عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-29-2014, 02:07 PM
 
عودة


كان الرازي عالمًا طبيعيًا مجدًا، يعتمد على البحث والاستقراء والتجربة والمشاهدة العلمية، بالإضافة إلى الرؤية العقلية والبصيرة الواعية وسعة الأفق.
فقد كتب الرازي عدة مؤلفات في "الهيولي" – المادة – وتوصل منذ وقت مبكر إلى أن المادة تتركب من أجزاء صغيرة، تنقسم بدورها إلى أجزاء دقيقة، تنتهي إلى أجزاء غاية في الدقة لا تقبل التجزئة، وهو ما يطلق عليه اليوم "الذرات".
ويقول الرازي: "إن تركيب الأجسام من تلك الأجزاء التي لا تتجزأ، وسينتهي تفريق تركيب أجسام العالم – في آخر العالم – إلى تلك الأجزاء بعينها، وهذه هي الهَيُولَى المطلقة".
ويفرق الرازي بين الزمان المطلق والزمان المحدود، فالأول هو الأبد السرمدي، الذي لا أول له ولا نهاية، وهو ما عبر عنه بالدهر، أما الزمان بمعناه المحدود فهو الذي يقدر بحركة الأفلاك ودوران الشمس والكواكب، وما ينتج عنه من تعاقب الليل والنهار والفصول والأعوام.
ويقول الرازي: "إن الدهر هو عدد الأشياء الدائمة، والزمان هو عدد الأشياء الأمانية، وهذان العددان يعدان الأشياء فقط، أعني الحياة والحركة. فإن كل عادّ إما أن يعد جزءًا بعد جزء، وإما أن يعد الكل معًا".
فالعدد – عنده – اثنان فقط:
أحدهما: يعد الأشياء الدائمة الروحانية، وهو الدهر.
والآخر: يعد الأشياء الجزئية الواقعة تحت الزمان، وهو عدد حركات الفلك.
كذلك يميز "الرازي" بين نوعين من المكان:
- مكان مطلق: كالوعاء الذي يجمع أجسامًا.
- مكان مضاف: وهو مضاف إلى المتمكن (الجسم الذي يشغل مكانًا)، فإن لم يكن المتمكن لم يكن مكان.
وكان "الرازي" من أوائل الذين نادوا بكروية الأرض، وقال: إنها تفوق حجم القمر، وتقل كثيرًا عن حجم الشمس.
كما توصل إلى طريقة جديدة للتمييز بين المعادن عن طريق تعيين الثقل النوعي، وذلك من خلال تعيين ثقل حجم معين من المادة منسوبًا إلى نفس الحجم من الماء.
واستطاع بذلك التمييز بين معدني الذهب والفضلة بهذه الخاصية الطبيعية.
ولعل أهم إنجازات "الرازي" في مجال الطبيعيات، هو نقضه لنظرية الإبصار التي ظلت سائدة طوال القرون التي سبقته، والتي انتقلت إلى المسلمين عن الإغريق، وهي نظرية "إقليدس" القائلة بأن الإبصار يحدث نتيجة خروج شعاع من العين إلى الجسم المرئي، وقرر أن الإبصار يتم بخروج شعاع ضوئي من الجسم المرئي إلى العين، وهو ما أكده العلم الحديث بعد ذلك، وهو في ذلك أسبق من "ابن الهيثم" بعدة قرون.




وقد ترك "الرازي" العديد من المؤلفات الرائدة في الطبيعيات، من أبرزها:
كيفيات الإبصار.
شروط النظر.
علة جذب حجر المغناطيس للحديد.
الهيولى الكبير (المادة)
الهيولى المطلقة والجزئية.
الخلاء والملاء (الزمان والمكان).
هيئة العالم.
سبب وقوف الأرض وسط الفلك.
سبب تحرك الفلك على استدارة.



يعد "الرازي" من رواد علم الكيمياء، وقد أمضى شطرًا طويلاً من حياته في دراسة العلم، من خلال الممارسة العملية والتجريبية، وله فيه مؤلفات قيمة، حتى عده كثير من العلماء مؤسس الكيمياء الحديثة.
وقد اهتم "الرازي" بعلم الكيمياء؛ لأنه العلم الوحيد الذي يمكن الحصول على حقائق من خلال التجارب التي يجريها، وتقوده إلى استنتاج القوانين، ولكنه ما لبث أن ترك هذا المجال، بعد أن ضعف بصره، وتحول إلى دراسة الطب وممارسته وهو في نحو الأربعين من عمره.
وكان "الرازي" متبحرًا في ذلك العلم، واسع الاطلاع فيه، فلم يقف عند حد الاطلاع على إنتاج علماء اليونان والفرس والهنود فحسب، وإنما أضاف إلى ذلك ما وصل إليه بخبرته وممارسته وتجاربه ومشاهداته.
وقد حضَّر زيت الزاج أو الزاج الأخضر (حامض الكبريتيك) والكحول بتقطير المواد النشوية والسكرية المتخمرة.
كما عني "الرازي" بوصف المواد التي يجري عليها التجارب، والأدوات والآلات التي يستعملها، ثم طريقة العمل، كما وصف كثيرًا من الأجهزة العلمية التي كانت معروفة في عصره.
ومن الطريف أنه ربط الطب بالكيمياء، فكان ينسب الشفاء بفعل الأدوية التي يصفها الطبيب، إلى التفاعلات الكيميائية التي تتم في الجسم.
ويعد "الرازي" من تلاميذ "جابر بن حيان" العالم الكيميائي المعروف، وقد استطاع "الرازي" أن يطور كيمياء "جابر" وينظمها ويزيد عليها بما ابتكره من نظريات كثيرة ومشاهدات عديدة.



تعد مصنفات "الرازي" في الكيمياء علامة بارزة على طريق هذا العلم العريق؛ إذ تحوي الكثير من مشاهداته وملاحظاته وتجاربه واستنتاجاته، ومن تلك المؤلفات:
سر الأسرار.
التدبير.
الإكسير.
شرق الصناعة.
نكت الرموز.
الترتيب.
رسالة الخاصة.
الحجر الأصفر.
الرد على الكندي في رده على الصناعة.



كان "الرازي" فيلسوفًا معروفًا، وله اهتمام بالعلوم العقلية، وكان يدعو العلماء وخاصة الأطباء إلى الأخذ من العلوم الطبيعية ودراسة العلوم الفلسفية والقوانين المنطقية، ويرى أن إغفال تلك العلوم يزري بالعلماء.
واختلف "الرازي" مع المشائين المسلمين في إمكان التوفيق بين الفلسفة والدين، وتأثر بآراء "سقراط"، واتبع "أرسطو" في الكثير من أفكاره وآرائه.
كما رد في كتاباته على بعض متكلمي المعتزلة مثل "الجاحظ" و"أبي قاسم البلخي"، وكثير ممن حاولوا إدخال البراهين العلمية في الدين.
وبالرغم من الاتجاه العلمي للرازي والنزعة القلية له والتي تحكم أسلوب تفكيره ونظره إلى حقائق الأمور ومشاهدات العلوم، فإنه رفض إقحام تلك النزعة على أمور الدين؛ لأن العقل البشري يقصر عن أمور كثيرة في الكون، ومن الخطأ تحكيمه مطلقًا في أمور الدين، وقد أثار ذلك حفيظة الكثير من العلماء ضده حتى رموه بالكفر واتهموه في دينه، حسدًا منهم وغيرة بعدما بلغ مكانة لدى العامة والخاصة.
ومن أبرز مؤلفاته في المجال:
المدخل إلى المنطق.
المدخل التعليمي.
المدخل البرهاني.
الانتقام والتحرير على المعتزلة.
وتوفي "الرازي" عن عمر بلغ نحو ستين عامًا في (5 شعبان 311هـ= 19 نوفمبر 923م).




كتب الرازي أيضا في مجال الأديان التي انتقدها، وقد خصص عبد الرحمن بدوي الفصل الأخير من كتابه (من تأريخ الإلحاد في الإسلام) لآراء الرازي الفلسفية في نقد الأديان.
إلا أن الرازي لم ينكر وجود الله بل أقر بوجوده، وقال بأنه منح العقل للإنسان ليفكر به.
وقد تم انتقاد آرائه الجريئة في نقد الدين من طرف العديد من العلماء والمفكرين من بينهم ابن سينا الذي يعتبر عند البعض فيلسوفا مسلما بينما اعتبره رجال الدين المسلمين كافرا كأبي حامد الغزالي وابن تيمية
رفض الرازي فكرة النبوة قائلا:
"من أين أوجبتم أن الله اختص قوما بالنبوة دون قوم ، وفضَّلهم على الناس ، وجعلهم أدلة لهم ، وأحوج الناس إليهم ؟ ومن أين أجزتم في حكمة الحكيم أن يختار لهم ذلك ، ويعلي بعضهم على بعض ، ويؤكد بينهم العداوات ، ويكثر المحاربات ، ويهلك بذلك الناس ؟"[3]
ويتحدث عن العلاقة بين العنف والدين فيقول أنه كان من الأولى "بحكمة الحكيم ورحمة الرحيم أن يلهم عباده أجمعين معرفة منافعهم ومضارهم في عاجلهم وآجلهم ، ولا يفضِّل بعضهم على بعض ، فلا يكون بينهم تنازع ولا اختلاف فيهلكوا ، وذلك أحوط لهم من أن يجعل بعضهم أئمة لبعض ، فتصدق كل فرقة إمامها ، وتكذب غيره ، ويضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ويعم البلاء"[3]
ويقول عن ما يراه عدم تسامح المتدينين مع نقد الدين
"إن سئل أهل هذه الدعوى عن الدليل على صحة دعواهم ، استطاروا غضبا ، وهدروا دم من يطالبهم بذلك ، ونهوا عن النظر، وحرضوا على قتل مخالفيهم ، فمن أجل ذلك اندفن الحق أشد اندفان ، وانكتم أشد انكتام" [3]
منذ بدء التأريخ، كل الذين زعموا أنهم أنبياء، كانوا في أسوأ افتراض لهم, مراوغين وفي أفضل افتراض كانوا يعانون من مشاكل نفسية.[4]

هُنا أنتهي من موضوعي

أرجو أن ينال أعجابكم

وأن تكونو قد استفدتو من هذه المعلومات

ولا تنسوني من ردوكم الحلوة



__________________
ﻻ بد لشعلة الامل أن تضئ ظلمات اليأس
وﻻ بد لشجرة الصبر تن تطرح ثمار الامل
رد مع اقتباس