عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 06-11-2014, 08:42 PM
 
مرت أربع سنوات دون إن يرزقهما الله بأطفال .. ومع مرور الوقت تغيرت والدتي كثيرا .. وبدأت تعامل أبي بكبرياء شديد ولسان حالها يقول : أنت لا شيء من دوني ..
وفتر حبها له بصورة واضحة .. قد يكون السبب هو تأثير أهلها عليها .. وقد رسخوا في دماغها طوال سنوات زواجهما فكرة إن والدي إنسان وصولي يريد إن يصل إلى طريق الثراء من خلالها .. لذا بدأت معاملة أمي لأبي تتغير شيئا فشيئا بعد عملية غسيل المخ هذه .. وبدأت توجه له اهانات كثيرة خصوصا بعد إن افتتحت له – وبناء على طلبه – شركة كبر اسمها مع مرور الوقت بجهد أبي ومساعدات أمي المالية .. وأصبحت أمي مع مرور الوقت نموذجا جيدا للزوجة التي تصنع من زوجها رجلا عظيما في عملة .. ولكن بالصورة التي لا تتوقعونها .. فقد كانت تصنع منه ذلك عن طريق تعذيبه وارغامة على إن يغرق همومه في العمل .. ومزيد من العمل .. ولم تكف عن إشعار أبي بالفشل وبأنها منحته أكثر بكثير مما يستحق .. وكبرت المشاكل بينهما وأصبحت حياتهما لا تطاق .. فإذا تحدث والدي تثاءبت والدتي .. وإذا لم يتحدث اتهمته بأنه لا يرغب في استمرار هذا الزواج !! .. وإذا كانت الأخطاء بلا عدد والقرف بلا حدود .. فان الصبر له حدود والاحتمال له حدود .. لذا فقد طفح الكيل بوالدي .. ولكنه لم يقم بأي رد فعل ايجابي
يظهر إن حالة أبي النفسية أثرت كثيرا على عملة على الرغم من أخلاصة وتفانيه .. فبدأ شيئا فشيئا بإهمال الشركة .. وبدأ وكأن مشاكلة الأسرية قد جعلت حاسة الكسب عنده اقل رهافة .. حتى انه خسر مبالغ هائلة في فترة قصيرة وتراكمت عليه الديون فكان الحل الأخير هو السفر إلى ( أوروبا ) للملمة شتاته ومحاولة الحصول على مساعدة من بعض شركاءه هناك ولكن يبدو إن الأمور لم تسر بالشكل المطلوب .. فبعد أسبوع من سفرة .. وجد انه سيقضي عمرة في السجن بسبب تراكم الديون التي عجز عن سدادها وكان واثقا إن أسرة زوجته لن تقف بجانبه .. لذا فقد اختار حلا رهيبا .. الانتحار !! .. فقد وجدوا ثيابه على احد شواطئ ( هولندا ) .. وقال شهود عيان أنهم شاهدوا رجلا يجتاز الأمواج العاتية في جو شديدة البرودة مما اثأر استقراب الناس الذين تجمعوا حول الشاطئ مناجين به العودة إلا إن أبي اجتاز الأمواج غير عابئ بصرخات المنذرين واختفى بعدها تماما .. وأعيدت ثيابه إلى ( الكويت ) مع خطابا مكتوب بخط يده في جيب بذلته وموجها إلى والدتي يقول فيه :
(( اغفري لي يا ( . . . . ) .. حياتي معك أصبحت مستحيلة .. لا املك شيئا ألان .. ولا جدوى من الحياة بعد إن خسرت . . خسرت حبي . . وخسرت ثروتي بعد إن فاضت بي الديون )) .
إنها غريزة المنتحرين الشهيرة : كل منتحر يحاول جاهدا إن يبرر نفسه لعالم .. برغم انه فارقة باختياره إلى عالم لا يحتاج إلى هذه المبررات !! … وطبعا كان لابد من بعض الصراخ والبكاء وانهارت جدتي تماما وقتها.. فقد كان أبي هو ولدها الوحيد الذي ربته على أفضل القيم لكنه بفعلته الشنيعة هذه قد خذلها كثيرا .. وقامت والدتي بتسديد ديون أبي فهي زوجته أولا وأخيرا .. وليتها اختارت إن تسدد له ديونه قبل إن يقدم على الانتحار .. ولكنها لم تتوقع منه شيئا كهذا .. الأمر الذي جعلها تفيق من سباتها وتعرف كم كانت قاسية معه .. وما زاد القصة تعقيدا هو إن والدتي اكتشفت بعد أيام قليلة من انتحار أبي أنها حامل بطفلها الأول !! .. الذي هو أنا واكتملت بعدها المأساة .. فبعد ولادتها لي بشهرين تقريبا توفيت والدتي بحادث سيارة .. وأصرت جدتي على إن تتولى تربيتي .. وكان لها ما أرادت فلم تكن أسرة أمي متحمسة كثيرا لتربيتي ولا استغرب هذا من والدها – جدي – المتغطرس الذي لازلت أرى صوره في الصحف بين فترة وأخرى فهو شخصية مرموقة جدا في ( الكويت ) لتنتهي الأمور بهذه الصورة ..
أعيش مع جدتي في منزلها ونحصل على دخل شهري من إيراد عمارة سكنيه اشتراها والدي وسجلها باسم جدتي قبل تعرضه للخسارة وهذه العمارة هي كل ما نملك ألان بعد بيع المنزل .
قطع حبل أفكاري شيئا هاما .. فقد وجدت أوراق ومستندات رسمية تتحدث عن أسهم يمتلكها والدي في شركة أوروبية وفي ( هولندا ) على وجه التحديد .. أسهم تبلغ قيمتها ما يعادل عشرة ملايين دولار !! .. وتاريخ الأوراق يعود إلى قبل انتحار أبي بفترة بسيطة للغاية .
وما أثار حيرتي هو عدم ذكر اسم الشركة في تلك الأوراق .. وكأن المستندات ناقصة إن هذه الأموال كفيلة بإنقاذ أبي من ديونه .. فلماذا لم يستغلها ؟! ..
لقد استوقفني الأمر كثيرا فهرعت لأسأل جدتي عن الأمر :
أمي هل هناك أي أموال أو ممتلكات تركها أبي بعد وفاته ؟
ولماذا تسأل يا بني ؟
لا شيء .. مجرد تساؤل ..
أنت تعلم إن والدك قد توفي معدما لا يملك شيئا وان والدتك تولت دفع كل ديونه وعند وفاتها رفض أهلها إن يتولوا رعايتك وأنا بالطبع لا أجرؤ إن أقاضي جدك كي احصل منه على أي حق لك بالميراث فنحن أناس بسطاء ولا نستطيع مواجهة هؤلاء الجبابرة .
اعلم تماما إنها صادقة .. ولكن شيئا في أعماقي جعلني اخفي عنها ما عرفته عن تلك الأوراق والأسهم .. حافز خفي لا أدريه جعلني افعل هذا !!
أكملت قراءة كل المستندات الأخرى الموجودة علني اعثر على طرف خيط يكشف لي هذا اللغز الغريب .. ولكن دون جدوى .. أين ذهب هذا المبلغ الهائل ؟؟ …
عرضت تلك الأوراق على محامي وقال لي ما توقعته :
الأوراق التي لديك تقول إن والدك كان يملك أسهما في شركة هولندية وتعادل عشرة ملاين دولار بالفعل .. لا اعلم بالطبع إن كان لازال يملك هذه الأسهم فالأوراق قديمة جدا وناقصة ولا تدلنا على مكان تلك الأسهم !!
ذهبت إلى أكثر من محام وجميعهم أجابوا نفس الإجابة وجميعهم أكدوا على إن الأوراق الأهم والتي تبين مكان الأسهم غير موجودة .. ما هو اسم الشركة ؟
لماذا لم يستغل أبي تلك الأموال لتسديد ديونه ؟! .. ظل السؤال يؤرقني كثيرا فلا يمكن إن أتجاهل مبلغا كهذا !!
ظللت أفكر وأفكر بأمر تلك الأوراق والمال المفقود حتى جاءتني فكرة مجنونة .. ولكني طرحتها جانبا سريعا .. فلا يمكن إن أقدم على شيء كهذا !!
ومع مرور الأيام فقدت الأمل تماما بمعرفة مكان الأموال .. وانغمست في حياتي المملة حتى جاء ذلك اليوم

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 04-04-2015 الساعة 05:32 AM