عرض مشاركة واحدة
  #207  
قديم 07-05-2014, 11:41 PM
 

ثم أردف: أخرجي قليلاً خارج الشقة و أنظري للخارج.
ثم أغلق الخط في وجهي مباشرة بعد جملته تلك، ربما كان يتصل من الهاتف العام فهو لا يملك هاتف محمول معه، خرجت من الشقة على كل فلحق بي لوي و هو يسألني بهدوء: ماذا هناك؟
فأجبته و أنا أنظر للخارج من الشرفة: لقد قال لي أبي بأن أنظر للخارج.
أطلق لوي صوتاً غريباً عندها، نظرت له لبرهة من الزمن لكنني عاودت النظر للشارع الذي كان يطل من الجدار، ظللت أجول بنظري على المكان للأرى ظل أبي اخيراً و هو يقابلني مباشرة، حيث كان على أحد الارصفة و هو ينظر للأعلى لي طوال الوقت، بينما أنا كنت أبحث عنه، ما إن وجدته، حتى إبتسم إبتسامة لم أستطع أن أراها بوضوح بسبب بعد المسافة قليلاً، لكنه سرعان ما دار ليقابل الشارع الذي أمامه ..
عندما فعل هذا، تسارعت ضربات قلبي لتستعر نار حارقة داخل جوفي، أحسست بنزلة من الحرارة لم أمر بها قط في حياتي، وقفت على اطراف أصابعي لكي أنظر بشكل أوضح و عيني كانت تتوسع بشكل تدريجي في تلك اللحظة، أحسست نفسي و كأنني أمنع أن يتم إسدال الستار عن مسرحية ما، كنت أرفض أن ارى تلك المسرحية ! هذا ما أحسست نفسي أعيشه في تلك اللحظة!
ما إن دار ليقابل الشارع، حتى فتحت فمي بشكل تلقائي للأطلق صوتاً يشبه العويل في تلك الهواجس المتخبطة التي كان يحملها على كاهله و أنا أقول :توقف !!!
لكن مهما فعلت في تلك اللحظة، صوتي لن يصل له، حتى لو وصل من الناحية المادية، لن يصل من ناحية قلبه، كان مفصولاً عن العالم بأسره في تلك اللحظة، و كأنه يقدم روحه على طبق من ذهب لحاصد الارواح
نعم، لقد قفز أمام أحد السيارات اللاتي كانوا يعبرن الشارع بسبب الاشارة الخضراء و بسرعة خاطفة، ليطير جسده في السماء لبرهة لكنه سرعان ما سقط، كنت أسمع صوت الارتطام من مكاني ذاك بوضوح، صوت إرتطام عظامه بالسيارة، صوت إحتكاك عجلات السيارة بالارض، صرخات الناس و عويلهم ! كانت تلك المسرحية الفظيعة تعرض أمامي و أنا متصلبة كحجر أصم لم أعرف ماذا أفعل..
أغمضت عيني و عاودت النظر للمشهد، كنت أريد أن يعاد أمام ناظري لكي أمزق شريط ذلك الفلم و أدفنه بعيداً عن ذاكرتي، لكن عبثاً، حيث قد وصل ذلك الفلم القصير لنهايته ،و هو موت ..موت .. البطل و الشرير ..
كنت أنظر للصورة التي أمامي و الناس يتجمعون مثل النحل على زهرة ما، فنظرت للوي للأراه ينظر بهدوء، في تلك اللحظة علمت، بأنه كان يعلم بأن كل شئ سوف يحدث! توجهت له و سحبت قميصه بنوع من الغضب للأول مرة في حياتي و قلت له: كنت تعلم بأنه سوف ينتحر، أليس كذلك؟
فقال لي: ماذا سوف تفعلين لو قلت "نعم" ؟
بعد أن أنهى جملته، تركته بهدوء عندما دفنت جميع الكلمات التي في عقلي، و كأن سؤاله ذاك بمثابة سيف عن إنسل ليقطع جميع أفكاري و كلماتي، فأكمل كلامه قائلاً: أنت أمس كنت بالكاد تنظرين لوجه بسبب انك لا تحبينه، قلت بنفسك بأنك لن تستطيعين مسامحته حتى لو حاولت، بجانب ..
ثم أردف و هو ينظر من الشرفة مرة اخرى: قبل أن يرحل من هنا، رأيت وجه، كان وجه إنسان قد أغلق جميع أبواب حياته للأنها لم تكن تؤدي إلى أي مكان .
بعدها أكمل كلامه: رجل قد عذب عائلته، و قتل زوجته بشكل غير مباشر، تخلى عن أبنائه و أبنائه قد تخلوا عنه، لابد أن يصل لهذه المرحلة في حياته، هناك من يجتاز هذه المرحلة و هنا من لا يستطيع، فيقتل نفسه عندما يدرك بأن كل الابواب قد أغلقت في وجه بقسوة.
فجأة! أمسك لوي جانبي وجهي بكلتا يديه و هو يسألني بعد أن إنخفض لطولي: لكن جسم والدك الآن خال من الروح، هل سوف تتركينه يموت هكذا وحيداً؟ أم سوف ..
لم يكمل سؤاله في تلك اللحظة، لكنه قد أبعد يديه عن وجهي فشعرت بشئ يمسك قلبي لكي يعصره، عيناي جافتان بشكل غريب و كأن الدموع قد خاصمتهما، شعور غريب كان يستحوذني في تلك اللحظة، لم يكن حزناً أو سعادة أو أي شئ! مثل وعاء فارغ من العواطف بأسرها! فسبب لي هذا الشئ حالة نفسية غير مستقرة.. و كأنني معلقة على حبال مشنقة أنتظر روحي لكي تخرج من جسمي لكنها تأبى أن تفعل هذا ..!
قطع حبل أفكاري لوي عندما أعاد سؤاله مرة اخرى، فطأطأت رأسي للأرض و قلت له: لا أعلم.
عندها إنتصب ظهره ليعود لوضعه الطبيعي، فتمتم بكلمات لم أستطع سماعها، عندها رفعت رأسي فوضع يده على كتفي و قال: والدك قد تغير بسبب ما فعله الزمان به، الندم على ما فعله لم يفيده في شئ و أنا أوافقه في الرأي للأنك.. لا، أنكم أنتم مهما تغير و إنقلبت صورته أمامكم لم تغيروا وجه نظركم نحوه، هل تعلمين لماذا؟
ثم أردف و قد أبعد يده عن كتفي، و أخذ ينظر لي من الاسفل حيث كان أطول مني: أنت لا تكرهينه، بل تكرهين تلك الصورة التي كونتها عنه، و هذه الصورة ربما كانت هو في يوم من الايام و هذا كلام صحيح، لكن صورته الحقيقة الآن قد تغيرت بينما صورتك أنت لم تتغير عنه، لذا هذه الصورة التي تكرهينها الآن ليست هو، بل أنتِ.
كانت آخر كلماته مثل سيف قد إنسل من غمده ليطعنني و يريحني من عذابي في تلك اللحظة، كلماته كانت قاسية بالفعل، لكن في نفس الوقت كانت مثل سيف عدالة قد أراح شخص ما من عذابه المتواصل !
بعد تلك الكلمات التي أنقذتني من السقوط للأعمق وادي في الهاوية، ذهبت بالفعل حيث جسد أبي المحطمة أضلاعه و المهشمة عظامه، حيث كنت في المشفى، كنت أقف أمام سرير قد وضع عليه غطاء أبيض ليغطي الجسد الفارغ أسفله ..
بعد أن إنهيت من تلك الاجراءات المعقدة، رأيت نفسي أقف أمام قبره، حيث تم إدخاله لذلك المكان المظلم وحده، لم أتصور نفسي قط بان أقف أمام قبره، كنت أظن بأنه سوف يموت مثل النكرة بدون أن نعلم عنه أي خبر، لكن الزمن شاء ما فعل ..
مع أن لوي قد مزق تلك الصورة ،إلا أنني لم أذرف و لا حتى دمعة واحدة منذ أن كنت في المشفى حتى الآن و أنا أمام قبره، ربما ..ربما يجب أن أمزق تلك الصورة بنفسي ..لكن كنت أظن بأن ..
كنت أقف أمام ذلك القبر بملابسي السوداء عبارة عن فستان أسود فضفاض ذو أكمام قصيرة يصل إلى منتصف ساقي و تتوسطه شريطة رمادية، و جوفي فارغ من كل الافكار و الكلمات، بينما لوي كان يقف بمحاذاتي ،فأخرج سيجارة من جيبه و أشعلها، ثم نفذ دخانها في الفراغ الذي حوله و قال لي بعد أن أخرج ظرفاً من جيبه: خذي.
نظرت له و تناولت الظرف بصمت، فقال لي: قبل أن يرحل والدك من الشقة، قال لي بأن أعطيك هذا .
كانت الظرف ثقيلاً نوعاً ما، فتحته للأرى ورقة بداخله و قلادة فضية دائرية الشكل، أخرجت الورقة ثم ألقيت الظرف و أدخلت القلادة لجيب الفستان، كانت رسالة مملوءة بكلمات بحبر أسود من أول سطر للآخره، فأخذت أقرأها حيث كانت تقول ..
إبنتي العزيزة\ كاثرين
لا أعلم إن كنت سوف أبدأ بالتحية أم ماذا، لكنني سوف أختصر كل شئ في هذه الرسالة التي سوف أتركها خلفي
أعلم بأنك لا تستطيعين مسامحتي بسبب كل ما فعلته، و أنا لا أطلب منك فعل هذا في المقام الاول، ليس للأنني لا أريد منك أن تسامحيني، بل العكس، لكنني لا أريد أن أطلب منك مثل هذا الطلب إلا قبل أن تفعليه بنفسك
أعلم بأنني قد طبعت في ذاكرتك ذكريات ليس من المفترض أن تحملها طفلة كانت في سنك آنذاك، لكن بعد أن تخلى عني الجميع، أريد منك أن تعلمي بأنك أنت و أخوتك و أمك كنتم أول من خطرتم في بالي، كنت اتمنى لو يرجع الزمن فقط للأغير من تصرفاتي و أعيش حياة عادية بسيطة في كنف عائلة سعيدة، لكن عبثاُ، تغيير الماضي أمر مستحيل ،و الامر نفسه للحاضر حيث الآن ،و لو سامحتني الآن! سوف تقولين بأنه لم يكن يجدر بي الاستسلام، للأسف أنا لست من هذا النوع العنيد الذي لا يستسلم بسهولة، بل العكس ..
ما أريد أن أقوله الآن، هو أنني آسف للأنني تركت لك ذكريات مثل تلك، آسف للأنني لم أحميك تحت جناح الابوة، آسف للأنني سمحت لشهواتي بالتغلب و الطغيان علي، آسف للأنني كنت أعيش في رغد بينما أنتم كنت في خوف كل ليلة، آسف للأنني جعلتك تبكين كل تلك الليالي..
ما سأقوله الآن، أريدك أن تنقليه لنيكولاس و هنري، حيث لا أعلم إن كانا هما بالذات سوف يسامحاني، فهما قد كانت لهما ذكريات قاسية أكثر منك معي، آسف للأنني لم أعاملكما مثل أبنائي ، آسف لنيكولاس حيث قد طبعت في وجه ندبة عار في ليلة وفاة أمك ،آسف لهنري للأنني لم أعامله معاملة كان يستحقها الابن الاكبر في المنزل، كنت أود أن أراهما و لو لمرة أخيرة ..
أقولها مرة اخرى، أنا لا أكتب هذه الرسالة لكي تسامحوني، بل لكي أوصل لكم و لو قليلاً من هواجسي التي قد أثقلت كاهلي و شردتني في الشوارع، أريد منكم أن تسامحوني حتى لو كان هذا الشئ بعد مماتي، للأنك إن كنت تقرأين هذه الرسالة الآن، من المحتمل بأنك تقفين على قبري الآن، لن ألومك إن لم تذرفي حتى عبرة واحدة من أجلك للأنني لا أستحق هذا.. فقد جعلتك تذرفين أكثر من هذا في السابق.. جعلت تبكين على والدتك و إخوتك.. جعلتك تبكين على نفسك! لذا أطلب منك هذا الطلب.. لا تبكي من أجلي..
يجب أن أنهي رسالتي الآن، لا أريد منك أن تري وجهي المثير للشفقة قبل أن أخرج من الملجأ الذي وضعتيني فيه، لكنني سعيد للأن كانت أمامي فرصة، حتى لو لم تسنح لي بأن تسامحيني فيها، لكنها فرصة واحدة لكي أراك فيها، و هذه آخر مرة..
بالمناسبة هناك قلادة في الظرف لا بد بأنك رأيتها ،هذه القلادة كانت ملك والدتك، يمكنك ان تعتبريها بأنها تذكار من والدتها التي هي جدتك، لابد بأنها قد نست تلك القلادة في ذلك اليوم الذي هربتم فيه من عرين التعذيب ذاك، و في الحقيقة كنت أنوي بأن أبيع تلك القلادة، لكنها لن تجلب أي شئ، لذا شاء القدر بأن تكوني أنت صاحبتها..
اخيراً، اتمنى لك حياة سعيدة مع هذا الشخص المدعو لوي، لابد بأنه سوف يعوضك عما أصابك في السابق و أنا متأكد من هذا، حيث رأيتكم و أنتم تدخلون المتجر التجاري أمس، كنت تبتسمين إبتسامة صافية لم أراها على محياك من قبل، أعرف بأنني لا أملك الحق لكي أتكلم للأنني لم أسبب لك سوى البكاء، و في الحقيقة لم أكن أريدك أن تريني لكنك رأيتني مع الاسف، و كأن شبح أمك يقودك ..مع كل ما فعلته في والدتك إلا أنها كانت تسامحني، لكنني لم أكن أستحقها لا أكثر، لذا و مع أنني لا أطلب منكم فعل هذا، لكنني في نفس الوقت أملك رغبة في أن تفعلوا هذا، أنت و نيكولاس و هنري، سامحوني..
الوداع
ما إن أنهيت تلك الرسالة الطويلة، حتى سقطت عبرة لكن ليست من عيني، بل من السماء، حيث عادت لتبكي من جديد بعد زمن طويل لم تبكي فيه، نعم، كانت دموع باردة تسقط علينا، دموع قد بللت ملابسنا السوداء و حولت من أرض تلك المقبرة طين، سقت النباتات لتعطيها لمسة ساحرة و كأنها حبات لؤلؤ قد تعلقت بأطراف كل ورقة، فتبعتها دمعة ساخنة لطالما خنقتني مثل حبل المشنقة و هو ينسل على رقبتي، طويت الرسالة و أدخلتها لجيبي لكي لا تتبلل، فسألني لوي و قد رمى سيجارته على الارض بسبب المطر: أأنت تبكين ؟
طأطأت رأسي للأرض و قلت له: لا، إنها دموع السماء لا غير.
ما إن إنهيت جملتي، حتى أمسك يدي و ضمني لصدره وسط تلك الامطار الغزيرة، شعرت بالدفء أكثر من المعتاد هذه المرة، ربما للأنني أدركت أخيراً بأنني أفعل خطأ فادحاً، فكلام لوي صحيح، صورة أبي التي أكرهها هي صورة حقيقة بالفعل، لكن الزمن قد مزقها، مع هذا ظلت الصورة في عقلي و لم تخرج منه، هذه كانت أنا و ليس أبي ..
و ربما ايضاً للأنني أدركت اخيراً و بشكل فعلي بأنني قد أصبحت يتيمة الاب و الام، الشخص الوحيد الذي حياته أهم من حياتي الآن هو لوي !
بين صوت تقلبات المطر، و تخييم الليل علينا، أبعدني لوي عنه قليلاً و قال: يجب أن نرجع الآن، لا تريدين أن تصابي بالبرد، أليس كذلك؟
بعد أن رجعنا للمنزل، كانت ملابسي تقطر من دموع السماء الحزينة الهادئة، حتى أن دموعي لم تتوقف منذ أن تفجرت قبل قليل و لو لحظة واحدة، أحاول أن أوقفها لكن عبثاً، ألم فظيع يضيق صدري أشعر به للمرة الثانية في حياتي !!
أخذت حماماً دافئاً، ثم خرجت و قد هدأ روعي قليلاً، لكن دموع صامتة كانت تنسل بهدوء شديد، لذا عندما خرجت من الحمام و أنا ألف منشفة على شعري، توجهت لغرفة النوم، حيث كان لوي هناك، فقال لي: إلى متى تنوين أن تبكين ؟
طأطأت رأسي و أنا أشد على قبضتي، فقال لي لوي عندها: تعالي هنا.
توجهت له و أنا لا أزال أنظر للأسفل، فأمسك يدي ثم جعلني أستلقي على السرير بلطف، بينما هو جثا على ركبتيه بالقرب من السرير ووضع يده على رأسي ثم أخذ يمسح بهدوء، فأغمضت عيني بهدوء مريح و أنا أتحسس دفء يده تلك، كنت أتمنى أن تدوم عيني مفتوحة في تلك اللحظة التي كانت مثل ضمادة قد لفت على قلبي لتوقف تفجر بركان دم ما ..لكن سلطان النوم قد هيمن علي ..
لكنني سرعان ما فتحتها مرة اخرى و قلت له: القلادة.. هل يمكنك أن تحضرها لي ..
كانت القلادة على المنضدة التي في غرفة النوم و بجانبها تلك الرسالة بعد أن أخرجتها من جيب فستاني، فتناولها ووضعها قربي، عندها و بالفعل أغمضت عيني بإرتياح ..
فتحت عيني مرة اخرى و بشكل مفاجئ عندما إعتقدت بأن الصباح قد حل و طرد الظلام من هذه البلد، لكنني إستغربت عندما نظرت للنافذة للأرى الظلام لا يزال مخيماً و القمر ساطع في وسط السماء، عدلت جلستي على السرير للأسمع صوت طرق بشكل جنوني على الباب، لابد بأنه الصوت الذي قد أيقظني ..
بينما آثار النعاس لا تزال علي، إشتدت الضربات على الباب أكثر فأكثر! فإنتصبت على رجلي لكي أرى ما الامر، عندما خرجت من الغرفة للأرى لوي و قد توجه للباب مؤخراً و فتحه بينما كنت لا أزال واقفة بمحاذاة مدخل غرفة النوم، للأرى هانتر و هو خلف الباب، ما إن فتح حتى دخل بسرعة و أغلق الباب ورائه و هو يلتقط أنفاسه !
توجهت لهما، نظرت للوي باستغراب بينما هو يبادلني نفس النظرة لكن بهدوء أكثر ،لكنه سرعان ما أمسك هانتر من ذراعه و سحبه لغرفة المعيشة و هو يقول لي بصوت خافت: إقفلي الباب.
ظللت أنظر له بإستغراب، لكن عندما إستعدت حواسي أقفلت الباب و لحقت بهما، عندما وصلت رأيت هانتر جالساً على أحد الارائك و قد طأطأ رأسه للأرض و لا يزال يلتقط أنفاسه، كان وجه متعرقاً و ملامح التوتر واضحة عليه، فذهبت للمطبخ و أحضرت له كأساً من الماء البارد، فأخذه و تجرعه في نفس واحد ثم وضع الكأس على المنضدة التي امامه بنوع من العنف.
عندها أسند ظهره على الاريكة و هو يستنشق الهواء بعمق، فجلست أنا و لوي على الاريكة المجاورة له، ليقول له لوي بحدة: إذن، مالذي حدث؟
وضع يده على وجه و قال و هو لا يزال يتنفس بعمق: إخرس قليلاً ..!
حينها نظرت له و لملابسه، بنطاله ملطخ بدم أحمر ،و قميصه كذلك قد لطخته بقع دم ،فقلت له بقلق: ماذا حدث؟ لماذا ملابسك متسخة هكذا؟
أخذ نفساً عميقاً عندها لكي يتنفس بشكل طبيعي بعدها، كان ظهره لا يزال مستلقياً على الاريكة بشكل كلي، فقال لنا و هو يتفادى النظر لنا: ذهبت لمايكل ..كنت أريد أن اقتل هذا الشاب! لكنني تراجعت عن قراري-
قاطعته و قلت له :إنتظر لحظة! أخبرنا القصة من البداية !!
نظر لنا عندها و قال: كما قلت، ذهبت لمايكل لكي أقتله-
قاطعه لوي هذه المرة و قال: يبدو بأنك لم تفهم ما قالته كاثرين للتو؟ لقد قالت أخبرنا القصة من بدايتها.
إبتسم من طرف فمه و قال للوي: يبدو بأنك قد لاحظت .
عندها أكمل قائلاً: توفي والدي منذ أن كنت صغيراً، لذا أخذتني خالتي الراهبة لتربيتي، لذا أغلب أوقاتي كنت أقظيها في الكنيسة، بجانب هذا، كان هنالك صبي مشابه لوضعي يعيش في الكنيسة هو الآخر، كان هذا الشخص هو مايكل!
ثم أردف: أصبحت صديقه، عندما كنا نخرج لكي نلعب، كان يقتل الحيوانات أو الحشرات و يستمتع بتعذيبها، خاصة الحيوانات الاليفة مثل القطط و الجراء ،حتى إنه كان يصطاد الطيور التي تكون بالقرب من الكنيسة، على كل! كنت أفعل نفسه لكنني لم أصل إلى درجته ،كان يستمتع حق إستمتاع في تعذيب الحيوانات حقا !
أخذ نفساً عميقاً و أكمل مقطباً حاجبيه: خرجنا أنا و هو و إستقل كل واحد في حياته عندما وصلنا لسن السادسة عشر، تركت الثانوية في ذلك الوقت و أصبحت أعمل بشكل منفرد، بينما هو كان مختفياً و لم أراه طول الوقت، إلى أن جائت قضية كارولينا، حيث قابلت كارولينا للأول مرة، بالمناسبة كان هذا قبل أن تعرف هي لوي و مايكل ،على كل! أخبرتني بما تريده للأنه كان جزءاً من عملي، و أنا أقصد قضية تهريب المساجين بالتأكيد..
ثم أردف: قبلت بعملها هذا للأن المبلغ كان وفيراً، بعد أيام قابلت لوي حيث قد جاء من طرف كارولينا، بعدها بأيام اخرى قابلت مايكل مرة اخرى من طرف كارولينا مرة اخرى، عرفته فوراً فوراً بأنه مايكل، لكن لسبب ما إنتفض قلبي خوفاً عندما رأيته، مع أن مظهره مثل أي إنسان طبيعي و انتم تعرفون هذا، لكن لسبب ما شعرت بخوف ..
فسألت لوي عندها: إذن، كيف قابلت كارولينا ؟
فأجابني بهدوء: سوف أخبرك لاحقاً.
فقال هانتر بنوع من الغضب: لا تقاطعي كلامي ..!
إعتذرت منه بإبتسامة مصطنعة، فأكمل كلامه بعد أن تنهد بضجر قائلاً: كان عملي أنا و مايكل هو إزالة الحراس و المجرمين بالطبع بعد خروجهم من السجن، لكن مايكل كان يقوم بمعظم العمل بل ثلاثة أرباعه، فأنا إذا شاركت لا أقتلهم بشكل نهائي، فقط جروح تفقدهم الوعي ليظن بأنهم أموات لا غير، ربما بعضهم مات لاحقاً لذا لا أنكر بأنني لم ألوث يدي بدم إنسان، لكن مايكل كان مختلفاً! كان يقتل بكل فرحة و كأنه كان يفعل هواية أو ماشابه، ليس مثل القتلة ذوي الدم البارد ،هل فهمت ما أقصده؟
فقال له لوي: لم أفهم، لماذا قلت في البداية بأنك ذهبت لكي تقتله؟
أنكس رأسه للأسفل و قال: بعد أن تم القبض على كارولينا، ذهبت حيث الكنيسة التي قضيت فيها طفولتي لزيارة خالتي التي ربتني، عندما ذهبت لم ارى خالتي أو كبير الكنيسة آنذاك، أو بتعبير آخر لم ارى أي أحد، حيث كان المكان فارغ تماماً، جلست أنتظر إلى أن أتت راهبة كنت أعرفها في السابق، عندما سألتها أين الجميع؟ أخبرتني بأنهم قد قتلوا جميعهم و بطريقة وحشية ،سألتها عن القاتل، فأجابت بأنها لا تعلم، سألتها سؤال آخر و هو لماذا بأنها هي الوحيدة التي ظلت من بين الجميع؟ قالت بأنها لم تكن موجودة عند وقوع الحادث، حيث جائت في اليوم التالي لترى مجزرة و كأن وحش قد مر بالمكان على حسب وصفها .
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس