عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 10-18-2014, 03:44 PM
 




















لا تتعب بوصفي فأنا مجرد - امرأة -
ولا تهتم لملكي و صفاتي ... لأن قصتي أختصرت بين
كرامتي و عشقي ... واحتضرت روحي بينهما!










ذهب هاري بعد اخر لقاء دون ان يقول شيئاً .. وبقيت لفترة بغرفتي.
لا اخفي اني شعرت بالكثير من الثقل أزيح عن قلبي بعد ان اخبرته بمشاعري على الرغم اني كنتُ شبه واثقة ان حلم الطفولة لن يتحقق .. فقد
افسدت كل شيء ... وجعلتهُ يأخذ عني فكرة سيئة جديدة!
واتى اليوم الذي حدث فيه أمرٌ ما كنتُ لأتوقعه .. " جورج " مرة أخرى
يرسل رسالة لي وهو يهددني ... مضمونها :

" لقد علمتي ان هاري ما كان ليحب امرأةً مثلك .. وانا اطلب يدك و اريدكِ زوجة لي فإن لم تقبلي فهي الحرب ... كوني لي امرأة ذات ملك خيراً من أن اخذكِ عندي سبيه "

كأن كلامهُ لم يفاجئني كثيراً ... لا انكر ان مملكتينا متقاربة بالقوة إلا ان كفتهُ ترجح بالقتال ومملكتي ترجح بالاقتصاد .. كنت ولا ازال أكره العنف إلا اني قد تعلمتُ الفروسية منذ الصغر ... لستُ فارسة ماهرة ولكن اظن اني اجيد بعض القتال ما يكفيني ..
كان امراً حاسماً في حياتي و مستقبل مملكتي لم ارد ان يموت احد بسببي
كما ان حياة الاخرين ليست من حقي حتى أضحي بهم من اجل نفسي!
جمعتُ قادة الجيش في اجتماعٍ لم يفهموا ما سببهُ بادئ الامر واخذت سيفي وانا ارتدي
زياً عسكرياً ودرعاً من حديد ... صنع خصيصاً ليلائمني



قلت بحزم :
يا فرسان مملكتي الشجعان وردني من احد الملوك انه يريدُني زوجةً دون
إرادتي وما كنت اريد ذلك و للموتِ احب إلي
وقد هدد ان يأخذني سبيه ... إن لم اتيه طاعة وانا لا ارضى عليكم ذل ملكتكم فإن ذللتُ انا لحق بكم العار فخيرني بين الحرب و الزواج
واتيت إليكم اسألكم ... هل فيكم من الشجاعة ان تدافعوا عن ملكتكم؟!
ام تتركوا الامر لي فاذهب إليه طاعة ... فأنا أكره ان تُراق دماءٌ بسببي.
سكتُ ... انتظر جواباً من فرساني .. وإذ بهم يُفاجئوني بهتاف جماعي عالي: نحن لها يا ملكتنا ... والله لا نرضى عليكِ ما لا نراضه على اعراضنا.
ابتسمت وانا أجيب: إذاً هي الحرب فاجمعوا ما تملكون من السلاح وتأهبوا للدفاع و الهجوم ... وخذوا حذركم من جواسيس الغدر وما تخفي الليالي.

و ارسلتُ مكتوباً لـ " جورج " نصهُ
: التقيك عند "سهل الزهور السبعة" وهناك قاتلني فأن ظفرت بي فهنيئاً لك جثتي وإن ظفرت بك فسأقطع رأسك وكن على ثقة اني حاضرة مع الجيش وسأقف وقد اقاتل لتعلم من اكون عند الشدائد.

بَد الجيش على اهبة الاستعداد وكم كنت افتخر بهِ و بشجاعة الفرسان و سمو مبدأهم ... إلا ان ما صدمني هو برقية جديدة من جورج قال فيها :
أعدي ما تريدين من السلاح فقد جمعتُ لكي سبعه الف من الجنود وقد تحالفتُ مع قبائل " هاري " على قتالك ... فهو الان على وشك الزواج من امرأة اخرى وكانت تلك المرأة قريبتي ... واصدقك القول اني أثرت عليها لتأثر بدورها على هاري و حشدتهما لقتالك ... فكيف ستهزمين جيشاً بعدي؟
اخر موعد للاستسلام حتى الغد او فالتكون الدماء شهيدةً بيني وبينك.

" قل للبعيد الباقي في القلب .. اني من بعده
تركتُ حلم ثوبي الابيضَ
وأن الثياب بادت تُحرم علي إلا سوادها "
كم من الآهات تجمعت في عنقي وكتمتها و كم دمعهٍ حبستها .. لماذا يا حبيب الطفولة تعاديني او كل ذنبي اني احببتك ؟!
كنت اشعر بالحزن الشديد وعلى رغم ما اشيع عني أني امرأة لا تستخدم إلا عقلها .. فقد كنت استثني " هاري" فعاطفتي لهُ وحدة!
واظهرت امامهُ " يوماً " انفعالاتي فقد كنت " حقاً احبهُ "
قطع خواطري سهم جورج بخبر زواج غاليي ..
اسودت الحياة بعيني وادركتُ اني خسرتُ الشخص الذي اريد واني على وشكِ معركةٍ قد يلقى الكثير من ابناء شعبي حذفهم فيها.
وصار خيار الموت لي واضحاً ... وها انا ولأول مرة اقدم على خطة مجنونة دون ان استشير احد ... عزمت وامسكتُ بيدي موضع قلبي لأشجعهُ ان يكون قوياً في اخر ايام حياتهِ على الاقل!
قاربت شمس هذا اليوم على الغروب ... ارسلت مع احد جنودي علبه صغيرة ولكن هذه المرة ليست لـ " جورج " بل من أجل " هاري " ... كانت في العلبة برقية ورسالة ... برقية جورج التي ارسلها إلي ... ورسالة مني كتبت فيها القليل من الكلمات :
" شكراً على كل ما تفعلهُ من اجلي "
لم تكن عبارتي أكثر من " استهزاء " بهِ و بجزائه لي على حبي و وفائي الطويل من اجله ... ادرك انهُ ليس ذنبه ان لم يكن يحبني .. ولم يكن ذنبه من البداية اني وقعت في حبه ولكن اريدهُ فقط أن ... يشعر بي على الاقل
أو حتى رغبة الشعور بي تصبح انانية مني ؟!
واخيراً اشرقت شمس يوم الرحيل .. ودعت ماري و نائبي العجوز ... فقد كانا عائلتي الوحيدة و تركتُ قلبي في القصر هناك ... فأنا عزمت على القتال
على الرغم من رفض حرسي على الرحيل إلا اني كنتُ مصرة جداً ... اعتليتُ حصاني و اخبرتهم اني سأرتدي زياً مثلهم و اضيع بين الجنود حتى لا يعرفني العدو ولا يشتد الحال علي و على فرساني للدفاع عني .. و اخبرتهم ان موتي ليس بأغلى من موت احدهم و اننا سنكون يداً واحدة .. خرج معي الكثير .. وبعض الخادمات ترافقنني .. فبعد مسيرة ثلاث ايام وصلنا
حيث المكان ... نصبنا الخيم وانتظرنا .. كان عددنا " ثلاث الالف جندي " اي هم يزيدوا عن الضعف بالنسبة لنا ... وصلت جنودهم أخيراً عند شروق شمس يوم جديد .. يوم مملوء بالدماء ...
تقدم "جورج" وهو يقول:
اين ملكتكم ايها الاوغاد ؟
رد عليه قائد الجيش " سايمون كابريل " : ملكتنا لا تخشاكم وهي معنا ... ولكن اقتلونا اولاً حتى تصلوها ...
صرخ الطرفين ... " امتشقوا السيوف " و ليحتدم القتال ...
دب الخوف داخلي .. ماذا افعل هنا ؟! .. فأنا ابقى امرأة وسط هؤلاء الوحوش .. لم اقتل احداً من قبل بل لم اجرح احداً في حياتي! ... كان صراخهم يخيفني و قبضاتهم الخشنة .. لم اميز بين الجثث التي بدأت تتساقط اي احد لاني خشيت النظر للجثث اصلاً ...!
سرت رجفة في يدي
حقاً صراخهم يخيفني ... اخذت حصاني و بدأت اتراجع شيئاً فشيئاً
وانتهى بي المطاف وانا افر هاربة من وطأة الحرب ... كانت دموعي تنزل " لا إرادياً " من رائحة الموت والأشلاء المتطايرة ... وخوفي يزيد مع احتدام القتال حتى سيفي قد سقط من يدي بالطريق ... ولم اشعر بنفسي إلا وانا ابكي في خيمتي كالاطفال!
تجمعن الخادمات حولي بعد ان شعرن بالاستغراب من تصرفي ... ليست مثلي التي تفر هاربة كالجبانة .. غالباً اكون على قدر مسؤولية كلامي ولكن يبدو اني حملت نفسي ما لا اطيق هذه المرة ... وعلى رغم كامل إيماني بالارادة القوية ... وكامل إعتقادي بان لا للمستحيل في حياتي .. كنت اشعر بخوف كبير
الان يموت العديد من الفرسان بسببي .. وانا هنا ابكي منهزمة
كيف لي ان اتحلى بضعف المرأة الان بعد ان خسرت كل شيء يذكرني بكوني إمراة ... خسرت قلبي و مشاعري مع الايام .!
الان اتيت ناحبة أذكر نفسي اني انثى ؟! ... لا لن ارضى بهذا الضعف .. تملكني غضب من نفسي و احترقت نار داخلي من شدة قهري من موقفي المتخاذل!
انا الملكة وعلي تحمل كامل المسؤولية .. وانا التي اتخذت قرار هذه الحرب
ولن اتراجع الان ...
مسحت دموعي لتظهر عيناي بكل حده وكأن اللهيب يحترق فيهما لطالما كنت كذلك انا لن ارضى بالضعف إطلاقاً ... ولدت ملكة وسأدافع عن كرامة شعبي فهربي سيؤذي جميع افراد مملكتي .
نهضت من ضعفي وقد عزمت القتال حتى الموت .. ولكن قد فات الآوان الان، فلم اشعر إلا وقد حل المساء واعلن الطرفين الهدنة القصيرة حتى الصباح!
فوجئت بقائد الجيش " سايمون " يدخل بعد استئذانه وبدَ عليه بعض الانهاك و الحزن الواضح ... جلس على الارض امامي وهو يقول: سيدتي الملكة لقد تكبدنا خسائر فادحة! ولكن تمكنا كذلك من تكبيد العدو بالكثير من الهزائم .. لقد بدَ القائد " جورج " غاضباً لانهُ انتظر دعماً ما ولكنهُ لم يأتي .!
استغربت اخر كلماته ... هذا صحيح يبدو انهُ انتظر قدوم قبائل " هاري" ولكن عجباً لماذا لم يأتي ليساندهُ ... هل هانت عليه خطيبتهُ ؟!
- عفواً سيدتي هل كنتِ تبكين؟
شعرت بنوع من الحزن يجتمع داخل صدري فأنا لا اريد ان اظهر ضعفي لأي احد وخاصة قائد الجيش ... اخشى ان تتأثر روحهم المعنوية ... ابتسمت لهُ بلطف وانا اقول: يبدو ان وجهي يفضحني ... اشك اني الان ابدو متشربة باللون الاحمر على وجنتاي.
ابتسم "سايمون" كرد على كلامي ... فأكملت: اسمع لقد تكبد الكثير من الجند الخسائر الفادحة بسببي .. وانا لن اسمح بالمزيد لقد وضعت خطة وسأنفذها .. انا التي ستقتل جورج ... فإن مات القائد ضعف باقي الجيش وخارت عزيمتهم.
بدَ "سايمون" مستمعاً لما اقول ومتحمساً لكلامي ... اكملت أكشف عن خطتي: يا قائد الجيش .. انت الوحيد الذي ستعلم بها وانا أتمنك عليها حتى نهاية حياتي " لاحظت استغرابهُ " سأتزوج جورج .
اتسعت عيناه وبقي صامتاً ينتظر ان اكمل .. ليرى ما ارمي إليه فاسترسلت بالحديث: سأقتل جورج بنفسي وفي قصره بعد ان يظن اني استسلمتُ له.
بدَ "سايمون"غير مصدق لما اقول: عفواً ولكن الا يبدو هذا خيالياً فهم حتماً سيقتلونكِ إن علموا انكِ قتلتي ملكهم؟!
- لا أبالي ... افوز بخدعة خير من اخسر الكثير من جنودي و انهزم.
" شعر بالغضب " : سيدتي الملكة ألا تثقين بنا ؟! نحن جنودك وقد اقسمنا على حمايتك ... كما اننا اليوم قاتلنا بشجاعة ... ولم ننهزم بعد!
وقفت بحزم: لا ... لقد سمعت إحدى الممرضات تقول ان العدو كبدنا خسائر تقارب المأتي جندي بينما نحن كبدناهم أقل من المئة! ... جثث هؤلاء الشبان الذي ضحوا من اجلي عزيزةُ علي .. ولن اضحي بالمزيد ...
وقف "سايمون" محاولاً كبت غضبه: ولكن سيدتي ارجو ان لا تفكري بأنانيه فنحن لم نضحي لأجلكِ فقط بل ضحينا من اجل كامل مملكتنا من اجل كرامة الملكة و الشعب.
- وحان دوري يا "سايمون" حتى اضحي من اجل الشعب انا ايضاً.
اراد ان يرد ولكني منعتهُ وانا اكمل: سايمون ستكون انت من تدير هذا الجيش من بعدي ... ونائبي هو من يحكم البلاد إن مت ... كما " اراد ان يتكلم ولكني اشرتُ له بيدي ان يصمت " كما اني سأجعلكم تفخرون بي ولن اهرب كما فعلت اليوم.
خرجت من خيمتي و تركتُ "سايمون" الذي بدَ عليه الحزن لفراقي ... بالطبع هو لا يحبني فهو رجلٌ بالثلاثين من العمر ولهُ عائلة وابنان إلا انهُ يقدر تضحيتي وإخلاصي هذا ما اظنهُ على الاقل.
" اليوم ارتحل يا حضن الاماني ... ومرتع الهنا
ارتحل من غنى الثراء الى الثرى .. فلا تذرفي
الدموع هنا ارضي فإن التي لم تنسى قبلكِ غريباً
_ حاشا _ ان تنسى الوطنَ "
كتبتُ رسالة الى "جورج" اني وافقت على شرط إيقاف الحرب ... و ارسلتها حتى يأتيني الجواب بعد ليلٍ طويل ... على بداية الفجر ودعتُ فيه مملكتي و قلبي الذي اقسم ان يحب بصبرٍ و وفاء ... على الرغم اني سأتزوج من شخص اخر ولكن لن يكون زواجاً ... لطالما اردت ان اموت عذراء ليعلم كم كنت أعزة .. ولكن كرامتي و مملكتي اولى من رجال العالم بأسرهم ... واعلم
ان هذا الامر يتطلب مني التخلي عن رغباتي الشخصية ... في اثناء ذلك الليل فكرتُ لوهلة بخطيبة " هاري" ما كان اسمها وكيف شكلها ؟!
انها تمثل الفتاة التي لطالما كنت ارغب ان اكون مكانها ... ولكن لا .. لن اكون انانية وحاسدة ... نهضت اتنهد عبير الصباح المنعش ينبعث بلطف بين الحشائش الخضراء على مسافة من ارض المعركة ... لم اعلم من دفن الجثث وكم ام خسرت ابنها ... انا اشعر بالذنب يقتلني ... ليتني مِت قبل ان افر هاربة من واطئة الحرب ولكن ... سأحتمل مسؤولية خطأي وسأُري الجميع اني
استحق ما فعلوه من اجلي ... لكم ابدو مغرورة و واثقة بتلك الصورة .. ليتهم يعلموا اني لستُ تلك القوية .. لم اكن أكثر من عاشقة بحظ سيء!
بعد ما شممت ذلك النسيم ادركت ان " هاري" هو الوحيد الذي سيعلم اني كنت تلك الفتاة ... ولستُ كما يظن الجميع ... لا يهم .. فتحت الرسالة وانا اقرأ:
تم الاتفاق.
تنهدت ليعلن " سايمون " امام الجيش اني سأكون العروس دون ان يخبرهم طبعاً ان هذا فخ ... فأنا اؤمن ان لدية جواسيس في جيشنا كما لنا جواسيس في جيشه .. و اظن ان كلامي صحيح وإلا لما كان " جورج " قليل الحذر معي هكذا ... هذا الرجل اظن انهُ يملك نوع من الحماقة!
ركبتُ عربة ملكية و عدتُ مع "جورج" الى القصر لينسحب ورائنا كامل جيشه ويختفي جيشي ولا اعلم عنهُ شيء!
حاول " جورج" التقرب مني مع ابتسامته المقززة تلك إلا اني كلمتهُ بحده: لا تفكر بلمسي حتى.
رد بانزعاج : لماذا ؟ الن تكوني زوجتي؟
نظرت إليه بعيون ساخرة : اي زوجة هذه التي تردي زي الفرسان ؟ اريد الذهاب الى القصر اولاً وتغير ملابسي و الاستحمام ... ثم بعد ذلك تعال إلي.
يبدو انهُ اقتنع بكلامي .. فهو لا يكاد يصدق ان " كاميليا " اصبحت زوجتهُ حيث كما اشيع عني ان لا رجل يدخل قلبي ... لكم سخرت من تلك الفكرة انهم يعطوني أكثر من قدري هم لا يفهمون فقط اني شخص خجول الى درجة تمنعني من الافصاح عن حبي الحقيقي!
وصلنا الى القصر بعد ايام من السفر لم يقترب خلالها مني " جورج" ولكن كان لا يمتنع ان يكلمني بأمور سخيفة على ما اظن مثل انهُ ينوي ان ينجب اولاد ويسميهم اسماء اكثر سخافة من الموضوع ... كنت اضحك على كلامه وهو يظن اني اجامله لم يدري اني اضحك على حماقته!
وصلنا القصر عند المساء اخبرني انه لن ينتظر طويلاً ... ودلني على غرفة فيها ثياب لي حتى اغير زيي العسكري هذا ... خرج .. و انا استغللتُ الفرصة بعد ان اغتسلتُ ابدلت ثيابي بثوبٍ طويل اسود كذلك ... لم يكن جميلاً كان عادياً .. و وضعتُ خنجري المسموم في يدي ... وانا اخفيه بمنديلٍ طويل اخذتهُ معي من احدى الخادمات ... كان ملائماً لإخفاء خنجري الذي اختفى وراء ظهري.
لم اسمع إلا طرق الباب ليدخل بعدها " جورج " ثم اغلق الباب كان مُترنح يبدو انه قد شرب مسكراً مقيتاً أخر ... اقترب مني وانا قلبي يزداد في نبضاتهِ
" سأقتلهُ ... سأقتلهُ حتماً ... لستُ انا التي تتزوج رجلاً قذراً كهذا " .. تذكرت تضحية جنودي فزادت الحماسة في صدري ... اقترب مني جورج كثيراً .. وبسرعة اخرجت خنجري و زرعتهُ بصدره ...!
صرخ بصوتٍ عالي .. وكان يشتمني وهو مذهول من ما حدث .. سالت منهُ الدماء وبدأتُ ابتعد بيدين ترتجف.
ترنح قليلاً وهو بسكرات الموت ثم سقط ميتاً ... ينتفض على الارض حتى مات .. لكنهُ اصدر ضجيجاً خشيتُ ان احداً من الحرس سمعه .. ركضت الى الخزانة وعدت الى ملابسي الاولى التي اتيتُ بها ... ورحت اجري بعيداً ولشدة رجفتي و سعادتي بتحقيق غايتي نسيتُ ان اغلق الباب ورائي!
حاولت ان لا يراني احد من الحرس ولم اكترث للخدم كثيراً .. ولكن لم يمضي من الزمن إلا القليل حتى نادى منادٍ في القصر ... قُتل الملك ... على يد الملكة الجديدة ... من يعثر عليها فليقتلها.
بعد ذلك سمعتُ اصواتاً كثيرة تهز القصر ...! وكأن في الامر إطلاق نار المنجنيق ... وبدأت اشعر بسهام الرماة تتطاير .. زاد خوفي ماذا حدث ؟! وما الذي يحدث الان ؟! هربت وانا اشعر بالتوتر وإذ باحد الحراس يراني و يصرخ: انها هي ... فلتمسكوا بها ...
زاد العدد خلفي من الحراس الملاحقين لي وانا ازدادُ تعباً ... كنت ارى بعض جدران القصر تتهدم امامي ... و حريق يشب فجأة بجزء اخر من القصر شعرت بالخوف الشديد ... وكأني سأسقط مغشياً علي في أي لحظة وقلبي يكاد ينفجر .. كل ما كنت ادمدم فيه " ما الذي يحصل " بدَ الامر غير طبيعياً ..

وفجأة!

كأن الزمن توقف ... هدأ كل شيء ... حتى قدماي توقفت بل سقطت على الارض دون حراك وعيناي مفتوحتانِ من الصدمة ... سمعت اصوات مشوشة ... سمعت اشياء لم افهمها .. صراخ ... حرارة عالياً ... شعرت ان حريقاً شب بالقرب مني !
كان مجرد سهم .!
سهم لأحد فرسان " جورج " ظهر امامي فجأة وانطلق إلي مباشرة ...
ليسقطني ارضاً ...!
مرة وهلة من الزمن سمعت فيها ضجيجاً بعيداً .. ثم .. !
عاد الزمن للجريان وكان سريعاً هذه المرة ... شعرت بكلام اشخاص حوطوني والتفوا حولي بسرعة ... احدهم قال بذعر : كاميليا؟ كاميليا هل تسمعيني؟
لا يمكن ان اخطئ هذا الصوت ... إنهُ هو ... انا متأكدة إنه " هاري" .. لم اجب فقد اجابت دموعي بدلاً عني ... لم تكن تخرج الكلمات من شفتي .. كل ما خرج كان شهقات بكاء مختنقة ... و متقطعة .. شعرت بدموعي تنساب بكثرة .. سمعتُ صوتهُ من جديد: حمداً لله ... إنها لا تزال حية.
رد صوتُ اخر .. اظن انهُ " سايمون " ولكن كيف! ما الذي اتى بهما الى هنا الان؟! ... كان يقول بتوتر: ولكن السهم قد اصابها!
- لا السهم لم يخترق درعها ولكن ثقبهُ فحسب ... اظن انها فقدت الوعي بسبب توترها او انها رأت شيئاً أخافها فلم تحتمل ذلك.
" قُل لي من فضلك ... أن الاحلام لها وقتٌ وتتحقق ... "
كان صوتهُ كالدواء الذي عالجني بلطف ... " هاري " هنا ماذا يفعل هنا ... شعرت بقليل من الراحة وانا اسمع صوته مع " سايمون" شعرت اخيراً بالأمان ... وبدأت استعيد وعيي شيئاُ فشيئاً ... نظرت الى هاري الذي كان منشغلاً بشيء ما حولهُ اظن ان هناك اشتباك قريب من هنا ... نهضت ببطء ليلتفت كل من " هاري " و " سايمون" مع بعض الجنود إلي ...
لاحظت ان السهم قد تم نزعهُ من درعي ... نظرت إليهم بتعب
وانا اقول: ماذا يجري؟
لاحظت بهجة السعادة تخترق وجوههم ... وجهتُ نظري الى " سايمون" وتجاهلت "هاري" بعد ان تذكرت انهُ خاطب .
ومن المستحيل ان يكون لي ...
رد "سايمون" برسميه: آه بعد ان رحلتي وتركتي امرة الجيش في يدي عزمتُ الهجوم على القصر وما إن اتيت حتى قابلتُ قبائل هاري وهم الفي جندي ... وقد اخبرني هاري انهُ بعد أن استلم رسالةً منكِ فهم الكثير من الامور وهو يريد ان ينتقم من " جورج" لانهُ استغله بتلك الطريقة المُعيبة ... وكذب عليه بكثير من الامور ... فاتحدنا و هاجمنا المملكة ويبدو ان " جورج " كان يعرف بهجومنا عليه ولكنه لم يخبركِ بذلك ظناً منه اننا سنُهزم ولن نصل إليه.
ابتسمت وانا اقول: كان هذا سريعاً .!
فرد " سايمون" : نعم بفضل المخطط الحربي " هاري " له الكثير من المعارف هنا الذين ساعدونا باختراق الاسوار.
ثم ركض " سايمون " مبتعداً و قد امر كل من حولي من حراس ان يلحقوا بهِ .. شعرت بالاستغراب من ذلك ولكن وضح الامر عندما رأيت "هاري" وهو يقول: انا طلبتُ منه الرحيل.
نظرت الى "هاري" الجالس على الارض بمستواي وانا لا ازال على الارض كنتُ اميل للعبوس ... أكمل: كاميليا انا اسف ... لقد تسببتُ لكي بالكثير من الـ ...
أعلم ... لقد قاطعتهُ دموعي ... لمَ اصبح ضعيفةً هكذا امامهُ .. ما إن قال " اسف" حتى بدأت ابكي .. اخبرتهُ من بين الدموع: لا تعتذر.
فرد باستغراب: لمَ تبكين؟
سكت وانا انظر الى الارض ... ابكي لانك الان شعرت فيّ .. الان بعد ان اصبحت ملكاً لإمراةٍ غيري ... أبكي انك كنت انت منقذي و انت قاتلي .. ابكي على نفسي فأي حياةٍ ساعيشها بعيداً عن حبك الذي تربيتُ عليه .. ابكي قلبي الجريح ... ابكي اني لن اصل إليك ...
انتظر مني الجواب .. ولكني لم انطق باي كلمة ... كنت اتكلم بداخل نفسي و دموعي تنساب ...
أكمل ونحن لا نزال نجلس بين حطام القصر و صوت القتال لم يهدأ ... إلا انهُ اصبح فقط بالسيوف ... : لا تبكي ... لن اسمح بذلك!
نظرتُ إليه باستغراب: لن تسمح بماذا؟! ... خطيبتك ستغضب إن رأتك تكلم امرأة غيرها هكذا ..
ابتسم وهو يرد بهدوء: لم يعد لدي واحدة ... كما أن سبب تأخري عن الالتحاق بالجيش كان خطيبتي التي انفصلت عنها و ..
قاطعتهُ وانا امسح دموعي و أرد بحده : انا اكره الذي يُطلق النساء لأسباب تافهة ...
- لا يا كاميليا ... لقد كذبت علي و استغلتني كثيراً ... اي امرأة هذه التي تتفق مع رجلٌ آخر على زوجها؟
تكلمت بشكل جاد : لا تناديني كاميليا ... انا الملكة كاميليا ... وانت اضعت الكثير من وقتي بكل حياتي و آذيتني لا تظن ان شخصاً بمثل كرامتي سيعود لك بكل بساطة !
ابتسم وهو يقول: ومن قال اني اريدك ان تعودي؟! انتي التي تريدين مني ان اعود إليك ...
شعرت بكثير من الاحراج و الغضب الشديد نهضت و تركتهُ قبل ان يكمل كلامه حتى .. بدأت امشي نحو جيشي بكل كبرياء ... فهاهي ملكتهم تعود .. وليموت ذلك الـ " هاري" تحت الحوائط المتهدمة ... كيف يجرأ على اهانتي هكذا ...
- مهلاً كاميليا " لحق بي رأكضاً " انا أعتـ ..
قاطعتهُ بغضب: الملكة كاميليا ... الملكة !
ضحك وهو يقول باستسلام: الملكة ...الملكة كاميليا ... يا للغرور هيا لا تكوني سريعة الغضب ... انتي معي فقط تتصرفين هكذا اليس كذلك ..
صرخت في وجهه وقد زاد غضبي ... يبدو انهُ يهنني بكلامه هل يظن اني سأموت بدونه فاليفهم ان كرامتي فوق الحب و الغرام: هل تريد ان اسحب سيفي عليك واقتلك كما قتلتُ "جورج" من قبلك؟ اتحاول ان تسخر من ملكةٍ مثلي لانك ساعدتني في معركة ؟ اتظن اني امرأة ضعيفة؟
بدَ مستغرباً ... ثم انفجر ضاحكاً وهو يقول: يا الهي كم انتي عصيبة!
لم احتمل سخريتهُ مني ... ولشدة غضبي بدأت ابكي مجدداً! كالاطفال حتى قدماي لم تعد تحملني فجلست ابكي على الارض واغطي وجهي بيدي .. شهق " هاري" وهو مستغرب مني ... حتماً لم يظن اني عاطفية لهذه الدرجة وجلس على الارض هو الاخر قائلاً باستسلام: اقسم بالله اني اعتذر ... لن اعيدها .. فقط توقفي عن البكاء ...
انا حقاً اعتذر
...

" عذراً إليك قلبي اني احبس الدموع عن الكثير
وعذراً إليك اني اغتصبت منك حق " البوح " وتركتك وحدك
و الآلام تنوح ... و الان انتصرت يا " قلبي " علي!
فابكي و اخرج مني عواطفاً .. ظننتُ يوماً انها حق النساء كلهم
إلا انا ... "


( من بعيد ... كان " سايمون " يراقبهما سرعان ما ابتسم وهو يقول :
" أظن انهم سيكونان زوجين رائعين " )


النهـــــــــــــــــــــــــــــــاية



















__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
رد مع اقتباس