عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 10-26-2014, 09:05 PM
 
ذكرى ملاك الرحمة -





لم تكن في ثياب الممرّضات حين رآها فاعترض طريقها قائلاً:
-كدتُ لا أعرفك، فما كنتِ يوماً إلا بيضاء المَلبَس.

أعطته يدها يصافحها، وقالت:
-لقد غادرنا المشفى، إنّني لا أجد ما أفعله اليوم، وأنت؟ ماذا تفعل ؟

-طوابير تدريب في النهار، خفارة في الليل ،وما من شاي!

رنّت ضحكتها الفضّية، وضبطته يتفرج عليها فاحمّرت، ثم همّت بأن تمضي.
لكنه بسرعة وقبل أن يضعف أمام خجله، سألها شيئاً:
-أرجو ألا تظنّيني وقحٌاً، هل أستطيع أن أراكي في مكان ما؟

-بلدتنا أصغر من أن تتسع لنا.

-ولكنّنا أخوان في السلاح، ثم إنني أُدّرب طوابيرَ من الجنسين على استعمال البندقيّة، تعالي إلى نادي الميناء سنتحدّث قليلا بعد أن أنتهي من التدريب.

-

لقد اكتشف بالأمس شيئاً، فحين قام يلبس في الصباح، حمل القميص في يده وراح يتأمله.
لقد انقضا أسبوع لم يرها خلاله، فأين عساها تكون؟ لماذا يشعر بأنّه مدفوع إلى الاهتمام بها ؛ مدفوع الى محبة القميص الذي حاكته؟
هذا القميص قد عاش أياماً بين يديها ،
وهي تبنيه غرزةً، غرزة. دون أن تدريَ لمن سيكون، لعلّها رسمت في ذهنها صورة للرجل الذي سيرتديه، وهي بالتأكيد قد اختارت أن يكون نبيلاً، رجلاً تعلقُ عليه أمل البطولة.

التفت إلى نفسه في المرآة المعلقة على الحائط، وتحسّس ذراعيه المفتولتين.
ولكن أيُّ ضيرٍ في أن يكون سخيفاً الآن، فيرفع مثلاً القميص، ويقبّله أيضاً، ويشمّه طويلاّ؟ إنه يفتقدها.
وضحك على سخافة أفكاره وهو يتأمّل نفسه.


//


ملحوظة: "ملاك الرحمة
لقب يستخدم عادة للإشارة إلى الممرضة ومهنتها... توضيح فقط في حال بدا العنوان غريبا!‏



__________________




افتَقِدُني
music4