عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-26-2007, 11:33 PM
 
أختاه ...أين داركِ غدا ؟

ها قد رأيتِ أخيتي القبر وهو روضة جنان للمؤمن، وقد رأيته أيضًا وهو حفرة نيران للفاجر ...

والآن .. بعد أن رأيتِ المصيرين؛ مصير المؤمن ومصير الفاجر، تعالي لتتوقي أسباب الغواية، ولتعرفي أسباب الهداية ...



طريق الهلاك ......



قال الإمام ابن القيم: [أما الأسباب التي يعذب بها أصحابها في القبور، فجوابها من وجهين؛ مجمل ومفصل.

أما المُجمل: فإنهم يُعذَّبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم لمعاصيه، فلا يعذب الله روحًا عرفته وأحبته وامتثلت أمره، واجتنبت نهيه، ولا بدنًا كانت فيه أبدًا، فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار، ثم لم يتب ومات على ذلك؛ كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب.

وأما الجواب المفصل: فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجلين اللذين رآهما يعذَّبان في قبورهما، يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس، ويترك الآخر الاستبراء من البول ..... ]

فعذاب القبر من معاصي القلب، والعين والأذن، والفم واللسان، والبطن والفرج، واليد والرجل، والبدن كله.

زهرة ... هذا الهلاك فاحذري.



1- الشرك بالله والكفر به:

ومن أعظم أسباب عذاب القبر الإشراك بالله.

قال تعالى: 'وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ' [الأنعام: 93].

وذلك أن الكافر إذا احتُضر؛ بشَّرته الملائكة بالعذاب والنكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم وغضب الرحمن الرحيم؛ فتفرق روحه في جسده وتأبى الخروج؛ فتضربهم الملائكة حتى تُخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم: 'أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ' [الأنعام: 93].



2- الكذب:

ففي الحديث الذي رواه البخاري عن سمرة بن جندب t، والذي يصور مشاهد العذاب في القبر ... قال صلى الله عليه وسلم:

[[... فانطلقنا ، فأتينا على رجل مُستلق لقفاهُ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشرُ شدقهُ إلى قفاهُ، ومنخره إلى قفاهُ، عينه إلى قفاهُ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعلُ به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغُ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانبُ كما كان ثم يعودُ عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى .. ] الحديث

الكلوبُ: حديدة معوجة ينزع بها الشيء أو يعلق.

يُشرشِرُ: يقطع.



ثم جاء البيان في آخر الحديث بقول الملكين للرسول صلى الله عليه وسلم: [[ ... وأما الرجُل الذي أتيتَ عليه يُشرشرُ شدقهُ إلى قفاهُ، ومنخره إلى قفاهُ، وعينهُ إلى قفاهُ؛ فإنهُ الرجل يغدو من بيته، فيكذبُ الكذبة تبلغُ الآفاق ... ]] الحديث.



[3-4] هجر القرآن بعد تعلمه، والنوم عن الصلاة المكتوبة:

وفي نفس الحديث السابق يوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم مشهد عذاب القبر لمن هجر القرآن بعد تعلّمه، ولمن نام عن الصلاة المكتوبة ... قال صلى الله عليه وسلم: [[ ... وأنا أتينا على رجل مُضجع، وإذا آخر قائمُ عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه؛ فيثلغُ رأسهُ، فيتدهدهُ الحجرُ ها هنا، فيتبعُ الحجر، فيأخذهُ فلا يرجعُ إليه حتى يصح رأسهُ كما كان، ثم يعودُ عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ! .... ]]

[يَثْلغَْ رأسهُ]: أي يشدخه ويشقه.

[يَتَدهْدَهُ]: أي يتدحرج، والمراد أنه دفعه من عُلوٍ إلى أسفل، وتدهده إذا انحط.

ثم جاء البيان في آخر الحديث بقول الملكين للرسول صلى الله عليه وسلم: [[ ... وأما الرجلُ الأول الذي أتيتَ عليه يُثلغُ رأسه بالحجر؛ فإنه الرجل يأخذُ القرآن فيرفضهُ، وينام عن الصلاة المكتوبة]].

وهجر القرآن يجمع الآمرين ترك القراءة وترك العمل.

أما النوم عن الصلاة المكتوبة، وترك صلاتها مع جماعة المسلمين، بل يثقل رأسه على الفراش؛ فجزاؤه أن يثُلغ ويرضخ هذا الرأس الذي هذا فعله وشأنه، وهكذا يُعذب إلى قيام الساعة، فقد جاء في بعض الروايات:

[[ ... فيفُعل به إلى يوم القيامة]].



[ 5-6 ]عدم الاستبراء من البول، والمشي بين الناس بالنميمة:

فعن ابن عباس t قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط -أي بستان- من حيطان المدينة، فسمعَ صوت إنسانين يُعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [[إنهما ليُعذبان، وما يعُذبان في كبير]] ثم قال: [[بلى وإنهُ لكبير، كان أحدُهما لا يستتر من بوله]] وفي رواية: البول، [[وكان الآخر يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة رطبة، فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرةً، فقيل له: يا رسول الله لِمَ فعلت هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم: [[لعلهُ أن يُخففَ عنه ما لم ييبسا]] متفق عليه.

7- الغيبة:

جاء في بعض روايات للحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[وأما الآخر فيُعذَّب في الغيبة]]

وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: [[يا ميمونة، إن من أشد الناس عذاب القبر: من الغيبة والبول]] رواه ابن سعد بإسناد حسن .


وسبب تخصيص عذاب القبر من البول والغيبة والنميمة أنه:


8- إيذاء الناس باللسان:

ففي حديث أبي هريرة t في رواية ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[كان أحدهما لا يستتر من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة]] صححه الحافظ في الفتح.

9- حبس الحيوان وتعذيبه:

قال صلى الله عليه وسلم: [[ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء]] صححه الألباني.

وفي حديث الكسوف الذي رواه مسلم عن جابر t: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[ ... وعُرضت عليّ النار؛ فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تُعذَّب في هرةٍ لها، ربطتها فلم تُطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض]]

10- الدّين:

وعن سعد بن الأطول صلى الله عليه وسلم: [أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم، وترك عيالاً، قال: فأردت أن أنفقها على عياله ، قال: فقال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: [[إن أخاك محبوس بدَينه، فاذهب فاقض عنه]].

11- الإعراض عن ذكر الله:

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: 'فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً' [طه: 124] قال: [[عذاب القبر]]

وقال الإمام ابن القيم في الداء والدواء: وفُسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، ولا ريب أنه من المعيشة الضنك، والآية تتناول ما هو أعمّ منه.

والمقصود بالبكاء المذكور في الحديث الأول هو النياحة المذكورة في الحديث الثاني، وذلك لأن مجرد البكاء لا شيء فيه بالنسبة للميت وأهله؛ لأن البكاء رقة في القلب تظهر بوضوح عند الموت وفراق الأحبة ... ولقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم، وعند موت بعض أصحابه رضي الله عنهم وعن إبراهيم.

12- أمر الناس بالبر ونسيان النفس:

وقال صلى الله عليه وسلم: [[رأيتُ ليلة أُسري بي رجالاً تُقرضُ شفاههم بمقاريض من نار ، فقلتُ من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخُطباء من أمتكَ يأمرون الناس بالبر وينسون أنفُسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟!]] رواه البيهقي وحسنه الألباني .




كيف السبيل إلى روضة المحبين ؟ ... طوق النجاة.




1 الإيمان والتقوى والعمل الصالح:

قال تعالى: 'فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا' [الطلاق: 2، 3]

فمن كان في الدنيا من الأتقياء؛ فإن الفرجَ والمخرج يكون له ثوابًا في قبره.

2- الاستقامة على طاعة الله جل وعلا:

قال الله تعالى: 'إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ' [الأحقاف : 14]

فلقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فمن مات على الطاعة مخلصًا لله، ومتبعًا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يموت على الطاعة وينور الله له قبره بتلك الطاعة ،بل ويصبح قبره روضة من رياض الجنة، جزاءً لكل لحظة عاشها في طاعة الله جل وعلا.



3- الشهادة في سبيل الله تعالى:

قال الشيخ الألباني: تُرجى الشهادة لمن سألها مخلصًا من قلبه، ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: [[من سأل الله الشهادة بصدق، بلغُه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه]] [أخرجه مسلم].

4- قراءة سورة تبارك:

فلا تغفلي عنها أخيتي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [[سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر]] صححه الألباني.

5- التوبة الصادقة عند النوم:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح، وهو يذكر أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر:

[ومن أنفعها أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره أو ربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحًا بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على أن لا يعود إلى الذنب إذا استيقظ، ويفعل هذا كل ليلة، فإذا مات في ليلته مات على توبة، وإن استيقظ مستقبلاً للعمل مسرورًا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته].

6- الدعاء:

ولا ينبغي أبدًا أن يغفل المسلم عن الدعاء، فالدعاء من أعظم أسباب النجاة في الدنيا والآخرة.

فعلينا أن نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُليا وباسمه الأعظم، أن ينجينا من عذاب القبر [ونحن مُوقنون بالإجابة].

7- الاستعاذة بالله من عذاب القبر:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي امرأة من يهود المدينة، فذكرت عذاب القبر فقالت المرأة لعائشة: أعاذك الله من عذاب القبر، فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النبي عن عذاب القبر فقال : [[نعم : عذاب القبر]] وفي رواية: [[عذاب القبر حق]] فقالت عائشة : [[فما رأيت النبي يصلي بعدها إلى ويستعيذ من عذاب القبر]] رواه البخاري.

فإذا كان هذا هذا هو الطريق إلى روضة الجنان ، وذاك هو الطريق إلى حفرة النيران، فاختاري لنفسك أخيتي.




ترى أيهما تسلكين؟
__________________

الوقت يداهمني والعمر يسرقني

لكن لا املك سوى شكر لكل من تقبلني في هذا المنتدى
واتمنى من الله ان يجمعنا في الجنان العليا




اخوكم


سامر البطاوي




رد مع اقتباس