمال الطريق كما لو كانت غريبًا
بالنسبة لهذه المرأة التي حملتها في أحشائها تسعة أشهر.

***

ـ فستــان زهري تقول ، أستشعر بأنها تبحث عن شريك حياتي مع صديقاتهــا

تمتمت هذه الكلمات قبل دخول سيارة الاجرة

ـ إلى أين ؟
ـ مبنى شركة الإنتاج في التقاطع الثاني

قالتها بجفاء ناحية السائق الذي هز رأسه بموافقة على الطلب وانطلق بها نحو المبنى

ـ اذا هل أنتِ من سكان هذه المدينة ؟

نظرت رزان لـ السائق باستغراب ، وعلى أهب الإستعداد لإبراحه ضربــًا

ـ لا أنــا مستثمرة من شركة في دبي

ردت بسخرية نحو سائق الذي ابتسم بحماس ، كما لو أن كلماتها مفتــاح لمشاكله

ـ حقـــا أختي تعمل في دبي هل رأيتيهــا ؟

غاصت رزان في أفكارهــا تحاول أن تفك شيفرة هذا الرجل الغريب ، لم تنطق بكلمة واحدة
كانت تعابير وجهها شاردة

ـ أنزلنِ هنــا

قالتها ساحبتًا حقيبتها وقد أخرجت منها نقود ومن ثم خرجت من السيارة

ـ آه لم تردِ على سؤالي ! هل قابلتي أختي ؟

مدت رزان يداها داخل النافذة وأعطته النقود و أجبرت ابتسامة على وجهها لهذا الرجل

ـ سرني لقائك !

قالتها ومن ثم أكملت طريقهــا لـ المبنى مشيًا على أن تركب مع هذا الرجل الغريب

***

أصوات الطلاب وهم ينشدون السلام بملل و رخاء قد أفقدت آمال المدير بهذا الجيل ، العديد منهم مهملين
و البعض لم يرتدي الزي والآخر استبدل قطعة بقطة أخرى من منزله ، وإن أحصيتم من جاء من أجل العلم
لن تجد سوى عشر لـ عشرون طالب من ثلاث مئة ، من الصعب أن تكبت جموح هاؤلاء الفتيان دون أساتذة
شديدين ولكن فوج الأساتذة لم يكن بهذا الإرهاب أيضًا فإن ألقيتم نظرة لـ الأساتذة ستجد أنهم أشبة بطلاب يواكبون صيحات الموضة وحتى طريقة وقوفهم تدل على رخائهم وعدم جديتهم في مسيرة التعليم .
وقبل أن ينتهي النشيد يقوم سائق سيارة بإركان سيارته أمــام المدرسة بسرعة ويخرج منهــا ، يُحّوط جسده بشتى أنواع الأشيــاء ثلاث حقائب واحدة على كتفه وأخرى على الكتف الآخر وثالثتهم يحملها بيده ، أوراق مختلفة حملت بيده الأخرى ، وشعره الأسود المتناثر بطريقة فوضوية وعيناه الناعسة لم تكن في صالحه يرتدي بنطال " جينز " أسود وقميص بنصف الأكمام غير مكوي تناثرت حوله بعض من بقع الشاي ، ومن ثم دخل بوابة المدرسة بشكله المضحك وجميع الأنظار تحولت ناحيته ، نظر لهم بهدوء ومن ثم أخذ نفسًا عميقًا

ـ أنشدوـــــــــــاااااا

صرخ بصوته ليدخل الرعب لجميع الحضور جاعلًا منهم ينشدون بصوت عالٍ ، هذا هو وسيم فضل
شاب في الثالثة والعشرون من العمر يعمل كـ أستاذ فيزياء ، وعليّ القول هو المعلم الوحيد الذي يكبت جموح
الهائجين من الطلاب ، بل أكثر من هذا الطلاب يهابونه ويحسبون له حســاب

ـ وسيم صباح الخير !

ردد المدير ، فهو رجل ممتلئ الجسد وأصلع الرأس ، نظر وسيم له بإرهاق وأكمل طريقه لداخل المبنى

ـ نعم نعم ، صباح الخير ، عليّ الذهاب

ومن ثم اختفى داخل المبنى هو وأوراقه ، لم يفهم الأساتذة هذا الرجل الغريب طيلت السنة التي شاركها معهم
كل مــا يعرفوه عنه ، أنه يكره الفيزيـاء من صميم قلبه ويمقت نيوتن وقانون الجاذبية الذي اكتشفه

***

ـ مرحبــًا ، اسمي رزان سالم لديّ مقابلة عمل مع الآنسة دينــا

كانت ترسم ابتسامة على وجهها أمــام مكتب الاستقبال ، جلست عليه فتــاة في مقتبل عمر رزان
شعرهــا بني طويل يصل لـ خصرها ترتدي ملابس رسمية وتضع نظارات قراءة ومنشغلة بأعمالهــا

ـ نعــم آنسة رزان ، امشي للأمــام الغرفة التي على يمينك إنهــا في انتظاركـ !

لم ترفع ناظرها نحوها ، رفعت رزان حاجبها باستغراب ونظرت للممر أمــامهــا

ـ أشكركـ ، أظن ؟!

قالتها تنظر لها من جديد وهي ما زالت على وضعيتها ، ومن ثم توجهة لـ مقابلة دينــا .

مع كونهــا المرة العاشرة لمقابلتهــا للعمل إلا أن هذه أول مرة ينتابها هذا الشهور ، شعور القلق
والتوتر الشديد ، وقفت أمــام الباب الذي كتب عليه " الإدارة " أخذت نفسًا عميقًا ومن ثم طرقت الباب

ـ تفضل !

صوت أنثوي رقيق قد صدر ، أدرات رزان مقبض الباب ويداها ترتجفان بطريقة جنونية ، ومن ثم
وجدت جسدها داخل مكتب فسيح ومكيف ولا ينفصة سوى سرير ويصبح شقة

ـ آنسة رزان كنت في انتظاركـ

ابتسمت دينــا كانت ترتدي الحجاب الأبيض ولباسها الرسمي دل على شأنها في الشركة

ـ آه وأنا أيضــًا

تقدمت رزان وصافحتها بإبتسامة ومن ثم جلست على المقعد الجلدي المريح

ـ لقد قرأت سيرتكِ الذاتية ، وأنـــا على أتم الاستعداد لـ قبولك معنــا فقط لو كنتِ متخصصة في مجال الفن أو الإعلان أو حتى الصحافة

تفهمت رزان أقوال دينــا التي لم تصدمهــا فقد اعتادت لهذا الأمر

ـ أنـــا حقــًا آسفة لديكي مهارات وخبرات في هذا المجال لكنكِ متخصصة في أمور المحاسبة و أنــا أملك
سكرتيرة تفعل هذا الأمر

طأطأت رزان رأسها بتفهم ومن ثم وقفت على أقدامهــا

ـ لا بأس ، علمت بأن الأمر لن ينجح منذ أن ركبت سيارة الأجرة

قهقهة دينــا على كلمات رزان الساخرة تلك ومن ثم وجهة ناظرها ناحية رزان

ـ ماذا حدث ؟
ـ أخرق ، بدأ يسألني إن قابلت أخته التي كانت تعمل في دولة أخرى

قالتها بقرف نحو دينـا التي ابتسمت

ـ أتعلمين أخي يعمل كـ سائق أجرة لكنه لا يعلم بقدومي

فتحت رزان فمها متفهمة وضع عائلتهــا ، ومستغربة من كونهــا مديرة

ـ آه أين كنت اذا قبل القدوم ؟
ـ دبي

شرقت رزان بعد كلمــات دينــا تلك ، لا يعقل ! من بين الملايين في هذه البلدة لا يمكن

ـ آه حسنــا حمدًا على السلامة لكن عليّ الذهاب هنالك مقابلات أخرى عليّ الذهاب لهــا

طأطأت دينــا رأسها وأشارت للباب من اجل خروجها

ـ إلى اللقاء
ـ وداعــًا