عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 06-21-2014, 04:04 PM
 

اليكم الجزء التاسع

أخيرا جاء دوري !

صرتم تعرفونني جميعا ...

اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة .
أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه .
الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة !
اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة .
في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين ...

دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر !

رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، إلا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة !

" إنها حفلة بسيطة و لا تقتضي منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها ! "

قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات !

لم تلتفت إلي ، و قالت :

" ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا ! "

و ابتسمت بدهاء !
أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة !
إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا!

قلت :

" لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج ! "

نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت :

" على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك ! "

ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع ...
صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين ...

بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر ...
و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر .
سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني
والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا
عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون !
كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا
أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، إلا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي ...
على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية ...

نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها

قالت :

" أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول ! "

غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي !
كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور ...
أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام ...
حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة ...
إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون ...
هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة ...
لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي ...
لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية !
إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة !
نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت !

" سحقا ! "

صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب ...
لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة !

" ادخل "

قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى

" مساء الخير ! "

لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر

رفعت بصري إليه و باندفاع قلت :

" سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟ "

و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار ...

" رويدك ! هاتي .. "

و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها إلا أنه أمسك بها و قال :

" تبدين رائعة ! جدا "

تورد خداي خجلا .. ثم قلت :

" مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟ "

ابتسم ، و قال :

" لا أظن ! "

" إذن مساء النور ! "

ثم سحبت يدي فأطلقها
توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب ...

" رغد "

ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه

" نعم ؟ "

أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال :

" لدي خبر سار جدا "

ابتسمت و قلت :

" هات ؟ "

" لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة "

فرحت كثيرا ! قلت بسرور :

" حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز ! "

شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا :

" أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم ! "

بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد .

قلت :

" متى تباشر العمل ؟ "

" حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة "

" وفقك الله "

قرب سامر يدي من صدره ، و قال :

" يجب أن نحدد موعد الزواج "

تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد ...
حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال :

" عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي "

سحبت يدي مجددا ، في توتر ..

فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت :

" في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟ "

قال :

" تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي "

صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت :

" و شجعا زواجنا ؟ "

ابتسم ، و قال :

" لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا "

من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال :

" لم لا ؟ "

قلت :

" و الكلية ؟؟ "

قال :

" الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟ "

" بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي "

صمت سامر قليلا ، ثم قال :

" اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك ... "

و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل ...
كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول ، إلا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول :

" رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة ! "

التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت :

" أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟ "

سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا :

" أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة ! "

ثم انصرف مسرعا و هو يضحك .
بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة :

" رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن ! "

نظرت إليها بغضب و قلت بعناد :

" لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا ! "

في غرفة الضيوف حيث نقيم الحفلة ، وجدت نهلة و سارة ، ابنتا خالتي قد وصلتا و كانتا أول من حضر .

" واو ! فستان رائع ! ما أجمله يا رغد ! "

قالت نهلة و هي تبعد يدها بعد مصافحتي ...
نهلة كانت صديقة طفولتي الأولى ، و انتقلت مع عائلتها للعيش في هذه المدينة مثلنا أيضا منذ سنين ، و لا تزال أفضل صديقة لدي .
أما سارة فهي الشقيقة الوحيدة لنهلة ، و تصغرني بست سنوات ، و تلازم نهلة كالظل !

" هل أعجبك حقا ؟ اشتراه والدي بسعر مرتفع ! إنني أعامله كأي قطعة من حليي هذه ! "

ابتسمت نهلة و قالت :

" كم أحسدك ! لديك أب يدللك كما لا يدلل والد ابنته ! رغم أنك لست ابنته الحقيقية ! "

هذه الكلمة تزعجني كثيرا ، فأنا لا أحب أن يشير أحد إلى والدي ّ بأنهما ليسا والدي ّ الحقيقيين . إنني اعتبرتهما كذلك منذ الصغر و لا أعرف والدين غيرهما مطلقا .

قلت بنبرة مازحة :

" لأنني البنت الصغرى ، و آخر العنقود ... يجب أن أتدلل ! "

ثم نظرت إلى سارة و قلت :

" أليس كذلك سارة ؟ "

أجابت ببرود :

" كما تقول أختي "

رفعت نظري عن هذه الفتاة البليدة ، و عدت أخاطب نهلة :

" و كيف حال خالتي و زوج خالتي ؟ و حسام ؟ "

أجابت :

" بخير جميعا ! حسام أوصلنا إلى هنا و أظنه يلقي التحية على والدك الآن "

ثم أضافت ، و هي تنظر إلي من زاوية عينها بخبث :

" و على فكرة ، هو يبعث إليك أيضا بتحية حارة مشتعلة !! "

رفعت إصبعي السبابة الأيمن و ضربت جبينها ضربة خفيفة و أنا أقول :

" لا تتوبين ! "

و انبعث ضحكاتنا تملأ الأجواء .

ما إن حضرت صديقتنا الثرية حتى استقبلتها دانه استقبالا حميما ، و أولتها اهتماما مركزا طوال الحفلة !
أتساءل ... هل هذا ما يحدث مع جميع الفتيات !
هل يجذبن العرسان إليهن بهذه الطريقة ؟؟
حقيقة لا أعرف !

بينما كنا في أحاديثنا المتواصلة في الحفلة ، سألتني هذه الصديقة :

" هل أنت مخطوبة ! "

و كانت تنظر إلى خاتم الخطوبة المطوق لإصبعي ، و في دهشة واضحة !

تولت دانة الإجابة بسرعة :

" ألم أخبرك مسبقا ؟ إنها و شقيقي مرتبطان منذ زمن ! "

قالت الصديقة :

" و لكن ... تبدين صغيرة ! "

و مرة أخرى تدخلت دانة قائلة :

" تصغرني بعامين و بضعة أشهر ، لكن حجمها صغير ! "

صحيح أن طولي لا يقارن بطول دانه أو سامر ، لكنني لست قصيرة ! بل هما الطويلان كما هما أبي و أمي !
إنني أبدو بالفعل لست من هذه العائلة !

قلت مداعبة :

" هذا يجعلني قادرة على ارتداء الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي المتماشية مع الموضة ! على العكس من دانة ! "

و ضحكنا جميعا بمرح ...
قضينا سهرة ممتعة أنستني تماما موضوع سامر الأخير .
و بعد الحفلة ، أويت إلى فراشي مباشرة و نمت بسرعة ، دون أن يخطر الموضوع ببالي .
في اليوم التالي ، و فيما أنا منشغلة برسم لوحة جديدة في غرفتي ، جاءني سامر ...

" ألم تتعبي ؟ قضيت فترة طويلة في الرسم ! "

" الرسم لا يتعبني مطلقا يا سامر ، بل أهواه و أجد راحة كبرى أثنائه و سعادة غامرة لا أجدها مع أي شيء آخر "

قال :

" و لا حتى معي أنا ؟؟ "

كان سامر يقف إلى جانبي يتأمل رسمي الجديد ... و كنت أنا أدقق النظر في اللوحة و ألقي عليه نظرة بين الفينة و الأخرى
و حين نطق بجملته الأخيرة هذه ، أطلت النظر إليه ، فشعرت بالخجل و طأطأت رأسي

" رغد ... "

لم أجب ...
مد سامر يده فامسك بوجهي و رفعه للأعلى ...

قال :

" رغد ... هل فكرت بموضوعنا ؟ "

في تلك اللحظة فقط تذكرت الموضوع !
آه يا إلهي كم هي ضعيفة ذاكرتي !
سامر كان يتحدث باهتمام ... فالأمر يعني له الكثير ، و قد قضى وقتا طويلا في البحث عن عمل ...
لم أشأ أن أصيبه بخيبة بقولي : كلا

فقلت :

" لازلت أفكر ... "

سامر قال بنبرة مليئة بالرجاء :

" أرجوك يا رغد ... يجب أن أبدأ الإجراءات المطلوبة قبل أن تضيع الوظيفة "

نظرت إليه و قلت :

" ماذا لو ... عملت أنت هناك ، و أكملت دراستي أنا هنا ... ثم ... "

لم أتم جملتي ، إذ أن سامر هز رأسه اعتراضا و قال :

" لا ... إما أن نذهب سويا ... أو نبقى سويا ... "

كنت أدرك أن سامر لا يستطيع الابتعاد عنا ، كما أن علاقاته بالآخرين محدودة و كثيرا ما كان يتجنب الاجتماعات المختلفة ، ليتلافى الحرج من وجهه المشوه .
حتى أنه حين أراد إكمال دراسته ، اختار مجالا لا يدع له الفرصة للاحتكاك بالآخرين إلا نادرا
سامر ... هو شخص هادئ و مسالم ... و طيب القلب ...

قلت :

" دعنا نأخذ برأي أبي و أمي كذلك ... يجب أن تتم أنت الإجراءات الآن ، فيما نفكر بروية "

ابتسم سامر و قال :

" سأذهب الآن لإنجاز ذلك ، و أعرض الأمر على والدي ّ الليلة ! سنفاجئهما ! "

ابتسمت ابتسامة قلقة حائرة ، و تركته يذهب و واصلت رسم لوحتي ...
كنت مصرة على إنجاز تلك اللوحة بأسرع وقت ...

و في الليل ، تركت سامر يذهب إلى غرفة والدي لعرض الفكرة ، فيما بقيت في غرفتي في قلق و حيرة ... و أخذت أفكر ...
و يبدو أن كثرة التحديق في اللوحة أصابت عيني بل و جسدي بالإعياء ، فأغمضتهما و لدهشتي استسلمت للنوم !

أفقت بعد ذلك فزعة على صوت طرق متواصل على الباب ...

نهضت عن سريري بفزع ... و أصغيت إلى الهتاف ...

" رغد ... رغد افتحي ... افتحي بسرعة ! "

كانت دانة !

سرت إلى الباب بسرعة و ارتعاش و أنا في قمة القلق ...

و قبل أن أصل إليه رأيته ينفتح و تدخل دانة في انفعال ...

كانت في حالة يصعب علي وصفها ...

كان جسدها يرتعش ، و أنفاسها تتضارب و تتلاحق بسرعة عبر فيها المفغور ... ذراعاها مفتوحتين ... و يداها مرفوعتين
و أصابعها منفرجة ، و تهتز بشدة ...
و الدموع تنهمر بغزارة على خديها

قلت في هلع و أنا أرفع يدي إلى قلبي من الذعر :

" دانه ... ماذا حدث ؟؟ "

" رغد ... رغد ... "

و عادت تلهث ...

" رغد ... رغد ... أخي ... أخي ... "

تجمّدت و انحبس نفسي الأخير في صدري ...

حاولت قول : ماذا ...

ألا أنني عجزت من الذعر ...

هززت رأسي و أنا أشد الضغط بيدي على صدري فوق قلبي ، كمن يحاول حماية قلبه من تلقي صدمة ما ...

كانت دانة تحاول النطق و عجزت إلا عن إصدار أصوات مبهمة ، و أشارت إلي أن اقترب ...

خطوت خطوة نحوها و نطقت أخيرا :

" سامر ... "

هزّت دانة رأسها و قالت بصوت لا أعرف من أين خرج ...

" و ...

و ...

وليد ...

وليد عـــــــــــــــــــــــــــــاد "


للحظة ... ظللت أحدق في دانة ... في تشتت
لم أكن أعرف ... هل هذا واقع أم أحد أحلامي ... ؟
تلفت من حولي علّي أرى شيئا واضحا أكيدا بالنسبة لي ...
كل شيء كان مبهما ...

دانة عادت تقول :

" وليد قد عاد ... عاد يا رغد ... عاد "

لم تكن كلمات واضحة بالنسبة لي ... و بقيت واقفة على نفس الوضع ...
فأقبلت دانة نحوي و أمسكت بكتفي و ضغطت عليهما ...
لمجرد إحساسي بيديها على كتفي أدركت أنه ليس حلما

لم أشعر بأي شيء يتحرك في جسدي لكنني رأيت الجدران تتحرك بسرعة و الأرض تجري من تحت قدمي ّ و الطريق يقودني إلى خارج الغرفة ...

و أطير ...
أطير ...
نحو مصدر أصوات البكاء التي أسمعها منبعثة من مكان ما في المنزل ...
بالتحديد ... مدخل المنزل ...
و عند أعلى الدرجات المؤدية إلى المدخل ...
توقف الكون فجأة عن الحركة من حولي ...
و ترنحت ذراعاي إلى جانبي ّ ...
و تشبثت أنظاري بالصورة التي ظهرت أمامي ...
و تمركزت فوق العينين السوداوين اللتين تعلوان الرأس العريض الثابت فوق ذلك الجسد الطويل ....
رد مع اقتباس