عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 12-30-2007, 01:25 PM
 
رد: ملف خاص للتعريف بحركه فتح..ارجو التثبيت

اولا: مرحلة الوعي الوطني



كان المسار التاريخي الذي حدده الكبار لاقتسام النفوذ في منطقة الشرق الاوسط يقضي بتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي عن طريق دعم وتأييد اقامة دولة "اسرائيل" على الجزء الاكبر من فلسطين والعمل على منع تنفيذ الشق الثاني من قرار التقسيم (181) القاضي بانشاء دولة فلسطين وكانت مشاريع توطين (اللاجئين) هي الحل الذي طرحته القوى الكبرى لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية بشكل نهائي لان هؤلاء اللاجئين حسب شهادة "جورج ماك" مساعد وزير الخارجية الامريكي عام 1950 (هم اعظم خطر قائم يهدد امن المنطقة)

لم يخب توقع "جورج ماك" حيث اخذ النهوض الوطني الفلسطيني يبرز من بين ركام الاضطهاد والقمع والقهر الاجتماعي والسياسي العربي والعالمي، فتوجه الشباب الفلسطيني نحو الاحزاب العربية المختلفة وعمل فترة من الزمن من خلالها، ولما لم يجد البوصلة فيها تشير الى فلسطين تركها اغلب هذا الشباب وارتبط مع الشباب الاخر غير المتحزب في الرؤية الوطنية الفلسطينية للقضية وبدات تتخذ لنفسها جذورا بانتقالها مع شخص لاخر ومن تجمع فلسطيني الى اخر



وتميزت هذه الفترة بعمل فلسطيني مسلح من جهة وعمل سياسي ونقابي من جهة اخرى قادته الطليعة المؤسسة لحركتنا العسكرية (الفدائية) والمحدودة وخاصة من قطاع غزة وبقيادة الشهيد القائد خليل الوزير وخاصة ما بين عامي 1954 -1955 واستطاع هذا الاطار بالعمل العسكري ان يستقطب العديد من البؤر والحلقات التي كانت موجودة في القطاع انذاك لانه كان يتميز الى جانب الحماس والاندفاع الوطني بالخبرة العملية التنظيمية والعسكرية فضلا عن التجانس المسلكي والفكري.



على الصعيد السياسي والنقابي لعبت رابطة الطلبة الفلسطينيين في القاهرة منذ العام 1951 دورا كبيرا في الاستقطاب للفكرة الوطنية الفلسطينية وكانت الرابطة بمثابة الجنين البكر لاول تجربة كيانية فلسطينية علنية تتمتع بهامش واسع من الاستقلالية بفضل الروح الوطنية التي سادت بين قيادتها والعديد من اعضائها، ولعبت الرابطة دورا هاما على متسوى (الوعي) والتنظيم وخاصة في مرحلة ما بعد التخرج بعد العام 1956 وكان من ابرز قيادات الرابطة االشهيد ابو عمار والشهيد ابو اياد والاخ ابو الاديب والشهيد عبد الفتاح حمود والاخ زهير العلمي وعدد اخر كبير من الرعيل الاول لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة.


ثانيا: مرحلة التكوين
منذ سنة 1956 وما تلاها، بعد العدوان الثلاثي على قطاع غزة وبعد حرب السويس وبما كانت تحمله من نهوض عربي على المستوى القومي، لم يكن على مستوى البعد الوطني الفلسطيني اي عمل قومي ملموس ينسجم مع النهوض الذي عقب هذه الحرب، وظل العمل القومي العربي يضع فلسطين في المرتبة الدنيا من الاولويات وكانت اللحظة الفارقة عندما قال الرئيس جمال عبد الناصر لوفد من قطاع غزة انه (لا يملك خطة لتحرير فلسطين، والذي يقول انه عنده خطة يضحك عليكم) وهكذا ولعوامل حتمية بدا التجمع نحو فتح- الفكرة دون رابط وذاك في مختلف البؤر التنظيمية التي انتشرت في كافة اماكن الشتات الفلسطيني في سوريا ولبنان والعراق والكويت والسعودية وقطر والاردن وليبيا واوروبا، وفي الضفة والقطاع بطبيعة الحال.



وفي ظل الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة تداعت مجموعة من الشباب الفلسطيني الى تكوين مقاومة شعبية للمحتل وقامت الدعوة على اساس جديد هو ترك الحزبية، لان المرحلة هي مرحلة تحرير وطني واتفق هؤلاء الشباب في اجتماع سري عقدوه في شهر نوفمبر 1956 في بيت في حارة الزيتون بغزة المدينة على مبادئ جديدة يمكن القول انها انتقلت بالتدريج الزمني الى حركة فتح عند انشائها في اواخر 1957 وكان من اسس هذا الاتفاق انه لا بد من خلع الرداء الحزبي، والارتباط بتراب الوطن لان الاحزاب هي وسيلة التفاعل الديمقراطي الذي يؤدي الى ان يمارس الشعب حقه في مسؤولية الحكم، اذا طبقنا ذاك على فلسطين نجد ان الشعب بكامله غير موجود لانه ممزق في كل مكان والارض غير موجودة تحت سيادة هذا الشعب، فبالتالي فان الممارسات الحزبية سابقة لاوانها في هذه المرحلة والمرحلة تتطلب الارتباط بالوطن وخلع الاردبة الحزبية وتشكيل وحدة وطنية حقيقية تستهدف تحرير فلسطين وان تكون الارض هي الحزب الذي تصب فيه جهود الجميع.



وحصل لقاء بين هذه المجموعة وبين مجموعة رابطة الطلبة الفلسطينيين في القاهرة وذاك في اجتماع عقد في حي الدقي بالقاهرة في ينانير آب 1957 وتلاقت افكار المجموعتين، ولم تكن هذه الافكار بعيدة عن افكار المجموعات المتفرقة التي انتشرت في معظم اماكن التركيز السكاني الفلسطيني في الضفة والشتات وعن تجربة المقاومة الشعبية في غزة فلقد قضى عليها بزوال الاحتلال في مارس 1957 نتيجة الظروف السياسية الدولية والعربية والتي سنذكر بعضا منها فيما بعد ، ولجوء عدد من الشباب للعمل الحزبي ثانية فاجهضت الفكرة وانتقل الشباب الذي استمر مؤمنا بالفكرة الى الشتات ليقيم او يدعم البؤر الوطنية المنتشرة ولتتشكل النوبات الاولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).



قبل العام 1957 لم يكن الوضع التنظيمي الذاتي قد نضج بالقدر الذي يسمح بتوحيد هذه القطرات المتناثرة هنا وهناك في نهر واحد وكان الوعي الفلسطيني بالذات المستقلة ما يزال في مراحله الجنينية الاولى، وكان الجيل الجديد من القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني ما يزال في هذه الفترة يجاهد من اجل تثبيت اوضاعه المعيشية ويفتش عن مواقعه الجديدة على الخريطة السياسية التي كانت ما تزال تعج ايامها ببقايا عهد القيادة الفلسطينية التقليدية من سياسيين ومخاتير ووجهاء، ولقد اجهضت الكفاح المسلح في قطاع غزة بعد قرار عدم قيام اي عمل فدائي الا باشراف القيادة المصرية وتوجيهها وبقيام العدو الصهيوني بمطاردة ظاهرة المقاومة المسلحة ودفعها خارج الحدود وبعد ان نفذت سلسلة من الاجراءات القاسية. كما لم يكن الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية هو الاخر يسمح ببلورة هذا التيار الذي اتخذ قراره في نهاية عام 1957 بالاعلان عن تأسيس حركة فتح، فالمواطنون الفلسطينيون فقدوا هويتهم وتحولوا الى "مواطنين" في المملكة الاردنية، وادى ذاك الى انغماس قطاعات واسعة في الحياة الحزبية الاردنية والتعلق باللعبة البرلمانية، وكان عام 1955 قد شهد عدة اجراءات اردنية مهمة من مثل تعريب الجيش الاردني وتوقيع اتفاقية تعاون عربي مع مصر وسوريا والسعودية وقرار انهاء المعاهدة الاردنية البريطانية عام 1957، وقد لعبت كل هذه العوامل مجتمعة الى جانب عوامل اخرى دورا لبروز وتبلور التيار الوطني الفلسطيني المستقل قبل هذا التاريخ.



وخلاصة القول ان الظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالعمل الوطني الفلسطيني لم تكن ناضجة بالقدر الكافي قبل نهاية عام 1957 لاتخاذ خطوة تاريخية بتأسيس اول حركة فلسطينية مستقلة. وبالمقابل لم يكن من الممكن ان يتأخر موعد ولادة حركة "فتح" عن هذه اللحظة التاريخية في نهاية عام 1957 لان ذاك كان يعني ضياع هذه الفرصة التاريخية واهدارها، خاصة في ظل الصعود الجارف للمد الناصري بعد الانتصار الاعلامي الذي تحصل عليه في اعقاب حرب 1956 حيث كان كعام 1957 نقطة انطلاقة للناصرية الى ما وراء حدود مصر، وشهدت المرحلة مدا بعثيا وقوميا، وكانت كل التحولات تشير الى فاتحة عهد جديد من الاستقطاب السياسي الحال على جميع المستويات، فمن هنا كان التأخير في اتخاذ القرار التاريخي لانشاء فتح يمكن ان يضع مستقبل الارادة الوطنية المستقلة في مهب الرياخ السياسية المتصارعة في هذه المرحلة.



الاجتماع التأسيسي (الاول) وولادة حركة (فتح):

قبل العام 1957 كانت هناك لقاءات عديدة بين القيادات التاريخية لحركة فتح يجمعها الهم المشترك والبحث عن الخلاص وضرورة ايجاد الشكل التنظيمي الانسب والمعبر عن مجموع حالتنا الفلسطينية ورسم خطوط التحرك المشترك، الا ان النصف الاخير من العام 1957 شهد الولادة الحقيقية لحركة فتح وذاك من خلال الاجتماع التأسيسي (الاول) للحركة في الكويت والذي عقده خمسة من الاوائل من بينهم الاخوان ابو عمار وابو جهاد وكان لتنظيم حركة فتح في الكويت دورا كبيرا في الحركة لانه كان الاقوى والاكثر متانة وله مرونة الحركة والدعم.

كما يقول الاخ القائد ياسر عرفات:
"هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني، اختصارها حتوف وهي ليست كلمة مناسبة، حذفنا الواو، فصارت "حتف" وهي ليست مناسبة لان شعارنا "ثورة حتى النصر" وليست ثورة حتى الاستشهاد ولذلك قلبنا الحتف فصارت "فتح" اي قلبناها الى الفتح المبين".
رد مع اقتباس