10-30-2014, 07:38 PM
|
|
الحب إحساس جاهز فطرى فى داخلنا ...ينمو إذا واتته الظروف .. و هو ينمو دائماً من الداخل .. بدون مؤثرات بهلوانية من الخارج .. و بدون تمثيل و افتعال و كذب .. و هو يضيع و يُفقَد في اللحظة التي يبدأ فيها الإثنان يصنعانه صنعاً كما تُصنع الأدوية التركيب من أخلاط العواطف و التاكتيكات و المؤثرات .. إنه إحساس داخلي ينمو بطريقة تلقائية .. بدون قصد أو نية .. من التقاء إثنين . و يبدأ بإحساس فطري بالسرور و الفرح و السعادة و الإرتياح لمجرد التلاقي .. بدون الحاجة إلى كلام .. أو محاضرات .. ثم ينمو . و يأخذ كل حبيب يعطي من ذات نفسه لحبيبه دون أن يدري .. يأخذ فى التضحية دون أن يدري أنه يضحي .. و يتبادل الإثنان اهتمامات كثيرة لا حصر لها .. فكل منهما يهتم بالآخر و يحمل همومه .. و يتعذب بعذاباته .. و يقلق لقلقه .. و يفرح لفرحه .. و كل منهما لا يطلب شيئاً من الآخر .. إنه يعطي و لا يطلب .. إنه يريد أن يرى حبيبه كما هو .. لا أكثر و هو لا يجد حاجة إلى الكذب و الإدعاء و التمثيل .. و هو يحس بالأمان إلى جواره .. يحس بأنه سكن يأوي إليه و يستريح حيث الظل و الماء و الطعام و الفِراش المريح .. و هذا الإحساس بالسكن و الإكتفاء هو الذى يعطيه الشعور بالأمان .. و بأنه فى غِنى عن كل الناس . والحب الصحيح خال من الغرض .. و إنما تأتى الأغراض فيما بعد .. حينما يحس كل حبيب بأنه عاجز عن الحياة بدون الآخر ، و بأنه فى حاجة إليه كل يوم و كل لحظة ، و لا وسيلة لذلك فى مجتمعنا غير الزواج .. و لهذا لا يكون الزواج هدفاً مقصوداً من البداية ، و إنما يكون نتيجة يتورط فيها الإثنان لفرط ما هما فيه من الحب .. حتى الإخلاص لا يتم باتفاق و تعاقد .. و إنما يتم من تلقاء نفسه حينما يحس كلا الحبيبين بأنه يمتلئ بالآخر ، و بأنه لا يجد مكانا فى نفسه لحب ثان .. إنه يصحو فيكتشف أنه مخلص .. و أن ذهنه محصور فى شخص واحد يدور فى فلكه د٠ مصطفى محمود من كتـاب / الأحـــلام |