الفصل الثالث
(بداية الأحداث3)
(أوهام حقيقية)
عصافير الصباح تحلق فى السماء مستمتعه بدفء الشمس وبرودة الهواء تعبر عن سعادتها بتغريدها الذى يشبه الالحان
قاطعت أنسجامهم ريح عاصفه فرقت جمعهم ليصبح كل عصفور فى أتجاه ووادى مختلف عن الأخرين
تعثر صغير بنافذة ذلك المبنى الأبيض الطويل ,ألقى بنظره داخله ليندهش من مشهد يشيب منه الغلمان
أتت صوصوته كأنها صرخه متسائلة .: ما الذى حدث لذلك الشاب الذى لا يوجد شئ فى جسده غير مضمد بالشاش .؟.
طار الصغير ليقف على رأسه ناقراً بين عينيه بفمه اللطيف داعياً له .: شفاك الله أيها الشاب...
قلق العصفور هارباً من تأوهاته المؤلمة وتنهيدته الصارخه وهو يحاول أن يفتح عينيه ببطء شديد
أتى ضوء الشمس ليقف حاجزً بينها وبين الرؤيه ,مرت لحظات حتى تعودت عيناه على ذلك الضوء القوى الساطع
من تلك النافذه التى عن يمينه ...
بدء يبحث بعينيه السوداء داخل الغرفة بإدراك ولا إدراك لمحت عيناه مقعد الاسفنج البنى بجانب الحائط الازرق عن يمينه
حرك عيناه قليلاً ليجذب نظره ذلك التلفاز المعلق على لوح خشيبى صغير بجانب الباب الفضى الكبير
نظر عن يساره ليجد ذلك الكم الكبير من الاجهزة و المعدات الطبية الحديثة التى يمتد منها تلك الأنابيب البلاستيكية
وتجرى بداخلها المواد منها الدماء و الكلوجوز وغيرها من المواد التى تسعف المريض وتنتهى معلقة فى جسده الراقد على سريره الصغير
وأسطوانة الاكسجين تنتهى بكمامه تغطى فمه وأنفه ,تسأل بخمول وهو يبعد تلك الكمامة عن أنفه .: أين أنا .؟. ما الذى حدث لى .؟.
لماذا لا يوجد أحد هنا .؟. أين ذهب الجميع .؟.
صاح بصوت مرهق يكاد يكون عالياً .: أمى...(هيثم)....(عمرو)...يا شيخ (محمد) ....
لماذا لا يجيبون.؟.....أين ذهبوا يا ترى ..؟.
قاطعت دقات الباب أفكاره التى تزعجه باعثه فى نفسه قليلاً من السعادة حينما ظن انه لربما يكون أحدهم ....
تسلل صوت حذائها الأسود ليذبذب طبله أذنه بإيقاع خطواتها المتناغمه ليكشف ظلال الباب عن عبوره فتاة
فائقة الجمال فى ربيع شبابها وذروه جمالها ونضجوها ...
تقدمت بأتجاهه لترفع الستائر عن عينيه لتكشف عن ردائها الاسود المزكرش بالورود الذهبية اللامعه
و شعرها الاسود الناعم كالحرير
الذى يتساقط منه خصلة شعر أستقرت بين عينيها الزرقاء مثل موج البحر الهائج
أعتلى وجهها الابيض الناصع كالقمر فى سمائه أبتسامة مشرقة جذابة تسرق القلوب من صدورها
وهى تتحرك بأتجاهه ليتسارع عطرها مع نسمات الهواء ليعبق المكان برائحته الذكية الطيبة
.: كيف حالك الان يا (أبراهيم)..؟. لم أصدق عندما علمت ما أصابك ..؟. هل أنت بخير .؟.
هجم صوتها العذب الرقيق على عقله بوابل من الافكار كأنه أعصار ليجعله شارد الذهن ما بين جمالها ومعرفتها
.: رباه ما هذا الجمال..؟. ولكن من هذه يا ترى .؟؟... وكيف تعرفنى.؟.
فأنا لا أعرفها ....هل ذلك تأثير الصدمة أم ماذا .؟. أم كنت أعرفها ونسيتها .؟.
لا يهم لن أدع تلك الفرصة ان تضيع من بين يدى هكذا ..سأتظاهر بأنى أعرفها ...
يا إلهى سبحانك إنها فائقة الجمال حقاً...
لم تمض لحظات حتى تذكر الوعد الذى وعده أمام الله وعاد لرشده فور تذكره
.: لا ..لا...لن أكرر أخطاء الماضى فقد عاهدت الله على تصحيح ما أقترفته يدى من الاخطاء ...
فتحدث قائلاً.: أحمد الله على كل شئ ....ولكن من أنتى..؟.
أشعرها السؤال بصدمة النكران .: عذراً....ما الذى تقصده بمن أنا ..؟. هل مازلت تتجاهلنى حتى الان .؟.
.: أنا لا أتجاهلك آنستى ولكنى حقاً لا أتذكرك... لا أعلم إن كان هذا من تأثير الصمة ام ماذا .؟..
تحركت بهدوء لتجلس على المعقد البنى .: يبدو أنك لا تتذكرنى حقا ...
ثم تفكرت بداخلها بهدوء وأستعجاب .: يا الهى يبدو أن ما أخبرتنى به الطبيبة صحيحاً ...ولكن لابد أن أتاكد من ذلك بنفسى ...
.: هل حقاً لا تتذكر من أنا ولا ما الذى فعلته بى .؟..
...: مهلاً..مهلاً..ماذا تقصدين بذلك..؟. ما الذى فعلته بكِ.؟.
.: حسناً بما أنك لا تتذكر من أنا دعنى أعرفك بنفسى قد تتعرف او تتذكر أى شى عنى ...
أنا أدعى (ياسمين)...ألا يمثل ذلك الأسم شئ لك .؟؟؟.
.: أسف سيدتى ولكن لا أظن أنى رأيتك من قبل ....
تحولت نظراتها من هادئه الى مرعبه وهى تقول بتعصب شديد.: لا تتحامق على ايها اللعين ...هل نسيت كل ما فعلته بى ..؟.
هل تظن أنى سأقبل بتلك الكذبات .؟.هل تعلم أنا لا أصدق أى كلمة تنطق بها ايها المخادع الحاقد اللعين ...
أربكته تلك الكلمات وجعلته مثل الاحمق فى حفل تخرجه .: أنا لا أكذب ثم أنى حقاً لا أعرف من أنتى ..أقسم لكِ أنى لا أعرف من تكونين...
ولكن إن كان قد بدر منى شئً سيئاً فأنا أسف ....وأسف أنى لا أعرف من أنتى ...
ضِحكت ضحكات هستيرية وهى تقترب منه .: أتعلم من الافضل أن تصبح هكذا لا تعرف من هذا ومن ذاك فذلك هو عقابك ايها المجنون الوقح.
راقد على سريره متحير وقلق من نظراتها المخيفة وكلماتها التى لا يفهمها .: ما الذى يحدث هنا .؟. ومن هذه يا ترى .؟.
ولماذا تحدثنى هكذا.؟. أنا حقاً لا أعرفها ...ولا أعرف أى شئ عما تتحدث به ..
ولكن ذاد استغرابه حينما رأى دموعها وهى تتساقط من عينها كالمطر الغزير قائله.:
لقد أحببتك من كل قلبى حقاً ..أحببتك بكل صدقً وأخلاص وأعطتيك كل أهتمامى وحياتى
لماذا ..؟.. لماذا فعلت ذلك بى ..؟. أنا أكرهك حقاً الان من كل قلبى ..اكرهك ...
لما فعلته بى ...لماذا...؟ لماذا فعلت ذلك...؟...
ظلت تصرخ وتردد تلك الكلمات وهى تقترب منه ثم أحكمت قبضتها حول حلقه لتخنقه
.: لماذا فعلت ذلك بى ..؟. لماذا فعلت ذلك بى ..؟. لماذا دمرت حياتى.؟....
بدء ينتفض على سريره وهو ينازع قبضتها والحياه تفارق جسده .....
كانت الام تجلس على المقعد البنى تقرء القرأن وعندما وجدته هكذا أسرعت صارخه بطلب المساعدة
أتى الطبيب مسرعاً ليعطيه حقنة مهدئه ليذهب فى عالم الاحلام.....
تبكى الام وفى يدها المصحف الشريف .: ما الذى يحدث لولدى يا دكتور .؟. أرجوك ساعد ولدى ...
أجابها الطبيب فى قلق .: لا تقلقى يا أماه فهذه حاله طبيعية بالنسبة لحالته هذه
لابد وانها إحدى نوباته العقليه وقد بدأنا نضيف اليه أدوية الهلوسة
لن أكذب عليكى سيأخذ ذلك بعض الوقت حتى يعود الى طبيعته
رفعت الام يدها للسماء داعيه له .: ربى خفف عن ولدى يارب فأنت الشافى العافى
يا أرحم الراحمين
يتبع
.................................................. .................................. |
|