الأثر الثالث : روى الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ( 50 / 96 ) : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ إذنا وأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء مشافهة قالا أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو عروبة حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا خالد بن يزيد عن معاوية قال : كان لا يقوم أحد من بني أمية إلا سب علياً فلم يسبه عمر فقال كثير عزة: وليت فلم تشتم عليا ولم تخف * بريا ولم تقنع سجية مجرم وقلت فصدقت الذي قلت بالذي * فعلت فأضحى راضيا كل مسلم قال محمد اليافعي :هذا الاثر ليس له دخل في سيدنا معاوية ، وانما هو يتكلم عن دولة بني أمية الظالمة ، والله تعالى يقول : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ..
اريد فقط ان أوضح بعض اللبس في هذا الاثر : أولاً : حدث هناك تصحيف في تاريخ ابن عساكر لم يتنبه له المحقق ، فاسناد ابن عساكر هو كالتالي : ( اخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ إذناوأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء مشافهة قالا أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين بنعلي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو عروبة حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا خالد بن يزيد عن معاوية ) قلت : والصواب هو ( جعونة ) بجيم مفتوحة وعين مهملة مضمومة ثم واو ساكنة ثم نون مفتوحة ثم هاء كما في الحلية ( 5 / 322 طبعة دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 ) : ( حدثنا محمد بن علي ثنا الحسين بن محمد بن حماد ثنا عمرو بن عثمان ثنا خالد بن يزيد عن جعونة ) ، وليس معاوية كما عند ابن عساكر رحمه الله .. وجعونة هذا قد استعمله عمر بن عبد العزيز على الدروب ، وهو إخباري يروى الحكايات عن عمر بن عبد العزيز .. وقد عزله عمر بن عبد العزيز كما روى الحافظ ابو نعيم في الحلية ( 5 / 334 طبعة دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 ) فقال : ( حدثنا أبو محمد ثنا أحمد ثنا منصور بن بشير ثنا أبو بكر يعني ابن نوفل بن الفرات عن أبيه أن عمر استعمل جعونة بن الحارث على ملطية فغزا فأصاب غنما ووفد ابنه إلى عمر فلما دخل عليه وأخبره الخبر قال له عمر هل أصيب من المسلمين أحد قال لا إلا رويجل فغضب عمر وقال رويجل رويجل مرتين تجيئوني بالشاة والبقرة ويصاب رجل من المسلمين لا تلي لي أنت ولا أبوك عملا ما كنت حيا ) ثانياً : ان جعونة هذا هو مجهول ، وكل من ترجم له لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فروايته لا يؤخذ بها لجهالته .. وقد ترجم له الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 11 / 242 ) ترجمة طويلة نوعاً ما برقم ( 1065 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً البتة .. وذكره البخاري في التاريخ الكبير ( 2 / 250 طبعة دار الفكر ، بتحقيق السيد هاشم الندوي ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً برقم ( 2361 ) : ( جعونة : كتب إلى عمر بن عبد العزيز في البراذين، سمع منه عمرو بن ميمون ) .. وذكره ابن حبان في الثقات ( 6 / 157 طبعة دار الفكر الطبعة الأولى ، 1395 - 1975 ، بتحقيق السيد شرف الدين أحمد ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً برقم ( 7145 ) : ( جعونة شيخ يروى الحكايات عن عمر بن عبد العزيز روى عنه عمرو بن ميمون وأهل الشام ) ثالثاً : واما خالد بن يزيد الراوي عن جعونة لم أتميزه ، ولم أجد له ترجمة فيما عندي من مصادر ! ، بل ان من ترجم لجعونة لم يذكر أن ممن سمع منه خالد بن يزيد !! ، الا اذا كان خالد بن يزيد من أهل الشام والله أعلم .. وبهذا فإن هذا الأثر لا يصح لجهالة ( جعونة ) على أقل تقدير دون ان نذكر خالد بن يزيد ..
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |