أغلق لوي المصابيح لكي يوضح ضوء الشمس اكثر من بين الزجاج و الستائر، توجه لوي للسرير الذي كنت أجلس عليه و إستلقى عليه بعد أن خلع سترته الرسمية، فإلتفت له و قلت مغيرة الموضوع: ألم تنم الليلة الماضية؟
فقال لي و قد أغمض عينه: يمكنك قول هذا، فالليلة الماضية كانت صاخبة بشكل لم أعتد عليه.
أتسائل إن كان معتاداً على هذا الهدوء عندما كان صغيراً؟ أقصد.. صحيح بأن كيفين و لويس أخوان له من نفس الام، لكن ألم يلعب معهما و لو مرة واحدة؟ حتى أنا التي لم تحظى بأي صديقات في المدرسة، حسناً لم أكن وحيدة، تعرفت على فتيات في نفس عمري لكنني لا أدعوهن صديقات، بل زميلات في الصف لا أكثر، صديقتي الوحيدة هي لورين و هي أول فتاة تعمقت في علاقتي معها .. لكن لوي.. لا أعلم.. نادراً ما تراه يغضب و أو يتكلم بصوت عال على عكس كارل الذي قال بأنه إبن خالته .. أتسائل إن كان قد لعب مع كارل في السابق.. لكن.. لحظة! هل والدي لوي على قيد الحياة أم لا ؟
إبتلعت ريقي بصعوبة ملحوظة، فنظر لي لوي و قال :ما الخطب؟
فسألته سؤال غير مباشر عندها بتردد: لم تكلمي عن والديك من قبل ..
كنت أتوقع أن يغير الموضوع أو ينقلب شخصاً آخر، لكنه نظر للسقف و قال بنبرة هادئة جداً: والدي ..حسناً، كليهما لا يعلمان عما أفعله الآن و أين أنا و مع من أنا.
هذا يعني بأنهما على قيد الحياة، أكانت حياته مشابهة لحياتي أم ماذا؟ لا.. لا أعتقد بأن الامر بهذه البساطة.. فجأة! إنتصب ظهر لوي ليجلس على السرير و ساقيه ممدودتان، فنظر لي مباشرة بأعينه الذهبية تلك بينما الضوء كان يختفي رويداً رويداً في الغرفة مع غروب الشمس و طرق القمر أبواب السماء، مما جعل لون عيناه تبرزان بشكل أوضح، ظللت أتأمل فيهما بعمق، أحسست في تلك اللحظة بشلل قد أصاب عمودي الفقري فجأة! لا أعلم السبب لكنني بمجرد أن نظرت لعينيه أحسست بهذا الشئ، هناك شئ غريب في الامر ..
فجأة! لف لوي ذراعيه حول عنقي ثم إستلقى مرة اخرى بحيث استلقي معه، ثم أخذ يدخل أطراف أصابعه بين خصلات شعري و قال متمتماً: يمكنك القول بأنني أحسدك للأنك قد عشت مع أمك.
عندما حاولت النظر له، إستلقى على جنبه فجأة بحيث يضمني لصدره، ثم قال: لكن هذا لا يهم، لقد نسيت عائلتي و كل شئ الآن، و للأكون صريحاً لا أريد أن أتذكر أي شخص منهم، فأنت كل ما أملك الآن.
ضمني أكثر و أكثر، بعدها قال: حتى لو فكرت أمي في رؤيتي، لن تراني و لن أستطيع أن أراها ، فكلينا لا يعلم أين موقع الآخر.
بعد أن أنهى جملته، إبتعدت عن حضنه، مما جعل ملامح الدهشة ترتسم على وجه، بينما أنا قلت له بحزم: لماذا تقول هذا الكلام؟ أنت تتكلم عن والدتك صحيح؟ إن كانت تريد أن تراها لماذا لا تذهب و تراها؟
أغمض عينيه و قال: قلت لك، لا أستطيع أن أراها، فهي لا تعلم أين أنا و أنا لا أعلم أين هي-
قاطعته و سألته بحزم: هل تريد أن تراها ؟
توسعت عينه بنوع من الدهشة، لكنه إختبأ تحت جناح الصمت و لم يجاوبني إجابة قاطعة، فوضعت يدي على رأسه و أخذت أمسح على شعره بينما هو لا يزال مستلقياً، و قلت له: إن كنت تريد أن تراها، فلماذا لا تذهب إليها؟ أنا سوف أساعدك !
إنتصب ظهره مرة اخرى و جلس على السرير، ما إن جلس حتى عانقني و هو يطوقني بذراعيه من خلف ظهري لكي لا أرى وجه، لكنه بعد مرور مدة أبعد ذراع واحدة، بعدها لم أسمع أي شئ منه و كأنه كان يفكر، لكنه سرعان ما أعاد تلك الذراع لمكانها و ألقى بثقل رأسه أكثر على كتفي و قال متمتماُ: لا أستطيع أن أريك هذا ..
فسألته بإستغراب: ماذا تريني؟
فقال فوراُ: لاشئ.