(( الفصل الثاني حُلّمْ))
اصبحت كالصماء واقفة امامه و هي تثغر فاهها بشدة..الحماسة ملات روحها و اسكنتها في بحر
السعادة..استدارت حول جسدها رافعة راسها للاعلى لتقف امامه ضامة يديها الى صدرها و هي تعقف حاجبيها للاعلى..سالته بتردد و ابتسامة صغيرة ارتسمت على ثغرها:احقا انت تستطيع رؤيتي..لم يجبها الشاب ابدا..انما طبق نصف عينيه بملل..فحقا بالنسبة اليه..انه اغبى سؤال قد يساله احد..استقام من مكانه مترجلا سريره الذي صر مرفوعا للاعلى قليلا..حرك عينيه الخضراء عليها مدققا لها ثم ادار راسه سائرا نحو ادراج المنضدة التي تقبع جانب سريره..اختفت الابتسامة من على شفتيها..ان هذا الشاب يتجاهلها تماما..بل لا نطق بشيء ابدا..هل هو اخرس او اصم؟...وضعت يديها على شعرها الذي انقشع للاعلى بخوف..فكرة انه يراها و لا يكلمها او يسمعها..شيء لا تستطيع تصديقه..ليست الحياة عادلة لكن و لو تعطيها فرصة واحدة..احست بانه ادار راسه ناظرا نحوها بستغراب..عادت لحجمها الطبيعي و ترتب شعرها منسدلا خلف ظهرها لتسعل ثم تقول ببحة و القلق بان على نبرة صوتها:ه...هل انت تستطيع سماعي و التكلم؟...لم يجبها هذه المرة ايضا..حقا..هذا الامر يجعلها كمن اصيب بصاعقة كهربائية شديدة و مميتة..لا تستطيع استيعاب انه لا يستطيع سماعها..فهو بهذا..فهو بهذا لن يفهمها او يساعدها...نزلت دموعها كالانهار تتسابق على خديها..لقد انتهى الان كل شيء..صرخة مدوية اخرستها عمت مفجرة ارجاء المكان..نظرت حولها بتفاجئ و هي تمتم بقلق:اهذا وقتهم؟..لم تكن تستطيع الا ان تدع جسدها يرتجف وسط نظرات الشاب الذي لا يزال مندهشا من المنظر و هو يستمع الى صرخات خائفة تكاد تبح و تمزق الحناجر لتخرج من بين الشفاه..انحنى قليلا الى الاسفل و هو يرى السهم الذي اخترق الحائط متجها نحوه كالشرارة ليقتله..نظر الى الفتاة التي تمامه طالبا منها الاجابة التي تشبع فضوله..لم يلاحظ عليها سوى ارتجافها و اجزاء جسدها التي تهتز يمينا و يسارا خوفا من ما سيلحق بها..شيء اخترق الحائط كصاعقة رعدية هزت اررجاء المكان و اوقفت الزمن..كل شيء حوله تحول للاسود..لا يستطيع رؤية و فهم شيء..فقط ما يعلمه هو انه الان موجود في حيز يسمى الفراغ..وقف متسمرا مكانه لا يستمع الا الى صوت الصرخات التي تخترق مسامعه منصهرة داخل جسده حارقة لروحه و كيانه الذي ذاب خوفا من الرعب الذي يعيشه الان..جسد ارتمى فوقه بقوة جعل اضلاعه تتهشم داخله و هو يسقط ارضا و عينيه منبلجتان بل تكادان تخرجان قافزتان من بين حجريه..فتح يديه ناظرا للكتله التي تجلس فوقه..لم يكد يصدق المنظر الفظيع الذي يراه..خوف اختلج روحه جعله يصرخ بكل ما اوتي من قوة..و كان وحشا قد انقض عليه لياكله..لكن هذا حقا ما يراه الان...ارتجفت بؤبؤتيه بين محجريه و هو لا يكاد يستطيع النطق..شفتاه اهتزتا بارتجافة مخيفة..جسده انتفض بخوف لفظاعة الشكل الذي امامه..دم يسيل من بين اعضاء جسده..قميصه انشق و اظافر الوحش اخترقت اضلاعه الى قلبه الذي كاد يتوقف حينها..لم يستطع تحمل الالم الشديد الذي يصيبه..يداه و قدماه..تكسرت جميعا..دمه كله قد استنزف سائلا كالنهر بطول و عرض على الارض السوداء..اغمض عينيه طابقا رمشيه بستسلام للموت الذي حدد مصيره و الان..كان يتمنى الموت..لكن ليس بهذه الطريقة.........................................
بعد مرور اسبوع
طنين الاجهزة التي تعلق على جسده يخترق اذنيه بتنظيم و تناسق..جسده كله قد لف بالضماد الابيض..لا يرتدي سوى بنطال قصير حتى ركبتيه جاعلا صدره عار لا تغطيه سوى اشرطة الضمادات التي طبع عليها القليل من لون دمه النقي..حرك شفتيه متمتما بتعب و هو يرفع يده قليلا للاعلى:اين انا؟...تاوه بششدة لسبب الالم الذي شعر به عند اضلاعه المكسرة..استند على حافة السرير موزعا عينيه في ارجاء المكان باحثا عن اي شخص لعله يفيده او يعلمه بما يفعله هنا...صوت مبحوح باكي اخترق حاجز الصمت الذي عم ارجاء المكان..و هو يقول:كارل هل انت بخير؟! يا الهي لقد قلقت عليك كثيرا!!...
نهاية الفصل الثاني
__________________ |