عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-27-2014, 05:04 PM
 















بسم الله الرحمن الرحيم
••◘ ♥ ○◘ ••
الرَّحْمَن
الرحمن كلمة واحدة في معناها الرحمة، وفي رنتها الإعلان،
والسورة بعد ذلك
بيان للمسات الرحمة ومعرض لآلاء الرحمن.ذا الإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد،
يجلجل في طباق الوجود، ويخاطب كل موجود؛ ويتلفت
على رنته كل كائن، وهو يملأ فضاء السماوات والأرض،
ويبلغ إلى كل سمع وكل قلب .

••◘ ♥ ○◘ ••
|| «
عَلَّمَ الْقُرْآنَ» ||
هذه النعمة الكبرى التي تتجلى فيها رحمة الرحمن بالإنسان
. . القرآن . .
الترجمة الصادقة الكاملة لنواميس هذا الوجود
. ومنهج السماء للأرض.
الذي يصل أهلها بناموس الوجود؛ ويقيم وموازينهم وقيمهم ونظمه
م
وأحوالهم على الأساس الثابت الذي يقوم عليها الوجود.
فيمنحهم اليسر والطمأنينة والتفاهم والتجاوب مع الناموس.
••◘ ♥ ○◘ ••
|| «خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ» ||
وندع - مؤقتا - خلق الإنسان ابتداء، فسيأتي ذكره في
مكانه من السورة بعد قليل.
إذ المقصود من ذكره هنا هو ما تلاه من تعليمه البيان .إننا
نرى الإنسان ينطق ويعبر ويبين، ويتفاهم، ويتجاوب مع الآخرين . .
فننسى بطول الألفة
عظمة هذه الهبة، وضخامة هذه الخارقة، فيردنا القرآن إليها،
ويوقظنا لتدبرها،
في مواضع شتى.
فما الإنسان؟ ما أصله؟ كيف يبدأ؟ وكيف يعلم البيان؟

••◘ ♥ ○◘ ••
|| «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ » ||
حيث تتجلى دقة التقدير، في تنسيق التكوين والحركة
، بما يملأ القلب روعة ودهشة، وشعور ابضخامة هذه الإشارة،
وما في طياتها من حقائق بعيدة الآماد عميقة الأغوار.
إن الشمس ليست هي أكبر ما في السماء من أجرام.
فهنالك في هذا الفضاء الذي لا يعرفالبشر له حدودا،
ملايين الملايين من النجوم، منها الكثير أكبر من الشمس
وأشد حرارة وضوءا.

••◘ ♥ ○◘ ••
|| «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ» ||
إن هذا الوجود مرتبط ارتباط العبودية والعبادة بمصدره الأول
، وخالقه المبدع.
والنجم والشجر نموذجان منه، يدلان على اتجاهه كله
. وقد فسر بعضهم النجم
بأنه النجم الذي في السماء. كما فسره بعضهم
بأنه النبات الذي لا يستوي على سوقه كالشجر.
وسواء كان هذا أم كان ذاك فإن مدى الإشارة في النص واحد.
ينتهي إلى حقيقة اتجاه هذا الكون وارتباطه.

••◘ ♥ ○◘ ••
|| « وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ
* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ» ||
والإشارة إلى السماء - كباقي الإشارات القرآنية إلى
مجالي هذا الكون - تقصد إلى تنبيه القلب الغافل،
وإنقاذه من بلادة الألفة، وإيقاظه لعظمة هذا الكون
وتناسقه وجماله، وإلى قدرة اليد التي أبدعته وجلالها.
والإشارة إلى السماء - أيا كان مدلول السماء -
توجه النظر إلى أعلى.
إلى هذا الفضاء الهائل السامق الذي لا تبدو
له حدود معروفة؛ والذي تسبح فيه
ملايين الملايين من الأجرام الضخمة، فلايلتقي منها اثنان،
ولا تصطدم مجموعة منها بمجموعة. ويبلغ عدد المجموعة
أحيانا ألف مليون نجم،
كمجموعة التي ينتسب إليها عالمنا الشمسي،
وفيها ما هو أصغر من شمسنا
وما هو أكبر ألاف المرات. شمسنا التي يبلغ قطرها مليون
ا
وثلث مليون كيلو متر! ! ! وكل هذه النجوم، وكل هذه تجري في
الكون بسرعات مخيفة، ولكنها في هذا الفضاء الهائل
ذرات سابحة متباعدة، لاتلتقي، ولا تتصادم!وإلى جوار
هذه العظمة في رفع هذه السماء الهائلة الوسيعة " وضع الميزان "
ميزان الحق.
وضعه
ثابتا راسخا مستقرا. وضعه لتقدير القيم
. قيم الأشخاص والأحداث والأشياء.
كي لا يختل تقويمها، ولا يضطرب ، ولا تتبع الجهل والغرض والهوى.
وضعه في الفطرة ووضعه في هذا المنهج الإلهي الذي جاءت به
الرسالات وتضمنه القرآن:
وضع الميزان . . " ألا تطغوا في الميزان " . . فتغالوا وتفرطوا . .
" وأقيموا الوزن بالقسط
ولا تخسروا الميزان " . . ومن ثم يستقر الوزن بالقسط
، بلا طغيان ولا خسران.
ومن ثم يرتبط الحق في الأرض وفي حياة البشر، ببناء الكون ونظامه
. يرتبط بالسماء في مدلولها المعنوي حيث يتترل منها وحي الله .
ومدلولها المنظور حيث تمثل ضخامة الكون وثباته بأمر الله وقدرته . .
ويلتقي هذان المدلولان في الحس بإيقاعهما وظلالهما الموحية.

••◘ ♥ ○◘ ••
|| « وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ *
وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ
» ||
ونحن لطول استقرارنا على هذه الأرض
، وألفتنا لأوضاعها وظواهرها،
ولوضعنا نحن كذلك عليها. نحن لهذا كله لا نكاد نحس
يد القدرة التي " وضعت " هذه الأرض للأنام.
وجعلت استقرارناعليها ممكنا وميسورا إلى الحد الذي
لا نكاد نشعر به.
ولا ننتبه إلى ضخامة معنى الاستقرار، وعظمة نعمة الله علينا فيه
إلا بين الحين والحين حين يثور بركان، أو يمور زلزال،
فيؤرجح هذه الأرض المطمئنة من تحتنا،
فتضطرب وتمور. عندئذ نتذكر معنى الاستقرار الذي نستمتع به
على هذه الأرض بنعمة الله.والبشر خليقون أن يتذكروا
هذه الحقيقة في كل لحظة،
لو أنهم ألقوا بالهم إلى أن أرضهم هذه
التي يركنون إليها، إن هي إلا هباءة سابحة في فضاء
الله الوسيع.
هباءة تسبح في هذا الفضاء المطلق.تسبح حول نفسها بسرعة
نحو ألف ميل في الساعة. وتسبح - مع هذا - حول الشمس
بسرعة ستين ألف ميل في الساعة.
بينما هي والشمس والمجموعة الشمسية كلها تبعد
بجملتها في هذا الفضاء
بسرعة عشرين ألف ميل في الساعة متجهة في اتجاه واحد
نحو برج الجبار في السماء!
أجل لو أنهم ألقوا بالهم إلى أنهم محمولون
على هذه الهباءة السابحة التي تنهب الفضاء معلقة في
أجوازه بغير شيء إلا قدرة الله . . لظلوا أبدا معلقي القلوب
والأبصار، واجفي الأرواح والأوصال،
لا يركنون إلا للواحد القهار الذي وضع الأرض للأنام
، وأقرهم عليها هذا الإقرار!
!
ولقد يسر لهم فيها الحياة، وهي تدور حول نفسها وحول الشمس،
وتركض مع الشمس وتوابعها بتلك السرعة المذهلة.
وقدر فيها أقوال التي يذكر منها هنا الفاكهة -
ويخص منها النخل ذات الأكمام
- [ والكم كيس الطلع الذي ينشأ منه الثمر ] ليشير إلى جمال
هيئتها بجانب فائدة ثمرها.
ويذكر منها الحب ذا الورق والسيقان التي تعصف
وتصير طعاما للماشية.
ويذكر منها الريحان. النبات ذا الرائحة . .
وهي ألوان من نبات الأرض شتى. منها ما هو طعام
للإنسان ومنها ما هو طعام للدواب ،ومنها ما هو روح للناس ومتاع.
وعند هذا المقطع من تعداد أنعم الله وآلائه: تعليم القرآن.
وخلق الإنسان. وتعليمه البيان.وتنسيق الشمس والقمر بحسبان
. ورفع السماء ووضع الميزان. ووضع الأرض للأنام.
وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان . .
عند هذا المقطع يهتف بالجن والإنسان، في مواجهة الكون واهل الكون
••◘ ♥ ○◘ ••
|| « فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» ||
••◘ ♥ ○◘ ••
|| «خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ
» ||

ونعمة الإيجاد والإنشاء أصل النعمة.
والمسافة بين الوجود وعدم الوجود ابتداء مسافة
لا تقاس أبعادها بأي مقياس مما يألفه البشر. فجميع المقاييس
التي في أيدي البشر
أو التي تدركها عقولهم، هي مقاييس للفارق بين موجود وموجود.
أما المسافة بين الموجود وغير الموجود
فلا تدركها مدارك البشر بحال! ونحسب الجن كذلك
، فإن هم إلا خلق مقاييسه مقاييس المخلوقات!
فحين يمتن الله على الجن والإنس بنعمة الإيجاد والإنشاء؛
فإنما يمتن عليهما بالنعمة التي تفوق حد
الإدراك.
ثم يقرر الحق سبحانه مادة خلق الإنس والجن،
وهي كذلك من خلق الله. والصلصال: الطين إذا يبس وصار له
صوت وصلصلة عند الضرب عليه.
وقد تكون هذه حلقة في سلسلة النشأة من الطين أومن التراب
. كما أنه
ا قد تكون تعبيرا عن حقيقة الوحدة بين مادة الإنسان
ومادة الأرض في عناصر
التكوين.

••◘ ♥ ○◘ ••
|| « فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» ||
••◘ ♥ ○◘ ••
||« رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ » ||
والمشرقان والمغربان قد يكون المقصود أنهما شروق الشمس
وشروق القمر.
وغروبهما كذلك،بمناسبة ذكر الشمس والقمر فيما تقدم من آلاء الله
. وقد يكون المقصود مشرقي الشمس المختلف الموضع
في الصيف والشتاء ومغربيها كذلك.
وعلى أية حال فإن ظلال هذه الإشارة هي الأولى
بالالتفات. ظلال الاتجاه إلى المشرق والمغرب،
والشعور بالله هناك، والإحساس بيده تحرك الكواكب والأفلاك،
ورؤية نوره وربوبيته في الآفاق هنا وهناك.
والرصيد الذي يؤوب به القلب من هذا التأمل والتدبر
والنظر في المشارق والمغارب،
والزاد الشعوري الذي تفيض به الجوانح وتذخره الأرواح.

••◘ ♥ ○◘ ••
|| «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» ||\
والبحران المشار إليهما هما البحر المالح والبحر العذب،
ويشمل الأول البحار والمحيطات، ويشمل الثاني الأنهار
. ومرج البحرين أرسلهما وتركهما يلتقيان،
ولكنهما لا يبغيان، ولا يتجاوز كل منهماحده المقدر
، ووظيفته المقسومة،
وبينهما برزخ من طبيعتهما من صنع الله
وتقسيم الماء على هذا النحو في الكرة الأرضية لم يجئ
مصادفة ولا جزافا. فهو مقدر تقديرا عجيبا.
الماء الملح يغمر نحو ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية
ويتصل بعضه ببعض؛ويشغل اليابس الربع.
وهذا القدر الواسع من الماء المالح هو اللازم بدقة
لتطهير جو الأرض وحفظه دائما صالحا للحياة.

••◘ ♥ ○◘ ••





التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 06-28-2014 الساعة 09:44 PM
رد مع اقتباس