- البــــــــــــــــــــــــــــــــــارت الثـــــــــــــــــاني-
كنت هم أمي الوحيد. و كنا , هي و أنا ,جسدا واحدا,و روحا واحدة ,اذا جاز
التعبير.
ان ذلك الصنف من العلاقة بين الآباء و بين الأبناء ليس هو دائما كثير الفائدة .......
و قد يكون أحيانا مضرا , مرديا ...بالاضــــــافة الى ذلك , كنت ولدا وحيدا .... و ان أغلب الأولاد
الذين هم في وضعي لا يتلقون تربية طبيعية . فأهلهم , حين ينشؤونهم , انما يفكرون في أنفسهم
أكثر مما يفكرون في أولادهم..... و هذا ليس بالشيء الحسن.
انني لم أكن مدلعــــــا أو مختلا ( و هما نقيصتان تترصدتان الطفل الوحيد ).
لكن جهازي العصبي قد تقلقل قبل الأوان . فضلا عن أن صحتي العــامة لم تكن على مــا يرام : و لقد
ورثت ذلك الضعف عن أمي , التي كنت أشبهها في جميع النواحي .
كنت أفر من رفقة الصبيان الذين كانوا في سني , بل من مجتمع النـــاس عامة ,بل حتى من الاتصال
الصميمي بأمي . كانت هواياتي المفضلة القراءة , و النزهة بمفردي , و السباحة في اللأحلام, خــاصة
السباحة في اللأحلام !
ليس في وسعي أن أقول بمـــــــــاذا كنت أحلم . فأحيانا كنت أجد نفسي وراء باب نصف مغلق ,
و راءه تختبىء ألغاز معهات ....كــــــــــنت أقف هناك قلقا , مرتعشا ,متسائلا عما
يكون في الجانب الآخر ...............
كنت لا أجرؤ على اجتيـــــــار العتبة ... كنت أنتظر... كنت أنتضر أيضا و دائما .... أو
أني كنت أنام.
لو كانت لدي الملكة الشعرية لقرضت بكل تـأكيد شعرا ,الا أني لم أكن هذا , لذلك ضللت أحلم – و انتظر.
اني أشرتالي أني كنت تحت تأثير أحلام غامضة. كـنت أنام طويلا , بصورة عامة .
و كانت الأحلام تلعب
في حيــــــــــاتي دورا مهما :كنت أحام كا ليلة تقريبا . و كنت لا أنساها أبدا , و كنت أسند اليها المعاني
الغامضة التبؤة, و أسعى لتأويلها .كانت بعض تلك الأحلام تعود بصورة منتظمة .
و كان ذلك يثير دهشتي دائما.
كـــان واحدا من أحلامي خاصة يلقي في روعي الاضطراب أكثر من الآخرين:كنت أمشي
فيه في زقاق طويل,
ضيق , وعر المسالك , تقوم على جانبيه بيوت قديمة , بحثا عن والدي الذي لم يكن قد
مــــــــــات, انما كان مختفيا
في احدى تلك البيوت . كنت أدخل مدخلا واطئا و معتما , و أجتاز باحة زاحمة بدفوف و
أحطاب , و أدخل
أخيرا كوخا حقيرا , مضاء بنور ضعيف من كوتين مدورتين . كان والدي واقفا وسط الحجرة
يرتدي مبذلا و يدخن غليونا.
الا انه لم يكن يشبه أبي الحقيقي ابدا . فقد كان هذا طويلا , نحيلا, اسمر , بأنف أفقي ,
و عينين قاتمتين نافذتين,
في حدود الأربعين سنة.
كان ساخطا علي , لأني دخلت عليه . و لم اكن انا بسعيدة للقياه : كنت اشعر شعور
المفـاجــــــــــــــاة بل الشدة.
و كان الرجل يدير لي ظهر المجن , و يشرع في الدمدمة بشيء ما ,و هو يذرع ارض الحجرة, جيئة و ذهابا,
بخطوات صغيرة ... ثم انه كان يبتعد عني رويدا رويدا , دون ان يكف عن الدمدمة , و يلقي نظرات الى خلف
من فوق كتفه...... و كانت جدران الحجرة تنزاح و تتحول الى ضباب ... و كان الفزع ينتابني لخشيتي من فقدان
والدي مرة اخرى , و كنت اركض وراءه , و يكون هو قد غاب الا اني كنت استمر في
سماع دمدمته التي تنبىء
عن الغضب و التذمر ...... كان قلبي ينقبض , و كنت أفيق و لا أتمكن من مواصلة
النـــوم .....
و كنت طوال اليوم التالي , افكر بهذا الحلم , و كنت طبعا لا أجد له تأويلا مرضيا.
انتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهى البارت
كيف كان البارت ؟
هل توقعتم ان يكون البطل ولد ؟
توقعاتكم .
|
__________________ |