تنبيه ذوي الأفهام ببطلان ما نسب الى سيدنا معاوية من سب سيدنا علي عليه السلام الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله اجمعين وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين ..
وبعد ...
فهذا بحث في موضوع سب سيدنا معاوية لسيدنا علي عليه السلام ، وبيان ما حدث من وهم وسوء ظن من البعض في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فأقول وبالله التوفيق ومنه السداد : الاثر الاول انقله من بحث الشيخ التكلة مع بعض التصرف والزيادة : انا لم أجد حتى الآن خبرا واحدا صحيحا يفيد أن معاوية كان يشتم عليا أو يأمر بذلك، فضلا عن لعنه على المنابر، ولكن لما رأيتُ ما يحتج به الرافضة ومن تأثّر بأقوالهم رأيتُ أن أقوى ما عندهم في ذلك هو حديث سعد بن أبي وقاص :
1) حديث سعد بن أبي وقاص الوارد في صحيح مسلم (2404) وفيه:أمرمعاوية سعدا، فقال: ما متنعك أن تسب أبا تراب؟ ونص الحديث هو كالتالي : حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وتقاربا في اللفظ قالا: حدثنا حاتم - وهو بن إسماعيل - عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه. قال (بكير): أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله r فلن أسبه. لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم. سمعت رسول الله r يقول له خلفه في بعض مغازيه. فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله r: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي؟ وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها. فقال: ادعوا لي علياً. فأتي به ارمد، فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي. قلت :وهذا لا تصح نسبته إلى مسلم دون بيان أنه إنما أورده في الشواهد لا في الأصول ، أي أنه لم يخرجه احتجاجا ، فإنه على طريقته المعروفة – والتي نص عليها في مقدمة صحيحه - يقدِّم اللفظ الأصح، والمحفوظ في الرواية، ثم يتبعه بما هو دونه، وقد يُشير في ذلك لعلة في السياق المؤخر ، ونص على مثل ذلك في كتاب التمييز له - وهو في العلل - ومن أمثلته ما نحن بصدده الآن. فالإمام مسلم أورد أكثر من طريق للحديث، ليس فيها هذا اللفظ ولا حتى إشارة له، بل هذا اللفظ تفرد به بكير بن مسمار، وخالف بذلك جمعا من الرواة الثقات الذين لم يذكروا السب، فتكون روايته بذلك ضعيفة منكرة. قلت : 1) فعلة الحديث بكير بن مسمار : قال عنه ابن حجر في التقريب : ( صدوق ) . وقال الذهبي في الكاشف : ( فيه شيء ) . و قال العجلي ( وهو متساهل ) : ( ثقة ) . و قال النسائي : ( ليس به بأس ) (يعني صدوق) . و قال أبو أحمد بن عدي : ( مستقيم الحديث ) . وقال البخاري : ( فيه نظر ) كما في تهذيب الكمال . وذكر له هذا الحديث في التاريخ الكبير ( 2 / 115 ) وقال : ( فيه بعض النظر ) ، وما روى له شيئاً . وذكره العقيلي في ضعفاءه (191) . وقال عنه ابن حزم في المحلى ( 9 / 47 ) : ( بكير بن مسمار ضعيف ) . وذكره الذهبي في الكاشف ( 1 / 276 طبعة دار القبلة للثقافة الإسلامية ، مؤسسة علو - جدة الطبعة الأولى ، 1413- 1992، بتحقيق محمد عوامة ) برقم ( 648 ) : ( بكير بن مسمار عن بن عمر وجمع وعنه أبو بكر الحنفي والواقديفيه شيء توفي 153 ) وقال عنه الذهبي في المغني في الضعفاء (1 / 180) : ( صدوق، لينه ابن حبان البستي وابن حزم وقال البخاري : فيه نظر ) . وهذا خطأ من الذهبي ! واورده في الميزان ( 1 / 350 ) برقم ( 1310 ) . وضعفه أيضاً الذهبي في تعليقه على المستدرك ( 3 / 159 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1411 - 1990 ، بتحقيق مصطفى عبد القادر عطا ) حديث رقم ( 4708 ) فقال : ( عليوبكير تكلم فيهما ) وقال الحاكم: استشهد به مسلم في موضعين !!.. وهذا وهم من الحاكم !! فتبين انه ليس البخاري فقط من جرحه .. وعلى فرض أن اللفظ ثابت ، فليس صريحا في السب ، كما قال النووي في شرحه ، ولو ثبت أنه في السب ، فما حصل من الاقتتال بينهما أشد من السب ! وعلى فرض صحة هذا الاثر : فقد قال النووي شرح صحيح مسلم ( 15 / 175) : ( قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه وانا سأله عن السبب المانع له من السب. كأنه قول: هل امتنعت تورعاَ أو خوفاً أوغير ذلك , فان كان تورعاً واجلالاً له عن السب فأنت مصيب محسن ، وان كان غير ذلك فله جواب اخر. ولعل سعد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم وعجز عن الانكار أوانكر عليهم فساله هذا السؤال. قالوا ويحتمل تاويلا اخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رايه واجتهاده وتظهر للناس حسن راينا واجتهادنا وأنه أخطأ ) . وقال القرطبي في المفهم ( 6 / 278 ) معلقاً على وصف ضرار الصدائي لعلي رضي الله عنه و ثنائه عليه بحضور معاوية وبكاء معاوية من ذلك و تصديقه لضرار: ( وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي ومنزلته وعظيم حقه ومكانته وعند ذلك يبعد عن معاوية أن يصرح بلعنه وسبه , لما كان معاوية موصوفا به من العقل والدين والحلم وكرم الخلق وما يروى عنه في ذلك فاكثره كذب لا يصح, وأصح مافيه قوله لسعد بن أبي وقاص ما منعك ان تسب أبا التراب وهذا ليس تصريح بالسب وانما هو سوال عن سبب امتناعه ليستخرج ماعنده من ذلك اومن نقيضه كما قد ظهر من جوابه ) . وقال الدكتور ابراهيم الرحيلي في كتابه " الانتصار للصحب و الآل من افتراءات السماوي الضال " : ( والذي يظهر لي - والله أعلم - ان معاوية انما قال ذلك على سبيل المداعبه لسعد , واراد استظهار بعض فضائل علي رضي الله عنهم اجمعين , فان معاوية كان رجلا فطناً ذكياً يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم , فأراد أن يعرف ما عند سعد في علي فألقى سؤاله بهذا الاسلوب المثير. ومثل هذا قوله رضي الله عنه لأبن عباس : أنت على ملة علي ؟ فقال له ابن عباس : ولا على ملة عثمان ,إنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . ثم إن الحاكم قد روى هذا الاثر في مستدركة ( 3 / 117 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1411 - 1990 ، بتحقيق مصطفى عبد القادر عطا ) دون ذكر عبارة : (أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً ) برقم ( 4575 ) فقال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي و أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي ثنا بكير بن مسمار قال : سمعت عامر بن سعد يقول : قال : ـ معاوية لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما : ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب قال : فقال لا أسب ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه و سلم لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم قال له معاوية : ما هن يا أبا إسحاق قال : لا أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ عليا و ابنيه و فاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال : رب إن هؤلاءأهل بيتي و لا أسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له علي : خلفتني مع الصبيان و النساء قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي و لا أسبه ما ذكرت يوم خيبر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله و رسوله و يفتح الله على يديه فتطاولنا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أين علي ؟ قالوا : هو أرمد فقال : ادعوه فدعوه فبصق في وجهه ثم أعطاه الراية ففتح الله عليه قال : فلا و الله ما ذكره معاوية حتى خرج من المدينة ) قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه بهذه السياقة و قد اتفقا جميعا على إخراج حديث المؤاخاة و حديث الراية ) وعلق عليه الذهبي قي التلخيص بقوله : ( على شرط مسلم فقط ) فتبين أن آفة هذه الالفاظ هي الرواة .. وكفى الله المؤمنين القتال ..
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |