أومأ يوجين برأسه إيجاباً قبل أن يرتسم الجد على ملامح وجهه ليتحدث بهدوء :" إينوري أعلم أن والدك قد يجبرك على الزواج بعد رحيلي من شخص آخر .. وعلى الاغلب سيكون ذلك الأحمق ديريك ولكن لي رجاء .. إن حدث ذلك قومي بتسليم رولند لسيدي جين موافقة ؟"
أظلم وجهها للحظات قبل أن تتحدث وقد عادت دموعها للانهمار :" لكن لماذا ؟ لماذا علي الموافقة على الزواج منه ؟ ولماذا علي أن اسلم طفلي لشخص آخر لا أعلم إن كان سيعتني به أم لا ؟"
ابتسم بهدوء وألم :" ربما تكون هذه ضريبة وقوعك في حُبي إينوري .. ولكنك مازلتي في العشرين من عُمرك وسيكون من المؤسف حقاً أن تعيشي حياتك المُتبقية بمفردك ... سيدي سيكون افضل بمئة مرة من ديريك "
أخفضت رأسها لتتحدث بصوت مخنوق تماماً :" لن أكون بمفردي فابني معي .. وهل سيوافق على العناية به ؟"
أومأ برأسه إيجاباً وهو يذكر ما حدث عندما كان يقود السيارة في طريقه إلى القصر الخاص بالحاكم :
كان الصمت يغلف على الأرجاء لولا صوت جين الهادئ الذي كان ينظر من النافذة :" إن تزوجت إينوري بديريك .. دعها تسلم أمر العناية برولند لي .. أنا عمه في النهاية صحيح ؟ لن أسمح لذلك الأحمق ديريك بأن يمسه "
نظر يوجين له بصدمة لثواني قبل أن يعيد عينيه لطريق أمامه ليتحدث بصوت متألم :" لكن سيدي .. حتى وإن كنت عمه لا أظن أنني أرغب بأن تتحمل ..."
لم يكمل جملته فقد تحدث جين بحده :" ذلك الصغير سيكون في عهدتي أنا يوجين .. وأقسم أنه ما دُمت حياً لن أسمح لأحد بإيذائه لذلك لا داعي لأن تقلق عليه "
عاد يوجين إلى حاضره وهو ينظر لإينوري بابتسامة واسعة تماماً كتلك الابتسامة التي ظهرت على وجهه بعد سماعه لكلمات جين ليتحدث بهدوء :" اجل هو من طلب ذلك "
أومأت برأسها إيجاباً بهدوء .. فهذا سيكون أفضل من أن يعلق صغيرها مع ديريك وشقيقه الأحمق .. وجدت نفسها بين أحضانه مُجدداً لتستمع إلى صوته الذي عشقته دائماً :" لا داعي للقلق , أثق بأنكِ قادرة على تجاوز أي شيء "
تشبثت به بقوة قبل أن يسمعا صوته الساخر المقيت :" على مهلكما أنتما الاثنان فابنكما لازال هُنا "
ابتعد يوجين عن إينوري قليلاً ليقف بجانبها وقد اختفت ابتسامته واختفى صفاء عينيه وهو يرى إينوري الغاضبة لينظر لمُحدثهما بكل حده وعدائية .. ازدادت ابتسامته الساخرة ليتحدث شقيقه بذات النبرة :" يوجين ألا ترى أنك تقف الآن وسيدي الحاكم هُنا يفترض بك إظهار القليل من الاحترام "
ابتسم بشيء من السخرية دون أن يعلق على كلامه إلا أن الحاكم تحدث بصوت هادئ :" يوجين أظن أنه يجب علي أن أعترف بأنني أقدر فيك ذلك الوفاء الذي تحمله في داخلك .. ديريك وأليكسس ألم تنتبها يوماً إلى المحيط الهادئ الذي يحمله في عينيه .. ألم تشاهدا تلك العاصفة التي تحدث في عينيه عندما تحاولان الاقتراب من جين وإينوري ؟ لا يهمه حقاً أن يتأذى هو بقدر ما يغضب وبشدة إن تجرأ شخص من المساس بالأشخاص المُهمين له حتى لو بكلمة ! "
كان الحاكم قد أمسك بذقن يوجين بهدوء وهو ينظر في عينيه الهادئتين .. ابتعد عنه وهو يشعر بيد الصغير تبعده ليبتسم بهدوء وهو يردف :" وبالتأكيد رولند أيضاً ضمن قائمة المحظورين أليس كذلك يا صغيري ؟"
بقي رولند ينظر له بقلق وشيء من الخوف فهو قد فهم من حركته السابقة أنه ينوي إيذاء والده .
ابتعد الحاكم عن المكان ليكمل سيره بينما اقتربت آنجلي من رولند بقليل من التردد لتحمله بهدوء ومن ثم نظرت لأختها ولمسة من الخوف قد احتلت وجهها إلا أن إينوري ابتسمت بهدوء وهي تتحدث مع رولند :" لا تسبب الإزعاج لخالتك أتفهم ؟"
أومأ برأسه إيجاباً وهو ينظر لها بشوق فهي دائماً ما تأخذه لأماكن للعب أو تناول الكعك و الحلوى .. ابتسم يوجين أيضاً لهما وراقبهما وهما يتوجهان نحو الساحة الخلفية للقصر .
بعد مرور ما يقارب الساعة والنصف لم يتبدل الحال كثيراً فهاهُما إينوري ويوجين يجلسان معاً في الحديقة بينما يجلس البقية في غرفة الاستقبال أما آنجلي و رولند فقد كانا يجلسان في الحديقة الخلفية للقصر .
كانت آنجلي تحمل بيدها قصة مصورة ورولند يجلس بجانبها وهو مستمتع برؤية تلك الصور الملونة ولكن ابتسامته اتسعت عندما أخرجت عُلبة من الألوان وأعطته دفتر لرسم و التلوين , راقبته هي بهدوء وابتسامة حزينة تعلو شفتيها فهذا الصغير لم يعد قادرا على التحدث بسبب الخوف من تلك الحادثة وقد قال الطبيب أنه ربما يستعيد صوته عندما يتعرض لموقف مُشابه أو ربما عندما يكبر وينسى ما حدث .. إنها تشعر بالحزن لأجله أيضاً فوالده سيختفي من حياته بالرغم من أنه متعلق به للغاية .. تنهدت بحزن وتعب إلا أنها شعرت بحركة غريبة من حولها جعلتها تنهض وهي تنظر حولها بحذر فهي في هذا المكان بلا حراسة ولم تخبر أي أحد عن مكانها !
شهقت برعب وهي تشعر برصاصة استقرت في الشجرة التي خلفها وقد كانت على بُعد القليل من السنتيمترات عن اختراق جسدها .. تراجعت للخلف حتى اصطدم جسدها بالشجرة وقبل أن تتمكن من الابتعاد شعرت بيد غليظة تُمسك بها وتضع منديل على فمها .. حاولت مقاومته ولكنها وببساطة مُجرد فتاة ضعيفة ... أغمضت عينيها باستسلام وبدء قلبها ينبض أسرع من قبل .. شعرت بارتخاء اليد المُمسكة بها وابتعادها عنها لتفتح عينيها وتشاهد ذلك الرجل الذي كان ضخم الجُثة كما أن ذراعه اليمنى كانت تحتوي على وشم لثعبان أسود يلتهم أحد الحيوانات شعرت بالاشمئزاز منه ولكنها سرعان ما صرخت برعب عندما علمت سبب ابتعاده عنها وكأنها نسيت أمر وجوده هُنا .. فرولند قام بإلقاء الحجارة على ذلك الرجل ويبدوا أنه أثار غضبه حقاً .. ركضت باتجاههما بينما بدى على رولند أنه شعر بالخوف من ذلك الرجل والدليل هي عينيه التي بدئت الدموع بالتجمع بهما وقد تفجرت تلك الدموع في اللحظة التي أمسك بها ذلك الرجل به من شعره بقوة ورفعه عن الأرض !
حاول الصغير الإفلات من قبضته بلا فائدة إلا أن آنجلي التي وضعت يديها على يدي ذلك الرجل لتتحدث بصوت مُرتجف بعد أن عجزت عن إبعاده عن الصغير :" أرجوك دعه وشأنه , أنت لم تأتي إلى هُنا لأجله صحيح ؟ أتوسل إليك لا تقم بإيذائه .. أرجوك "
نظر لها قبل أن يضحك بخُبث ليتحدث بنبرة كريهة :" وهل ستسلمين نفسك لنا بهدوء إذن يا أميرة ؟"
أومأت إيجاباً بهدوء ولكن تلك الرصاصة التي اخترقت ذراع ذلك الرجل المُمسكة برولند جعلته يفلت الصغير ويتراجع إلى الخلف بألم بينما نظرت آنجلي خلفها لتشعر بالطمأنينة .. تحدث القادم بغضب :" هي أنت لا تجرأ على تلويث اثنان من أغلى الأشخاص في حياتي بيديك القذرة هذه "
كانت آنجلي قد حملت الصغير وهي تحاول جعله يهدأ بالرغم من معرفتها أنه يتألم وليس خائفاً فقط ... نظرت لجين بقلق ليتحدث هو بهدوء وحِدة :" خذيه معكِ وابتعدي عن هُنا .. وأيضاً أظن أن حرس القصر سيأتون إلى هُنا بعد سماعهم لصوت الرصاص الذي أُطلق "
أومأت برأسها إيجاباً وهي تخاطبه بلغة العيون برجاء أن يعود سالماً لها .. ركضت بسرعة وهي تشاهد مجموعة من الرجال يحيطون بخاطبها لتزيد من سرعتها لعلها تحضر المُساعدة بأسرع وقت مُمكن توقفت اضطراريا عندما اصطدمت بأحدهم لتنظر إليه وهي تريد الاعتذار ولكنها ما إن رأته حتى بدئت بالبُكاء ليتحدث هو بقلق :" آنسة آنجلي ماذا حدث ؟ لقد كان هنالك صوت لرصاص صحيح ؟ هل أنتي بخير ؟"
ألقى الصغير بجسده بين أحضان والده ليحمله وهو يربت عليه بحنان وقلق وإينوري تقف بجانبه .. تحدثت آنجلي بتلك اللحظة :" يوجين .. جين إنه هناك معهم .. إنهم أكثر من شخص واحد قد يقومون بإيذائه أو حتى قتله "
توسعت عينا مُحدثها ليقوم بوضع رولند بين أحضان والدته ليركض بسرعة شديدة إلى حيث أشارت آنجلي له .
ومن جهة أخرى كان الحاكم في حالة اضطراب فكلتا طفلتيه في الحديقة بالخارج وقد أحاط الحرس بالقصر بأكمله تحسباً لأي اقتحام بينما خرج عدد قليل منهم للبحث عن ابنتا الحاكم وجين .. كان كريستيان يحاول الخروج والبحث بنفسه لكن الحرس منعوه من المغادرة بينما لم يبدوا على وجه الحاكمة أي ردة فعل .
كان جين يقف في الوسط وقد شكل المعتدون دائرة حوله كان ينظر لهم بحده بالرغم من ان ذراعه التي كان يحمل بها مسدسه كانت تنزف بشدة .. عض على شفته السُفلية بانزعاج وهو يشعر بضُعف موقفه ولكن سقوط أحد الرجال فجأة جعله يشعر بالطُمأنينة لرؤيته ليوجين وقد بدى الغضب على مُحياه وهو يوجه مسدسه لشخص آخر ويطلق النار دون تردد ليقضي عليه أجزاء من ثانية مرت قبل أن يبدأ الغضب بالتسلل لأولئك الرجال الذين تفرقوا وابتعد بعضهم عن جين ليلتفوا حول يوجين الذي اخترقهم فحسب ليصل إلى جين ويقف أمامه .. التف جين إلى جهة أخرى ليضع ظهره على ظهر يوجين ويواجه الأشخاص الذين كانوا يقفون خلفه بعد أن أخذ مسدس يوجين الاحتياطي من مخبأه الذي يحفظه حتى وإن بدى الانزعاج على وجه يوجين .. حاول بعضهم الإمساك بجين وجعله طعم للحاكم والآخرين وقد كاد أحدهم أن يمسك به بعد أن تسلل بالسر وهو مشغول بقتال مع شخص آخر إلا أن يوجين قام بقتله فوراً وقد أهمل نفسه ليتلقى رصاصة في كتفه الأيسر ويطلق صرخة مكتومة التفت جين له بسرعة وجثى بجانبه ثم نظر إلى الشخصين أمامه .. إنهما آخر اثنان ولكن الآن هو لا يظن أن يوجين قادر على النهوض .. لم يكد ينهي تلك الجملة في عقله حتى رأى يوجين ينهض ويبتسم بنوع من السخرية وهو يلقي بمسدسه أرضاً .. لم يعلم ماذا يحاول يوجين فعله لكنه وقف أيضاً وبقي ينظر الاثنان الذين ابتسما ليتحدث أحدهما وقد كان الرجل ذاته الذي ظهر أولاً :" من ثيابك هذه أنت مجرد خادم .. وأظن أن هذا الفتى هو سيدك وبالرغم من ذلك تدافع عنه وتحاول حمايته على حساب حماية نفسك ! ما رأيك لو ابتعدت فقط فنحن لن نقوم بقتله بكل حال ربما القليل من التعذيب حتى أستخدمه للحصول على بعض المال .. ففي النهاية هو من تدخل لإنقاذ الأميرة فمهمتي هي قتلها فقط "
احتدت نظرات يوجين أكثر وقد ألقى بسكين صغيرة على ذراع ذلك الرجل المُصابة ليتحدث بهدوء وهو يتراجع للخلف وقد أجبر جين على البقاء خلفه :" لا تحلم بأن أسمح لك بإيذائه حتى لو كان جسدي هو الثمن !"
شهق جين بِخفة وقد ابتسم ذلك الرجل بخبث إلا أن احداً لم يتمكن من رؤية تلك الابتسامة بسبب القناع الذي يضعه على وجهه ليتحدث وهو ينتزع تلك السكين ويقلبها بين يديه :" لا بأس أيها الشاب .. سنقوم بتعذيبك أنت ما لم تبتعد عن هدفنا الجديد "
أغمض يوجين عينيه فهو لم يعد يمتلك أي سلاح لمواجهتهم بعد أن نفذت ذخيرة السلاح معه ومع شقيقه الذي كان يحاول إبعاد يوجين من إمامه إلا أن الأخير لم يكن مُستعداً لتحرك ولو لأنش واحد فقط !
صوت طلقتين مُتتاليتين ومن ثم صوت يوجين المُتألم كان كفيلاً بجعل جين يشعر بالرعب الشديد لاسيما أن دماء شقيقه الأكبر تناثرت على جسده .. تحدث ذلك الرجل البغيض :" لم تسقط بعد ! هذا مُثير للإعجاب حقاً .. لا تقل لي أنك خائف عليه إلى هذه الدرجة "
لم يتمكن من الإجابة فتلك الرصاصتين إضافة إلى الرصاصة الأولى التي تلقاها كانت كفيلة بجعله غير قادر على الحركة ولكن إرادته وعزيمته على منعهم من الاقتراب من جين أكثر كانت أقوى مما دفعه لإعطاء أعداءه ظهره وقد وضع رأسه على كتف جين الذي شعر بجسد يوجين يطوقه أراد أن يتحدث إلا أن يوجين سبقه ليتحدث بصوت متألم ومُتعب :" إن سقطت مغشياً علي أو ميتاً استخدم جسدي كدرع لك أرجوك "
إن كان هنالك أي صلابة حاول التحلي بها فقد انهارت إثر تلك الكلمات التي جعلته يشعر بألم شديد في قلبه ليتحدث بصوت مرتجف :" تحلم , لا يمكن أن أفعل شيء كهذا .. لا تكن مُغفلاً يو "
ابتسم بألم ليشد على قميص جين أكثر وهو يشعر باقترابهما منهما ولكن وقبل أن يحدث أي أمر إضافي تدخل رجال الحاكم أخيراً وقضوا على الرجلين بسهولة بسبب انشغالهما بيوجين وجين .. بتلك اللحظة انهار جسد الجريح أرضاً وهو يسعل بقوة ليجثو جين بقربه وهو يضمه بين يديه برفق ليتحدث بقلق :" تماسك رجاءاً يو .. ستكون بخير صحيح ؟"
ابتسم يوجين بهدوء ليتحدث :" ولكن سيدي تعلم اليوم هو آخر يوم لي على قيد الحياة صحيح ؟"
حرك رأسه نفياً ليتحدث بقليل من التردد :" أرجوك فقط تماسك , أتوسل إليك أخي "
نظر يوجين له بحنان ليبتسم بلطف بالرغم من الألم البادي على وجهه بعد أن همس :" شكراً لك أخي العزيز"
الكثير من الأمور تغيرت بعد ذلك اليوم .. لم يعد أي شيء كما كان بعدها .. وأنا لم أعد الشاب ذو الثامنة عشر من العُمر بل أصبحت رجلاً في الثالثة والعشرين من العُمر .. أي مر على ذلك اليوم خمسة سنوات .. شقيقي يوجين أراد الحاكم قتله برصاصة رابعة في قلبه لتنفيذ حُكم الإعدام ولكن وببساطة أنا وإينوري وكريستيان أوقفناه عن ذلك .. الواقع إينوري قامت بالتضحية الأكبر والتي لا أظن أن يو سيكون سعيداً بها .. لقد وعدت أنها ما إن يستيقظ يوجين وتتحسن صحته ستنفصل عنه وتعود للقصر هي الآن عادت للعيش في منزلها البسيط ولكن بريق الحياة قد اختفى من عينيها وبرفقتها صغيرها رولند الذي أصبح في الخامسة من العمر .. لقد تمكن من التحدث مجدداً عندما شاهد والده مضرج بدمائه لقد بدء بالبكاء وانتهى به الأمر بالصراخ ومناداته .. ديريك وأليكسس تزوج كُل منهما من إحدى النبيلات ولكنهما تمتلكان ذات الطباع المزعجة الموجودة بديريك وأليكسس وبالرغم من ذلك فقد أخبر ديريك زوجته الأولى أنه سيتزوج بإينوري أيضاً فقط ليخضعها لإمرته .. لازال عمي كما هو بدون تغيير .. أنا لم أعد اعيش في قصر والداي بل انتقلت للعيش في قصر الحاكم بعد زواجي من آنجلي وقد تم تتويجي كولي عهد للبلاد أولاً ومن ثم كحاكم رسمي لها .. تغيرت تصرفات الحاكم كثيراً قبل عامين وقد بدى أنه على وشك التراجع عن قراره بإبعاد إينوري عن يوجين وإعدام الأخير أو نفيه من المدينة بل إنه ذهب لزيارته في المستشفى وقد منع أي شخص من الذهاب معه ..لا أحد يعلم سبب تغييره المُفاجئ ولكن للأسف فقد تم اغتياله في ذات العام وقبل أن يتمكن من أن يعلن عن أي مخطط له .. بالتأكيد إينوري غاضبة مني بسبب ما حدث ليوجين ويبدوا أنها لا تعلم بأنه أخي .. عُدت لكتابة هذه المذكرة بعد استيقاظه من غيبوبته الطويلة هذه وقد عادت إينوري للعناية به حتى بدء بالتحسن والسير مجدداً وعاد نبض قلبه لطبيعته .. كان ذلك قد تطلب أربعة أشهر كاملة .. وبالفعل ابتعدت إينوري عنه وعادت للقصر وقد أخذت رولند معها .. أنا أعلم أن هذا كان صعباً للغاية ولكن حتى أنا اتخذت قرار أعلم أنه أذاه كثيراً فقد طردته من المدينة وطلبت منه الرحيل إلى الأبد لإنني كنت خائفاً من أن يحاول أحد إيذائه مرة أخرى ولكن عبارته الأخيرة تتردد في أذني يومياً :" لو أنك أخذت روحي مني لكان ذلك أفضل بكثير .. أعلم أنكم جميعاً تريدون حمايتي ولكنني حقاً أمقت هذا الأمر "
بينما تزوجت إينوري من ديريك قبل رحيله .. ولكن في رحيله صدمته مُجدداً عندما تحدثت بصوت مهزوز :" يوجين رولند سيصبح له شقيق أو شقيقه فأنا حامل في الشهر الثالث "
أظن أنه تحطم حقاً أن يصبح لديه طفل آخر دون أن يراه أو حتى يعلم ما إن كان فتى أم فتاة أمر مؤلم للغاية وفي النهاية ابتسم بألم قبل أن ينخفض ويضم رولند له وأقسم بأنني لمحت دموعه .. لقد تحدث مع رولند الذي بدء بالبكاء بهمس لم يسمعه أحد ورفض الصغير أن يخبر أي شخص .
آنجلي أيضاً حامل وهي في شهرها السادس .. بالنسبة لمحاولات قتلها فقد اعترفت الحاكمة السابقة – والدة إينوري وكريستيان – بأنها من استأجرهم لقتل آنجلي لقد اكتشفنا الأمر بعد أن اكتشفه كريستيان واعترف بأنه من فعل ذلك ولكنها لم تتمكن من رؤية طفلها يعاقب فاعترفت بفعلتها وأنها كانت غاضبة لأنه يعامل طفليها بطريقة سيئة بينما يدلل آنجلي ويهتم بها أكثر ... لقد حدث الكثير من المشاكل بعدها ولكن الشخص الذي حاول قتل رولند لم نتمكن من معرفته .. بكل حال لقد أعطيت رولند عندما أخذته وشقيقته للاعتناء بهما كما وعدت يوجين مُسبقاً وراثة أسرة روبنز .. أي أن كُل مُمتلكات روبنز هي له وحده وإن حدث له مكروه ستكون جينفير هي الوريثة .. أما أبنائي فيكفيهم العرش .. ربما أنا لم أعتد على الكتابة بهذا الأسلوب من قبل لكن ربما هذه هي آخر مرة أكتب بها أي شيء .. أعلم أن يو أخبرني أن لا أبحث عن السر الثالث لكنني بدئت بالفعل بالبحث عنه ربما أندم لاحقاً ولكن أريد حقاً أن أعلم ماذا كان أخي يُخفي عني وماذا يخشى منه ؟ .. وهل هو أمر سيء للحد الذي سيجعل حياتي تتحول لجحيم أم أنه كان يبالغ فقط ؟ حقاً أريد أن أعلم .
قلبت الصفحات بعدها وعقلها شارد تماماً لتتحدث بهدوء قاتل :" لكن هل انتهت الآن ؟ ماذا حدث ؟ أين ذهب جين ؟ والاهم من ذلك ... "
صمتت تماماً وهي تذكر كلمات آلبرت قبل قليل :" لا بأس يا أخي , ولكن عزيزتي جوليا .. أعني جينفير أنتي ستصبحين زوجة لريكس قريباً لذا لا ترتكبي الحماقات حتى لا يكتشف أحدهم الحقيقة "
أخفت خُصلات شعرها عينيها والدموع التي تجمعت بهما لتنهض بسرعة وتبدل ثيابها لتغادر القصر بأكمله وتصعد لتلك التلة وهي تبكي بغزارة شديدة .. حينها ظهر لها ذلك الفتى الذي تحدث بقلق :" جوليا .. ماذا حدث لكِ ؟ لماذا تبكين لقد رأيتك تغادرين القصر وأنتي حزينة هل حدثت مشكلة ما ؟"
تحدثت بصوت مخنوق تماماً :" أنا لا أريد العودة إليهم ماكس "
نظر لها بصدمة بسيطة قبل أن يجلس بجانبها وهو يمسح على شعرها بهدوء وينتظر حتى تنتهي من بكائها ليفهم الأمر .