التقيت بك مرة أخرى فهل تسمح لي بحبك..؟]
[/size] التقيتك مرة أخرى فهل تسمح لي بحبك..؟!
واقفاً أمام نافذة القطار الذي هو فيه..غائب فكرياً حاضر جسدياً..هذا حاله منذ زمن..منذ افترق عن صديقة طفولته وبهجة حياته..يتكأ على عصا الصبر ويقبل جبين الأيام لعلها تحنُّ عليه فترسلها له ليقابلها..نسمة رقيقة محملة بأثير رائحتها الياسمينية البيضاء جعل جسده ينتفض وقلبه الساكن بين أضلعه يرتعش لذكرى لطيفة بينهما..
" طفلة رقيقة جالسة على ركبتيها تبكي ودموعٌ لؤلؤية تسقط من عينيها السوداوين لتمطر فوق أراضي وجنتها تبللها..شهقات خرجت من شفتيها لتدمي قلب الواقف امامها بجزع.لا يعرف كيف يتصرف وهو ضعيف امام دموعها..
ارتفع صوت بكاءها وقد اغاظها عدم اكتراث نيكولا الذي يقف قبالتها..جاءت امراة كبيرة خطت التجاعيد وجهها وقد شاب شعرها وانحنى ظهرها للأسفل فبدت في لوحة رائعة للضعف والأنكسار..! تكلمت السيدة بلطف وهي ترتبت على وجنة كاميليا بحنو وعينيها تظهران حيها للطفلة التي بدت بالثانية عشرة من عمرها:"ما بك كاميليتي..هل انت بخير لمَ تبكين..؟؟"
خفت شهقات كامي لتختفي نهائياً حين سمعت السيدة توجه كلامها لنيكولا بغضب:ماذا بها يا ولد..هل لاأذيتها ايها الأحمق.؟!"
ارتفعت حاجبا كامي بمكر لا يلائم طفوليتها وهي تنظر له بخبث حين أراد ان يجيب فقاطعته قائلة بحزن مصطنع:"جدتي لقد ضربني نيكولا واخبرني اني حمقاء.."
نظر لها نيكولا بلا تصديق لمَ تقول ليتحدث بسرعة حين رأى قسوة ملامح جدته"كلالم افعل جدتي." اردف بغيظ حين رأى عدم التصديق على ملامح جدته التي لم تتزحزح عن قسوتها بينما أرتسم الخبث على وجه صديقة طفولته:"جدتي لا يٌعقل..أنت تصدقيها ولا تصدقيني..!"
قالت الجدة بحدة:"أنظر لها.." حولت كامي نظراتها للبرائة والألم وهي تعض على شفتها كطفلة متألمة بينما تمنع ضحكة انتصار تفلت من شفتيها..اكملت الجدة:"هل يُعقل ان طفلة بجمالها وبرائتها تكذب عليّ..انت اذيتها لذلك تستحق العقاب" استكملت كلامها بالفعل حين اقتربت من نيكولا وهو واقف لتضربه بعصاها الثقيلة على رأسه ليصرخ من الألم وهو يسقط أرضاً على قدميه..اطرق برأسه وهو يصدر تأوهات عندما ذهبت الجدة بلامبالاة بحفيدها..اقتربت منه كاميليا بخوف ودموع حقيقة تجمعت بعينيها على منظره المتألم..وضعت يداً مرتجفة على كتفه تهزها :"نيكولا هل انت بخير"
لتصدر منها صرخة قصيرة إذ فاجأها الآخر بسحبها لتسقط جانبه على الأرض بقوة..سمعت ضحكات تصدر منه علىيها لتقول بغيظ :"أيها الحقير لقد كنت تخدعني."
ضحك قليلاً ليقول بمكر "أنتِ من بدأ ايتها الحمقاء.." اعقب قوله تمدده جوارها على الأرض فترتفع ضحكاتهما عالياً ونسمات هواء نيسان تشاكهما الجو اللطيف.."
أستفاق من ذكراه اليتيمة والتي كشف فيها عن مشاعره تجاه تلك الطفلة وهو الذي يكبرها بسنتين..! على صوت خطوات هادئة ورائحة لطيفة تذكره بها..
نظر امامه ليرى فتاة رائعة بشعر بني الخصلات وعينين سوداوين كسواد ليلة أرق يعيشها كل يوم..جال ببصره عليها ودقات قلبه ترتفع لسبب غير معروف..
تكلمت الغريبة بحقد غريب:"ما بكَ. ألم تعرفني..؟!"
نادى بصوت منخفض وانما دافئ:"ومن أنتِ يا آنسة..؟!"
قالت بهدوء وقد صور لها عقلها عدة ذكريات:"انا صديقة طفولة لك..انا سواد ليل احببته ذات يوم..!؟
"
نطق بلا تصديق:"كامـــــــــــــــــــــــــــــــــــي..!!!!!" ولم يعطها مجالاً للرد إذ اقترب منها سريعاً وضمها لصدره يغرس وجهها بين طيات قميصه يريد ادخالها لقلبه..همس بحب وعبث في إذنها:"لقد اشتقت لكِ يا مخادعة.."
ضحكت بخجل وهي تقول:"وانا ايضا يا اكبر الكذابين..!"
جلجلت ضحكته في ارجاء الممر اللذان يقفان فيه..لتغتاظ منه وتدفعه بكلتا يديها فيتفاجئ هو ويسقط أرضاً بينما تضحك عليه هي..عبس قليلاً ثم اصدر تأوها لتألم فتقترب منه بخوف ويسحبها هو فتسقط على الارض الباردة..همس بلا تصديق:"ايها الكاذب..!!"
ابتسم لها وقال:"لقد خدعتك مرتين كاميليتي.."
تـــــــــــــــــــمــــــــــــــت