عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-11-2014, 11:53 AM
 

الفصل الأول
الجزء الثاني ( آدم )


جلس خلف الطاولة وعيناه تنظر لكومة الاوراق الماثلة أمامه ، كان الفصل في قمة الهدوء لم يجرء مخلوق على الكلام ، لم يصفف وسيم شعره منذ أن دخل مبنى المدرسة ولكنه شرب ثلاث فناجين من القهوة !

ـ حسنـــًا

وقف على أقدامه يحمل الاوراق وينظر للفصل ، صوت همس انتشر بين الطلاب يمكنك سماع البعض يقول " هل صحح الأوراق؟ " ، " سأرسب يا أخي "

ـ هذه مدرسة وأنــا جئت هنــا كي أعلِمَكم ، أقضي وقتي من أجل هذا الجيل الفاشل الذي لا يميز بين ضرب و جمع ، كمــا أنِ اكتشفت أنكم لا تنظرون لسؤال وتجاوبون من خبراتكم الفاشلة وترتجلون كذلك

أخذ نفسًا عميق ونظر للفصل ومن ثم جلس على طرف الطاولة

ـ الجميع راسب سوى آدم

تعالت أصوات المعارضة ، فالبعض ظن أنه ناجح والآخر يجلب علامة عالية ، لكن الجميع راسب سوى آدم ؟ هذا غريب فـ آدم فتًا متمرد يهرب من المدرسة وصاحب مشاكل

ـ آدم أريد أن أحادثكـ في الخارج قليلًا

سرى الذعر في جسد آدم ، فتًا شعره أسود صُفِفَ بطريقة جميلة ، نحيل الجسد وطويل جدًا لعمره ولكن معالم الوسامة لا يمكن إنكارها يرتدي بنطال المدرسة البنى وقميص منتخب رياضي ، وقف وتوجه لخارج الغرفة و طلاب فصله يُلّقُون كلمات تثير الذعر و يرمقونه بنظرات كما لو أنه ذاهب لجنازته

ـ آدم ، عزيزي طريقة غشك ليست مقبولة

أسند وسيم يده على كتف آدم الذي ابتسم بتوتر يحاول أن يجد طريقة يخرج بها من هذا الحوار

ـ لم اغش !
ـ أرجوك ، طريقة الحل طبق أصل الكتاب ، وأنــا لا أحل بطريقة الكتاب بتاتًا

طأطأ آدم رأسه بتفهم ونظر لـ وسيم بأسف

ـ حسنــا ، سأغش بطريقة مقبولة المرة الأخرى

تنهد وسيم بتعب ، لمــا ؟ لمــا لا يدرسون ما الصعب في الموضوع

ـ حسنــا غدًا أريد أن أرى أحد أفراد عائلتكـ
ـ لكن يا أستـــاذ لمــا ؟ ليس بهذه الأهمية كما أني لست الوحيد الذي يغش هل الأمر واقعٌ عليّ فقط ؟

رفع وسيم ناظره للأعلى وأنزل ذراعه عن كتف آدم و شرد في ذهنه قليلًا ومن ثم نظر لـ آدم من جديد

ـ غدًا إجلب أحد أفراد عائلتكـ و أريد أن أرى هوية تأكيدًا لشخصية ، كمــا أنك اخترقت العديد من القوانين وتستحق الفصل ... من جديد !

يمكنك سماع شتم آدم تحت أنفاسه وهو غاضب

ـ حسنــا ، يا مولاي

انحنى قليلًا ودخل للفصل صافقًا الباب بغضب كما لو أنهم زوج و زوجته بعد مشاجرة عنيفة بينهمــا

***

جلست رزان على مقاعد الإنتظار مع عشرة أشخاص آخرين ، كانت خالية المشاعر عكس الآخرين البعض خائف وهناك من يرج والآخر يتعرق من هول الموقف ، مقابلة العمل شيء يعتمد على سلوك الإنسان مع المدير ، لم يصب رزان هذا الهول مع كونهــا قابلت أكثر من عشرة مرات إلا أن مقابلتها مع دينــا سبب لها توتر و قلق ولا تعلم لما ؟ ، كانت جالسة على هاتفها تلعب بهدوء والجميع معجب بـ هدوئها و عدم اهتمامها كما أن لباسها لا يدل على جديتها بهذا الأمر، وهنــاك من ظن أنها من طبقة غنية لا تهتم بالوظيفة بل تظن أنهـا طريقة لإمضاء الوقت و التسلية

ـ رزان سالم ؟

رجل في أواخر السيتينات يحمل مجلدًا بيده ويقرأ أسماء

ـ نعم ، أنا هنــا

وقفت رزان على أقدامهــا وعيناها ملتصقة بشاشة الهاتف تحاول أن تجد حقيبتهــا

ـ تفضلِ

رفعت رزان ناظرها نحو الصوت ، شاب وسيم شعره أشقر ولكنه مقصوص بطريقة اقرب من الصلع ولكن لاقته بشدة وعيناه خضراء جميلة و لامعة " هل أنت من هذا الكوكب ؟ " كل ما كانت تفكر به رزان عندمــا أخذت حقيبتها منه ، ومن ثم ابتسمت بخجل

ـ أ.. أشكرك

قالتها بتعثلم ومن ثم ذهبت مع ذلك الرجل ، أخذوا يمشون في ممر المبنى الطويل نحو مكتب المدير ، وكل فكرها بذلك الشاب الوسيم

ـ نصيحة با ابنتي ، المدير متعصب قليلًا فاتمنى أن تكون لطيفة معه فهو يحب اللطيفين وأنتِ فتاة جميلة كذلك لذا فهذا لصالحك يمكنك نيل العمل إن اتبعتِ قوانين المقابلة

طأطأت رزان رأسها تشعر بالغرابة ، يا ترى ما درجة تعصبه ؟ هل هي قريبة من عصبية لين؟
توقف الرجل وأشار للباب

ـ هنــا

أخذت نفسًا عميقا ودخلت للغرفة لم تكن بهذا الجمال و الرقي كـ مكتب دينــا فقد نال إعجابها لفساحته وتكيفه

ـ هل ستقفين طوال اليوم ؟

صوته الغليظ ، رجل ممتلئ وعينان باللون الأزرق الغامق وشعر كستنائي ، ووجه ممتلئ كذلك ولديه شعر وجه كثيف فقد كان شارب علامة تجارية إن كان ممثل أو شخصية عالمية

ـ اسمك ؟
ـ رز ... رزان سالم

شتمت في قلبها على طريقة تعريفها للرجل والآن بات يظن بأنهــا فتاة منطوية ولا تستطيع الكلام

ـ نعم نعم ، قرأت سرتكي الذاتية ويمكنني القول بأنكي مناسبة لهذا العمل

وجدت الابتسامة طريقًا لوجه رزان ، التي جلست بفرحة لسماعها تلك الكلمات

ـ لكن ، أليس هذا ما يريد سماعه كل شخص دون خبرة في مجال المحاسبة

قهقهة الغليظة ملأت الغرفة ومن ثم تنهدت بتعب ، حقــا الآن بدأ العالم يلعب ألعابه عليهــا ، لمــا فعل هذه الحركة النذلة ، كانت تفكر في عقلها

ـ حسنــا هل يمكنكي أن تعطيني السبب لعملك في هذا البنك ؟

طأطأت رزان رأسها بموافقة وأخذت بعدها نفسًا عميقًا تحاول أن تجمع شتات أفكارها العائم

ـ آه ، حسنا اسمِ رزان سالم أبلغ اثنان و عشرون سنة ، وأنـا أود العمل في البنك لأنه المكان الوحيد الذي سيقبل بـ تخصصي وأيضا هو آخر أمل لي قبل الجنون !

ابتسمت بألم هذه المرة تفكر بالفرصة التي قد ضاعت من بين يديهــا ، كله من أجل المجتمع اللعين ، لمــا لم تأخذ الصحافة والإعلام لأن الجواب بـ بساطة سيكون " لا يوجد لدينــا فتيات يعملون أمام التلفاز فهذه عيب " كما تقول جمــانة أمَّ سالم فكان موافق على هذا العمل ظنه شيء جميل وإبداعي وخارج عن المألوف وتمنى أن يعمل في هذا المجال إن رجعت عقارب الساعة

ـ حسنـــا ، أشرك آنسة رزان سـ نعيد الاتصال بكِ فـ الأسبوع القادم وكذلك سنراسلك عبر البريد

ابتسم بتواضع ، جاعلًا من رزان تتمسك بحبل الموافقة فقد بدى عليه التفهم بعد أن قالت تلك الكلمات

ـ هذا الرقم الذي سوف يرن عليكي لذا استعدي

مد يده التي حملت بطاقة رسمية ، و أخذتها منه وابتسمت بكل فرحة

ـ أشكرك

ومن ثم خرجت من الغرفة وقلبها الصغير يرقص بفرحة كبيرة جدًا ليس لمــا قاله ، بل لأنه لم يكن غاضب كمــا قال الرجل