| رد: خطر المشروبات الغازية
المشروبات الغازية ومضار الاكثار منها
ابتسام علي ناصر
زارتني صديقتي في داري، فقدمت لها فنجاناً من القهوة مع قدح من الماء، وبعد حديث تجاذبناه معاً، استأذنتها وعدت لاقدم اليها قدحاً مملوءًً بالمشروبات الغازية.. انصرفت ساعة، دعاني واجب الضيافة ان اقدم لها قدحاً آخر من البيبسي كولا، فشكرتني ورفضت تقبله، وامام الحاحي، قالت لا يمكنني ذلك، فلا بد انك لا تعلمين المضار الناجمة عن الاكثار من تناول المشروبات الغازية.. قلت لها: وأي ضرر في ذلك انها مجرد سوائل تعوض الجسم عما يفقده منها في هذا الصيف القائظ، قالت: صحيح اذا كان ماء اما المشروبات الغازية فلا.. فلا بد لك ان تستمعي الى حديثي لتقرري بعد ذلك ما اذا كنت على خطأ ام صواب..
اعتقدت في بادئ الامر ان ذلك لا يتعدى ان يكون مجرد حديث طرق سمعها أو ما تقرأه في بعض الصحف والمجلات وهي محض دعايات مضادة لبعض المنتجات التي يتناولها الانسان باستمرار تهدف في الغالب الى منع رواجها على حساب منتجات اخرى جديدة تظهر الى حيز الوجود.. ولكن كان لزاماً عليّ ومن واجب الضيافة ان اتقبل دعوتها واستمع اليها.. فقالت: استمعي جيداً يا جارتي العزيزة الى ما اقوله ولك الحكم على قولي بعد ذلك.. ان الحقيقة التي لا جدال فيها تقريباً ان تناول المشروبات الغازية والسكرية لا ضرر منه، فقط اذا كان بكميات قليلة.. الا ان تناولها باستمرار هو الضرر الكامل حتماً ذلك لأنها تتدخل بشكل جوهري في عملية التوازن الغذائي والوظيفي لانسجة الجسم.. اما لاحتوائها على منبه عصبي مثل القهوة والشاي والكوكاكولا والبيبسي أو احتوائها على مواد محلاة "سكريات". ان شرب الماء بكثرة هو امر جيد.. لكن شرب السوائل الغازية والسكرية بكميات كبيرة ومستمرة له ضرر اكيد.. ففي احدى الدراسات التي استغرق اجراؤها ست سنوات وعلى عينة من 20 ألف شخص، وجد الباحثون ان الذين يشربون اكثر من خمسة كؤوس من الماء يومياً قل عندهم خطر التعرض لنوبة قلبية وعائية بشكل لافت بالمقارنة مع الذين شربوا اقل من كأسين في اليوم.
اما بالنسبة الى المشروبات الغازية فزيادة تناولها يؤدي بالضرورة الى تقليل كميات الماء التي نتناولها يومياً بالنتيجة "لاحتوائها على نسبة مياه كبيرة" وستكون فرصة اصابتنا بامراض في الكبد أو الغدد أو القلب أو المعدة أو الاعصاب.. في الوقت الذي يوفر الماء الصافي لدمنا افضل درجة لزوجة ممكنة بينما المشروبات الغازية والسكرية تتسبب بارتفاع درجة لزوجة الدم الى مستويات عالية مما يجعل الدم اقل سيلاناً واكثر ركوداً الامر الذي يعرض فيه الشخص نفسه لخثرات دموية وعائية قد تسبب ازمات قلبية ودماغية. غير ان الظاهرة التي تعد من اهم عشاقها الشباب والاطفال المولعون بالمشوربات الغازية والسكرية صارت جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية.. فكيف اذن يمكن لنا معالجة الامر؟ اذا القينا نظرة اكثر دقة على مكونات هذه المشروبات نجد انها تحتوي على الماء والسكر والملونات والمعطرات والمحمضات الغذائية فضلاً عن غاز الكاربون.. وهذه المواد لا قيمة غذائية لها تقريباً فهي تخلو من الفيتامينات والبروتينات والاملاح المعدنية.. ان شرب قنينة أو كأس بين يوم واخر من هذه المشروبات لا خطر منه الا ان شربها يومياً وعلى مدى زمني طويل يؤدي الى اضرار شتى. وعليه سنعرض الاخطار التي سيتعرض لها المولع على هذه الغازات والسكريات! فاولاً انها لا تؤمن، عكس ما يتوقعه الكثيرون رطوبة جيدة للجسم فكلما شرب منها اكثر ازدادت الحاجة اليها. كما انها تطلب في اغلب الاحيان باردة أو مثلجة وهذا يعني احد امرين الاول: الغاؤها لحاسة التذوق "وهذه قضية خطيرة وليس كما يبدو او يعتقد عنها" والثاني: عدم قدرتها على اثارة حالة الشبع مما يدفع الى استهلاك المزيد من الطعام..
وثانياً ان هذه المشروبات مليئة بالسكر وهذا السكر من النوع البسيط السريع الامتصاص "هضمياً" وبما ان الجسم ليس بحاجة له فسرعان ما سيتم تحويله الى دهن.. فضلاً عن انه سيفعل فعله في الاسنان التي ستتعرض للنخر.. والسبب بسيط وواضح فنحن نادراً ما نجد احدنا يذهب لتنظيف اسنانه بعد شربها! ان هذا السكر مدمر للصحة لان عملية احتراقه وتحويله الى طاقة تتطلب كميات هائلة من فيتامينات المجموعة "B" ان النقص في هذه الفيتامينات يؤدي الى اعراض لا ينتبه اليها احد مثل الارق والقلق والضجر والكآبة والعصبية ناهيك عن امكانية التعرض للاصابة بمرض السكري. ثم ان الاشاعة المتداولة بيننا من ان هذه المشروبات تساعد على الهضم هي كلام غير صحيح والحقيقة ان الغاز الموجود فيها "ثاني اوكسيد الكاربون Co2" لا يساعد الا في دفع الاغذية من المعدة بشكل قسري بغض النظر عن بقائها الوقت اللازم للقيام بعملية هضمها الى الامعاء.. وهذا يعني انها مادة أو "غاز" لا تساعد على الهضم بل تسيء اليه. وان هذه السوائل تؤخذ مع الطعام، مما يؤدي الى تعطيل الوظائف الهضمية للعاب الموجود في الفم لانها تساهم في دفعه من الفم سريعاً فضلاً عن انها تعمل على تمدد العصارات المعدية مما يؤدي الى عسر للهضم.. فما رأيك بما قلته لك الآن.. عليك ان تفكري وتستقصي الحقائق لان الاكثار من تناول المشروبات الغازية تعد ظاهرة خطيرة غير ملموسة في باديء الامر.. بل علينا الاستمتاع بها بين حين وآخر فنحن نعرف جميعاً انه في السنوات الخمسين الماضية حدثت تطورات كبيرة على صعيد التغذية من حيث انواع المواد الغذائية واشكالها وانتشارها الواسع في كل اقطار وبلدان العالم.. غير ان الكثير منها يعتبر الآن مضراً بالصحة.. على سبيل المثال انتشار ظاهرة تناول المشروبات الغازية.. وهي ظاهرة شجعت الجهات المنتجة لها وشركات الدعاية الناس على اعتبارها صرعة جديدة من الصرعات والتقاليد الاجتماعية في كل المجتمعات المعاصرة تقريباً.. حتى وصل الامر الى ان الناس باتوا يختارون شربها عوضاً عن شرب الماء ويعتمدون اكثر فأكثر عليها مثل "البيبسي، الكولا، السفن آب والكوكا كولا والفانتا وغيرها.  |