الفصل الأول : يوم من أيام الصيف في أحد أيام صيف ألفين وستة الحار كان خالد أمام نافذة غرفة نومه وعينيه باتجاه البيت المقابل لنافذته ,وكيف أن أحداً لم يسكن فيه منذ شهر , وكان صوت فيروز الذي تحبه جدته يملئ البيت بأكمله . إلى أن دخل الجد وهو ينظر إلى حال خالد وهو يقف أمام النافذة فقال (( هاه .. أنت قاعد )) خالد وهو يرجع خطوه من أمام النافذة (( أي قعدت الفجر ومنها ما قدرت أنام )) الجد المستغرب سكت لوهلة وقال (( يلا عالريوق .. أنا وجدتك ناطرينك تحت )) (( أي زين الحين أجي )) كان خالد يعيش مع جده إبراهيم وجدته مريم بمنزل صغير بمنطقة القصر بالجهراء في الكويت طُلقت أمه ليلى من أبوه الدكتور محمد عندما كان عمر خالد خمس سنوات , فعادت لبلدها سوريا بعد أن حاولت أخذه معها إلا أن أبوه رفض بشده . كانت أمه تزوره لمدة سنه كلما استطاعت فيها زيارته , إلا أنها انقطعت عن زيارته بعد ذلك , وحتى أنها لم تتصل به ...... من ذلك اليوم لم يعرف عنها أحد شيئاً . أما أبو خالد فقد تزوج بعد طلاقه مباشرة وبعدها بسنه عرض عليه عمل ممتاز في مشفى مشهور في بريطانيا فسافر هو وزوجته هناك تاركاً أبنه الذي حاول هو الأخر أخذه معه لكن دون جدوى فجدته التي تعلقت به كثيراً رفضت التخلي عنه , الآن هو مستقر هناك مع زوجته وأبنته حلا ذات العشر سنوات . خالد ستة عشر عاماً متوسط الطول له وجه طفولي جميل إلا أن عينيه تحكي الكثير فنظراته تحسسك أن هناك حزن يحيط بخالد , خالد شاب ذكي ذو شخصيه قويه معروف بابتسامته الدائمة إلا أنه قليل الكلام . الجد الذي تقاعد من عمله في وزارة الدفاع يقضي معظم وقته في المنزل , لذلك أصبح حاد الطباع في السنوات الأخيرة , لدرجة أنه يتدخل بكل شيء في المنزل . أما الجدة التي تعودت على هذا الحال فهي امرأة ذات حكمه ومعرفه مع أنها لم تدخل مدرسه بحياتها إلا أنها تعرف كيفية تحريف الجمل وتستطيع قراءة الجريدة ولكن بصعوبة قليلاً كما أن خالد يقرأ لها الجريدة في الفترة الأخيرة لأن نظرها أصبح خفيفاً مؤخراً . أحياناً تحس الجدة بالذنب لأنها منعت خالد من السفر مع والده لذلك هي تحاول جاهده أن لا تشعر خالد بنقص الأبوة والأمومة معاً , فهي لا تأكل إلا بوجوده لذلك جعلت الجد ينادي خالد , وفعلاً نزل خالد فوجد الجد والجدة بانتظاره للأكل , فاجتمعوا جميعاً وقاموا بتناول وجبة الإفطار مع الاستماع فقط لصوت فيروز على مائدة الطعام , مع أن لا خالد ولا حتى الجد يفضل سماعها , لذلك ذهب الجد وغير محطة الراديو على الأخبار كان الجد قد يأس من سماع تلك الأغاني السخيفة على رأيه وقرر أنه لن يسكت هذه المرة , كان هذا قراره في كل صباح .. في الحقيقة كان هناك شجار دائم بين الجد والجدة كل واحد فيهم يأس من سيطرة الآخر عليه ويريد أن يقود زمام الأمور ولكن الطريف في الآمر أن الاثنان يتشاجران ولكن بصمت فكل واحد منهما يأتي إلى الراديو بينما يكون الآخر منشغلاً بأمور أخرى ويغير المحطة على التي يفضلها ليضع الطرف الآخر تحت الأمر الواقع , كل ذلك وخالد ضاق ضرعاً بهما فهو لا يفضل الأخبار ولا يعشق أغاني فيروز لذلك ذهب مباشرة إلى الراديو وأطفأه ثم أشعل التلفاز وقال (( أبي أشوف التلفزيون )) لم ينطق أي من الجد والجدة كلمه واحده فقد اعتبروا أن هذا الحل الأنسب لهما ليكفا عن الشجار أن يفرض خالد رأيه عليهما . ولكن لم تمر دقيقه حتى بدأ الجد بالضحكات الهستيرية , أندهش خالد وجدته من سر تلك الضحكات ولكن ما أغضب خالد أن الجدة نفسها بدأت تضحك , حتى أن أصواتهم بدأت ترتفع شيئاً فشيئاً , كانت الجدة تظن أن الجد يضحك لنفس السبب الذي جعلها تضحك ولكن الاثنان كانا يضحكان لسببين مختلفين عن بعضهما , لم يحب خالد تلك الضحكات التي أعتبرها عليه ولكنه حاول مجاراتهم وبدأ هو الأخر يضحك وكأنها عدوه ضحك حلت عليهم , كانت الضحكات سبباً فعالاً بأن يستمر الحديث حتى بعد انتهاء الفطور . وفي هذا اليوم قام الجد وخالد بمساعدة الجدة في غسيل الصحون , لأن الخادمة لم تأتي في ذلك اليوم ومع ذلك فقد كانت الضحكات تعلو المنزل .في ذلك الوقت رن التليفون , فذهب الجد ليرد عليه وما أن رد على التليفون حتى أصبح صوته مرتفعاً وهو يرحب ويقول (( شلونكم وشلون العيال ... هاه منتو ناويين تجون هالعطله ... )) عرف خالد أن أبوه هو من يتكلم مع جده على التليفون , لذلك أحس أن عليه الانسحاب لغرفته حتى لا يظطر للحديث مع أبوه , وفعلاً قام بذلك ولكنه ما إن تحرك باتجاه غرفته حتى سمع صوت الجد وهو يناديه (( خالد .. لا تروح أبوك يبي يكلمك .. خالد .. خالد )) أما خالد الذي تصرف وكأنه لم يسمع شيئاً دخل غرفته وأغلق على نفسه الباب . بعد بضع دقائق لحقت الجدة به فدخلت الغرفة حتى من دون أن تطرق الباب لتجد خالد أمام الكمبيوتر وهو يلعب بالماوس يميناً وشمالاً , لوهلة أحست أن عليها الخروج من الغرفة ولكنها استجمعت قواها وقالت بصوت هادئ نسبياً (( هذا أبوك , كان ع التليفون )) (( شيبي )) (( كان يبي يسلم عليك بس قلت له انك نايم ,,, على فكره هذي العطلة ما راح يجون )) سكتت الجدة وهي تنتظر ردة فعل من خالد ولكنه لم يفعل لذلك قالت (( خالد اسمعني شوي )) نظر إليها خالد بصمت بعد أن كان كل ذلك الوقت ينظر إلى الكمبيوتر . فقالت الجدة (( بعمرك لا تفكر أن في أبو يكره ولده ,أبوك يحبك يا خالد ما يكرهك ,كل مره كانوا يجون فيها هو وزوجته وبنته كان يبي ياخذك معاهم بس أنا اللي كنت أرفض , أدري أنها انانيه مني بس المرة الجايه أوعدك اني راح ما أمنعه أنه ياخذك معاهم )) ما إن همت الجدة للخروج من الغرفة حتى سمعت صوت خالد يقول لها (( أنا بعمري ما راح ابعد عنج وعن جدي)) فرحت الجدة بما قاله خالد لها , أحست أنه كبر وأصبح رجلاً ناضج لذلك ذهبت إليه مبتسمة واضعه يدها على رأسه وعينيها تبرق نحو وجهه الطفولي قائلة (( أنا إذا كنت عايشه , صدقني أنه عشانك)) ومع هذه الكلمات ظمت رأسه على صدرها . كان هذا اليوم مهماً بالنسبة لخالد الذي أصبح يسأل كثيراً عن أبيه , ولكنه إلى الآن يهرب عندما يعرف أن أبوه على المكالمة. كان خالد دائماً يحب أن يتكلم عن أمه , حتى أنه كان كثير التأمل بالقمر ويقول (( يمكن الحين أمي تطالع القمر بهالوقت )) الأسئلة كثيرة بذهن خالد عن غياب أمه المفاجئ ولكنه لم يجد إلى الآن جواباً واحداً عن تلك الأسئلة , بأخر السنوات كان خالد يكتب كل فترة رسالة إلى أمه وكان يخبرها بكل الأحداث التي مرت حوله حتى أنه يشكي لها بكثير من الأحيان , إلا أنه لم يستلم رسالة واحده قط من أمه , مما كان يجعله في كثير من الأحيان خائب الأمل , وأحياناً أخرى يشك بأن مكروهاً قد حدث لها ولكن يبقى الأمل هو الدافع الوحيد لخالد بأن يكتب لها ويستمر ينتظر تلك اللحظة التي يرى بها أمه . الفصل الثاني : أصدقاء خالد هناك أناس لهم أكثر من شخصيه في حياتهم ربما كل تلك الشخصيات لا تظهر دفعة واحده ولكنها تبدأ بالظهور مع مرور الأيام وهناك البعض ممن توافيهم المنية ولم يجدوا بعد أي آثر لتلك الشخصيات.... وخالد من هؤلاء الأشخاص الذين لهم أكثر من حياة يعيشونها في وقت واحد وإحداها مع أصدقائه فهو كل يوم في العطلة يخرج إلى الحديقة التي بجوار منزله مع بدء النسمات الباردة بالظهور, ليلعب كرة القدم مع أصدقائه الذين يعيشون في نفس الحي , الذين هم بدورهم يلعبون حتى ينهكهم التعب . ومع عدد الأصدقاء الذين يحيطون بخالد إلا أن له فقط صديقين مقربين هما مشعل وصالح مشعل الشاب المحب للمظاهر متعجرف أحياناً إلا أن له قلباً كبيراً كما يقولون أصدقائه , لمشعل عائله كبيرة جداً تتكون من عشر أخوات و أخوين توأم بعمر الست سنوات ,بيت مشعل يقع في أخر الشارع الذي يقطن فيه خالد , لذلك كانت صداقته بخالد قويه فهو لا يفارقه أبداً حتى بالمدرسة فهم يجلسون في نفس المقعد بالصف , المدرسة التي يرتادونها هي مدرسه حكومية تقع على بعد ربع ساعة بالسيارة بعكس صديقهم صالح الذي يرتاد مدرسه خاصة, صالح هو المحب جداً للرياضة بكل أنواعها وخصوصاً كرة القدم , وهو أطول أصدقائه قامة , لدرجة أنه كان يشعر بالخجل في طفولته من تعليقات زملائه بالمدرسة ربما تستغرب ولكن طوله هو الدافع الوحيد الذي جعل صالح يهوى الرياضة , كانت تلك نصيحة أحد المدرسين الذين يفضلهم صالح أن يمارس الرياضة , بعدما رأى صالح يبكي لوحده في أحدى الأيام , لم يكن الطول هو الشيء الوحيد الذي يخجل منه صالح فهو يخجل أيضاً من والديه وبالتحديد عملهم الذي يقومون به لكسب معيشتهم , يعمل أبوه غالباً على سيارة الوانيت التي يقوم فيها بتوصيل الناس وأيضاً هناك أعمال إضافية يقوم بها لكن هذا لا يكفي لذلك تعمل أمه بائعة أمام المدارس في فترة الظهيرة والصباح وأمام باب الحديقة في فترة العصر عندما كان صالح صغيراً لم يكن يهمه الأمر بل بالعكس كان يساعد أمه في العمل , ولكنه حينما بدأ يسمع تعليقات ممن حوله أصبح يكره حياته التي فرضت عليه , لم يكن بيد والديه حيلة فهم كغيرهم من العائلات يريدون أن يسدوا لقمة عيشهم , كان ذلك حال أغلب عائلات الغير المحددين الجنسية الذين لا يعملون في وزارة الدفاع , تتكون أسرة صالح من ثلاثة أخوة وأختين إلا أن صالح هو أكبرهم . لهؤلاء الأصدقاء ذكريات كثيرة ودائماً يتحدثون عنها ويقومون بالضحك عليها لذلك كانت علاقتهم قويه جداً . في يوم بينما كان الأصدقاء الثلاثة بأحد المقاعد في الحديقة وكان التعب بائن عليهم لأنهم تعبوا من كثرة اللعب , مرت مجموعة فتيات من أمامهم , كان مشعل يحب مضايقة الفتيات لذلك قال لصالح بحماس شديد (( يلا وراهن)) صالح الذي استنكر كلام مشعل (( ما كبرت على هالسوالف )) (( أنت يا خالد ,, تروح معاي )) خالد وهو يحاول تجنب مشعل (( أكيــد لأ ,,, ترضاها لخواتك )) مشعل وهو يهم باللحاق بهن (( بكيفكم أنا رايح لحالي )) فعلاً ذهب مشعل وراء تلك الفتيات وقام بمضايقتهن , كانت الفتيات يحاولن الابتعاد عن مشعل إلا أن إصرار مشعل على اللحاق بهن كان أقوى , لذلك لم يكن يريد تركهن حتى أتى أخو تلك الفتيات وقد كان طويل القامة وقام بالصراخ عليه وهو يمسك بياقته (( شفيك تغازل خواتي)) مشعل الذي أحس أنه في موقف لم يحسد عليه , لم تكن العبارات تخرج منه (( ما كنت أدري أنهن خواتك )) بذلك الوقت كان صالح وخالد يريان ماذا حدث مع مشعل لذلك ذهبوا إلى صديقهم ليحلو المشكلة ولكن صالح لم يتفوه بكلمه فقد كان يحاول كبت الضحك بداخله, أما خالد فقد حاول حل المشكلة وفعلاً ترك الرجل مشعل بحاله , بعد مرور وقت ليس بقصير بدء خالد بالضحك ومعه صالح على ذلك الموقف الذي وقع به صديقهم , مشعل أحس بالخجل الشديد من نفسه والغضب أيضا لذلك لم يتفوه بكلمه واحده وذهب غاضباً لبيته , حاول خالد وصالح اللحاق به والاعتذار له لكن غضب مشعل كان أقوى من ذلك . بذلك اليوم أحس صالح وخالد أنهم أخطو كثيراً بحق مشعل , لذلك قرروا انه يجب أن يذهبوا لبيته حتى يعتذروا منه , وفعلاً ذهبوا هناك وعندما طرقوا الباب فتح أحد التوأم الباب وقال لهم أن مشعل غير موجود , عرف الصديقين أن مشعل يتحاشى ملاقاتهم لذلك أحسا باليأس فعادا أدراجهم ولكن مشعل لحق بهم وقام بمناداتهم , ألتفت صالح وخالد فوجدوا مشعل يركض إليهم وبوجهه الابتسامة لذلك فرحا كثيراً ما أن وصل مشعل إليهم حتى قال خالد (( هلا والله أشوف الشارع نور اليوم )) (( تسلم ,, منور بوجودك)) صالح وهو ينظر تارة إلى الأرض وتارة إلى مشعل (( لا يكون زعلت من اللي صار وربي مو قصدي أزعلك )) مشعل الذي كان طوال الوقت مبتسم (( لا أنتوا ما أزعل منكم مهما سويتوا, وبعدين أنا اللي كنت غلطان وهذي نتيجة أغلاطي ولازم أتحملها )) فرح خالد وصالح بهذا الكلام وأصبحوا يضحكون على ذلك الموقف طوال وقوفهم في هذا الشارع , إلى أن نظر مشعل إلى ذلك البيت المجاور لبيت خالد فقال (( تدرون بعد كم يوم راح يسكن خالي وعياله بهذاك البيت )) خالد المتفاجئ (( صج والله )) (( أي وراح أعرفكم على ولد خالي محمد )) صالح (( وأخيراً في أحد راح يسكن هذاك البيت )) عرف الأصدقاء في ذلك اليوم أنه سينظم لهم صديق رابع , لذلك أحسوا بالشوق بوقتها وظل خالد وصالح طول الوقت بالسؤال عن ابن خال مشعل. الفصل الثالث : الجيران الجدد (( أمي العزيزة , في هذا الصباح استيقظت على صوت المطرقة التي لم تدعني أنم جيداً لذلك نهضت وذهبت مباشرةً إلى النافذة لأنظر ماذا يجري خارجاً ,فوجدت جيراننا الجدد في البيت المقابل قد وصلوا نظرت إلى الأسفل فوجدت العمال خارجاً وهم يرفعون الأثاث ليدخلوه إلى المنزل , وكان الأب يعطي الأوامر للعمال ويساعدهم , لذلك رفعت نظري فوق لأجد أن الغرفة المقابلة لغرفتي تسكنها فتاة كالقمر , لأول مره يا أمي أشعر بشعور غريب , أعتقد بأن هذا هو الحب , بل أنا متأكد أنه الحب .)) هذا ما أحس به خالد لقد كان هذا أول حب لخالد , كان يتمنى معرفة كل شيء عن تلك الفتاة بما فيها أسمها , لقد أصبح يحاول أن يجد لها اسماً افتراضيا لكنه لم يستطع ذلك فقد كانت كل الأسماء لا تعطي هذه الفتاة حقها كما يقول خالد , لذلك نزل إلى الطابق السفلي ليخبر جدته التي كانت تحظر الفطور عن الجيران الجدد وقد بدت من نظراته الحماس للتعرف عليهم . لذلك قالت الجدة (( أشوفك متلهف على الجيران الجدد )) خالد الذي أحس أن أمره كشف قال (( هاه ,, لا لا بس كنت أستفسر مو أكثر )) (( روح الحين وقول للجيران أن غداهم علينا , لا يسوون غدى )) فرح خالد لهذا الطلب وقال (( يلا يلا الحين أروح )) ذهب خالد مسرعاً والفرحة بعينيه , وعندما وصل إلى بيت الجيران وطرق الباب , كان الخوف والارتباك بدء يسري في خالد حتى أنه كان يود الرجوع للبيت ولكنه في النهاية استجمع قواه وظل واقفاً حتى فتح شاب بعمر خالد الباب له . لقد كان خالد يتكلم بطريقه سريعة وكأنه حفظ هذا الكلام حتى يُسمعه للجيران الجدد (( مرحبا , أنا خالد بيتنا هذا اللي بجمبكم )) رد الشاب (( ونعم الله ,, أنا محمد )) ((ونعم بحالك جدتي تقول لا تسوون غدى لأنها حاسبه حسابكم بالغدى )) (( ليش معذبين حالكم والله ماله داعي )) (( لا عذاب ولا شي ,, يلا مع السلامة )) (( مع السلامة )) بهذه اللحظة أحس خالد بأنه يائس لأنه لم يستطع أن يعرف شيئاً عن تلك الفتاة ولكنه كان على يقين بأنه سيحاول معرفة ما هو اسمها . وما إن هم خالد بالرجوع لمنزله حتى سمع محمد يقول (( على فكره مشعل كلمني عنكم كثير,لحد ما تشوقت أتعرف عليكم)) ((وأنا بعد من كثر ما كان يتكلم عنك ,, شوقني إني أتعرف عليك )) وبعد سكوت دام للحظات وكانت الابتسامات تتخله قال خالد (( يلا أنا ماشي , بس اليوم لازم نشوفك , ترى أنا والشباب ناطرينك )) ((إن شاء الله , يلا مع السلامة)) لم يتوقع خالد بأنه سينسجم إلى هذا الحد مع محمد , لهذا كان سعيداً جداً من هذا اللقاء الذي كان بداية صداقة أتضح أنها ستدوم طويلاً. (( أمي العزيزة ,لقد أصبحت أتشوق للبقاء في الغرفة لوحدي , لأنتهز الفرصة وأجلس أمام النافذة وأنظر إلى نافذتها , علي أراها ولو للحظات قصيرة . في أغلب الأحيان كنت أعود خائب الظن لأني لم أرها , لكن في المرات القليلة التي تطل عليها من خلال النافذة , كنت أشعر بالسعادة مع أنها لم تكن تنظر إلي ولم تحاول حتى , هي مره واحده التي نظرت فيها إلي , بوقتها أحسست أنها كانت تحس بما أحسه تجاهها لذلك ابتسمت لها ورفعت يدي لأهم بالسلام إليها , لكنها لم تعطني حتى الفرصة لذلك , فقد أغلقت باب النافذة بوجهي .)) هذا ما كان يفعله خالد فقد كان يحاول جاهداً لفت انتباه تلك الفتاة حتى أنه في يوم من الأيام وبينما كان ينظر بترقب إلى نافذة تلك الفتاة , فجأة دخلت الجدة غرفة نوم خالد فوجدت خالد مرتعب وهو يغلق باب النافذة ويجلس على سريره متمسكاً بالجريدة التي أصلاً لا يهتم لقرأتها . أحست الجدة أن هناك ما يخفيه حفيدها عنها لذلك تقدمت باتجاهه قليلاً واسترقت النظرات من خلال النافذة فلم تجد شيئاً يثير ريبتها لذلك قالت (( شعندك جالس لحالك )) ((لا ما في شي بس مليت من الجلسة عالتلفزيون قلت أقرالي هالجريده تفيدني شوي )) كانت الجدة قلقه قليلاً فقالت ((تعال معاي تحت والله اني مليت من الجلسة بروحي )) ((ليش وين جدي )) (( جدك ماسك حاجز تلفزيون الديوانية وحاط على قنوات الأخبار , وأنا تعرفني ما أطيق الأخبار , يلا أنزل تحت أنا ناطرتك )) خرجت الجدة من الغرفة لذلك زال الخوف من خالد الذي أصبح يكلم نفسه (( ثاني مره لازم أقفل الباب , شكلها شكت فيني .... لا لو حست بشي كان بين عليها )) ترك خالد الجريدة على السرير ليلحق بجدته فوجدها في غرفة المعيشة , كانت الجدة مشغله التلفاز على برنامج للطبخ . فقالت لخالد وهي تمد يدها لتعطيه جهز التحكم عن بعد (( خوذ الجهاز .. وحط عاللي تبيه )) (( لا خله عندج )) ((أنا مو متابعه البرنامج )) أخذ خالد الجهاز وقام بتغيير القنوات وبينما كان يغير قناة ويضع على أخرى , وضع على محطة تضع أغاني لفيروز كان خالد يريد تغييرها , لكن الجدة التي انفعلت لمشاهده فيروز (خلها خلها لا تغييرها )) هذا ما فعله خالد وضع على تلك القناة وقام بالاستماع لفيروز وكان الملل يهيمن عليه لكن الجدة بعكسه فلقد كانت تستمتع بسماع كل أغانيها , حتى أنها كانت تردد كلمات الأغاني . أستمر هذا الحال حتى ظهرت أغنية جار القمر التي تقول كلماتها (( نحنا والقمر جيران بيتو خلف تلالنا بيطلع من قبالنا بيسمع الألحان نحنا والقمر جيران عارف مواعيدنا وتارك بقرميدنا أجمل الألوان , نحنا والقمر جيران لما طل وزارنا عقناطر دارنا رشرش المرجان ,, يا جارة القمر يا أحلى غنيه يا جارة القمر موجي بهالسهريه ,, ليل وبكى حب وسهر ليل الهوى سهراتك يا جارة القمر...)) هذه كانت أول مره يستمع فيها خالد لفيروز حقاً لقد شعر بأن كلمات أغانيها تعبر عما بداخله , وبينما كان مندمج مع أغانيها قالت الجدة والتي لديها كلام كثير لتقوله ((منت ملاحظ أنك متغير , هاليومين )) رجع الخوف لخالد (( أنا لا ما فيني شي ,, ليش هالسؤال؟)) (( يعني قعدتك الزايده عن حدها بالغرفة , وصاير ما تطلع وأحياناً أشوفك تكلم نفسك , واليوم أول مره أشوفك ترفع صوت التلفزيون لما تكون فيروز عالقناة )) هنا أيقن خالد أن جدته تعرف ماذا يدور برأسه لذلك هم بالخروج دون أن يتفوه بكلمه منعته الجدة من الخروج قائلة بصوتها المرتفع (( وين رايح خلك , أنا ما صدقت انك تطلع من الغرفة)) جلس خالد بمكانه وعينيه على أصابع قدميه وكان الخوف يعتريه بأن تعرف الجدة ماذا به ولكنها لم تتوقف عن طرح الأسئلة كما يتمنى خالد فقالت (( شلون خويك محمد؟)) حس خالد أن جدته لها غاية من هذا السؤال ((محمد حيل حبوب وصرنا ربع وكأننا من زمان ,حتى أنه عازمنا اليوم أنا والشله لبيته )) ((أيه الله يهنيكم ويديم المحبة بينكم )) لم يستطع خالد الاحتمال بأن يبقى جالساً تحت هذا التحقيق فخرج راكضاً من الغرفة وقال (( يلا باي )) ضحكت الجدة على أسلوب خالد وقد صدق إحساسها بأن خالد واقع في الحب ولكنها لم تدري هو من أحب لذلك أكتفت بالدعاء له بأن يوفقه الله في حياته . حل المساء وأقترب موعد العزيمة اللباس مكوي والشعر أنيق ماذا بقي ممم أها نسيت العطر الآن كل شيء جاهز , بقي أن يأتي مشعل وصالح إلي لنذهب سوياً , لماذا تأخروا أو ربما أنا أكون مستعجل . بينما كان خالد يكلم نفسه قامت الجدة بمناداته وهي تقول (( خالد ربعك ناطرينك عند الباب الحين أنزل )) (( زين , زين الحين جاي)) صالح ينده بأعلى صوته وعينيه إلى نافذة خالد (( يلا يا عريس كل هذا تجهيز خلنا نمشي تأخرنا)) (( وين عيونك طالع وراك )) هذا خالد الذي لم يكن في غرفته بل كان يهم للخروج من المنزل وقد بدت ملامح الضحكة بوجهه حتى مشعل قام بالضحك فقال (( بس صج طالع عريس يا خالد )) (( عيونك الحلويين , يلا خلونا نمشي ترى تأخرنا )) ما أن مرت لحظات حتى وجدوا أنفسهم عند باب الجيران . صالح الذي كان متوتر قليلاً قال لمشعل (( أنت طق الباب )) أستغرب مشعل من كلامه ولكنه طرق الباب , ولم ينتظر الضيوف كثيراً لأن محمد فتح الباب وقام بالترحيب الكثير وأدخلهم الديوانية التي كانت حيطانها فارغة وليس فيها إلا صورة واحده لمحمد وشاب أكبر منه بكثير . بعد دقائق من جلوسهم وبينما كان خالد يشرب الشاي وينظر كثيراً إلى تلك الصورة قال (( منو هذا اللي معاك بالصورة )) ((هذا أخوي الله يرحمه توفى بحادث من سنه ونص )) (( الله يرحمه )) لم يسكت خالد كثيراً حتى قال (( أنت كم أخ عندك ؟ )) كان وراء سؤاله هذا غاية (( لا ما عندي أخوان , بس عندي أخت أصغر مني بسنتين)) كان يود خالد معرفة أسمها وكان يتمنى أن تزل لسان محمد ويقول أسمها ولكنه لم يفعل ومع استمرار الحديث بين الأصدقاء وكانوا يتكلمون عن كثير من الأمور قال خالد بتلهف (( منو عمره حب بحياته؟؟)) مشعل ((أنا عن نفسي بحياتي ما راح أحب ,البنت اللي تكلمك تأكد أنها تكلم غيرك)) خالد لم يعجبه هذا الكلام (( يا سلام ليش ؟)) (( عندك غير هالكلام )) مشعل الذي بدء يشكك بأن خالد واقع بالحب (( أنت شاللي غيرك شعندك صاير تتكلم بالحب وما حب شفيك قولنا ترانا ربعك)) بدء خالد يرتبك وأصبح يمسك يديه بشده وكان يود الرحيل لكنه كان يخشى بخروجه أن يأكد لهم بأنه يحب , ولكنه قام بتغيير الموضوع فقال (( محمد تتابع الكوره ؟)) ((أنا لا والله ما أحبها )) (( خسارة ليش ما تحبها ؟ )) (( من زمان ما فكرت ألعبها )) مشعل الذي بدأ يحاول أن يضحك على صالح لأنه يشجع فريق لفربول الإنجليزي (( يا حرام لفربول تعادلوا , يخي مبين ما راح يقدمون لعب حلو)) صالح قال (( عادي للحينا بأول أسبوع من الدوري , ما يصير تحكم من الحين )) خالد الذي كان يشجع فريق مانشستر قال (( الدوري هذا لمانشستر يونايتد هم اللي يأخذونه , شفت مباراة أمس خمسة واحد )) مشعل قال (( محمد تدري أن خالد أبوه يشتغل بمدينة مانشستر؟ )) (( يعني الحين خالد أنت تشجع مانشستر يونايتد عشان أبوك عايش بنفس المدينة؟ )) (( لا طبعاً , مو عشان أبوي بس أنا أحب هذا الفريق )) مشعل قال (( أنا لو منك أسافر بالعطلة عند أبوك وأحضر لي مباراة هناك لمانشستر )) (( طيب جدي وجدتي شلون اتركهم لحالهم , هم الحين يحتاجوني أسوي لهم شغلهم )) (( أه صح كلامك )) استمر الأصدقاء بالحديث حتى داهمهم الوقت ,لذلك أسئذنوا للذهاب كان خالد يريد أن يتكلم مع صالح بإنفراد لذلك قال له ((خل مشعل يسبقنا أبيك بكلمة راس )) صالح أحس بالفضول لذلك جعلوا مشعل يسبقهم إلى المنزل , وهذا ما حصل صالح الذي بدء يتوتر (( خير إن شاء الله )) (( أبي أقولك شي بس أمانه لا تقول لحد هذا سر بيننا )) ((أنا أحب أخت محمد )) تفاجئ صالح (( محمد ولد جيرانكم ليش؟)) (( شنو ليش , بعد أحبها )) (( وهي شنو )) (( هي ما تعطيني وجه, تخيل أسمها لحد الحين ما أعرفه)) (( تدري أنها تقرب لمشعل , والله لويدري مشعل ما يكلمك بحياته)) (( وهو شاللي يخليه يعرف , وبعدين هو حلال أنه يغازل بنات الناس وغيره لا , وأنا مو نفسه ما أبي أضحك عالبنت أنا أبيها تحبني مثل ما أحبها )) (( والله يا خالد مشكله , ترانا مو قاعدين بأمريكا )) بدء خالد يتكلم وعينيه مليئة بالدموع ((والله أني أحبها ومدري شسوي )) (( أنساها نصيحة , والله إذا عرف أخوها ولا مشعل لا تصير مشكله كبيرة )) (( أنت عمرك حبيت )) (( أحب منو , أنا أشوف أحد عشان أحبه )) بدء خالد يضرب الحجارة برجله (( طيب ساعدني )) ((ما لك غير تنساها , والله أحسن لك )) (( صعب والله , يلا أنا أبي أمشي )) ذهب خالد واليأس يحيط به ولكنه ما زال عند رائيه, حتى أنه في ذلك الوقت لم ينم وظل جالساً أمام النافذة ينظر إلى النافذة المقابلة ويتخيل تلك الفتاة التي يحبها تطل من النافذة وتكلمه . أما صالح كان متفاجئاً من خالد لم يكن يتخيل بأن خالد سيحب يوماً لأنه يعتقد بأن خالد طفل بجسم رجل . ________________________________________________________ الفصل الرابع : الهروب من الحاضر كان ذلك اليوم في شهر ثمانية لقد كانت نسبة الرطوبة عالية في ذلك الوقت , عاد صالح إلى المنزل في الليل بعد أن كان مجتمعاً مع أصدقائه كالعادة , ما إن وصل صالح إلى الشقة التي يعيش أهله بها والتي تقع في الطابق الثاني حتى بدء بالتذمر وقال (( يووه مالي خلق البيت )) لأنه عندما خرج من منزله كان قد خرج من معركة حادة مع أبيه . لم يكن يحب نمط حياته ولكنه لم يبين لأحد عن مشاكله الخاصة , مع أنه حريص على مظهره وأناقته إلا أن مستوى أهله المعيشي ليس جيداً , هذا ما يجعله يخجل من ذلك وخصوصاً أنه أمه بائعه أمام الحديقة كان هذا يزيد من غضبه لذلك حاول أن يقنع أمه بأن لا تعمل ولكنها كانت ترفض قائلة (( وبعدين منو يصرف عليك وعلى خوانك )) كان صالح دائماً يصب غضبه في وجه أخوته , لذلك كان والده دائماً يضربه إلا أنه لا يستسلم وكل يوم كان يزداد حدةً . دخل صالح المنزل ومر بجانب غرفة المعيشة التي كان أخوته وأمه يجلسون فيها , فدخل غرفته ولم يكلم أحداً حتى . وجلس قليلاً هناك ولكن الوضع لم يعجبه فقد بدء يشعر بالملل ولكن لا جدوى فكرامته لا تسمح له بأن يتنازل عن مبادئه . بعد ذلك اليوم الشاق دخلت أم صالح إلى غرفة خالد وقالت له (( يلا تعال تريق )) صالح الذي كان يشعر بالذنب ويحس بأنه أناني (( زين الحين أجي )) جلست عائلة صالح كلها على السفرة التي كانت ممده على الأرض وقاموا بتناول الإفطار قام أبو صالح بالتحديق بصالح الذي لم يكن يلتفت لا يميناً ولا يساراً وكان هادئاً جداً ولكن هدوءه يوحي كأنما هناك عاصفة على وشك الهبوب و كل من يرى صالح سيتذكر المثل المشهور , الهدوء قبل العاصفة . كان والد صالح يعرف ذلك جيداً لذلك قال وما زال يحدق بصالح الذي بدء يتضايق من نظراته المتكررة (( المصاريف زادت هاليومين , لازم من بكرا تدبر لك شغل )) صالح الذي نفر من هذا الكلام (( نعم نعم شنو أشتغل , أسف دور واحد غيري يشتغل لك)) فقام تاركاً السفرة وخرج من المنزل راكضاً . لم يكن يعرف أين يذهب فقد كان الطقس حاراً جداً لذلك ذهب إلى المسجد البعيد عن منزلهم وجلس هناك . لقد استمر بقاءه حتى المساء حتى أنه قام يحس بأن جميع من في المسجد يحدقون إليه وكأنهم يعرفون أنه قد ترك المنزل , لقد أحس بالخجل من نفسه لأنه كان يصلي مع الجماعة مع أنه في الحقيقة لا يتردد إلى المساجد كثيراً , في ذلك الوقت بدء أصدقائه بالسؤال عنه واستغربوا ذهابه المفاجئ , مر يومين وصالح مفقود بينما كان أهله يبحثون عنه في كل مكان حتى أنهم بلغوا المخفر عن غيابه . لقد أنقلب بيت أبو صالح لحزن شديد , بينما بدء صالح الذي كان إما جالساً بالمسجد أو يتمشى بالشارع طول هذه المدة بالشعور بالجوع الشديد لكنه لم يكن يأكل فقط كان يشرب الماء من البرادات الموجودة بالمسجد , ولكن ما زال مصراً على عدم الرجوع للمنزل , في ذلك الوقت كان مشعل وخالد يبحثون عن صالح كلاً على حدا , حتى أن خالد كان يجوب كل المناطق ذهابا وإيابا وبينما كان يقذف الحجارة برجله وكأنه قد أستسلم للأمر الواقع وأحس أنه لن يعثر على صالح , نظر أمامه مباشرة فوجد صالح هناك في أخر الشارع يمشي وهو يتجه إلى الشارع المحاذي للشارع الذي يقف فيه خالد , فقام خالد باللحاق به ومناداته وعندما وصل إليه إبتدت الضحكة تعلو وجهه ولكنه من شدة التعب قام يلهث كثيراً فقال(( وأخيراً لقيناك , أنت وينك )) صالح الذي لم يفرح بمجيء خالد والذي كان التعب واضحاً بملامحه (( ما راح أجي فهمت )) (( أنت غبي ..في أحد يترك بيته ويروح للشارع )) (( أي أنا )) (( طيب ليش؟!)) ((فوق ما هي مفشلتني قدام ربعي وهو مو قادر يصرف علينا يبيني اشتغل )) (( لا حرام عليك ليش تقول هالكلام )) (( طبعاً اللي إيده بالنار مو مثل اللي إيده بالمي )) أستغرب خالد من ذلك الكلام فلقد أحس أنه لم يكن يعرف صالح جيداً ولكنه كان يحاول بأقصى جهده أن يقنعه بالعدول عن رأيه , ولكن صالح الذي كان مصراً على رأيه قال والدموع واقفة بعينيه (( أنت عمرك محد عيرك بأمك إذا كانت بياعه ولا أحد قال لك يا ولد التاكسي , طيب في أحد بحياته صرخ بوجهك وقال لك يالبدون , أكيد تبي تقولي لا , وأنا ما راح ارجع أبدا لهالعيشه مره ثانيه )) (( صالح أنا أول مره أشوفك جذي , لا تنسى أن الله معاك وبعدين الحين إحنا ليش ندرس مو عشان ناخذ شهادة وإن شاء الله راح تفرج )) ضحك صالح ضحكه ساخرة (( أصلاً أنا أفكر أترك المدرسة , شفايدة الدراسة إذا ما راح أدخل جامعه بعدين )) (( لا تنسى التطبيقي )) (( التطبيقي بس أولاد العسكريين يقدرون يدخلونها )) (( مني لوقتها راح تصير للمدنيين بعد , ولا نسيت أنه من سنه ما كانوا حتى العسكريين يحلمون فيها , بس أنت أصبر وتوكل على الله , والحين يلا تعال معاي أهلك يا حرام صار لهم يومين مو ذايقين النوم)) (( لا ما راح أجي )) ابتدأ اليأس يحط من خالد الذي جرب كل الطرق لإقناع صالح بالرجوع معه (( طيب أنت وين كل هالمده نايم )) (( بالمسجد هذاك )) (( طيب شلون كنت تاكل )) (( ما كنت أكل بس اشرب من البراد )) كان خالد شديد الاستغراب (( منت جيعان ؟)) قام صالح بإمساك بطنه وقال (( ميت من الجوع )) (( زين ما عليك الحين أروح اشتري لك أكل من المطعم , وأروح للبيت أجيب لك ملابس من ملابسي )) (( خاف انك تروح تقولهم إني موجود أهني )) (( لا ما عليك انطرني ربع ساعة وارد لك )) قام صالح بالانتظار وأحس بالندم أنه لم يوافق بالعودة مع خالد ولكن كبريائه كان يجعله متمسك بموقفه , بينما كان صالح واقفاً وهو متكي على إحدى السيارات لانتظار خالد كان يراقب أولاداً يلعبون في الساحة وكانت تغمرهم الفرحة . إني أحسدهم على هذه النعمة التي هم فيها , يلعبون دون أن يحسوا بالمسؤولية ولا يفكروا بمستقبلهم . أستمر تأمل صالح بهؤلاء الأولاد فترة طويلة إلى أن أتى خالد ومعه كيس مليء بالطعام وقام بفرشه على الأرض وقاموا بالأكل , كان صالح يشعر بجوع شديد لذلك كان يأكل على عجلة من أمره وبينما كان مندمج بالأكل كان خالد ينظر إليه وكيف أنه كان يأكل بشراهة , أحس صالح بأن خالد ينظر إليه فنظر هو الأخر بعينيه فقال خالد الذي لم يعجبه هذا الوضع (( لمتى يعني تظل على هذا الحال )) (( يعني تحاسبني مستانس على القعدة لحالي من غير أكل وكله جالس بالمسجد لحالي ,, لا والله مقهور على هالحال بس مو بيدي ,, يبيني قصب أشتغل وأنا أذبحني ولا تقولي تعال اشتغل معاي )) (( زين يعني هذا هو الحل الوحيد ,, أنك تقعد بالمسجد بروحك ,, نصيحة تعال معاي ,, )) في هذه اللحظة أحس صالح بأن خالد ربما سيتصرف لوحده ويخبر أهله عن مكان وجوده هنا في المسجد ((إذا كنت صديقي صج توعدني أنك ما تقول لأي أحد أني أهني )) بعد استمرار صالح بترديد هذه العبارة أحس خالد أنه أجبر على أن يوعد صالح بذلك لذلك قام بوعده ولكنه كان يفكر في قرار نفسه هل أنكث هذا الوعد أم لا ؟... لقد قام صالح بلبس ملابس خالد التي أحضرها له داخل حمام المسجد , لم تكن الملابس على مقاس صالح لذلك عندما خرج صالح وهو في ملابسة الجديدة كانت تبدوا على الاثنان معالم الضحك لذلك لم يكبتاها وبدأُ بالضحك المتواصل طوال مسيرهم في الشارع . لم يكن الصديقان يعرفان إلى أين يتجهان لذلك كانوا يمشون وهم صامتون , ذلك الصمت جعل خالد يفكر ويقول (( أحس أني بموقف لا أحسد عليه , هل أخون صديقي واخبر أهله بأنه يختبئ في هذا المكان أم أخون نفسي واسكت عنه , صالح الذي لم أكن أعرف عنه سوى الضحكة التي لا تفارق وجهه , لا أعتقد بأنه يحس بالحرقة التي يشعر بها أهله )). بينما كان خالد شارد الذهن قال صالح (( خالد شصار معاك مع جارتكم أخت محمد )) (( ما صار شي , أصلا ما فكرت فيها من يوم ما عرفنا أنك هربت )) (( أنت ناوي تنساها )) (( أكيد لا )) (( اسمع أنا عندي لك فكره )) ((شنو ,,, )) (( هي مدرستها مو بعيده عن البيت ,, يعني أكيد راح تمشي لها مشي ,, أنت أنتهزها فرصه وكلمها )) (( والله فكره ,,, بس المدرسة باقي لها شهر ونص ,,, وبعدين منو اللي يبي يخلي بنته تمشي لحالها ,,, أكيد راح أحد يمشي معاها )) (( يمكن راح تمشي مع الخدامه ,,, وانت ما عليك غير أنك تقط لها رساله بنص شنطتها ,, وهي عليها الباقي )) هنا ارتسمت بوجه خالد علامات الريبة ولكنه غض النظر عن ذلك فأبتسم ابتسامه خبيثة فقال (( شاللي غير رئيك ,,, أنت من يومين بس كنت أتهاوشني وتقول أنساها )) لم يجد صالح كلاما يبرر تصرفاته ولكن حزنه الشديد الذي يقبع داخله جعله يتفوه بهذه الكلمات (( خلاص أنا زهدت بالدنيا )) نظر خالد بحدة لصالح وأحس أنه لم يكن يعرف صديقه الذي قضى معه عمرا ولكنه أحس بالنعمة الكبيرة فهمومه لا تساوي شيئاً عند هموم صديقه بينما كان صالح وخالد يمشيان بالطرقات وصلا إلى مفترق طرق ,,, وفجأة سمعوا صوتاً يناديهم من بعيد ,,, كان هذا صوت جدة خالد . الجدة وهي منهكة من التعب (( أنت أهني يا ولدي و أهلك مشغولين عليك )) لقد كان الغضب يعم صالح الذي ظن بأن خالد هو الذي أخبر جدته بمكان وجوده فظل يحدق بخالد وهو غاضب جداً. أما خالد الذي كان يريد أن يبرر لنفسه ويقول له أنه لم يخبر أحداً بمكان وجوده ولكن الكلمات لم تخرج من فمه , سوى وجهه الذي كان يلتف يميناً وشمالاً وكأنه يقول لم أخبر أحداً عنك . ولكن الجدة قالت (( لا تخاف يا صالح ,, خالد ما قالي شي عنك ,,, أنا اللي لحقته لما شفته ماخذ ملابسه برى شكيت فيه ولحقته ,,, يلا يا ولدي أستهدى بالله وتعال معاي )) لم ينطق صالح بأي كلمه وقد أنساق مع الجدة التي لم تتعب بإقناعه ,, في ذلك اليوم أحسست أن جدتي لها تأثير كبير عمن حولها وخصوصاً علي . عندما وصل صالح إلى المنزل أتت أمه غليه وقامت بعناقه عناقاً كبيراً في الشارع وأجهشت بالبكاء ثم نظرت إليه وصفعته بوجهه ,, لم يتفوه صالح بكلمه طول ذلك الوقت لم أعرف بماذا كان بفكر حتى أنه لم يغضب من أمه التي رجعت وضمته إلى صدرها مره ثانيه وكانت تقول (( لا تعيدها مره ثانيه ,,,, فهمت لا تعيدها )) انتهى ذلك اليوم بسلام بالنسبة إلى أهل المنطقة وحتى بالنسبة إلي لكن لا أعتقد أنه انتهى بالنسبة إلى صالح وعائلته . لقد مرت عشر أيام منذ ذلك اليوم الذي رجع فيه صالح للمنزل والأمور على حالها لم يتغير شيء , طوال هذه المدة لم أرى صالح , أنا الآن أجلس على الكرسي ذي اللون الأخضر الذي لطالما جلسنا فيه أنا وصالح ومشعل , وهاهم الأطفال من أمامي يلعبون كرة القدم على العشب الطويل . أني الآن أنظر إلى فوق وأرى لوحة سماويه مزخرفة بأوراق الشجر وبداخلها الطيور التي تطير فوق الأفق وفوقها السماء الزرقاء الصافية من كل غيمة . أتمنى أن أتحدث لتلك الطيور وأبلغها سلامي لتوصله إلى الفتاة التي أحبها أكثر من روحي . (( شعندك جالس لحالك )) كان هذا مشعل الذي جلس بجانب خالد وأصبح ينظر إلى الطيور (( لا عادي , جالس كالعادة , بس أنت وينك ما تبين )) (( أنا هالكم يوم ما كنت فاضي , رحت لعمامي ومرحت عندهم كم يوم )) أحس خالد بهذه اللحظة أنه هو الوحيد الذي يسأل عن صالح فهاهو مشعل يقضي وقته باستمتاع بينما صديقهم صالح لم يخرج من منزله منذ عشرة أيام , ولكن الذي لم يكن يعرفه خالد بأن مشعل ليس من نوع الشخصيات التي تستطيع رؤية ما بداخله على وجهه بل بالعكس ربما هو مهتم لأمر صالح أكثر منه لذلك قال خالد وقد كان يريد فقط أن يتحدث عن صديقه صالح (( يا أخي طول صالح,, صار لي عشر أيام ما أشوفه )) كان مشعل متفهم سبب غياب صالح طوال تلك الفترة (( اللي صار فيه مو شويا ,, الله يعينه )) لم تمر فترة تذكر حتى ظهر صالح من بعيد وقد بدا متغير على مشعل الذي شك أنه هو (( شوف شوف هذاك مو صالح )) (( أي والله هو , صج الطيب عند ذكره )) صالح الذي كان يمشي وقد كان خجلاً من نفسه , أتى إلى أصدقائه وسلم عليهم ثم جلس مباشرةً على الكرسي فقال (( شلونكم ,, شسويتم بغيابي )) لم تكن الفرحة لتسع خالد الذي صب كامل اهتمامه لصالح (( أنت اللي شسويت ,, ووين هالغيبه )) (( ما سويت شي , كنت كل هالوقت بالبيت )) كان مشعل فضولي لمعرفة كيف كانت الأوضاع مع أهله (( أهلك شسوو معاك )) (( أمي وأبوي مسووين نفسهم مثاليين وما يكلموني وموصين أخواني أنهم ما يكلموني , بس أخواني قعد يكلموني ..... تصدقون كرهت البيت وكرهت الدنيا وتمنيت أني ما رجعت للبيت )) حاول خالد أن يجعل صالح ينسى كل مشاكله فقد أراد أن ترجع الضحكة لوجهه (( تحمل يا أخي .. المهم اليوم نبي نلعب صار لنا أسبوعين ما لعبنا )) فعلاً نجح خالد بذلك فقد ارتسمت بسمة صغيرة بوجه صالح ربما كانت معتمده منه لحرصه على نسيان المشاكل (( أنا موافق , أصلاً اشتقت للكوره )) مع استمرارية اللعب بين الأصدقاء أود أن أنهي هذا الفصل على هذا المشهد المفرح ولكني لا أستطيع فقد حدث حدثاً مهم بعد الانتهاء من اللعب الذي كان ممتعاً جداً حينما كان الأصدقاء الثلاثة بطريقهم للعودة لمنازلهم ...... لقد وجدنا سيارة الإسعاف تغادر الشارع فأكملنا الطريق ووجدنا مساحة كبيرة من الدماء تغطي الشارع , لم نكن نعرف ماذا يحدث . أتى أحد الأطفال وقال (( صالح إلحق على أبوك أدعمته سيارة )) صرخ صالح وقال (( شتقول ؟؟)) لقد كان يوماً عصيباً انتهى بثاني يوم ونحن نعزي صديقنا صالح الذي توفي أبوه . هاهو صالح الذي كان يرفض قطعاً بأن يعمل ويساعد أهله بالمصرف , الآن سيضطر للعمل ليصرف هو على أمه وأخوته الصغار . يعمل الآن في محل لبيع الموبايلات , وقد أخبرني بأنه لا يستطيع أن يكمل دراسته . هو اليوم الوحيد الذي نستطيع فيه رؤيته في وقت العطلة حيث نلعب كرة القدم في النوادي أو أي ملعب , كم كنت أتمنى أن يعود الزمن للخلف وترجع تلك الأيام الجميلة التي قضيناها معاً. الفصل الخامس : محاولات عاشق اليوم هو أول أيام المدرسة وأنا الآن في الصف الحادي عشر وقد اخترت القسم العلمي , لقد كنت بانتظار هذا اليوم لأحاول أن أكلم الفتاة صاحبة الوجه الجميل . جدتي في كل يوم من أيام الدراسة تقوم بإعطائي نصائح وإرشادات , لقد استغربت اليوم تحمسي الشديد للمدرسة , ها أنا الآن أمام باب البيت ,هاهو مشعل قادم نحوي كان تعبير مشعل اليومي قبل ذهابه للمدرسة هو التعبير الذي يشعرك أن هناك يوم طويل سوف لن ينتهي أبداً (( يووه مالي خلق المدرسة )) ((ولا أنا ,, عشان جذي اليوم ما راح أروح )) نظر مشعل لخالد من فوق لتحت فوجده مستعداً للمدرسه وقد كان أسعد ما يكون لذهابه لمكان ما (( طيب ليش لابس ملابس المدرسة ؟ )) (( كنت ناوي بالأول أروح ,, بس الحين غيرت رأيي )) لقد أتى الباص نحو بيتي , هاهو مشعل يركب فيه وأيضاً محمد , والآن لم يبقى سوى أنا . متى ستخرج , متى ؟؟ . لقد مرت ربع ساعة ولم تخرج بعد . أحسست بالخوف بوقتها على نفسي , هل الحب يفعل بي ذلك ؟ . كنت على وشك الدخول للمنزل وأنا متوتر ماذا سأقول لجدتي أن رأتني أدخل المنزل , سأخبرها بأني مريض . عندما وضعت يدي على قبضة الباب , رأيتها تخرج ومعها حقيبتها ولكن كما توقعت فقد كانت الخادمة توصلها للمدرسة . وأنا أمشي بمحاذاتهم أحاول أن أنظر إليها , لقد نظرت إلي وقامت بالإسراع في المشي , إذا أعطيتها الرسالة فهل ستقبلها أم تتركها ملقاة على الأرض ؟. وأنأ أهرول لأسبقهم حاولت وضع الرساله بحقيبتها ولكنها سقطت على الأرض لهذا ركضت مسرعاً إلى الشارع المقابل وعندي أمل بأن تلتقطها و لم أنظر إلى الوراء لقد خشيت بأن أجد الرسالة وحيده على الأرض . مر الوقت طويلاً وكانت الساعات تقتلني بطولها , عدت إلى ذلك المكان الذي رميت فيه الرسالة فوجدت الرسالة ممزقه , لقد حاولت إهانتي ولكني سأكتب الآن رسالة أخرى وأعطيها لها عندما أراها تخرج من المدرسة . (( لماذا مزقتي الرسالة التي تعبت في كتابتها , كما تعبت في انتظار هذه اللحظة التي انتظرت إعطائك فيها هذي الرسالة . إني متيم بكي مع إني حتى لا أعرف اسمكِ , هل اسمك جميله أم حسناء أم قمر , كل هذه الأسماء تطابقك ولا أعرف ما هو اسمك , أنا أحبك وأتمنى أن تحبينني أيضاً مع تحياتي خالد . )) الحر شديد في ذلك اليوم وخالد الذي ازداد قلقه فلقد مر من جانبه جده ولكن خالد اختبأ من بين السيارات , لقد خاف بأن يكون جده علم بالأمر . هاهي اللحظة التي كان ينتظرها خالد أتت , البنات قاماً بالخروج من المدرسة , مرت الدقائق الخمسة طويلة وكل هم خالد بأن تكون الفتاة التي ينتظرها مرت من إمامه دون أن يراها . لذلك التفت يميناً وشمالاً ونظر ورائه وإذ بها الفتاة تمشي وحيدة إلى المنزل , (( هذي هي فرصتي )) قالها خالد وركض باتجاهها وقال (( مرحبا)) (( أنت شتبي تلحقني )) (( ما أبي شي بس أبيج تكلميني ,, خوذي هذي الرسالة وأنا ناطر الرد عليها )) في تلك اللحظة فرح خالد وأحس أن الدنيا ضحكت من حوله . رجع إلى المنزل , وإذا بالجدة تقول (( هذا أنت ,, أشوفك جيت بوقت )) أحس خالد بأنها تعرف أنه لم يذهب للمدرسة (( أي اليوم أول يوم ومافي دوام عشان جذي طلعنا من المدرسة بوقت )) لم يجد خالد رداً على جوابه سوى تلك النظرات من الجدة التي تجعله يشعر بأنه كذاب , لم يكن خالد يرديها أن تنظر إليه لذلك كان يتحاشاها ليذهب إلى جده الذي كان يناديه من بعيد , لأول مره يحس خالد بأن جده وجدته متفقون عليه , كان الجد كعادته يجلس أما التلفاز (( يا ولدي اليوم شفت واحد يشبهك بالشارع )) (( يشبهني أنا ,, شلون ؟ )) الجدة التي لحقت خالد قالت (( لا يكون أنت )) خالد الذي أحس أنه يجب أن يدافع عن نفسه (( لا مو أنا ,, أنا كنت بالمدرسة )) (( أكيد )) (( أكيدين ,, تأكدي أنا بحياتي ما هربت من المدرسة )) كان قلب الجدة يخبرها بأن خالد يكذب عليها ولكن رغبتها العميقة بأن تصدق جعلتها تغض النظر عن ذلك (( مصدقينك يا حياتي ,, يلا روح غير ملابسك عشان الغداء قرب يخلص )) (( إن شاء الله )) ركض خالد إلى غرفته والسعادة تغمره وخصوصاً أنه أجتاز اختبار كبير بالنسبة له ولكن الأهم الآن بالنسبة له هو أن يسمع الجواب من التي يحبها , لذلك هاهو ينظر إلى النافذة , بانتظارها تطل من عليها . (( يلا أطلعي ,, يلا أطلعي )) يقولها واللهفة والشوق بعينيه . وهاهي اللحظة التي أتمناها منذ شهور , لقد خرجت والأبتسامه تعلوا وجهها , لقد ابتسمت بدوري لها ورفعت يدي لأسلم عليها وقلت (( شلونج ,, )) وقالت وهي تطل يميناً وشمالاً ظناً منها أن يكون أحداً ما يراقبها (( الحمد لله ,,)) ((أنتي شسمج ؟؟ )) (( أسمي أمل )) ما أحلاه من أسم .... كنت أريد أن أقول لها ذلك ولكن الكلمات بتلك اللحظة لم تكن تخرج مني بسهوله , وقد اكتفينا بالنظرات والابتسامات , إلى أن فزعت خائفة وأقفلت باب النافذة , ربما خشيت أن يرانا أحد , أني أعذرها . بهذا الوقت رمى خالد نفسه على السرير وشغل المسجل التي بجانبه وقام بسماع أغاني فيروز وقال (( يا حلاة الحب )) اليوم الثاني : خرجت مسرعاً وأنا أقف عند الباب وأنتظرها , لم تخرج بعد وخائف أن يأتي الباص وأنا لم أخذ الرسالة منها . لقد أتى الباص واضطررت بالصعود إليه و الحزن الشديد بائن على وجهي , كان مشعل بجانبي يحسب أن أحزن لأني لا أريد الذهاب للمدرسة وكان يواسيني (( والله أنا نفسك مالي خلق المدرسة بس شنسوي لازم نستحمل , الرمضان قرب وبس يجي الرمضان راح تحس بالسنة خلصت بسرعة )) كنت أنظر إليه وأهز برأسي . بطريق العودة وعندما نزلت من الباص نظرت قليلاً إلى يميني حيث هناك بيت أمل ولكني لم أجد شيئاً هناك , فدخلت المنزل و ذهبت إلى نافذتي التي كانت مفتوحة , فوجدت ورقه وبداخلها صخره كبيرة , لقد كانت الورقة من أمل . قلت في نفسي (( الحمدلله أن محد انتبه لما رمت الرسالة بغرفتي )) عندما كنت أقرأ محتوى الرسالة كانت السعادة تغمرني , لقد كانت تقول فيها ((هذه أول مره أكتب فيها لأحد , أنت وسيم جداً و كنت تعجبني منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه ولكن خوفي من نفسي أولاً وخوفي من أهلي كان يمنعني من الحديث إليك , لولا صديقاتي اللاتي شجعنني على أن أراسلك , أني أحبك وأنت هو فارس أحلامي )) مع هذه الكلمات قام خالد بالتنطيط والقفز لدرجة أن الجدة صعدت وبابتسامتها قالت (( شفيك شصا ير )) كان هذا موقف لا يحسد عليه لذلك وبصوت خجول قالها خالد (( لا ما فيني شي , كنت ألعب شوي )) اليوم الثالث : لقد كنت طوال الليل أحاول بكتابة رسالة تليق بها , لقد قطعت جميع صفحات كشكولي من كثرة محاولاتي وأخيراً كتبت شيئاً لها . ((معذرة يا حبيبي فحبي لك فاق حد الجنوني أراك في عيوني ,,,وأرى خيالك كالمجنونِ أسمعي إلى ويخطط كيف يوصل لأمل رسالته , ولكن النعاس غلبه وغط في نوماً عميق , في الصباح وعندما صحى من النوم وقام بترتيب مظهره ,ذهب إلى الخارج وأحظر بضع بحصات من الشارع ثم صعد ثانية إلى غرفته ورمى تلك البحصات باتجاه نافذة أمل لم ينتظر خالد كثيراً أمام هذياني ,,,فسمعي طال البركاني والزلزالِ والفيضانِ,,فكل حب في الدنيا ينتج عنه الهذيانِ )) ضحك خالد على نفسه وقال (( والله يطلع معاي ..... بس شلون أوصلها لها ....)) كان خالد طوال الليل يفكر النافذة حتى طلت من خلالها أمل وكانت الضحكات تعلو وجهها فقالت بصوت بالكاد مسموع (( شتبي ... )) كان خالد بعكسها فالانفعال بائن بكلامه (( كتبت رسالة لج .. بس شلون أوصلها لج )) كانت أمل كثيرة التلفت خلفها (( لفها بصخره وأرمها لي .... )) هذا ما فعله خالد ..... ولكنه من شدة حماسه كسر النافذة المجاورة لنافذة أمل وقد كانت نافذة
|