البرهان الأكيد بأن الرسول لا يسمع . يوم أن يحال بينه صلى الله عليه وسلم وبين أناس عند الحوض يقول : ( أصيحابي أصيحابي , فيقال له . إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) متفق عليه . فيدل على أن الرسول لم يكن على علم بتفاصيل ما جرى لأمته . وهذا عيسى عليه السلام يقول يوم القيامة { ما قلت لهم إلا ما أمرني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم }. أقول : فما بال أناس يعتقدون أنه صلى الله عليه وسلم يسمع من مناديه في الشرق والمغرب ؟ هل فسد دين المسلمين إلا بمخلفات التعصب والتقليد والعمى وهل مكن للكفار إلا لأن عقائد المسلمين صارت تشتمل على أشياء مما عندهم قال الحق : { يضاهئون قول الذين كفروا من قبل }. وقد ردت الزميلة حديث الحوض وفسرته تفسير ضعيف وقالت : إن ذلك يمثل المنافقين في وقت الرسول , والمرتدين عن الدين . فأجبتها : أما قولك عن أهل الحوض فكم أضحكني ردك يا زميلة , وأعتقد أنك مقتبسة هذا الرد من موقع رافضي , نسأل الله السلامة . أولاً : الحديث يشير إلى عدد معين وهو رهط , والرهط عدد من 3 إلى 10 , والذين قتلو ا في معارك الردة يفوقونهم بكثير جداً . وبهذا يسقط استدلالك بأنهم مرتدون ثانياً : في الرواية يقول الرسول ارتدوا على أعقابهم القهقرى , وهذا ينفي المنافقين الموجودين في وقت الرسول لأن الكافر أو كفر النفاق لا يحتاج إلى الرجوع فآخر المهلكة الكفر والنفاق . ثالثاً : لفظ ارتدوا على أعقابهم القهقرى , لا يساوي الكفر [ ارتدوا القهقرى ] لها معنى في اللغة يخالف معنى الارتداد بالكفر ، فالارتداد القهقرى – أو الرجوع إلى الخف - وهو يأتي بمعنى التعاون أو التنازل عن بعض الحق ، ويأتي أحيانا بمعنى التنازل عن الفضل والنزول من مرتبة عالية إلى مرتبة أقل منها ، والصحابة لموضعهم من دين الله وسابقتهم لا ينبغي من أمثالهم ذلك ، ولذلك كان التنازل عن شيء يسير يعتبر في حقهم ارتدادا على الأدبار إلى الخلف . ولعلكي ترين في الحديث تشديد النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من باب أفضليتهم وسابقتهم ، وهذا كمثل تشديد الله تعالى على أمهات المؤمنين من باب فضلهن ومنزلتهن وموضعهن من دين الله تعالى ، فقال عز وجل : { من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف بها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا } ، وهذا كما يقال : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، وهي عند التحقيق حسنات ولكنها في حق المقربين كانت أقل مما ينبغي أن تكون عليها حالتهم . من أقوال أئمة السلف في حرمة الاستغاثة بغير الله : أقول أنا فهَّاد : أما قولك منهم علماء السلف القائلين بقولي . أسمعي قول العلامة محمد بن سلطان المعصومي , وهو من علماء الحنفية – في كتابه (حكم الله الواحد الصمد في حكم الطالب من الميت المدد، " ص: (315)" ضمن مجموعة رسائل، بعد أن ذكر ما يقع فيه بعض الجهال من الاستغاثة بالأولياء والصالحين: (يا أيها المسلم العاقل الصحيح الإسلام، تدبر وتفكر، هل ثبت أن أحداً من الصحابة – رضي الله عنهم – نادي النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته أو بعد مماته من بعيد واستغاث به؟ ولم يثبت عن أحد منهم أنه فعل مثل ذلك! بل قد ورد المنع من ذلك، كما سأذكره – إن شاء الله تعالى – إلى أن قال: وها أنا أذكر من نصوص المذهب الحنفي – من الكتب المعتبرة والفتاوى المشهورة – ففي شرح القدوري: "إن من يدعو غائباً أو ميتاً عند غير القبور، وقال يا سيدي فلان ادع الله تعالى في حاجتي فلانة زاعماً أنه يعلم الغيب، ويسمع كلامه في كل زمان ومكان، ويشفع له في كل حين وأوان، فهذا شرك صريح، فإن علم الغيب من الصفات المختصة بالله تعالى، وكذا إن قال عند قبر نبي أو صالح: يا سيدي فلان اشف مرضي، واكشف عني كربتي، وغير ذلك، فهو شرك جلي، إذ نداء غير الله طالباً بذلك دفع شر أو جلب نفع فيما لا يقدر عليه الغير دعاء، والدعاء عبادة، وعبادة غير الله شرك) . أهـ وأما الإمام مالك، فقد نقل عنه كلمات في هذا الموضع تؤكد ما ذكرت أو زعمت حسب ما قلتي ، قال رضي الله عنه : ( لا أرى أن يقف عند قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – يدعو، ولكن يسلم ويمضي) كما في صيانة الإنسان (ص: 264). والكراهة في كلام الإمام مالك هنا كراهة تحريم كما بين ذلك أصحابه، العالمون بكلامه. وقال القرطبي المالكي في تفسيره (10/380): وقال علماؤنا [يعني المالكية]: (ويحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد) انتهى. وأما الحنابلة، فكلامهم في هذا الموضع أشهر من أن يذكر لكثرته، ومن ذلك: قول الحجاوي في كتابه "الإقناع" 6/186: (من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم كفر إجماعاً؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام) انتهى . فأنتي ترين – يا زميلة أقوال علماء السلف وأتباعهم على نبذ مثل هذه الأمور والتبرؤ منها . هداك الله للحق . آمين . أما قولك يا زميلة : الاستغاثة بغير الله تعالى جائزة وليست بشرك ما دام المستغيث لا يعتقد النفع والضر من غير الله تعالى وقد وضحت ذلك مرارا في سابق ردي. أقول : قد بينت سابقاً ولا ما نع من أعادته فقد تعودت منك هداك الله إعادة ما تم تفنيدة . قلت : معلوم أن الرسول لا ملك لنفسه ضر ولا نفع بل نحن مأمورون أن نعتقد أن النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقد قال الحق : { قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا } . { قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله }. هذا وهو حي كيف به وهو ميت ؟! ومعلوم أنه الآن لا يعتبر شاهداً علينا , لأنه غاب عن العالم الحسي فقد قال الحق لى لسان نبيه عيسى : {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم }. أقول : لا يوجد على الأرض من يدعو من يعتقد فيه أنه لا يملك الإجابة والنفع والضر إلا أن يكون مجنوناً . فهل هناك عاقل يقول : أغثني يامن لا تملك نفعاً ولا ضراً ؟! إلا أن يكون معتقداً فيهم التأثير وكشف الضر وتحصيل النفع اللهم إلا أن يكون مجنوناً فحينئذ لا يؤاخذه الله على شركه أكبر أو أصغر .
أقول أي النوعين أنت ؟ ..... نسأل الله السلامة . وبهذا ينتفي قولك ولله الحمد والمنة
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |