قد مرت اربعة سنوات علي تلك الحادثة وايام تمر دون ان احس بها كل شيء من حولي تغير ماعدا انا انعزلت عن الاخرين وفي يوم من الايام استيقظت كالعادة وخرجت من غرفتي قابلت امي فتقدمت نحوها واذا بها مرت من خلالي فاستغربت !! وقلت في نفس قد اكون احلم
فلحقت بها الي امام الباب و عندما حاولت ان انادي عليها لم استطيع الكلام قد اختفى صوتي حاولت ان اشير الي والدي واذا به يقول :روان سنذهب الي بيت جدك ؟
فردت عليه امي: عزيزي ان روان نائم، كتبت لها رسالة.
فاستغربت وقلت لي نفسي ما الذي يجري ؟لما لا يراني احد ؟لما لا يمكنني الكلام؟
وعدت الي غرفتي رأيت نفسي نائمة علي الفراش، صدمت وتمالكني خوف نظرت حولي لا يوجد سوى صمت ،جلست في زاوية غرفتي وحدي ابكي و ابكي وابكي
وبمرور الوقت ببطيء شديد ، شعرت بضيق في صدري وتزاحم في عقلي كثير من اسئلة اين؟ الم؟ لما؟
فجاء ظهر امامي طيف من الماضي ، طيف كان قلبي يتوق لي رؤيته كل لحظة ، طيف على فراقه كان يبلل دمع وسادتي كل ليلة لم اخف ولم افكر ركضت نحوه بشوق وانا اقول: فادي!! اشتقت لك!!
ولكنه كان هادئا جدا ولم يقل شيء بل كان ينظر نحوى فراشي والدموع تسيل علي خديه
استغربت انا اقول في نفسي بحزن ، الم يشتق لي ضمي بين ذراعيه
جلس علي سرير بجانبي و نظر لي و هو يقول: لقد مر اربعة سنوات منذ وفاتي ولكن لم يتغير شيء؟
جلست بقربه ودموعي تنهمر دون ان اشعر من عيني وانا أحاول تذكر كيف مرت تلك سنين بدونه ، كان قلبي يتألم كثير مهما بكيت ومهما صرخت لم أستطيع إخراج ذلك لم استطيع أزيح ذلك حزن الذي يضيق صدري ، انزلت خصلات شعري لأغطي ذلك وجه مليء بدموع لا اريد ان يراني هكذا!!
امسكني بحنان وضمني الي حضنه وقال: أنت بخير الان!!
انستني هذه اللحظة كل شيء وتمنيت من كل قلبي ان تدوم ولكن كنت أشعر بأنه بعيد جدا رغم انني بين يده لما أشعر بذلك!!ألم أصبح ميت لما اشعر بانه في عالم اخر!!
نظر فادي لعيني وقال: أحيانا نحب احدا ونبني معا احلاما تضيء عالمنا وتكون بنسبة لنا كالابتسامة المشرقة علي شفاهنا ولكن كلما تقدم الزمان نتكسر كالأمواج علي صخور الحياة
لقد تذكرت لقد كنت وحيدا جدا لم يكن لدي رغبة في حياة و لقد كان لدينا أحلام رسمنها معا في دفترنا كنا نسعى كل يوم لنتقدم خطوة نحوها بسعادة ولكن كل شيء تحول لغبار في تلك لحظة !!
نزلت دموع على خذي وأنا أقول له :بمرور الوقت لن يبقي منها سوى اثار باهتة واحيانا يخفوا ضوئها كما يخفوا ضوء الشمعة بعد ذوبنها وكانه لم يكن لها وجود والحقيقة اذا لم يكن لي الاحلام وجود هذا يعني انه ليس لنا وجود
نظر في عيني ومسح دموعي وهو يقول : ولكن واذا لم يكن لنا وجود ونحن نحمل شمعة احلامنا المنكسرة فكيف سيبقي لنا وجود بعد انطفاها مثلنا مثل النسيم يمر بهدوء دون ان نحس عليه ولكن احيانا يتذكره من احس به واستمتع باللحظة وبقيت في ذكراه!!
شعرت بانه يتكلم عن نفسه ولكنه ليس ذكرة بنسبة لي انه حياتي مندما تركها وانا وحيدة وحزين وضائعة و كانت كلماته تحرق قلبي و لكنه يعبر عن ما يلوج في صدري بعبراته!! نعم !! احس بأنني إذا ابتسمت أخونه إذا شعر قلبي بسعادة اخونه!!
نظر نحوي وقال وهو يبتسم :الذكري ......لن تبقي الذكري الا في قلوب احباء!!
شعرت بحزن فصورته لم تفارقني لم استطيع استمرار بدونه كما انني لم استطيع استسلام من اجله هذا تناقض جعلني تائهة طوال أربع سنوات
امسك بيدي وهو يقول: ولكن اذا عشنا وحيدين ,سنموت وحيدين ونختفي وكانه لم يكن لنا وجود وفي لحظة رحيلنا نراجع حياتنا قد كانت مثلا عن اليأس والحزن والالم والاسي والصمت ورأينا ذكريتنا امام عيوننا صور سوداء اللون كالظلام الحالك وكأنها حرقت!!
كنت متكآت علي صدره أشعر بحزن عميق وكانت دموعه تساقط علي شعري كالمطر وانا اتذكر كم كانت حياتنا صعبة كنا نناضل لنعيش معا جابهنا كثير من صعاب ورغم ذلك وجود مع بعض نساعد بعض هي سعادة!!
وتابع كلامه وهو يقول: نعم حرق!!كانت بنسبة لهم شمسا ولكن بنسبة لنا كانت نارا احرقت احلامنا وامالنا وفؤادنا واحالتها الي رماد وبمرور عقارب الساعة دقيقة تلو اخري تناثر الرماد مع رياح الزمن, و تساءلت وحيدة مئة سؤال؟ اين؟ اين؟
ثم وقف وقال لي :اين ماذا أين الذين حولك ؟الم تسال نفسك لما تحتفظ بالألم في قلبك؟ قبل ان تسال اين؟
استغربت !!كان يوجه أسئلة لي ولم اعرف ما الجواب لأنها منذ فترة كانت هذه أسئلة تدور في فكري ، ولكنه كان يجيبني بسؤال اخر فلم اجد الا الصمت جواب لأنني أعرف حقيقة !!
بادر بسؤال أخر :الم تسال نفسك لما تبقين اياما وحيدة ؟قبل ان تسال اين؟ لما لم تسألي نفسك لما دموعك تجف علي خديك؟ قبل ان تقولي وتتساءل اين؟ لما لم تفكري لما لم تعرف المرح والابتسامة؟ قبل ان تسأل اين؟
كان نبرت صوته وكانه يلومني ،أنه محق لقد انعزلت عن جميع دفنت مشاعري وغلفة قلبي منذ يوم وفاته
ثم جلس امامي وامسك يدي وقال :سأجيبك انا ,اين الذين كانوا حولك؟؟نعم!!كانوا حولك ولكنهم لم يكون يرونك ,حقا!!كانوا كثرين ولكن اكانوا اصدقائك من المستحيل او انهم كانوا زملائك ايضا محال كنت وحيدة وكان رفيقك الوحيد الظلام حتي عندما ترحلين يرافقك الظلام.
ومن ثم صمت ولم يتفوه بكلمة ولكن كل كلماته حقيقة كنت وحيدة تماما عزلت نفسي علي الناس ولا الومهم اذا مت وحيدة دون ان يعلموا بانني اختفيت ولكنني فكرت لم اكن وحيدة كان هو معي قبل موته وبعد موته قد كان يبكي بدلا عني ويحمل همومي ويعتني بي ويساعدني ومنذ رحيله اصبحت هكذا
اتكيت راسي على راسه وقلت له: لم يبقي منك سوي انا ولم يبقي مني من بعدك سوي طيف!!
من ثم قال لي :وأيضا بقيت معك احلامنا!!
قفزت في صدره اخذت ابكي بحرقة حتى غفوة و فجاءة سمعت صوت امي تنادي و فتحت عيني وجدت نفسي نائمة في فراشي وامي تقف امامي وهي تقول: استيقظي !!
وغادرت الغرفة جلست علي فراشي وفتحت درجي واخرجت صورته وابتسمت كانت ابتسامة مختلطة بالدموع و قلت: لقد فهمت!!لقد كنت تشعر بألم من اجلي!!لقد كنت ضعيفة جدا و اضعت طريق ولكن!!
وبعد لحظات وقفت امام ابي وامي ارتدي لباس اسود فقال والدي: هل ستذهبين لزيارة قبر خاطبك ؟
فردت عليه: نعم!!
وفي المقبرة وامام قبره وضعت الورود وقلت له :لم يبقي منك سوي انا واحلام ، سأستمر بنور ذكراك و ابني احلام التي كنا نرغب في تحقيقها الي يوم نلتقي فيه سيبقي حبنا!!
وعندما وقفت وقف طيفه بجانبي وهو يبتسم فابتسمت!!