العقيده الشاذلية نسبتها: الطريقة الشاذلية هي إحدى الطرق الصوفية المعروفة، وتنتشر بشكل أساسي في مصر وتونس والجزائر، وتنتسب إلى أبي الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي، المولود سنة 591هـ (وقيل سنة 593هـ) في غمارة، بالقرب من مدينة سبتة المغربية. وانتقل في صغره إلى مدينة تونس، وانتقل من بلدة إلى بلدة، وكان ضريرا، ثم حجّ ثم دخل العراق، وبدأ يفتش عن القطب الصوفي ـ حسب زعمه ـ فقال له أحد أولياء الصوفية: "إنك تبحث عن القطب بالعراق، مع أن القطب ببلادك، ارجع إلى بلادك تجده"، فرجع الشاذلي إلى بلاده باحثاً عن "القطب"([1]) وهو محمد عبد السلام بن مشيش([2]). كما أخذ التصوف عن أبي الفتح الواسطي الرفاعي، شيخ الرفاعية في عصره([3]). ومن غمارة في المغرب، حيث أخذ الشاذلي التصوف عن شيخه ابن مشيش، انتقل إلى شاذلة بالقرب من مدينة تونس، واعتزل الناس في جبل زغوان، وهو ملازم للرياضات الصوفية، وأقام على ذلك مدّة، حتى نسب إلى هذه البلدة([4]). ثم انتقل أبو الحسن الشاذلي من شاذلة إلى تونس، وأخذ ينشر التصوف هناك، والتفّ حوله جماعة من الأتباع، لكنه لقي إنكاراً شديداً من حاكم تونس، ومن كبار قضاتها([5])، فترك تونس وتوجّه إلى مصر، فكتب أهل تونس إلى أهل مصر إنه يقدم عليكم مغربي زنديق، وقد أخرجناه من بلدنا فاحذروه، ونزل الإسكندرية([6])، وأخذ يدعو إلى التصوف إلى أن مات سنة 656هـ، في صحراء عيذاب شرقي مصر، وهو في طريقه إلى الحج([7]). أهم عقائدها 1ـ الاعتقاد بوحدة الوجود على النحو الذي يعتقد بها عموم الصوفية، إذ نقل الشاذلية عن شيخهم قوله: "من أطاع الله في كل شيء، بهجرانه لكل شيء، أطاعه الله في كل شيء، بأن يتجلى له في كل شيء"([8]). وقوله: "قيل لي (أي أوحى الله إلي): يا علي، بي قل، وعليّ دُل، وأنا الكل"([9]). كما نقل الصوفية عن ابن مشيش، شيخ الشاذلي، قوله: "اللهم زج بي في بحار الأحدية، وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أحس إلاّ بها"([10]) . 2ـ تأويل آيات القرآن تأويلاً باطنياً، يصرف الآيات عن مرادها، على طريقة الفرق الباطنية التي ادّعت أن للإسلام والقرآن ظاهراً وباطناً. يقول ابن عطاء الله السكندري: "لكل آية ظاهر وباطن، وحدّ ومطلع"([11]). كما نقل ابن عطاء عن بعض شيوخه،أنه فسر الآية (يهب لمن يشاء إناثاً) الحسنات، (ويهب لمن يشاء الذكور) العلوم، (أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً) علوما وحسنات، (ويجعل من يشاء عقيماً) لا علم ولا حسنة([12]). وقد نقل شيخ الأزهر السابق عبد الحليم محمود عن أبي الحسن الشاذلي تفسير قول الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (هي عصاتي) معرفتي بك، أعتمد عليها، (أهش بها على غنمي) أولادي في التربية، (ولي فيها مآرب أخرى) من باب لي وقعت مع ربّي لا تسعني فيه أرض ولا سماء([13]). 3ـ الغلو في الشاذلي، وشيوخهم الآخرين، حتى أوصلوا بعضهم إلى مرتبة الربوبية، فقد قالوا أن مقام الشاذلي هو عند العرش، وأن الله كلّمه في جبل زغوان، الذي اعتكف فيه. وزعموا أنه ما من كائن أو ولي لله، إلاّ وأطلع الله شيخهم أبا العباس المرسي عليه وعلى اسمه ونسبه وكم حظه من الله([14]) . وكان الشاذلي يقول مفتخراً بتلميذه أبي العباس المرسي: يأتي الأعرابي إليه يبول على ساقيه فيخرج من عنده عارفاً بالله . ويزعم الصوفية أن المرسي كان يتكلم في سائر العلوم وكل اللغات والألسن، ويقول: شاركنا الفقهاء فيما هم فيه ولم يشاركونا فيما نحن فيه. وكان يقول وهو يمسك بلحيته: لو علم علماء العراق والشام ما تحت هذه الشعرات لأتوها ولو على وجوههم. بعض كراماتهم المزعومة زعم أتباع هذه الطريقة لشيخهم الشاذلي وشيوخهم الآخرين كرامات تفوق الخيال، كما هي عادة جميع فرق التصوف: فقد زعموا أن الذين يتبعون هذه الطريقة لا يدخلون النار، مستندين إلى قول الشاذلي: "أعطيت سجلاً مدّ البصر، فيه أصحابي وأصحاب أصحابي إلى يوم القيامة عتقاء من النار"([15]). ومما نسبوه لشيخهم من الكرامات، أن كبير قضاة تونس ابن البراء كان مخالفاً للشاذلي، وقد شكاه إلى حاكمها، لكن الحاكم لم يمس الشاذلي بسوء، إلاّ أنه منعه من الخروج، وما أن منعه إلاّ وماتت جاريته في ذاك الوقت، ثم احترق البيت دون أن يشعروا، فعلم الحاكم أنه أصيب من قبل هذا الولي المزعوم([16]). وبعد أن أورد الكرامة السابقة، يبدي الشيخ إحسان إلهي ظهير استغرابه لأن القاضي ابن البراء لم يصب بسوء، رغم أنه هو الذي عادى الشاذلي([17])!! كما زعموا أنهم أعطوا ثلاثاً لم تحصل لمن قبلهم، ولا لمن بعدهم: الأول: أنهم مختارون في اللوح المحفوظ. الثاني: إن المجذوب منهم يرجع إلى الصحو. الثالث: إن القطب منهم إلى يوم القيامة([18]). وهذه تشترك بها جميع الطرق الصوفية. وزعم ابو العباس المرسي أن الله عز وجل أطلعه على الملائكة ساجدة لآدم عليه السلام فأخذ قسطه من ذلك ثم أنشد يقول: ذاب رسمي وصح صدق فنائي وتجلت للسر شمس سمائي و تنزّلت في العوالم أبدي ما انطوى في الصفات بعد صفائي ومن الكرامات المنسوبة للسكندري أن رجلاً من تلامذته حج فرأى الشيخ في المطاف وخلف المقام وفي المسعى وفي عرفة. فلما رجع سأل عن الشيخ هل خرج من البلد في غيبته في الحج فقالوا لا ، فدخل وسلم على الشيخ فقال له: من رأيت في الحج في سفرتك هذه من الرجال؟ فقال الرجل يا سيدي رأيتك. فتبسم وقال: الرجل الكبير يملأ الكون. ومن كراماته المزعومة: أن الكمال بن الهمام زار قبره فقرأ عنده سورة هود حتى وصل إلى قوله تعالى ( فمنهم شقي وسعيد ) فأجابه من القبر ابن عطاء الله بصوت عال: يا كمال ليس فينا شقي. فأوصى الكمال بن الهمام أن يدفن هناك . وقالوا في سبب تسمية شيخهم محمد وفا، بهذا الاسم لأن نهر النيل توقف فلم يزد إلى أوان الوفاء فعزم أهل مصر على الرحيل فجاء الشيخ إلى البحر وقال اطلع بإذن الله فطلع ذلك اليوم سبعة عشر ذراعاً وأوفى فسموه وفا. ويقول الصوفية إنه كان أميا وله لسان غريب في علوم القوم ومؤلفات كثيرة ألفها في صباه وهو ابن سبع سنين أو عشر ويقولون: جاء أحد المريدين يشكو للشيخ عبد القادر عيسى – أحد مشايخ الشاذلية المعاصرين - طول غياب ابنه في الخدمة العسكرية وإنه مضى على غيابه ثمانية أشهر وأمه متألمة لفقده فأطرق الشيخ ثم قال سيأتي يوم الأربعاء إن شاء الله . وجاء الابن في الموعد الذي حدده الشيخ فسئل كيف جئت؟ فأجاب: صاح بي الضابط ليلاً وقد وقع على إجازة وهو يقول: ما استطعت النوم من شيخ مهيب يقول أرسل هذا إلى أهله! ومشى الشيخ عبد القادر عيسى مع أحد مريديه في شوارع عمان بالأردن وأراد أن يقطعا الطريق إلى الجهة المقابلة وبنفس الوقت كان قس يريد أن يقطع إلى الجهة الأخرى فلما أبصر الشيخ القس همس في أذن مريده إن القس مسلم، فصاح القس من الجهة الأخرى (مسلم مسلم). ويقولون إنه عندما زار الباكستان بايعه فيها دفعة واحدة ما يزيد عن مائة ألف شخص. الانتساب إلى طريقتهم: يقول الشاذلية أن أصول طريقتهم تتمثل في تعاليم خمسة: 1ـ تقوى الله في السر والعلانية. 2ـ اتباع السنة في الأقوال والأفعال. 3ـ الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار. 4ـ الرضا عن الله في القليل والكثير. 5ـ الرجوع إلى الله تعالى في السراء والضراء([19]). والانتساب إليهم يكون بالأخذ عنهم، "والأخذ" أقسام: 1ـ أخذ المصافحة والتلقين والذكر، ولبس الخرقة الخاصة بهم. 2ـ أخذ رواية، أي قراءة كتبهم من غير حلّ لمعانيها. 3ـ أخذ دراية، أي حل كتبهم لإدراك معانيها من غير عمل بها. 4ـ أخذ تدريب وتهذيب وترقّ في الخدمة بالمجاهدة والمشاهدة والفناء([20]). فروعها: تفرعت الطريقة الشاذلية في مصر وبلدان المغرب العربي إلى طرق كثيرة: أولاً في مصر، وأهم طرقها: 1ـ الحامدية، ويرأسها إبراهيم حامد سلامة الراضي. 2ـ الهاشمية، ويرأسها مصطفى الطاهر الهاشمي. 3ـ الفيضية، ويرأسها محمود أبو الفيض. 4ـ الجازولية، ويرأسها سالم جابر الجازولي. 5ـ الجوهرية، ويرأسها عيسى عبد الرحيم الجوهري. 6ـ السلامية، ويرأسها شريف محمد طه مشينة. 7ـ الفاسية، ويرأسها محمد سمير الفاسي. 8ـ الخطيبية، ويرأسها محمود محمد الخطيب. 9ـ العفيفية، ويرأسها عبد الباقي محمد العفيفي. 10ـ المحمدية، ويرأسها محمد عصام الدين زكي. 11ـ العروسية، ويرأسها علي فكري منصور كريم. 12ـ الحصافية، ويرأسها محمد أبو الأسرار الحصافي ([21]). ثانيا: في المغرب العربي، وأهم فروعها: 1ـ الجازولية، ومن فروعها: الدرقاوة، والحمارشة، والعيسوية، والشرقاوة، والطيبة. 2ـ العلوية، وهي فرع جزائري من الدرقاوة بمنطقة مستغانم. 3ـ ومن الطرق أيضاً: الدغوغية، والرباحية، والقاسمية، والصداقية، والزروقية، والسهيلية، والناصرية، والشبية، واليوسفية، والدنية، والكرازية، والحبيبية، والسنوسية، وهذه الطرق منتشرة في أنحاء مختلفة من المغرب العربي مثل: مراكش ومكناس وصلا وطرابلس وفاس، وغيرها([22]). أهم شخصياتها لما حضرت الشاذلي الوفاة، استخلف على أتباعه أبا العباس المرسي ، ثم بعد موت المرسي، تولى مشيخة الطريقة تلميذه ابن عطاء الله السكندري، وبعد موته تولى المشيخة تلميذه داود بن ماخلا، ثم تلميذه محمد وفا، الذي تنسب إليه الطريقة الوفائية الشاذلية، ثم خلفه ابنه علي وفا([23]). ومن شيوخها البارزين بعد علي وفا: أبو المواهب الشاذلي، والنفزي، وابن عجيبة، وعبد المجيد الشرنوبي، وعلي اليشرطي، ومحمود أبو الفيض المنوفي،... وقد روي عنهم ما يفيد أنهم كانوا على عقيدة شيخهم الشاذلي من الإيمان بوحدة والوجود، وجواز الاستعانة والاستغاثة بغير الله([24]) . 1- أبو العباس المرسي أبرز تلاميذ الشاذلي، وزوج ابنته، وقد قدم معه من تونس إلى مصر، وأصله من مرسية في الأندلس، وإليها ينسب، وبها ولد سنة 616 هـ وتوفي سنة 686 هـ. ودُفن فى الموضع الذى يحتله اليوم مسجده بالإسكندرية . 2- ابن عطاء الله السكندري المنسوب إلى الاسكندرية، حيث ولد وعاش، إلى أن غادر إلى القاهرة بعد موت شيخه أبي العباس.اشتهر عن ابن عطاء خصومته لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان معاصرا له والتسبب في حبسه واستعداء السلطان عليه. والسكندري هو الذي جمع أقوال الشاذلي والمرسي وترجم لهما، وحفظ تراثهما. وجميع الطرق الشاذلية في مصر ترجع بالسند إليه، وإلى ياقوت العرشي تلميذ المرسي. توفي ابن عطاء بالقاهرة سنة 709 هـ ،ودفن بمقبرة المقطم بسفح الجبل بزاويته. 3- محمد وفا من أصل مغربي. من مؤلفاته: فصول الحقائق، والعروس، والشفاء. توفي بالقاهرة عام 765 ودفن بالقرافة. 4- عبد القادر عيسى ولد في حلب بسوريا عام 1338 هـ ( 1920 م) وتوفي في تركيا في ربيع الآخر من سنة 1412 هجرية . 5- محمد مضر مهملات ولد في مدينة حلب في سوريا وانتسب إلى كلية العلوم في جامعة حلب بأمر من شيخه عبد القادر عيسى الذي اجتمع به سنة 1969 توجه لدراسة العلوم الشرعية في معهد الروضة الهدائية ( موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية على الانترنت).
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |