---
--
-
الفصل الاول
{{لقاء ما بعد المعاناة}}
------
----
--
-
.
عآاصفة هوجاء تدور و تمزق قلبي داخلي..الم يختلج روحي و احساس الخوف يملؤ كل ذرة تهتز من جسدي الذي يرتجف كورقة الشجر الساقطة ارضا بلا حياة..هل ساموت؟..و الان؟...صرخة مدوية عمت ارجاء الغرفة المظلمة..لم يكن فيها الكثير من الاثاث..انما فقط سرير مهترا مصنوع من الحديد..و في زاوية الحجرة المظلمة..خزانة مكسرة لم يبقى منها سوى هيكلها الذي تهزه نسمات الريح..لو امعنت النظر قليلا لداخل ما في هذه الخزانة المكسرة..لوجدت طفلا صغيرا يضم قدميه اليه و هو لا يكاد يستطيع التنفس لشدة الخوف الذي يملؤ قلبه..ما يغطي جسده المعتري نسبيا بنطال ممزق من الركبتين و قميص يكاد يغطي ظهره و صدره المخدوش اثار ضربات السوط التي كان يتلقاها..دمعة كالماس لم يرد اهدارها و جعلها تسيل على خده قد فعلت مجبرة له على ذلك..شهق بقوة و الهواء يدخل رئتيه تارة ليخرج حارا تارة اخرى..انزل راسه ضاما له بين قدميه التي لم تعد باستطاعتها ان تحمله..الالم يمزق كل خلايا جسده من راسه حتى اخمص قدميه..حيآته انتهت هنآ..في هذه الغرفة التي تدمرت..انتهت حياته..لم يعد سوى جسد يتحرك بلا احساس او مشاعر تختلجه..هذه هي بداية القصة الماساوية
.........................................................................
بعد مرور ما يقارب 10 اعوام....
جلس وحده مبتعدا عن الاخرين بمساحة ليست كبيرة..كان يمسك بيده صندوقا صغيرا..ربما هو لطعام الغداء..قد ياكله الان او لا..لكنه لا يحس بالجوع..بقي متسمرا مكانه لا يعلم ما الذي يفعله او ما يريد فعله..لقد اوهم نفسه بان كل شيء منتهي..دون كلام..فكل شيء بالنسبة اليه مجرد سراب..سبلت عيناه سامعا خطوات ربما لاربع اشخاص او اكثر..لم يكد ان يرفع راسه حتى ليتلقى ضربة من قبضة احد ما على نصف وجهه الايمن..احس بان فكه قد اعوج و انكسرت عظام وجهه حتى ان الضربة اسقطته ارضا و بقوة لا يتخيل احد شدة المها..تاوه بالم صامت ليمسك مكان الضربة التي قد سالت دما..رفع راسه تلقائيا و ببطئ لتتوقف عيناه على الصبية الاربعة الذين امامه..برودة طغت على لمعة عينيه و هو يطبق شفتيه بهدوء دون كلمة..فقط صوت ضحكات الصبية تخترق حاجز اذنيه و هم يبتعدون عنه تدريجيا..تحت عيون الاخرين الذين ينظرون اليه..وقف دون اي كلمة..لم تبدو عليه اي ردة فعل..و لا حتى كانه قد ضرب للتو..نفض التراب عنه بسرعة و ابتعد عن عيون الطلاب التي تنظر اليه بشفقة..كم يكره معنى هذه النظرات..لو يستطيع فقط..لو يستطيع ان يبعد الجميع عنه..و من قال انه لا يستطيع..حتى الدفاع عن نفسه امام هؤلاء الحثالة..لو اراد لمزقهم و رماهم كالكلاب السائبة..لكن حياته منتهية..و ما دامت كذلك..فهو لن يفعل او يقول شيء..لانه كالميت..جسد يسير فقط..دون ان تطرف عيناه بمشاعر او احساس..فقد عود نفسه على هذا..صر على اسنانه التي اصطكت بقوة..و هو يحس بان راسه قد انخلع عن عنقه بسبب الكرة التي صدمته..ابتعد بسرعة عن اصوات ضحكات الطلاب التي تشمئز و تسخر منه..كانه حثالة المدرسة الذي يعذبون به..لقد راوه ضعيف ليس له قوة..فاستغلوه للمرح فقط..للعب به..كان يجلس بعيدا خلف فناء المدرسة الخاصة..لقد ارسله عمه الى هنا للتخلص منه..سبل عينيه لتطبق رمشاه ببعضهما على نسمات الريح الخفيفة التي ترتل و تهز شعره متناسقة مع صوت جرس الحصة الذي بدا الان..استقام من مكانه ببطئ و لا تزال شفتاه مطبقتان ببعض..قصد صفه الذي وصل اليه بعد بضع دقائق من السير..كانت اصوات الطلاب الذين يمزحون مع بعضهم هي ما تخترق اذنيه حتى جاء الاستاذ و بدا حصته..لم يكن هناك اي شي يسمعه او يفعله سوى الانتباه للاستاذ الذي يشرح..ربما قد يكون جسده هنا..لكن هو بعيد عن افكاره التي تتلاشى احيانا و ترتسم احيانا اخرى..حتى انه لم يكن منتبها للاعين التي قد كانت تاكله ربما لو كانت وحشا مفترسا..لو نظرنا لصاحب العينان الزمرديتان..لوجدنا انه كائن بريء جميل و لطيف..و لراينا بانها اجمل فتاة قد تراها الاعين..لا اكذب ان قلت انها كالملاك الذي نزل من سابع سماء..بل هي اجمل..لكن..اهناك من يراها؟..او حتى يسمعها؟...بالطبع لا!!..فهي ليست الا..روح لا يراها احد..سبلت عينيها بحزن و رمشيها الطويلان ينسدلان مطبقتين ببعض..لا احد يستطيع رؤيتها..لما؟..حسنا هذا لانها روح تسكن هنا في هذه المدرسة..يظنون بانها اشاعة فقط..لكنها حقيقة..و لا يستطيع احد رؤيتها ابدا..معاناتها كبيرة و هي خارج جسدها..منذ ست اعوام و هي تبحث عن شخص ليساعدها على العودة لجسمها..لكن كيف هذا؟..كيف و لا احد يستطيع رؤيتها..حتى انها لا تستطيع البكاء..زفرة حارة خرجت محملة بالالم من بين شفتيها المرتجفتين..بعد ان ادركت انها اطالت في المكوث هنا في الفصل..قررت الخروج..مدت يدها لترفعها و تخترق الحائط الذي بجانبها..ذاهبة الى ساحة المدرسة الكبيرة..جلست هناك على احد الكراسي المصطفة حول الحديقة..ليتها تستطيع ان تحس بالفرح..بالسعادة..بالراحة..كما كانت كذلك قبلا..لكن هذا لن يحدث الا ان عادت لجسدها الذي ادركت قيمته الان...رفعت راسها للاعلى و استدارت و هي تشرد بوجه ذلك الشخص الغريب..لم تره يكلم احدا من قبل ابدا..هو لا يفعل شيئا سوى المشي و الاكل..انه اغرب شخص تراه..حتى ان ليس لديه اصدقاء ابدا..كم هو غريب و ذو طباع باردة..طبقت نصف عينيها مدققة بملامح وجهه البعيدة عنها..هو يدير راسه لذلك لا يراها..حتى ان نظر ناحيتها فهو لن يستطيع ذلك..طرفت بعينيها بسرعة ثم نظرت لشعره الرمادي اللون..انه يتناسق تماما مع عينيه الخضراء..انه جميل المظهر حقا..وضعت يديها على وجهها و هي تهزه بقوة و خديها احمرا بشدة..ليس وقت التفكير بوسامته..البحث عن من يستطيع مساعدتها لارجاع جسدها هو الاهم..استقامت من مكانها بسرعة و قدميها تتسابقان بالسير..لعلها تجد شيئا ما لتتلها به.......................
اهتز ناقوس الجرس ضاربا المطرقة بقوة معلنا نهاية اليوم الدراسي..سار جميع الطلاب خارج الصفوف متجهين الى غرفهم التي تقبع في البناء المجاور للمدرسة..بين حشود الطلاب وقف هو سائرا معهم مطرقا راسه للاسفل و حقيبته المدرسية معلقة على كتفه..لديه ريبة قليله من ان هنالك شخصا يراقبه..هذا ما يحس به..لكنه لا يظهر هذا..طرفت عينيه بسرعة حين وصل الى باب حجرته التي يسكن فيها..فتحه بسرعة و دخل ليغلقه وراءه..استدار براسه للخلف..اخيرا وجد الراحة هنا..اتجه الى سريره راميا حقيبته جانبا و مستلقيا على سريره بتعب..اندس اكثر داخل السرير و كانه يريد من هذا الاخير ان ياخذه لمكان لا يوجد به اي شخص..انطبقت عيناه مستسلما للغفوة التي بدات تداعب جفنيه حتى ربحت عليه..شفتاه ثغرتا قليلا و هو يتنفس بعمق..لاول مرة ينام براحة...........................
اخترقت باب الغرفة دون ان تفتحه بسرعة..لم تكن تعرف اين دخلت لكنها نظرت حولها لتجد انها غرفة لاحد طلاب الثانوية..تنهدت بعمق ثم اتجهت الى الشخص الذي يستلقي نائما على سريره..كان يبدو كالطفل الذي انتهى من اللعب و اخذته امه لياخذ قيلولته للراحة..اقتربت قليلا منحنية نحوه ناظرة اليه بستغراب..انه نفس الشاب ذو الشعر الرمادي..لكنه مختلف الان عن ما مضى..فهو يبدو لطيفا جدا اثناء نومه..شبح الابتسامة رسم على شفتيها بسرعة كادت تسابق الضوء..بقيت متجمدة مكانها شاردة في ملامحه الاخاذة..لم تنتبه انه بدا يفتح عينيه..حتى لو فعل..فهو لن يراها..على الاقل..هذا ما توقعته هي..بالنسبة له..كان يعتقد بانه حلم..او ان فتاة قد دخلت غرفته بالخطأ..لم يكن بوعيه تماما انذاك..لكنه استقام من مكانه بسرعة ليتراجع الى الخلف..ثغر فاهه باستغراب..من هي ؟..ما الذي تفعله هنا؟...سمع صوتها الذي خرج من بين طبقة شفتيها:ه..ه..هل تستطيع رؤيتي؟...لم يجبها..فسؤالها غبي بالنسبة اليه..طرف بعينيه قليلا..ثم نظر اليها..اوما راسه ببرود..كانه يريد منها الخروج الان...لم يعرف السعادة التي اختلجت و سكبت على قلبها...فرحتها كانت شديدة جعلتها تضحك بسعادة و هي لا تكاد تصدق ما تسمعه..اخيرا!!...اخيرا هناك من يستطيع رؤيتها...
نهاية الفصل الاول
---
--
-