معنى الحب الحقيقي
الحب عذاب ومن الحب ما قتل جملتان معروفتان وفي غاية الصحة ولا يبصم تحتهما إلا أولئك الذين بلغوا في الآفاق في الصدق الإخلاص والحب الذي لا ينتهي عند حدود الذات والنابع من القلب إلى القلب ليس أولئك الذين يدعون الحب لمجرد كلمات عاطفية بعيدة عن ارض الواقع أو أولئك الذين يدعون الحب عن طريق الفن أو الذين يدعون الحب عن طريق أشعارهم التي تملأ صفحات المجلات والصحف وهناء أتكلم عن البعض وليس الكل وأقصد الذين يعتبرون الحب نوعاً من التسلية والترفيه و أحيانا نوعاً من المعاناة البسيطة .
بل المحبون الحقيقيون هم الذين شقوا في هذه الحياة ومروا بمعاناة وعذاب مستمر لقد جرى على تاريخ الإنسانية أناس كثيرون ضحوا بحياتهم و أموالهم من أجل الحب والوصول إلى الحبيب .
وهاهو قيس بن الملوح دخل الحياة بحب ليلى و هو صغيراً وخرج منها بحب ليلى معذباً مقهورا وكانت ليلى هي الثانية أيضا معذبه بحب قيس وكانا يلتقيان وهما صغيران و يتبادلان المشاعر والعواطف والأحاسيس .
تعلقت بليلى وهي ذات ذوائبه
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
و أصبحت قصتهما أسطورة في العهد الأموي تتناقلها الألسن والأقلام إلى يومنا هذا والذي أصبح في الحب عملة نادرة .
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد ما كنا نطفا وفي المهد
فزاد كما زدنا فاصبح ناميا
وليس إذا متنا بمنصرم العهد
ولكنه باقي على كل حادث
وزائرنا في ظلمة القبر و اللحد
وعاش الاثنان حياة بائسة سوداوية قاتمة مثل ظلام الليل الدامس وحرما الالتقاء وهو من اشد أنواع الحرمان حينما يحرم الإنسان من حبه وعاطفته التي لا يستطيع تفرغها إلا عند من يحب ويهوى .
أرى كل معشوقين غيري وغيرها
يلذان في الدنيا ويغتبطان
وامشي وتمشي في البلاد كأنن
ا أسيران للأعداء مرتهنان
يعيشان في الدنيا غريبين أينما
أقاما وفي الأعوام يلتقيان
ومن جراء ذلك الحرمان أصبح قيس يتخبط في العراء حتى أطلق عليه المجنون .
قد صرت مجنوناً من الحب هائماً
كأني عان في قيود وثيق
بري حبها جسمي ومهجتي
فلم يبق الأعظم وعروق
و زادت مأساته حينما أجبرت ليلى بالاقتران من غيره .وعاش ذلك المسكين محروماً من فطرته و أمنيته حتى لفظ أنفاسه ألا خيره.
فلا تعدلوا بل إن هلكت ترحموا
علي ففقد النفس ليس يعوق
وخطوا على قبري إذا مت اسطرا
قتيل لحاظا مات وهو عشيق
إلى الله أشكو ما ألاقى من الهوى
بليلى ففي قلبي جوى وحريق
انه عذاب الحب الحقيقي والكبت العاطفي والنفسي ولست مع الذين يعتقدون أن الحب ينتهي ويموت بعد مرحلة الشباب بل على العكس الحب الصادق يزداد ورسوخاً وثباتاً وتمتد جذوره في الأعماق ويبقى ما بقيت هناك حياة شريطة أن يكون متبادلاً من الطرفين بصدق و إخلاص .
من أسوأ ما في الحياة أن يعيش المرء فراغا عاطفيا بعدما كانت تملاؤه علية محبوبة بمشاعرها الرقيقة و عواطفها المرهفة و تسقيه وتروية من كؤوس الحب و الحنان وفجأة وبدون مقدمات تختفي و تغيب عنه مدة طويلة تاركة خلفها أنين الحزن و الحرمان و جراحات لا تندمل إلا بنفحاتها الدافئة و بابتساماتها المشرقة وقد سطرت هذه الكلمات الآتية علي لسان هذا المرء بعنوان إليك اخط معاناتي بفراقك حبيبتي:
أسائل عنك ظلامالليالي
و أسائل عنك شعاعالشمس
و أناشد عنك نسماتالهواء
و أناشد عنك قطرتالمطر
فأين أنت يامعذبتي
فحبك يجلجل فيأوردتي
وحبك تهتز منةأطرافي
وحبك يسعد أيامي
فأين أنت يامسهرتي
أكرمينيبنظرة
فدموعي تناثرت شوقاإليك
وعيوني تبيض حزناعليك
فكيف الوصول إلىناظريك
فأين أنت يا محرقةدفاتر أشعاري
دعيني ارسم منالليل نهاراً
و ارسم من الظلامنوراً
وارسم من الأحزانابتسامة و سرور
فأين أنت يا صانعةأمجادي
ملأتِ عروقيجروحاً
و ملأتِ فواديعذاباً
و غلقت للحبباباً
و فتحتي للشقاءدروباً
فأين أنت يامحزنتي
فعاطفتي تحترق
و عاطفتي ترتعش
و عاطفتي طريحة تحتظر
فأين أنت ياقاتلتي
كفاك بعداً
وكفاكهجراً
وكفاني حرماناً
و كفانيعذاباً
فأين أنت يا ساكنةأعماق أعماق قلبي