عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-07-2014, 02:49 PM
 
الغلو في النبي صل الله عليه وسلم وأقسام الناس فيه.!

  • [frame="10 10"]

    إن بسط هذا الموضوع يحتاج إلى مقام أكبر، وما ذلك إلا لكثرة ما وقع من الخبط والضلال في هذا الباب نسأل الله الهداية والعصمة والعافية، والناس في محبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طرفان ووسط، أما الوسط فهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة .

    وقد تقدم الحديث عنهم فهم الذين ساروا على مقتضى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمر هذه المحبة، كما ساروا عليه في سالف أمور الدين الاعتقادية والعملية.

    ومن ذلك أنهم لم يجاوزوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدره، ولم ينقصوه -أيضاً- حقه. فمثلاً: الحديث المتفق عليه حديث عبادة بن الصامت الذي يقول فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل }.


    هذا الحديث يعمل به أهل السنة والجماعة مع فهمهم لمدلوله وحقيقته، فقد نص على الشهادة بأن محمداً عبده ورسوله.

    فعبده تقتضي: ألاَّ يرفع إلى مقام الألوهية، فهو مهما علت منزلته -وهي منزلة عليا بلا شك- وليس أعلى منه أحد من الخلق في المنزلة، مهما بلغ فهو لا يصل إلى مقام الألوهية أبداً فهو عبد، وكماله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما هو بتحقيقه لكمال العبودية لربه عز وجل.

    فلم يحقق ذلك أحد من البشر مثلما حققه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو العبد الكامل المصطفى المجتبى الذي استحق أن يوصف بذلك في أعلى درجات التكريم، كما قال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء:1].

    فهو عبده، وهو رسوله، فكما أنه لا يزاد عن قدره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكذلك لا يعامل كسائر البشر؛ لأنه رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه ميزة عظمى، كما قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [الكهف:110] فالله تبارك وتعالى فضَّله بهذا الوحي وبهذه الرِّسالة.

    فكونه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقتضي كل ما ذكرنا من اللوازم: من الاتباع، والطاعة، وامتثال الأمر، والوقوف عند حدود ما شرع، وأن لا يعبد الله إلا بما جاء به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن لا يقدم على قوله قول أحد كائناً من كان إلى آخر ما ذكرنا فهذا يقتضيه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    الرد على من يدعي أن أهل السنة يكرهون النبي صلى الله عليه وسلم
    إن الأمر في هذا يطول والحديث يتشعب، لكن أحب أن أختم هذا بأمر مناسب وهو ما ذكره ابن القيم رحمه الله فينونيته المشهورة من أن أهل البدع يتهمون أهل السنة والجماعة بأنهم يكرهون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو يتنقصون من قدره وهذا هو الواقع في كل زمان ومكان، وهذا الافتراء وهذا الإفك قديم، وابن القيم رحمه الله يرد عليهم بأبيات عظيمة، يبين فيها حقيقة التوحيد وحقيقة الخلاف بين الطائفتين، فمعذرة إذا أطلت عليكم قليلاً وقرأت شيئاً من هذه الأبيات، يقول رحمه الله:

    قالوا تنقصتم رسول الله واعجباً لهذا البغي والبهتان

    عزلوه أن يحتج قط بقوله في العلم بالله العظيم الشان

    عزلوا كلام الله ثم رسوله عن ذاك عزلاً ليس ذا كتمان

    واستمر في بيان كلامهم في الصفات وفي غيرها إلى أن قال:

    الرب رب والرسول فعبده حقاً وليس لنا إله ثان

    فلذاك لم نعبده مثل عبادة الر حمن فعل المشرك النصراني

    كلا ولم نغل الغلو كما نهى عنه الرسول مخافة الكفران

    لله حق لا يكون لغيره ولعبده حق هما حقان

    لا تجعلوا الحقين حقاً واحداً من غير تمييز ولا فرقان

    هم خلطوا بين الحقين فجعلوا حق الله للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهكذا، يقول:

    فالحج للرحمن دون رسوله وكذا الصلاة وذبح ذي القربان

    وكذا السجود ونذرنا ويميننا وكذا متاب العبد من عصيان

    وكذا التوكل والإنابة والتقى وكذا الرجاء وخشية الرحمن

    وكذا العبادة واستعانتنا به إياك نعبد ذاك توحيدان

    يعني هذان توحيدان:

    وعليهما قام الوجود بأسره دنيا وأخرى حبذا الركبان

    وكذلك التسبح والتكبير والتهليل حق إلهنا الديان، ثم يقول:

    لكنما التعزير والتوقير حق للرسول بمقتضى القرآن

    والحب والإيمان والتصديق لا يختص بل حقان مشتركان

    فالحب والإيمان والتصديق مشتركان بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

    هذه تفاصيل الحقوق ثلاثة لا تجهلوها يا أولي العدوان

    إلى أن يقول:

    ونظير هذا قول أعداء الـ ـمسيح من النصارى عابدي الصلبان

    إنا تنقصنا المسيح بقولنا عبد وذلك غاية النقصان

    لو قلتمُ ولد إله خالق وفَّيتموه حقه بوزان

    وكذاك أشباه النصارى مُذّ غلوا في دينهم بالجهل والطغيان

    صاروا معادين الرسول ودينه في صورة الأحباب والإخوان

    فانظر إلى تبديلهم توحيده بالشرك والإيمان بالكفران

    وانظر إلى تجريده التوحيد من أسباب كل الشرك بالرحمن

    واجمع مقالتهم وما قد قاله واستدع بالنقاد والوزان

    عقل وفطرتك السليمة زن هذا وذا لا تطغ في الميزان

    فهناك تعلم أي حزبينا هو الـ ـمتنقص المنقوص ذو العدوان

    أي: تعرف من الذي يتنقص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهم أهل السنة أو أولئك، إلى أن يقول رحمه الله:

    والله أمركم عجيب معجبٌ ضدان فيكم ليس يتفقان

    يقول: فيكم أمرين الأول: أنكم أنتم تغلون في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمعتم أمرين:

    تقديم آراء الرجال عليه مع هذا الغلو فكيف يجتمعان

    كفرتم من جرد التوحيد جهــ ـلاً منكم بحقائق الإيمان

    لكن تجردتم لنصر الشرك والـ ـبدع المضلة في رضا الشيطان

    يقول: والثاني: أنكم أنتم تقدمون آراء الرجال والشيوخ والمذاهب على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا معروف من حالهم، ومع ذلك يغلون فيه ويؤلهونه بل يؤلهون حتى بعض آثاره كما سمعنا في الكلام عن الحذاء وأمثال ذلك، فيقول: كيف تجمعون بين هذا وهذا، يقول:

    والله لم نقصد سوى التجريد للـ ـتوحيد ذاك وصية الرحمن

    ورضا رسول الله منا لا غلوا الشرك أصل عبادة الأوثان

    والله لو يرضى الرسول دعاءنا إياه بادرنا إلى الإذعان

    والله لو يرضى الرسول سجودنا كنا نخر له على الأذقان

    والله ما يرضيه منا غير إخلاص وتحكيم لذا القرآن

    ولقد نهى ذا الخلق عن إطرائه فعل النصارى عابدي الصلبان

    ولقد نهانا أن نصير قبره عيداً حذار الشرك بالرحمن

    ودعا بألا يجعل القبر الذي قد ضمه وثناً من الأوثان

    إلى آخر مابين فيه رضي الله عنه ورحمه.

    نسأل الله أن يهدينا ويهدي ضال المسلمين إلى معرفة محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى التمسك بسنته واتباع هديه إنه سميع مجيب.. والحمد لله رب العالمين.


    [/frame]
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس