06-23-2014, 10:34 PM
|
|
الخروج الآمن اقتباس:
استيقظت متأخراً - على غير عادتي - فلقد كنت أشعر ببعض الارهاق الناتج عن دوامة العمل التي لا تتوقف ,فقلت في نفسي " لا عمل اليوم فأنا أحتاج لأجازة أريح فيها بدني وأجلس مع أسرتي الصغيرة في جو أسري افتقدته في الأيام الأخيرة " .
بعد أن أنهيت حمامي , جلست أمام حاسوبي لبعض الوقت انتظاراً لأن تدعوني زوجتي لتناول وجبة الفطور , لكن طال الوقت ولا أسمع أي صوت يأتي من المطبخ ولا مشاكسات ولداي المعتادة بعد انتهاء العام الدراسي الطويل !
هل معقول أن أحداً لم يلحظ استيقاظي من النوم ويظنون أنني مازلت نائماً ولا يريدون أن يزعجوني ؟ حتى المشاكس الصغير الذي اعتاد أن يكسر كل القواعد الثابتة في المنزل ويمطرني بوابل من المقصات الطائرة وفنش (finish) جون سينا مصارعه المفضل حتى أعلن استسلامي وأستيقظ كي يستخرج مني بالقوة بعض النقود !
فخرجت وناديت على زوجتي التي خرجت من غرفة الصالون في هدوء -على غير عادتها هي أيضاً - فلقد اعتدت صراخها المستمر ليل نهار بسبب وبدون سبب - هكذا النساء - وهي تشير إلى بضرورة الدخول فدخلت ووجدت ابني الأكبر يجلس وهو عاقد يديه أمام صدره بشكل يعطيه عمراً أكبر من عمره , والمشاكس الصغير ينظر لي بلا مبالاة وهو يضع رجلاً على رجل وكأنه لا يراني ! وبينهما وجدت شقيق زوجتي بابتسامته الصفراء التي اعتاد أن يقابلني بها منذ زواجي بشقيقته فدائماً كان هناك حاجز بيني وبينه دون أن أجد لذلك سبب مفهوم !
فحمدت الله أني وجدت شخصاً على طبيعته في ذاك اليوم حتى لو كانت مشاعر سلبية , وقبل أن استجمع قواي التي بدت مهزوزة بعض الشئ استقبلني خال الأولاد بورقة طويلة وافهمني أنه علىّ أن أوقع عليها دون مناقشة
التقفتها منه على عجل ووجدتها عبارة عن محضر اجتماع أسري تم بغيابي بين زوجتي وأولادي يعبرون فيه عن سخطهم من حالة القهر والفقر وكبت الحريات وغياب العدالة الاجتماعية ومصادرة الرأي وعدم المساواة الذي يعيشون فيه ! فقلت في نفسي " يا نهار اسود ومنيل ! العيال ولاد الـ .. جابت الكلام المجعلص ده منين " !!
أنهيت القراءة بسرعة والعرق يتصبب مني وأنا أرى ابتسامة الخال الصفراء قد انتقلت بسرعة الصاروخ لأسرتي بما فيهم المفعوص الصغير ! وانتهيت إلى القرارات التي أجمع عليها الكل بلا استثناء وأولها ترك كافة الشئون المالية لزوجتي وتسليم الراتب أولاً بأول لها تاركين لها حرية الانفاق على الأسرة بالتساوي بين الجميع لا فارق في السن أو الجنس والعبرة بالكفاءة لفترة انتقالية ثم يتم بعدها الاحتكام لانتخابات حرة ونزيهة لانتخاب من يدير شئون الأسرة !, مروراً بتشكيل مجلس عائلي يرأسه شقيق زوجتي يتولى التحقيق في كافة المخالفات التي ارتكبتها في حق أسرتي المظلومة مع الحق لي في الدفاع عن نفسي أو توكيل من أشاء ( ربنا يسترهم ) ..
حاولت أن أستجمع قدر من شجاعتي حتى أتكلم لكن بدا صوتي وكأنه آت من واد سحيق , وحاولت أن أذكر أولادي بأنني والدهم وبذكرياتهم الجميلة معي وكيف كنت ألاعبهم وأمطرهم بالهدايا وأن قسوتي عليهم ماهي إلا خوف مستتر , وكيف أنني أدخلتهم أفضل المدارس الحكومية وأنني كنت دائماً ملجأهم من صوت ويد أمهم العالي
لكن وكأنني كنت أكلم نفسي وأنهم ولابد قد وقعوا فريسة لمؤثرات خارجية وداخلية عنيفة أخرجتهم من طبيعتهم الغضة
لكن زوجتي قاطعتني بحدة وأشارت لي بعدم جدوى الكلام وضرورة التوقيع وتسليم السلطة - عفواً المرتب
حينها أخذتني العزة والكرامة ووقفت رافضاً لكل ذلك وأعلنتها صراحة فما كان من زوجتي إلا أن ذهبت نحو باب المنزل وقام بفتحه على مصراعيه , فقلت لها ما هذا ؟ قالت:- الخروج الآمن
سقطت على الأرض مغشياً علىّ وشعرت بشئ مثل اللكمات ينهال على وجهي ففزعت ونهضت مسرعاً فوجدت نفسي على سريري والمشاكس الصغير يشير لشقيقة بسرعة العد علىّ حتى يعلن فوزه بالضربة القاضية وصوت زوجتي يأتي من المطبخ يعلن بحلول موعد الفطور اليومي , ثم تجولت في ارجاء المنزل بحثاً عن شقيق زوجتي فلم أجده فقابلتني زوجتي بابتسامة وهي تهمس لي ( صح النوم يا ابو يوسف ) :wardah: | |