عرض مشاركة واحدة
  #163  
قديم 07-19-2014, 02:00 AM
 
في قصة ثانية للمبدعة آرليت :
تحت عنوان:

ديجور الأوهام في رهبة الصقيع الأحمر
أصبحت متيمة بكتاباتك آرليت

ديجور الظلمة ستر كل سائر حيّ بقلبٍ نابض ، إعتلت السحب الغمامُ السماء ،
فاختفَى القمر للحظاتٍ كانت أشدَ رهبةً من كوابيسِ ليلة عاصفة بالضياع ،
كنتُ قد أتيتُ لتخومِ هذه الغابة قبيل الساعة من شقتي التي تبعد مسافة ميل كامل عنها ،
أسكنُ في قرية نائية ، قريبة من الجبال ومليئة بالغابات والأشباح ! ،
السكون والصمتُ كانا سيدا الموقف المحتّد بحلكة تغشى لها الأبصار بديمومة الترقب والفزع ،
جلَ ما أسمعه صوت الغربان تنعق بسيمفونية مرعبة ، وحفيف الرياح و خواءُ كهفٍ قريبٍ من النهر ،
الجو البارد قد نخَر عظامي فما كان لي من الحركة إمكانٌ أو محاولة ،
لا أستطيع الجزم لما خرجتُ في الثانية عشرَ ليلاً للتنزه في مكانٍ تخبو فيه الانارة ! ،
رحتُ أفركّ يدي الباردتين وأخرج لفحات الهواء آملة بإنقشاع هذا الصقيع عن جسدي ،
لستُ الوحيدة التي تنعتُ بالجنون وفتاةٌ أخرى تقف على بضعة امتارٍ بعيدة عني تحملق في الاشجار ! ،
أزعجّني هاجس لم أعرف كنهه ، وتناهى لمسامعي صوتُ وقعِ أقدامٍ مضطربة قادمة من بداية الغابة التي سترها الليل البهيم ،
تحركت الأشجار من حولي بفعل الرياح وأصدرتْ حفيفاً زاد رعب المكان ، انتابني شعورٌ غريب على جلدي ،
شعورُ وجود العناكب المشعرة عليه !
سرت فيّ القشعريرة ووقف شعر جسدي كافة وأنا ارى ذلك الظل الأسود يقترب شيئاً فشيئاً مني بحذر شديد ،
عرفتُ امراً واحداً في تلك اللحظة ، هذا الظل لم يكن بشرياً ! ،
أرتعبت كل حواسي وأقدامي عاجزة عن الحراك ، ناضلتُ كي احركها وأنفذ بجلدي بعيداً عن هذا المكان ،
تحركتا قليلا ! لأتعثر على الارض وأسقطَ بقوة كادت تكسر عظامي ،
الأرضة الصلبة أرحمِ بي من الجو الموحش في جوف الليل البارد ،
بدأتُ اسمع حفيفاً كالأفاعي مع أقتراب ذاك الظلِ مني ! ،
صوتهُ كان حزيناً ، مجروحاً ومتألماً ! ، ولكنه آثر الرعب في نبرته وأنا اسمع صوت احتكاك الحديد بالأرض ،
مصاحباً قهقهاتٍ هستيرية انتفضت كل أوصالي على صدى تناغمها وتردد إيقاعها ! ،
حتى شعرتُ به يتوقف على مقربة مني وأنا غير قادرة على الحراك ،
إقترب مني حتى شعرت بلهيب لفحاتِ أنفسانه على خلف رقبتي وهو يحرك شعري حتى بدت له بشكلٍ كامل ،
أغمضتُ عيني منتظرة النهاية ! ، وكل ما افقه اليه صوت ارتطام سلاسل حديدة كُبلت بها يداه بالأرض ! ،
يداه الباردتان أستطعتُ أن المح شحوبها ، حتى انطبعت آثار أصابعه على رقبتي بلونِ ارجواني مرعب ،
ولكن ..
كلُ شيءٍ إختفى فجأة ! ، توقفَ منتصباً يوجه جسده صوب الفتاة الأخرى التي كانت تراقب الموقف مفزوعة ! ،
حركته كانت سريعة حتى إن عينيّ لم تلتقطها دون رمش ! ، فشّد على السلاسل فهوى بها على قدميها ،
حتى تحطمتا وأستطعتُ سماع صوت تكسّر عظامها رغم المسافة التي تفصل بيننا ! ،
حالما سقطت على الأرض وإذا به يجرّها بوحشية من شعرها وصوت نحيبها الباكي يتردد في أذني ! ،
تترجاني بأن أهب لنجدتها ، تطلب مني المعونة ! ولكن جسدي كان مخدراً من هول الفجيعة ،
توغّل بها لأعماق الغابة حتى تلاشى صوتها تدريجياً وصوتُ تناثر سائلٍ قد دوى في المكان ! ،
وكأنما هو قد سحبها لعالمٍ آخر !
لم ألمح ملامحه ولم اعرف حتى بعض شكله ...
ولكن منذ ذلك اليوم وأنا اتسائل .. عن سبب عدم أخذه لي عوضاً عن تلك الفتاة !
__________________


بَديعٌ شَكْلُ وَجْهِي بَعْدَ أَنْ فَقَدْتُ اِبْتِسَامَتِي!