~الموت الأبدي تحت أجنحة القصر الملعون~ بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أما بعد :
هذه مشاركتي بمسابقة : قصص الرعب ..
~الموت الأبدي تحت أجنحة القصر الملعون~
قصتي قد لا تكون الأفضل ولا الأجمل سرداً , لكنها تحاكي أكبر مخاوفي ..
الظلام وكائن مجهول الهوية إضافة لفقد أغلى إنسان في حياتي بطريقة بشعة ..
بليلة أختفي بها ضوء القمر... واحتلت الغيوم كبد السماء..
بليلة غاب بها دفء النجوم وقهر الظلام دفئها بعنف ..
كنت أراقب من نافذة العلية , أي حركة أو أي شذييه ..
ظهر ذاك الطيف المضيء تحت ضوء القمر, والذي سرعان ما اختفي
عن الأنظار , ما إن شق القمر الغيوم بقوة..
تعالت أصوات الذئاب ووصل صدى عوائها لأذني ..................... ثم دوت تلك الصرخة ..
أقشعر جسدي وارتعدت أوصالي لوهلة , عرفت حينها أنها قضت نحبها قبل طلب النجدة ..
كانت الأخيرة من بينهم , تدافعت الدموع لمقلاتي .. خطيت للخلف بضع خطوات وكاد تنفسي أن يضيع ..
هدأت من روعة قلبي وأنا أتمني فقط إما أن أنجو بسلام أو أن ألقي حذفي
سريعا , تحت هول ما رأيته بهذا الكائن ..
لحظات من السكون القاتل , ثم ........ وصلت لمسامعي تلك الخطوات السريعة ..
نظرت خلفي والظلام الدامس هو ما أراه ..
كان صرير الأرضية الخشبية هو الطاغي بهذا السكون , عندما همت تلك الأقدام بالتسلل ..
تحركت من مكاني وقلبي يقرع طبوله بخوف ..
تجمعت الدموع بعيناي ولم أجمح قلبي عن الخفقان السريع ..
سرت قليلا وأنا أحاول أن ألتمس أي شيء يقودني للدرج , حتى أخرج من هذا القصر الملعون ..
فجأة ظهر ذلك الضوء من خلفي وظهرت تلك المرآة الكبيرة أمامي ..
راقبت ملابسي الممزقة وشعري الغير مرتب ولكن ما شد انتباهي أكثر هو ذاك الطيف
من خلفي والذي ظهر بالمرآة
ابتسمت وسط تلك الدموع التي انهمرت من عيناي ولكن لحظة , لما أمي تبدو أطول ..
استبد بي اشد العجب و أفضع الذعر .. عندما رأيت ذاك الإشعاع حولها , كادت تكون شفافة ..
كنت لم التفت للخلف بعد , لا زلت أراقب بفزع , من هول ما تراه عيناي ..
كلما تقدمت تلك الوحش , كلما اتضحت ملامحها أكثر وظهرت التفاصيل بدقة ..
لم أستطع أن أبدي أي تعبير فقد كانت عيوني جاحظة ودقات قلبي تتسارع لتتدفق الدماء
نحو رأسي .. أيضا لم أبدي أي حركة ...
راقبت عيناها الزرقاء التي أغمضتها بشدة وقبضت على كفيها بكل قوة , لتطلق تلك
الصرخة العنيفة , وكأنها تتألم ..
ظهرت تلك العينان الحمراء والتي تدور في محجريها وكأنها تبحث عن شيء ما , بينما تلوث
ذاك الأنف والفم المفتوح أيضا بالدماء .. لتظهر تلك الأنياب الطويلة مخترقة الشفة السفلية بلا رحمة ..
كنت أرى أبشع كائن بحياتي , وكأن سيل من الدم الجارف قد مر بها .. كذلك لم يكن من شيء
حاد إلا واخترق جسدها الضخم ..
كان تحولا فضيعا , استبد بي الذعر الشديد ........ تحول كل شيء بها .. فقد كانت طيفا لتصبح
كائنا موحشا ...
انتبهت أيضا لذاك الشق اللذي مر بوجنتها اليمني وتوقف قرب ذقنها المسطح .. بدا أيضا رأسها
قد فقد معظم شعره الأبيض ..
كل هذا الوقت وأنا لم أتحرك من مكاني وتلك الابتسامة الشاحبة التي ظهرت منذ مدة , قد اختفت
أدراج الرياح من هول ما رأته عيناي ..
صرخت تلك الصرخة المدوية , ليتعالي صدى صراخي ويعم أرجاء القصر ووقعت جاثية
على الأرض , نعم فقد نجت روحي قبل أن يستقر ذاك الفأس برأسي ..
تطايرت شظايا المرآة واستقرت بجسدي لتدميه وتزيده ألما .. بينما توقف الفأس
بالجدار الذي يقبع خلف المرآة ..
كنت لا زال مرعوبة رغم ما مر من وقت .. يداي تخللت شعري القصير وتمسكت برأسي جيدا ..
بينما لا زالت أسناني تصطك ببعضها رعبا ..
كنت أنتظر موتي المقيت , وأخيرا جاء .. كتمت ألمي بصبر ولكنني لم أنجح .. أفلتت تلك
الصرخة من بين شفتاي .. فقد أخترق ذاك المنجل ظهري بكل عنف ليخرج من صدري ..
طأطأت رأسي بألم وأنا أراقب حديه اللذان روتهما دمائي .. بدأ تنفسي يعلو ويهبط ... كنت
لا أشعر بشيء .. ألم ذاك المنجل فقط , اللذي دخل وشق صدري , ولكن بعد ذلك لم
أشعر بشيء , سوا بعض النبضات التي تنبض ببطء حول مكان الألم ..
كذلك لا أسمع شيء , عدا صوت قطرات الدم المرتطمة بالأرضية ..
بدأت افقد الإحساس تدريجيا وكدت أن أقع .. لولا أن انتشلت فجأة لأقابلها .. كنت أنظر
لها بعينان فقدت الحياة ..
لم ألبث أن أغلق عيناي حتى سحبت ذاك المنجل من جسدي بعنف , تأوهت بصوت مرتفع
وصرخت بوهن ..
لم استطع رؤية ملامحها القريبة جيدا , فقد كانت تجتاح عيناي تلك الضبابية ..
زاد تنفسي وبت لا أشعر أي شعور ولا أحس بأي إحساس ..
كان صوت أنيني هو الشيء الوحيد اللذي يصدر مني .. أما بالنسبة لتلك الوحش فقط كانت
أنفاسها المرتفعة تلفح وجهي ..
زمجرت بخفوت وبدأت تستنشق الهواء القريب مني , وكأنها تشتم رائحة أكلها ..
فجأة فقدت الإحساس بكل ما حولي ..
كانت تجرني من قدمي بينما لا يزال جسدي ينزف دما , بات جسدي يحتك بتلك
الأرضية الخشنة , بدأت بالأنين وكأنما عاد الإحساس مجددا ..
شعرت بأضلاعي تتهشم وتتناثر داخل جسدي عندما نزلت من الدرج .. لم استطع
لا الصراخ ولا البكاء .. فقد كنت أنتظر الموت بشغف ..
ولكن استطعت إخراج تلك الآهة من بين شفتاي عندما انتهي ذاك الدرج الطويل بقفزة مرتفعة
بعض الشيء , ليعود ظهري المتهشم ويرتطم مجددا بالأرضية الخشنة .. التي لم تخلو من أي كسر
أو مسمار مقلوع إلا وقد مرت جميعها بظهري لتترك علاماته حتى اليوم ..
سمعت صوت صرير باب يفتح , حاولت أن استرق بنظري أي شيء بالغرفة , ولكنها كانت
مظلمة للغاية .. أيقنت أن نهايتي اقتربت ..
ارتفعت للأعلى وتدلى رأسي للأسفل , كان صوتي أشبه بأنين ضائع وغير مسموع ..
رمتني بكل قوة لأصطدم بتلك الأكوام اللينة والصلبة بآن واحد ..
تدحرجت من أعلى الأكوام لأصل لمنتصف أحدها , ولكن سبق أن تشبثت بيد شخص ما .. قبل أن أقع أرضاً ..
لا يزال قلبي ينبض بالحياة ولا زالت رئتي تستنشق الأكسجين .. ولكن عيناي أصابها العمى المؤقت..
كنت أتشوق لأري أخر شيء بحياتي , من هو الذي أنقذني من تلك السقطة البسيطة ..
ابتسمت بوهن وكأنما رغبتي قد تحققت , هاهي شمس الصباح تخترق زجاج الغرفة المكسور والمظلم ..
لم استطع احتمال هذا الكم من الضوء , لذا أغمضت عيناي بألم شديد ..
لم ألبث أن فتحت عيناي , حتى عدلت عن رغبتي برؤية من قام بإنقاذي , فيبدوا جيدا أنني أنقذت نفسي بنفسي ..
فتلك الكف التي تمسكت بها , ما هي إلا مجرد ذراع مقطوعة ومحشورة وسط تلك الجثث المكومة .. والتي تفوح رائحة العفونة منها ..
كنت أنظر لها والفزع يعصف بكل خلية في جسدي , لا يمكنني لا الصراخ ولا حتى الحراك أيضا ..
يبدو أن عيناي تأقلمت هذه المناظر البشعة , دارت عيناي بمحاولة لاستكشاف المكان ..
ولا يزال جسدي يرتجف رعباً ..
فقد كانت الغرفة مكومة بالكثير من أجزاء الأجساد , كان مظهراً مروعاً تقشعر له الأبدان ..
ارتخي جسدي المتألم لأقع أخيرا على تلك الأرضية التي غاص جسدي في قاعها المليء بالدماء ..
كنت أنتظر موتي المحتم , باتت أخيرا عيناني تنام رويدا , رويدا ..
ونبضات قلي المتسارعه بدأت تتهادي لمسامعي ببطء شديد وخفوت أشد ..
كم كان الموت بطيئا ومؤلما .. لم استطع إغلاق عيناني , فقد جحظت فجأة , عندما رمقت ذاك الرأس ..
نعم ذاك الرأس اللذي تخلى عن جسده ..
لا يزال جسدي يطفوا ببركة الدم وشعري يتحرك سابحا كلما تحركت قليلا ..
كنت أحاول غض البصر عن ما أراه ولكن هذا قطعا ليس بخيال .. كانت هي ..
نعم هذه أمي .. تجمعت الدموع مجددا بعيناي وباتت تلك الشهقات المكتومة تتصاعد تارة وتهبط تارة أخرى ..
ولكنني ابتسمت مجددا للمرة الثالثة عندما تذكرت بأنني سألتقي بوالدتي , فلا بد أن يجمعنا القدر ولو مرة ..
يالا أعاجيب القدر , بنفس اليوم الذي أتعرف به على والدتي , تموت هي وقريبا أتبعها أنا ..
لا زالت تلك الابتسامة الشيء الوحيد الذي يزين وجهي الكئيب , حيث أن الظلال حاوطت عيناي
و بدأت في الزيادة .. لتلتهم وجهي كله , فقد تبين أخيرا أن الروح بدأت
تخرج ببطء , فرجلاي تخللتها البرودة القارصة ..
أغمضت أخيرا عيناي بسلام .
كنت أرقد بسلام , يبدو أن روحي صعدت للسماء أخيرا .. نظرت لإرجاء المكان بابتسامة خافته ومتعبة أيضا ..
أطفو كنورس سعيد بأمواج البحر المتلاطمة على الصخور ..
ولكن لوهلة كدت أصدق فعلا أنني بالسماء ..
فقد ظهر أخيرا أنني بغرفة المشفي التي طغي بها اللون الأبيض , لتستشعر أيها المريض بأنك بسلام وأمان ..
ولكن لا يمكنني أن أعيش , لا يمكنني ..
نهضت من على السرير بنشاط , أيقنت أنني كنت بغيبوبة على ما أظن , أو شيء من هذا القبيل ..
فالجرح اللذي أخترق جسدي وأحدث به ثغرة , لم يكن يؤلمني البتة ..
أنا لن أستطيع الاستمرار بحياتي بعد كل ما رأته عيناي ..
ليس لي مقدرة على أن أكمل حياتي ..
كنت شبه فاقدة للذاكرة , لا يمكنني أن أتذكر أي شيء , كيف كانت بداية تلك القصة المروعة
, ولا كيف وصلنا لذاك القصر الملعون ..
كل ما أذكره قبل حدوث تلك المروعات هي لقائي بوالداتي ... ثم لا أدري كيف وصلت ولا أذكر
كيف حدث لقائي بتلك الوحش القاتل ..
لمحت عيناي كومة الأوراق الفارغة على المنضدة قرب السرير .. وكأنما تنتظر من يدون
عليها ألامه وآهاته المكتومة..
ركضت لأصل لها وبدأت أخط عليها ما حدث بتلك الليلة الشنيعة ..
دونت عليها كل ما أذكره و فرت تلك الدموع من عيناي لتلطخ الورق عندما اختلطت بالحبر..
لم استغرق ذاك الوقت الطويل بالكتابة ..
كم اخترقت السعادة قلبي عندما رأيت ارتفاع النافذة الشاهق عن الأرض .. ابتسمت برضا ..
فلا يمكن أن أكمل حياتي وهاجس الخوف يعصف بكياني ..
لم يكن يهمني كيف وصلت لهنا , ولا من أنقذني من هناك ؟
أخيرا كنت أقف بتلك النافذة التي اتسعت لطولي .. رميت نفسي وكأنني على يقين بأن
ما ينتظرني تحت هو وسادة ضخمة ناعمة الملمس والإحساس ..
كنت أرفرف كطائر تعلم الطيران حديثا ..
كذلك هاجمتني تلك الذكريات المقيتة بليلة غاب ضوء القمر ببدايتها ..
لطالما يمر تسلسل ذكرياتك منذ طفولتك حتى سنك الآن عند لقاء حذفك , ولكن كل ما مر
عليا أنا , هو فقط تلك الليلة الدموية ..
أخيرا استقر جسدي على الأرض ورحلت روحي لتلاقي طيف أمي ..
أين ستذهب بعد هذا الموت إلي السماء أو إلي الجحيم ؟
هل ستلاقي أمها آم لا ؟
من أنقذها وكيف أنقذها ؟
كيف وصلت لذاك القصر الملعون ؟
هل هذا موت أبدي آم أنها مجرد هواجس تهاجم الإنسان ؟
أسئلة كثيرة راودتني وأنا أخط بأناملي هذه القصة .. ولكن أجيبكم باختصار , أن هذا ليس إلا مجرد خيال .. أقتصر بين هذه السطور القليلة , التي لا يمكنها أن تحمل لا سطرا أخر ولا انكشاف حقيقة أخرى ...
وأخيرا ... هذه قصتي الغامضة التي ستصبح كوابيس , تخترق أحلام الكثير من القراء ..
دمتم بود
بحفظ الله ورعايته |
|