عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-28-2006, 07:04 PM
 
ماذا دهاهم، النبيُّ 'إرهابي'! أُفٍّ لهم

ماذا دهاهم، النبيُّ 'إرهابي'! أُفٍّ لهم


بقلم: حسن الحسن

الحرية الغربية أشبه بوثن التمر الجاهلي، يصنعه صاحبه ليعبده وعند جوعهيلتهمه.



ميدلايست اونلاين

عمامة تحوي قنبلة في رسمٍ كاريكاتوريٍ مشين، وُصِفَ بأنهنبي الإسلام محمد بن عبد الله، هي إحدى أهم تلك الرسومات الاثنتي عشرة التي تحاولتجسيده في أشنع صورة، والتي حازت إعجاب رئيس تحرير صحيفة اليولاند بوستن الدانمركيةونشرها جميعاً في جريدته، ما أثار ضجة عارمة لدى المسلمين في أنحاء شتى من العالم.

وحقَّ لنا أن نتساءل، هل نشر تلك الصور هي حلقة إفكٍ جديدة في سلسلة بشعة منحلقات إهانة المسلمين عالمياً؟ فبعد تدنيس القرآن في غوانتانامو واغتصاب الرجالوالنساء وامتهان دينهم في معتقلات سرية وعلنية على سواء، وبعد تدمير المساجد وهدمالمآذن، نشرت وسائل الإعلام تلك الرسومات المسيئة للمسلمين، والتي تحط من قدرإسلامهم واعتزازهم بنبيهم، لتخرج عن كونها حادثاً فردياً يجري في سراديب مظلمة،يستنكر منه أصحابه عند افتضاحه، إلى كونها مفخرة لدى الغرب، كيف لا، وهي تندرجبزعمهم تحت راية "الحرية" المقدسة لديهم، في مجتمعات منفتحة على كافة الثقافاتوالآراء والأعراق!



ويستهجن الغربيون تلك الضجة التي يفتعلها المسلمون بشأن هذه الرسومات، فهي ليستالمرة الأولى التي ينهالون فيها بالسخرية على المعتقدات كما يدّعون، فلطالما تمتصوير عيسى المسيح عليه السلام بشكلٍ مقزز في الغرب المسيحي، ولطالما تمّ التهكمعلى الذات الألهية في وسائل الإعلام، وبالتالي فما هو الضير من التهكم على نبيالإسلام هذه المرة!؟ أولم ينصفك من ساواك بنفسه؟



والحقيقة هي، إن الغالبية العظمى من الغربيين عموماً والأوروبيين بخاصةوالاسكندنافيين تحديداً، هم من الملاحدة، وليسوا بأهل كتاب ولا بأصحاب دين أصلاً،وغاية ما يقدسونه هو المادة واللذة والنفعية، وكل ما سوى ذلك يُستعمل في تحقيق تلكالمقدسات الموهومة. وعليه فالنيل من الذات الإلهية أو من أحد الأنبياء لا يتعدى فيذلك لديهم سوى مزيدٍ من رغبتهم في تحجيم الدين أياً كان اسمه وأياً كان أصحابه، بعدأن سحقوه في واقعهم وأساؤوا استعماله في تاريخهم المظلم.



ولذلك فانتقاص كل الأديان مجتمعة أو متفرقة لا تمسهم بسوء، فهم قد أسقطوالدِّينَ منذ أمدٍ بعيدٍ، معتبرين أنه مجرد خرافة ليس أكثر. وعليه فالقول –كما صرحبعضهم- بأنهم ساووا المسلمين بأنفسهم هو أمرٌ محض كذب ودجل، فضلاً عن أن المسلمينيشمئزون من النَيْلِ من الذات الإلهية أو أي من الأنبياء ، ويشعرون بأشد السخط أزاءتلك الأفعال، فمابالك بتسمية النبي محمد تحديداً، والتي تعني تهجماً مباشراً يختصبالمسلمين دون سواهم، عندها ينبغي تناول الأمر على صعيده.



فالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مقدمٌ عند أهل الإسلام على أنفسهم، يقولالله تعالى {النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ }، كما أن النبيالكريم يجسد تلك الرسالة التي تربط الأرض بالسماء وتنشر فيها النور والضياء، يقولالله تعالى {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّلِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه. وعليه فإنَّ مهاجمة الرسول الكريم هو انتقاصٌمباشرٌ وحطٌ من عقيدة كل مسلم، تلك التي تلزمه بالانصياع التام للرسول حتى يحظىبمحبة الله ورضاه، يقول الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَفَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُغَفُورٌ رَحِيمٌ}. وَفِي الصَّحِيح عن النبي الكريم " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِلَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى أَكُون أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسه وَمَالهوَوَلَده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ". ومن كانت هذه منزلته لدى أتباعه، فإن الغضبالشديد من انتقاصه لديهم هو منتهى الصدق والانسجام مع العقيدة.



وتشي القنبلة في الصورة بأن النبي الأكرم هو أصل الإرهاب، وهو ما صرح به سابقاًعددٌ من الغربيين بدون مواربة، كما نعت اؤلائك القرآن الكريم بأنه سبب الإرهابكذلك، وبناء عليه، فإنَّ الحرب المعلنة على الإرهاب، والتي تختبئ وراءها حربٌ ضروسٌعلى الإسلام، لم يعد إخفاء حقيقتها أمراً ممكناً البتة. وهو ما تؤكده وقائع كثيرة،تظهر أن المقصود هو الإسلام لا شيء سواه. وإلا فكيف يطالبوننا بأن نتفهم أمر انتقاصالنبي الكريم بذريعة الحرية، في الوقت الذي تضيق فيه تلك الحرية بمجرد كلمة انتقادلدولة الغصب والإجرام "إسرائيل"، والتي يُنعت فاعلها مباشرة بالعداء للسامية ويقدمللمحاكمة كما وقع في أكثر من حالة. وكيف يريدوننا أن نتفهم حق المرأة بممارسةالشذوذ بأنواعه وحقها في تحويل جسدها إلى سلعة بداعي الحرية بينما يحظر عليها سترجسدها ورأسها بقماشة. وكيف ينبهوننا إلى ضرورة تفهم وجود أحزاب قومية وعنصريةمتطرفة في مجتمع قائم على الحرية، بينما لا بد من حظر حزب التحرير في كل مكان بحجةأنه يحرض على العنف والإرهاب، وهو الذي لم يرتكب قط يوماً جريمة واحدة. وهكذا فقدباتت تلك الحرية أشبه بوثن التمر الجاهلي، يصنعه صاحبه ليعبده، وعند جوعه يلتهمه.



وقد يخامر رأس البعض القول، لقد حان الوقت لطي الملف، فها هي الصحيفة قد اعتذرت،وها هو رئيس الوزراء الدانمركي قد أبدى أسفه لما آلت إليه الأمور و"تكرَّم" أخيراًوالتقى بسفراء المسلمين، كما أن النرويج أرسلت سفراءها برسائل إلى زعماء المسلمينتوضح اقتصار نشر الصور على مجلة نرويجية مغمورة، وأن تداعيات ذلك محدودة وليست بأمرذي بال. (وكأن زعماء المسلمين يأبهون للنبي الكريم! خذ على ذلك مصر مثلا، حيث أقرمجلس الشعب بالإجماع سحب سفراء مصر من الدانمرك والنرويج، إلا أنّ الحكومة أدارتظهرها لهذا الإجماع وكأنه لم يكن).



إلا أن الحقيقة هي، أن الصحيفة الدانمركية أصرت طويلا على عدم الاعتذار واستتفهتذلك، كما أطنب رئيس الوزراء الدانمركي بالحديث عن الحرية في بلاده، وأنه لا دخل لهبشأن الصحافة، ولذلك رفض بكبر وعجرفة ، يمتاز بهما، لقاء سفراء البلاد الإسلاميةلتسوية الأمر، ولم يأبه لتلك التظاهرات والمسيرات التي قام بها بعض المسلمين هنا أوهناك.



إلا أنّه فجأة تتالت اعتذارات الصحيفة الدانمركية وباللغة العربية قبلالدانمركية وبعدة صيغ، وخنع رئيس الوزراء المستكبر أندرس فوغ راسمسن بشكلٍ مهين،وبات يسير مكباً على وجهه لا يهتدي إلى طريقة يسوي بها تلك المسألة. ولم يتأتى ذلكمنهم لأنهم وعوا حجم جرمهم، وليس لأنهم حزنوا لمصاب المسلمين، بل لأنهم أدركواتداعيات القضية وهالهم انتشارها في الخافقين، وخشوا من إصابة المصالح الدانمركية فيمقتل بعد تلك المقاطعة الإسلامية الشعبية المشرِّفة للمشتقات البقرية الدانمركية منجبنة وزبدة وما إليها، مع بداية الضغوط من الشركات الدانمركية لتسوية القضية علىوجه السرعة، بعد أن توقفت مصانعها عن الإنتاج في دول الخليج، وبدأت تعدُّ الملايينالتي تخسرها في اليوم الواحد، وركبها كذلك همُّ اتساع دائرة المقاطعة واستمرارها،وبالتالي فقدان الوظائف والموارد المالية الكبيرة من البلدان الإسلامية وإفلاس تلكالشركات.



وهكذا فقد أصاب رئيس مجلس الأمة الكويتي عندما قال "لا يريدون أن يقدموااعتذاراً، لا بأس فليفعلوا، لكنهم غداً سينهالون علينا بعشرات الاعتذارات عندمانُفَعِّل المقاطعة" وبالفعل فقد صدق ظنه، وما هي إلا أيام قلائل حتى تغير وجه رئيسالوزراء الدانمركي وتحول من نمرودٍ متعجرف إلى حائرٍ مثيرٍ للشفقة يستجدي تفهمموقفه في بلاد المسلمين. ويؤشر هذا إلى مدى عمق ارتباط مصالح هذه الدول ببلادالمسلمين، وإنه إذا كانت مقاطعة الجبنة والزبدة الدانمركية قد أظهرتا بالغ التأثيرعلى أحفاد الفايكنغ، فما بالك بالتهديد بالنفط والغاز الذي يعتبر عصب حياة أوروباومعها أميركا!؟



على كلٍ فإن المسألة لم تنته بعد، وقد أخذت أبعاداً جديدة، على الأخص بعد أنتلقفت صحف أوروبية الصور وبدأت تنشرها تحت ذرائع شتى ولتحقيق أهداف شتى، بل وقامتإحدى المجموعات الدانمركية اليمينية يوم كتابة هذه السطور بإعلان نيتها على التظاهروالقيام بحرق المصحف الشريف أمام مرأى الجميع في الساحة الرئيسية العامة في قلبالعاصمة الدانمركية كوبنهاغن، ما أدى إلى إثارة المسلمين مجدداً وقيامهم بإحراقسفارتي كوبنهاجن وأوسلو في دمشق.



وهكذا تجرأ كل هؤلاء على النبي الكريم بعد استصغارهم المتتابع للمسلمين،وإدراكهم أن زعامات المسلمين مجرد دمى يحركها الغرب من وراء ستار، ولذلك أمِنوا ردةالفعل وتجرأوا على كل تلك الشنائع الصارخة بحق الأمة، بعد أن أذلها حكامها،وألزموها بالخنوع.



وعليه أقول، فليذهب اعتذار الصحيفة الدانمركية وأسف رئيس الوزراء الأرعن معهسوية إلى الجحيم، فالأمة الإسلامية ليست بعازة إلى تلك الاعتذارات ولا تستجديها،وهي صاحبة مظالم تنوء بحملها الجبال، فقد بالغ الغرب في أذيتها وإذلالها، وفاضكأسها بعد أن وصل أمر هوانها إلى أقصاه.



والمطلوب من الأمة الإسلامية اليوم أن تقف بالمرصاد لكل ذلك الابتذال البذيء منقبل ساسة الغرب ومؤسساته الإعلامية تجاه المسلمين وقضاياهم. وعليها أن لا تتكل فيذلك على المؤسسات الرسمية أو الأنظمة السياسية، وإن تمكنت من إلزامها بفعل شيءفليكن، لأن ذلك حق الأمة عليها. إلا أنه لا يصح بحال الانتظار والتقوقع، ولا بد منقيام المسلمين بالاشتغال بواجباتهم كأفرادٍ وكجماعاتٍ وكمجتمعاتٍ كجزء من أمةواحدة، كل بحسب طاقته وقدرته على التصدي للحملة الشرسة الشعواء التي يمارسها الغرببحق هذه الأمة وفي كافة الميادين. فكلٌ على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبله،ولتُفَعَّل كافة الوسائل والأساليب المشروعة والممكنة لإيقاف نزيف الأمة وانهيارها،ريثما يفلح العاملون المخلصون ورواد النهضة الحقيقيون من إجراء تحقيق تغيير شاملوجذري في حياة هذه الأمة.



حسن الحسن


__________________
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها