رد: قصة رومنسيه رووووووعه هااااي شكرا على الرود الحلوة تفضلوا الجزئين * الجزء الواحد العشرون*
(أحقا يا ليلى ؟) تطلعت ليلى بلهفة الى عماد وهي تنتظر سماع ما سيقوله بشوق وترقب ومن ثم وجدته يقول وهو يتطلع الى عينيها مباشرة ويحتضن كفها برقة: اعني.. انك انسانة غالية على قلبي..ولن ابالغ ان قلت انني قد اعجبت بك منذ اول مرة رأيتك فيها.. واهتمامي بك قد تضاعف وانا ارى مشاعر كثيرة تتحرك بداخلي نحوك..
توردت وجنتا ليلى بخجل شديد.. واحست بالحرارة في اطراف جسدها.. ارتجاف هو ما سيطر على اطرافها في تلك اللحظة.. وارتباك جعلها تتلعثم دون ان تعلم ما تقول.. ووجدت عماد يردف بحب: ولن ابالغ ايضا ان قلت انك قد بت احد احلامي التي اتمناها.. لقد اصبحت حلم حياتي الذي اطمح له..
ازداد ارتباك ليلى وهي تقول بتلعثم: اتراني حقا استحق كل هذا.. وانا...
قاطعها عماد قائلا: ان كنت ستتحدثين عن المناصب او الطبقات الاجتماعية فأرجوك لا تكملي.. اخبرتك بأنني لا اهتم لكل هذه التفاهات التي تملأ المجتمع.. كل ما يهمني هو انك الانسانة الذي كنت احلم بأن تكون شريكة حياتي..
قالت ليلى وابتسامة خجلى ترتسم على شفتيها: أحقا؟..
اومأ عماد برأسه ومن ثم قال: اجل..يا ليلى.. وسأثبت لك بأنك الوحيدة الذي استطاعت تحريك مشاعري نحوها واختطاف قلبي.. ولكن...
- ولكن..ماذا؟..
سألها عماد قائلا: هل تبادليني شعورا بآخر؟..
قالت ليلى بخجل: اتسأل؟..
ابتسم عماد بسعادة وقال بفرحة: أحقا يا ليلى ؟.. أحقا؟..
قالت ليلى وهي تطرق برأسها في ارتباك وخجل شديدين: أجل فقد أعجبت بك انا ايضا.. ومع الأيام وجدت انك قد اصبحت شخصا مهما في حياتي..
قال عماد بحنان شديد وهو يمسك بكلتا كفيها: اذا هل تسمحين لي ان اطلب منك طلبا أخيرا يا عزيزتي؟..
أومأت برأسها وهي تحاول منع ارتجافة كفيها.. فقال: هل تقبلين الزواج بي يا ليلى؟..
تطلعت له ليلى بعينان تمتلآن بالدهشة والفرح ولم تستطع نطق أي حرف.. أحست بقلبها يرقص بين ضلوعها فرحا.. أحست بنفسها تحلق في سماء الاحلام الوردية.. فهاهي ذي اكبر أمنياتها قد تحققت امام ناظريها.. لقد طلبها عماد للزواج.. هذا ليس حلما.. ان الاحلام ليست بهذا الوضوح والدقة..الاحلام لا تُحس؟..انها تشعر بكفيه وهما تمسكان بكفيها بحنان شديد..انها...
وظل الوضع على ما هو عليه بضع لحظات أخرى.. ليلى صامتة دون ان تستطيع ان تنطق بحرف وعماد يتطلع اليها بحب شديد ..قبل ان يردف عماد بصوت اقرب للهمس: لم تجيبيني يا عزيزتي .. هل تقبلين بي زوجا؟..
حاولت ليلى النطق بأي عبارة.. ولكن الخجل الجم لسانها .. وأخيرا ازدردت لعابها وتماسكت لتقول: ان هذا اسمى احلامي يا عماد..
خفق قلب عماد بقوة وهو يستمع لما قالته.. ومال نحوها ليقول بهمس وحب: أحبك يا ليلى.. احبك..
وارتجف قلب ليلى بسعادة كبيرة.. فهل تكون سعادتها الكبيرة هذه دائمة يا ترى ؟..ربما...
********** توقفت سيارة وعد عند أحدالكبائن لبيع الجرائد والمجلات في الطريق لتهبط من سيارتها وتتوجه نحو البائع وتقول: صحيفة الشرق من فضلك؟..
قدم لها ما تريد ومن ثم قال: ثلاث قطع نقدية لو سمحت..
قدمت له وعد المبلغ قبل ان تتجه نحو سيارتها وتحتل مقعد القيادة..ومن ثم تتطلع الى الجريدة في لهفة والى موضوعها الذي احتل الصفحة الاولى.. ابتسمت بسعادة .. فهذا يعني انها قد قامت بالخطوة الاولى بنجاح.. وكما يقولون " مشوار الالف ميل..يبدأ بخطوة"..انها الخطوة الاولى لها لتصبح صحفية ناجحة..ومن يدري؟.. ربما يحصل موضوعها هذا على نجاح لم تتوقعه..
لم تستطع اخفاء تلك الابتسامة الواسعة التي ارتسمت على شفتيها طوال قيادتها لسيارتها الى المنزل..وما ان وصلت اليه حتى هبطت من السيارة والتقطت الصحيفة بفرح وتوجهت الى الداخل حيث يجلس والداها وهي تقول: امي..ابي.. لقد نشر موضوعي بالصفحة الاولى..
انشد انتباه والداها لها.. وقال والدها بابتسامة: دعيني ارى لاصدق بنفسي..
قالت باستنكار طفولي: ما هذا يا ابي؟.. الا تصدق بأن ابنتك صحفية ممتازة الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة ابوية: البرهان اولا..
تقدمت وعد منه وقدمت له الصحيفة وقالت وهي تشير الى موضوعها: انظر بنفسك واخبرني برأيك بموضوعي..
قال والدها وهو يتطلع الى حيث تشير: "خلف ابواب مصنع ما".. بالنسبة للعنوان فهو جيد..
ابتسمت وعد وقالت وهي تجلس الى جوار والدها: جيد فقط؟..
قال والدها وهو يقرأ موضوعها باهتمام: دعيني أكمل القراءة ومن ثم أعطيك رأيي النهائي..
صمتت وعد وهي تتطلع الى والدها الذي أخذ يقرأ السطور في سرعة واهتمام ثم لم يلبث حاجباه ان انعقدا وهو يقول: ماذا تعنين بما كتبته؟..
هزت وعد كتفيها وقالت: الحقيقة لا اكثر..
التفت لها والدها ومن ثم قال: ولكن موضوعا كهذا قد يسبب لك المشاكل وخصوصا وانت تضعين صور ذلك المكتب بمثل هذا الوضوح..
قالت وعد بعناد: لا يهمني.. فلست اخشى امثاله..
قال والدها مؤنبا: الشجاعة احيانا تكون صفة سيئة وليست جيدة لدى الانسان..
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت : ومتى تكون الشجاعة صفة سيئة؟..
قال والدها وهو يتنهد: عندما يتحلى شخص واحد بالشجاعة وهو يقاتل عدد كبيرا من الناس.. في هذه الحالة ما يفعله يسمى تهورا.. فهو يدرك بأنه سيفشل ومع هذا يصر على التظاهر بالشجاعة..
واردف وهو يتطلع اليها بعينين قلقتين: وهذا ما تفعلينه الآن يا بنيتي.. فأنت وحدك تحاولين مجابهة امثال هؤلاء اصحاب النفوذ بالمجتمع.. واخشى عليك منهم..
ابتسمت وعد وقالت: لا تخشى على ابنتك يا ابي.. ان عملي هو اظهار الحقيقة للناس لا اخفاءها..
قالت والدتها فجأة: منذ البداية لم اكن اوافقك لأن تعملي في مثل هذا العمل..
التفتت وعد الى والدتها وقالت: لكنه العمل الذي طالما تمنيته..
ربت والدها على كتفها ومن ثم قال: دعيك الآن من هذا.. لقد افسدنا فرحتك بنشر موضوعك.. فاعذريني..
ابتسمت وعد ابتسامة واسعة وهي تتطلع الى والدها.. في حين اردف هو: واذهبي لاستبدال ملابسك لاننا مغادرون الآن..
تسائلت وعد قائلة: الى اين؟..
اجابتها والدتها قائلة: الى منزل عمك..
- ولم؟..
- لا يوجد سبب محدد سنذهب لزيارتهم لا اكثر..
أومأت وعد برأسها وهي تنهض من مكانها وتصعد الى الطابق الاعلى..استعدادا للذهاب الى منزل عمها..
********* طرقت فرح باب غرفة هشام عدة طرقات قبل ان تقول: هل استطيع الدخول؟..
قال هشام من داخل غرفته: لا..فلتغادري..
ابتسمت فرح وقالت وهي تدلف الى الداخل: انها دعوة لي بالدخول اذا..
وتطلعت اليه وهو مستغرق في عمله امام احد الرسوم الهندسية ومن ثم قالت: هل لديك عمل كثير هذا اليوم؟..
اجابها هشام ببرود قائلا: اجل ولولا هذا لكنت قد غادرت المنزل.. حتى لا ارى وجهها..
كانت تعلم بأنه يعني وعد..وانه قد علم بأمر حضورها اليوم لمنزلهم.. فتقدمت منه قليلا ومن ثم قالت: هشام.. انت اخي الوحيد.. صدقني انا لا اتمنى وعد لسواك.. ولكنها لا تصلح لك..
- ومن انت حتى تحكمي بهذا؟..
قالت وكأنها لم تسمعه: انت عصبي المزاج وهي عنيدة الى اقصى درجة.. انت تسخر منها دائما.. وهي تكره ان يقلل شخصا ما من شأنها.. انتما هكذا تصبحان نقيضان تماما وكل منكما سيزيد المشكلة ولن يصلحها..
قال هشام وهو يلتفت عنها: يقول بعض علماء النفس ان زواج شخصين يختلفان عن بعضهما هو الافضل لان كلا منهما سيكمل نواقص الآخر..
قالت فرح مكملة: وربما كلا منهما سيفسد حياة الآخر بصفاته المختلفة.. فأنت مثلا ...
قاطعها هشام بسخرية مريرة: فأنا مثلا احمق لانني احببت فتاة لا تأبه بي.. اليس كذلك؟..
قالت فرح في سرعة: ليس هذا ما اعنيه يا هشام وانما...
فاطعها هذه المرة صوت والدتها وهو يرتفع بالنداء .. هاتفة باسمها.. فقال هشام بهدوء: دعي عنك هذا الموضوع السخيف .. واذهبي الى والدتي..
تنهدت فرح بيأس وهي تغادر غرفته وتهبط الدرجات الى الطابق الاسفل حيث والدتها وهناك قالت: اجل يا امي..ما الأمر؟..
قالت والدتها في سرعة: تعالي لتساعديني قليلا في المطبخ قبل ان يصل عمك واسرته..
قالت فرح بهدوء وهي تتبع والدتها: حاضر..
وما لبث ان ارتفع رنين جرس الباب.. فقالت لها والدتها : اذهبي لتري من بالباب..
اتجهت فرح للباب وفتحته لتسمع صوت وعد المرح وهي تقول: اهلا فرح كيف حالك؟..
قالت فرح ببرود متعمد: بخير..
قالت وعد وهي تبتسم: ما بالك؟.. تحدثينني وكأنني قد سرقت منك شيئا..
قالت فرح ببرود اكبر: بل انت من سرق منا ذاك الشيء..
تطلعت اليها وعد بغرابة وحيرة.. ثم لم تلبث ان فهمت ما تعنيه.. فقالت: تعالي ارغب في التحدث معك قليلا..
قالت فرح وهي تلتفت عنها: سأساعد امي بأعمال المطبخ..
التفتت وعد الى والدة فرح وقالت مبتسمة وهي تمسك بكف فرح: خالتي هل يمكن لي ان استعير منك فرح للحظات؟..
قالت والدة فرح مبتسمة: تستطيعين لو اكملنا عملنا سريعا..
التفتت وعد الى فرح وقالت بابتسامة عذبة: اذا سأساعدها..
صمتت فرح دون ان تنبس ببنت شفة في حين دلفت وعد الى الداخل وقالت وهي تشمر عن كم قميصها: ما المطلوب مني فعله؟..
قالت والدة فرح مبتسمة: اعدي طبق الخضراوات والفاكهة..
ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى فرح وقالت: وانت يا فرح اعدي العصير..
قالت وعد بمرح: انا اعد اطباق الفاكهة والخضراوات.. وفرح العصير فقط ..ماهذا التمييز؟..
قالت والدة فرح بابتسامة: انت من عرض المساعدة..
ضحكت وعد وقالت: اجل انت محقة يا خالتي.. انه خطأي منذ البداية في ان اساعد فرح..
قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها: يمكنك ان تتراجعي عن عرضك هذا..
ابتسمت وعد وقالت وهي تلتفت لها: عنداً فيك.. لن اتراجع..
قالتها وأخرجت لها لسانها بحركة طفولية.. وابتسمت فرح بالرغم منها.. لم هي متحاملة على وعد الى هذه الدرجة.. ما ذنبها هي؟؟..هل تريدها ان تدفن احلامها من اجل هشام؟.. ولكن ما ذنب هشام ايضا حتى يتعذب.. لم تعد تستطيع ان تدرك ايهما الذي على صواب وايهما الذي على خطأ.. انها تشعر ان كلاهما مصيب فيما يقوله ومخطأ في الوقت ذاته.. انها...
(ما هذا الكسل يا فرح؟..ألم تعدي العصير بعد؟.. لقد انتهيت انا من الفاكهة)
قالتها وعد بابتسامة مرحة.. فقالت فرح وهي تسرع باحضار علبة العصير : سأعده حالا..
قالت والدة فرح وهي تتطلع الى وعدفي تلك اللحظة: متى نفرح بك يا وعد؟.. ونراك عروساً لهشام..
تغيرت ملامح وعد فجأة..واطرقت برأسها بصمت دون ان تقوى على الاجابة.. وقالت بارتباك محاولة تغيير دفة الحديث: لقد انتهيت من اعداد الاطباق.. والآن هل نستطيع انا وفرح ان نغادر؟..
قالت والدة فرح وهي تهز كتفيها: يمكنكما ذلك..
امسكت وعد بمعصم فرح وقالت بابتسامة: هيا يا فرح..
واسرعت تجذب فرح الى حيث الردهة وهناك جلست وعد على احد الارائك.. واجلست فرح الى جوارها وهي تقول: والآن..اخبريني بكل ما حدث..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: بل انت التي اخبريني بكل ماحدث بينك وبين هشام..
قالت وعد بهدوء: لقد صارحني بمشاعره.. فصارحته انا الأخرى بمشاعري.. اخبرته بأني لو تظاهرت بالعكس فسيعد هذا خداعا له.. واخبرته ان يبحث عن فتاة اخرى تحبه بحق وعندها يستطيع ان ينساني.. ولهذا لم احاول الاتصال به مطلقا خلال الايام السابقة.. حتى امنحه الفرصة ليزيلني من حياته..
تنهدت فرح وقالت: انت لا تعلمين كيف اصبحت حال شقيقي في الايام السابقة.. انه صامت مكتئب اغلب الوقت بعد ان كان يملأ المنزل مرحا ويبتسم طوال الوقت.. وما ان يحادثه احد ما حتى ينفجر في وجهه.. ولولا ان لديه اليوم عمل هام لغادر المنزل ليحيل دون رؤياك..
ابتسمت وعد ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: هل اصبحت مخيفة الى هذه الدرجة؟؟..
قالت فرح ببرود: ان اصعب شيء على الشاب ان تهان كرامته او تجرح مشاعره.. شيء قاس جدا ان يحب فتاة بكل صدق .. ويراها في النهاية تضرب بمشاعره هذه عرض الحائط دون ان تكترث..
عقدت وعد حاجباها بضيق وقالت: لم افعل.. لم احاول ان اهين كرامته او اجرح مشاعره.. على العكس لقد احترمت مشاعره واحترمت كل كلمة نطق بها.. ولكن من الصعب علي ان ابادل مشاعره هذه.. ان المشاعر تولد بداخلنا فجأة تجاه شخص ما ولسنا نحن من يصنعها..
قالت فرح بتحدي: هل تستطيعين انكار بأنك تحبين هشام وانك مستعدة بالتضحية بأي شيء لأجله؟..
- ومن قال خلاف ذلك.. انا بالفعل احبه ولكن كأخ لي وليس أكثر.. هل ارتكب جرما اذا لم احب شخصا قد احبني؟ .. اخبريني انت.. لو كنت مكاني هل ستخدعين شخصا ما بحب وهمي لمجرد ان هذا الشخص قد احبك..
ترددت فرح قليلا ومن ثم قالت: لا اظن انني سأفعل بل سأصارحه بحقيقة مشاعري نحوه واطلب منه ان يبحث عن فتاة تبادله مشاعره هذه و ...
صمتت فرح بغتة لا لشيء بل لأنها ادركت ان ما قالته الآن مطابقاً لما قالته وعد لشقيقها.. وادركت ان وعد محقة في كل ما قالته..وانه ليس من حقها هي ان تفرض على وعد قتل احلامها من اجل شقيقها.. على العكس.. فكما تتمنى فرح الزواج من شاب تربطها به عاطفة بريئة.. تتمنى وعد المثل..
ولم تمض لحظات حتى رفعت فرح رأسها الى وعد لتطالعها ابتسامة هذه الاخيرة.. وقالت فرح بابتسامة: انت على حق.. آسفة على كل ما قلته لك.. ولكنني احب شقيقي هشام كثيرا كما تدركين.. وما اصابه افقدني القدرة على التفكير الصحيح..
قالت وعد وهي تهز كتفيها: لا عليك.. كل ما كنت ارجوه ان تفهمي موقفي ولا تتحاملي علي..
قالت فرح وهي تتطلع الى وعد: على الاطلاق.. انت صديقتي واختي.. ولا يمكنني ان اتحامل عليك ابدا..
ابتسمت وعد وهي تقول: هذا يعني انك ستعودين للاتصال بي.. اليس كذلك؟..
قالت فرح بغتة بمرح: للاسف لن استطيع.. فقد انتهى الرصيد بالهاتف اليوم فقط..
قالت وعد بسخرية: هل اسمي هذا بخلا منك اذا؟.. وانك لا ترغبين باضافة رصيد جديد الى هاتفك..
كادت فرح ان تهم بقول شيء ما.. حين ارتفع صوت والدة وعد وهي تقول: هيا يا فتيات.. الغداء جاهز..
نهضت وعد من مكانها وامسكت بمعصم فرح وهي تقول ميتسمة: هيا اذا لنتناول طعام الغداء.. لو تعلمين فقط كم اشعر بالجوع.. فانا لم اتناول شيء منذ خمس ساعات تقريبا و...
بترت وعد عبارتها وهي تتطلع الى ملامح فرح الواجمة.. وكأنها تفكر بأمر ما.. فسألتها الاولى قائلة: ما الأمر يا فرح؟..
تنهدت فرح وقالت: هشام..
عقدت وعد حاجبيهاوسألتها قائلة: ماذا به؟..
- لن يحضر لتناول الغداء..
- وما ادراك؟..
- انا اعرفه جيدا.. فما دمت هنا لن يخرج من غرفته حتى لا يضطر لأن يراك..
قالت وعد وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: لماذا يعقد الامور الى هذه الدرجة؟..
- لو كنت مكانه لفعلت المثل..
قالت وعد بغتة: مكانه؟.. هذا جيد جدا..
قالت فرح بغرابة: ماذا تعنين؟..
قالت وعد وهي تغمز لفرح بعينها: سأخبرك بكل شيء.. وكيف سأجبر هشام على تناول طعام الغداء معنا..
قالت فرح في لهفة وهي تعتدل في جلستها: وكيف؟؟..
قالت وعد وهي تميل نحوها وتهمس لها بصوت منخفض: ستذهبين اليه في غرفته وتتحدثين اليه و....
وواصلت وعد حديثها لفرح .. وهذه الاخيرة تبتسم ابتسامة مرحة.. تتسع تدريجيا..
********** سمع هشام طرقات هادئة على باب غرفته.. فقال بنفاذ صبر: لا اريد تناول طعام الغداء.. يمكنك الانصراف اياً كنت..
قالت فرح مبتسمة وهي تدلف الى الداخل: ما هي احوال شقيقي العزيز؟..
قال هشام بسخرية: اظن انك قد جئت لزيارتي منذ لحظات ولم يتغير في شيء الى الآن.. ولم اجن بعد ان كان هذا ما تتوقعينه..
قالت فرح وابتسامتها تتسع : من قال هذا؟.. لقد جئت لرؤية عملك.. ثم سنهبط نحن الاثنان لتناول طعام الغداء مع الاسرة جميعا..
- اظن انني قد اخبرتك بعدم رغبتي في تناول طعام الغداء..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: لكن الجميع سيلاحظ هكذا.. وسيظنون انك لا ترغب بالجلوس معهم..
قال هشام بلا مبالاة: فليظنوا ما يظنوه.. هل هذه هي المشكلة الآن؟..
واردف قائلا بحسم: اذهبي اليها.. فهي تنتظرك بالاسفل ولا داعي لأن تجعليها تنتظر اكثر من ذلك .. فلن اهبط..
- ولكن يا هشام...
قاطعها قائلا بحزم: قلت لا.. الا تفهمين..
قالت فرح وهي تتنهد: فليكن كما تريد.. ولكن ان اردت يمكنك النزول معي الآن و...
( فرح .. فرح)
بترت فرح عبارتها بالرغم منها وقالت بقلق: انه صوت وعد.. ما بها تصرخ هكذا؟..
قال هشام وهو يلوح بكفه: اذهبي لها لتعلمي بالأمر..
جاءهم هتاف وعد مرة أخرى وهي تهتف بصوت متألم: فرح تعالي وساعديني على النزول.. فقد التوى كاحلي وانا احاول الصعود اليك..
قالت فرح وهي تسرع الى خارج غرفة هشام: يا الهي..
ومن ثم قالت وهي تهبط الى مستوى وعد الجالسة على احدى درجات السلم: كيف حدث هذا؟..
قالت وعد وهي تعض على شفتيها بألم: لقد زلت قدمي وانا اصعد لندائكما للغداء..
جائهم صوت هشام من على الطرف الآخر لوعد وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: حمقاء كما عهدتك دوما يا وعد.. الا تنظرين امامك وانت تصعدين السلم؟..
التفتت له وقالت بحدة: لقد كنت انظر امامي بالفعل.. ثم ان هذا ليس وقت اللوم..
قال هشام وهو يميل نحوها ويمسك بذراعها قاصدا رفعها عن درجات السلم: دعيني اساعدك..
قالت وعد بابتسامة: اشكرك..
والتفتت الى فرح لتغمز لها بعينها علامة على الانتصار..وما ان اوصلها هشام الى اسفل الدرج حتى قال: هل تشعرين بألم؟.. هل ترغبين بالذهاب الى المشفى؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: لا.. فقط اوصلني الى طاولة الطعام.. سأتناول طعام الغداء وبعدها سأغادر الى المنزل..
- اانت متأكدة؟..
- اجل..
توجه هشام برفقتها الى طاولة الطعام ومن ثم قال وهو يجذب لها مقعدا لتجلس عليه: طفلتكم الصغيرة قد زلت قدمها على احدى درجات السلم.. يبدوا انها المرة الاولى التي تتعلم فيها صعوده..
قال والد وعد بابتسامة: اوافقك في هذا يا هشام.. فلن استغرب يوما اذا سقطت وهي تسير على قدميها..
قالت وعد وهي تلتفت الى والدها باستنكار: ابي.. ما هذا الكلام؟..
ضحك والدها وشاركته فرح الضحك.. فلكزتها وعد وهي تقول بحنق: حتى انت..
هز هشام كتفيه في تلك اللحظة ومن ثم قال: عن اذنكم..
قال والد وعد متسائلا: الى اين يا هشام؟.. الن تتناول طعام الغداء معنا؟..
قال هشام بهدوء: لدي الكثير من الاعمال يا عمي.. اعذروني جميعا انا مضطر للمغادرة ..
وكاد ان يبتعد لولا ان شعر بكف فرح وهي تمسك بذراعه وتقول باصرار: لا لن تغادر.. ستتناول طعام الغداء معنا..
التفت هشام اليها وقال: دعي عنك مثل هذه التصرفات يا فرح ودعيني اذهب لانجز اعمالي..
امسكت وعد بذراعه الأخرى ومن ثم قالت مبتسمة: لن يغادر العمل وحده المنزل.. اعدك بهذا..
قالت والدة هشام بخبث في تلك اللحظة: ماذا تريد اكثر من هذا.. فتاتان جميلتان يلحان عليك بالجلوس ثم لا تجلس..
قال هشام ساخرا: لا ارى اياً من هاتين اللتين تتحدثين عنهما..
قالت فرح بعناد: هيا يا هشام.. أجلس لاتكن سخيفا..
تنهد هشام ومن ثم قال: فليكن.. فليكن.. دعوني الآن.. حتى لا اظن انني مقتاد للسجن وليس لتناول طعام الغداء..
ابتسمت فرح وقالت وهي تترك ذراعه وتتجه لتجلس على احد المقاعد وتراه يجلس بدوره: أجل .. هكذا.. فبعد كل هذا الذي فعلناه تريد ان لا تتناول طعام الغداء معنا ايضا..
عقد هشام حاجبيه ومن ثم كرر ما قالته فرح: الذي فعلتموه؟؟..
والتفت الى وعد وهو يتطلع اليها بنظرة استنكار قبل ان يقول وهو يعقد حاجبيه بحنق: ايتها الممثلة البارعة.. لقد كدت اصدق بالفعل ما اصابك..
تطلعت وعد الى فرح بنظرة حانقة على كشف الامر لهشام ومن ثم التفتت اليه لتقول بابتسامة صغيرة: ما رأيك بي.. اصلح للتمثيل في احد المسلسلات.. اليس كذلك؟.. ثم انها كانت الوسيلة الوحيدة لننزلك من مخبأك..
قال هشام وهو يبتسم بسخرية: انظري امامك جيدا في المرة القادمة وانت تصعدين السلم.. حتى لا يتحول التمثيل الى حقيقة..
قالت وعد مبتسمة: سأفعل بالتأكيد..
لم يكن يهم وعد شيء في هذه اللحظة سوى انها قد رسمت الابتسامة على شفتي هشام أخيرا.. وانه قد يخرج من دائرة احزانه هذه التي لا تنتهي لو فعلت له القليل..لهذا قد قررت ان تتعامل معه باسلوب طفولي كما كانت تفعل في الماضي.. عله يزيح آلامه بعيدا ويفكر بمستقبله جيدا.. مطمئنا الى انها قد تكون له ذات يوم..
وارتجف قلب وعد.. هل من الممكن ان تكون لهشام ذات يوم؟.. الاسرة جميعها على ما يبدوا ترحب بهذه الفكرة.. ولكن.. ماذا عن طارق؟.. ماذا عنه؟؟...
********** vbmenu_register("postmenu_692986", true); * الجزء الثاني والعشرون*
(هل سترحل؟) تطلعت ليلى بشرود الى سقف غرفتها وهي تشعر برجفة لذيذة تسري في اطرافها كلما تذكرت آخر لقاء لها مع عماد.. ذلك اللقاء الذي اعترف لها بمشاعره فيه.. ذلك الللقاء الذي ادركت معه ان لاشيء مستحيل في هذا العالم.. وان الاحلام تتحقق وليست مجرد اوهام تختفي مع الزمن.. انها اليوم تشعر بالنشوه وهي تفكر بأمور كثيرة ..كثيرة جدا..بعماد.. بحياتها معه.. بحبها له.. بشخصيته المهذبة التي اسرتها منذ اول مرة رأته فيها..
اشيا ء كثيرة تلك التي دارت برأسها تختص بشخص واحد فحسب .. عماد.. ولم تستطع منع عيناها – كلما تذكرته - بالتحول الى زهرية الورود المركونة على الطاولة .. ووجدت نفسها لا اراديا تنهض من على فراشها وتتوجه الى تلك الزهور وتداعبها هامسة: أحبه.. كما لم احب احد في حياتي يوما.. أحبه بكل رجفة يرجف بها جسدي كلما تعانق كفانا.. احبه بكل همسة تهمس بها عيناه قبل شفتاه.. احبه بكل لحظة تتلاقى فيها عيناي بعينيه الدافئتين لتهمس له بما اعجز عن نطقه.. احبه بكل لحظة قضيتها الى جواره.. احبه .. احبه.. ولا املك الا ان انطق بهذا لمئات المرات.. حتى اصدق انني لست في حلم جديد وان ما حدث هذا الصباح كان واقعاً.. واقعاً عشت كل لحظة فيه.. واقعا أحسست فيه بكل شيء من حولي.. ولكني لم اكن اشعر الا به.. لم اكن ارى سواه في تلك اللحظات.. لم اكن استمع الا الى صوته.. على الرغم من اصوات الموسيقى الهادئة التي كانت تملأ الاركان..
لو سألني احدهم عن كنه ما اكلته على الغداء في ذلك الوقت.. فلن اتذكر.. لو سألني عن الوقت لحظتها.. فسأخبره بأنه لم يكن لدي الوقت لأنظر الى الساعة بدلا من النظر الى عينا عماد التي تأسراني بداخلها!..لو سألني شخص ما عن سبب صمتي وقتها بعد أن همس لي بكلمة احبك.. فسأخبره بأنه لو كان مكاني لفعل المثل.. وهو يرى ان حلمه بين ليلة وضحاها بات واقعاً يعيشه!..
وعادت لتهمس وهي تتطلع الى تلك الزهور الحمراء: اخبريني ايتها الزهور.. هل تدوم سعادة الانسان طويلا.. ام انها تتلاشى مع الزمن؟..
ولم تحرك الزهور ساكنا وكأنها تؤكد لها صعوبة سؤالها.. فعادت لتسألها: وماذا عن الحب؟.. هل يبقى الى الابد في قلوبنا.. ام لا يكون له اثرا مع الايام؟..
وظلت الزهور ساكنة على الرغم من تلك الانسام الباردة التي داعبت خصلات من شعر ليلى.. في حين زفرت ليلى بهدوء وقالت: اتمنى ان لا استيقظ من هذا الحلم الجميل الذي احياه.. لاجد نفسي في كابوس الواقع.. اتمنى ذلك..اتمناه..
ولكن هل كل ما نتمناه ندركه يا ترى؟..
********* يوم جديد للجميع بالعمل.. كان يوما روتينيا واعتياديا على الجميع.. الجميع ما عدا البعض بالتأكيد..البعض مثل عماد مثلا الذي تطلع الى علبة القطيفة الحمراء التي بين يديه وغمغم بابتسامة: هل سيعجبها ذوقي؟؟..
وعاد ليتطلع الى العلبة مرة اخرى.. ربما كانت المرة العاشرة التي يتطلع فيها الى العلبة هذا اليوم..ومن ثم لم يلبث ان فتحها بهدوء .. لترتسم ابتسامة سعيدة على شفتيه وعيناه تتطلعان الى ذلك الخاتمين..الذين قد نقش على احديهما اسم ليلى والآخر اسم عماد..
كان الخاتم الذي يخص عماد فضيا وبسيطا.. اما خاتمها هي فقد بحث طويلا حتى اختار ما يناسبها ويناسب شخصيتها.. كان خاتما ذهبيا رائعا.. تعلوه ثلاث ماسات وتستقر اسفل كل ماسة زمردة بشكل وردة صغيرة وكل منها بلون مختلف.. شعر بأن مثل هذا الخاتم يناسبها فهو يعكس شخصيتها البسيطة والرقيقة والفريدة من نوعها..
وعاد ليغلق علبة القطيفة ويسند رأسه لمسند المقعد ويسبل جفتيه بهدوء.. وكأنه لم يغلق العلبة منذ لحظات فقد كان يشعر بأنه يرى الآن الخاتمين امام ناظريه.. وكيف تتلألأ الماسات بخاتم ليلى لتعكس الضوء الساقط عليها ليبدوا الخاتم في غاية الروعة..
وعاد عماد ليفتح عينيه ويقول بشرود: متى ينتهي وقت العمل هذا؟.. اريد ان اراك..ان اقدم لك هذا الخاتم بنفسي.. واضعه باناملي في اصبعك.. حتى اتأكد اخيرا بأنك قد بت لي يا ليلى.. وان حلم حياتي قد بات حقيقة..
وتطلع الى ساعة الحائط بشرود وابتسامة حامة ترتسم على شفتيه وهو يشعر بعقرب الثواني يسير ببطء شديد.. او هذا ما خُيل له..
******** (رئيس التحرير يطلبك يا آنسة وعد)
ما ان سمعت وعد هذه العبارة حتى التفتت الى صاحب العبارة الذي كان احد الموظفين بالصحيفة.. وقالت وهي تعقد حاجبيها: مجددا.. ياللغرابة.. ولم يطلبني يا ترى؟..
هز الموظف كتفيه وقال: لست اعلم يا آنسة.. يمكنك سؤال رئيس التحرير بنفسك..
قالت وعد وهي تلتفت عنه: حسنا سأحضر بعد قليل..
قال الموظف في سرعة: لقد اكد علي ان تحضري الآن وعلى وجه السرعة.. يبدوا ان الامر هام جدا.. فهو يبدوا عصبيا جدا..
عقدت وعد حاجبيها اكثر وقالت بحيرة وهي تنهض من خلف مكتبها: حسنا سآتي فورا..
قال لها طارق: ربما كان الامر يتعلق بموضوعك..
صمتت قليلا ومن ثم قالت: اجل ربما يكون لهذا السبب..
واردفت وهي تغادر القسم: عن اذنكم..
قالت لها نادية في تلك اللحظة: اخبرينا بما سيحصل معك..
قالت وعد وهي تبتعد عن المكان: سأفعل..
واسرعت تسير بخطوات متوترة بعض الشيء الى مكتب رئيس التحرير.. وما ان وصلت الى هناك حتى سألتها السكرتيرة قائلة: هل انت الآنسة وعد؟..
أومأت وعد برأسها وحيرتها تتضاعف.. فقالت لها السكرتيرة وهي تفتح لها باب المكتب: رئيس التحرير ينتظرك يا آنسة وعد بالداخل..
دلفت وعد الى الداخل.. وعشرات الآسألة تتفجر برأسها.. لم الاستدعاء على وجه السرعة؟.. ولم هي بالذات؟.. هل هو امر يخص موضوعها؟..ام ماذا؟.. وقالت وهي تتقدم حيث يجلس رئيس التحرير: هل طلبت استدعائي يا استاذ نادر؟..
قال وهو يشير لها بالجلوس: اجل .. تفضلي بالجلوس..
جلست على المقعد المواجه لمكتبه ومن ثم قالت: ما الامر يا استاذ نادر؟.. هل حدث امر يتعلق بالموضوع الذي نشرته؟..
قال نادر ببرود: جيد انك فتحت الموضوع بنفسك.. اجل انه يتعلق بالموضوع الذي قمت بنشره امس..
- وماذا به؟..
قال نادر بحدة فجأة: لقد سبب لنا العديد من المشاكل يا آنسة وعد.. بسبب موضوعك انهالت علينا مكالمات التهديد والاستنكاروالشتم ..ولم تخلوا من تعريض الصحيفة للمشاكل القانونية اذا لم يتم تصحيح مثل هذا الخطأ..
قالت وعد باستنكار: ومن قال ان ما كتبته كان خاطئا؟..
قال رئيس التحرير بلامبالاة: لا يهمني ان كان ما كتبته خاطئا ام لا.. ما يهمني هو ان لا تتعرض الصحيفة للمشكلات .. بسبب صحفية لا تزال تحت التمرين..
شعرت وعد بالغضب من كلماته واندفعت تقول: صحيح انني لا ازلا تحت التمرين ولكني افهم جيدا معنى ان يكون الفرد صحفيا.. ان هذا معناه ان يكشف الشخص منا أخطاء المجتمع للناس لا ان يستتر عليها..
- لسنا هنا من اجل تعليمي مهنة الصحفي يا آنسة.. كل ما اطلبه منك هو تصحيح ذلك الموضوع..
قالت وعد باصرار:لن اغير حرفا واحدا.. ثم انك وافقت على الموضوع بنفسك ووقعت عليه.. وانا لم اشر بأي شكل من اشكال الى هوية ذلك المصنع او الى المدير العام الذي تحدثت عنه بالموضوع..
هوى رئيس التحرير بقبضته على الطاولة وقال بانفعال: ولكنك اقرنتيها بالصور..وهذا هو الخطا الذي ارتكبتيه لقد اشرت الى ذلك المصنع بمنتهى الوضوح بسبب تلك الصور..فاما ان تكتبي موضوع اعتذار لمدير ذلك المصنع.. وتخبريه بأنك اقرنت تلك الصور سهوا بالموضوع او...
قالت وعد بعصبية: او ماذا يا استاذ نادر؟..
لوح الاستاذ نادر بكفه ومن ثم قال: او نتخذ معك الاجراء اللازم..
قالت وعد بتحدي: اتخذه اذا ماذا تنتظر..
تطلع اليها رئيس التحرير بمزيج من العصبية والانفعال ومن ثم قال صرامة: انت موقوفة عن العمل لثلاثة ايام يا آنسة وعد.. لا تأتي الى الصحيفة قبل هذا الوقت.. الا اذا قررت التراجع عن قرارك..
قالت وعد بحزم على الرغم من الغصة التي شعرت بها وهي تستمع الى مثل هذا الاجراء القاسي من رئيس التحرير: لن اتراجع عنه عنه مطلقا يا استاذ نادر .. ثق بهذا..
********
ساد الصمت بعد خروج وعد من القسم.. واستمر الصمت على المكان الى ما يقارب النصف ساعة.. حتى قال طارق بقلق قاطعا ذلك الصمت : لقد تأخرت .. ما الذي حدث معها يا ترى؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: لننتظر.. وسنعلم بعدها بما حدث..
قال طارق بصوت متوتر حاول اخفاءه: لماذا طلبهارئيس التحرير؟..أمن اجل موضوعها امن من اجل امر آخر..
قال احمد وهو يزفر بحدة: اذا جاءت يمكنك توجيه هذا السؤال لها..
صمت طارق وتفكيره مقتصر على وعد.. وسبب طلب رئيس التحرير لها..وبغتة سمع صوت خطواتها المسرعة وهي تقترب من القسم فقال في سرعة: لقد حضرت أخيرا..
التفت له أحمد وقال بغرابة: وما ادراك..
وبدل ان يجيبه طارق .. دلفت وعد الى القسم وهي تحاول تمالك نفسها والسيطرة على اعصابها واسرعت تتجه نحو مكتبها وهي تفتح الادراج وتخرج منهم عدد من الاوراق .. وسألتها نادية بهدوء: ماذا حدث يا وعد؟..
واسرع طارق يقول: ان الامر متعلق بموضوعك اليس كذلك؟..
قالت وعد بحدة بالرغم منها: اجل.. انه يطلب مني ان اكتب اعتذار لذلك المدير وان ابين انني قد اقرنت الصور بموضوعي عن طريق الخطأ..
سألها طارق باهتمام: وماذا فعلت؟..
قالت وعد بلهجة ساخرة ومريرة: لقد اوقفت عن العمل لثلاثة ايام..يمكنكم ان تقولوا انها اجازة مفروضة علي..
عقد طارق حاجبيه ومن ثم قال: ليس من حقه ان يوقفك عن العمل.. انت لديك الدليل على كل ما قلتيه.. وهذا يثبت صدق موضوعك..
قالت وعد وهي تتنهد: يقول انني اسبب له المشاكل مع ذلك المدير العام وغيرهم..
عقد طارق حاجبيه اكثر وصمت في تفكير وهو يشعر بالغضب يتضاعف بداخله.. في حين قال أحمد: ان رئيس تحرير هذه الجريدة شخص جبان يخشى مواجهة المسئولين ذوي النفوذ بحقيقتهم..
قالت وعد وهي تضع آخر الاوراق في حقيبتها: لقد ادركت هذا.. اليوم فقط.. بعد ان طلب مني ان اقوم بتعديل الموضوع الصحيح واكذبه.. وانشر بدلا منه موضوعا كاذبا ليصدقه الجميع!..
قال طارق بعتة بصرامة: ألم يوقع بنفسه على موضوعك؟..
التفتت له وعد وقالت بتوتر اثاره في نفسها صرامة عينيه: بلى.. لقد وافق عليه ووقعه على ان اتحمل انا المشكلات المترتبة..
قال طارق بصرامة أكبر: ليس له الحق بتوقيفك عن العمل اذا.. كل ما يستطيع فعله ان يطلب منك مناقشة الامر مع ذاك المدير العام..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: لا فائدة.. لقد انتهى الامر وتم توقيفي عن العمل رسميا.. ولكن مع هذا لن اتوقف عن انتقاد مثل هؤلاء اللذين ينشرون بالبلدة الفساد.. سأظل اكتب ..دون خوف او جبن ..كما علمتني انت يا ..استاذ ..طارق..
قالتها ببحنان وهي تطلع اليه و تحاول ملء عينيها بوجهه قبل ان تغادر المكان..وكأنها تريد ان ترسخ صورته في ذهنها وتظل عالقة فيه.. ومن ثم نهضت بتثاقل من خلف المكتب وقالت وغصة مريرة تملأ حلقها وتعتصر حلقها: يحز في نفسي ان افراقكم.. لقد اعتدت وجودي بينكم كل يوم.. وسيكون من الصعب علي ان لا اراكم لمدة ثلاثة ايام كاملة..
قال أحمد محاولا اضفاء جو من المرح على المكان: ليس كل يوم.. لا تنسي عطلة نهاية الاسبوع.. فهي ما نحتاجه بشدة بعد تعب مضني طوال الاسبوع..
التفتت وعد اليه وقالت بابتسامة باهتة: الى اللقاء يا استاذ احمد.. اراك بخير.. وعلى فكرة انت مصور بارع..
والتفتت الى نادية لتقول: الى اللقاء يا استاذة نادية.. لقد علمتيني اشياء عديدة في عملي بالصحافة.. اشكرك..
قالت نادية بصوت غلب عليه التأثر: انت كأخت لي يا وعد.. لقد اعتبرناك اختنا جميعا هنا.. ولا داعي لشكري فهذا واجبي تجاه شقيقتي..
التفتت وعد الى طارق ولكنها لم تنطق بكلمة .. ظلت تتطلع اليه بلهفة وشوق وحنان..ظلت واقفة مكانها وعيناها جامدتان عليه وكأنها تأبى ان تفارقه وتبتعد عنه.. ولغة العيون هي من كانت تتكلم.. وتذكرت عبارته لحظتها.. "لا يفهمها الا من يهتم بصاحبها".. هي الآن تهتم بصاحب تلك العينان العسليتين .. تلك العينان التي تمتلآن بحزم وصرامة العالم كله.. تلك العينان الباردتان التي تحتويها بالدفء.. بالحنان.. بالطمأنينة .. ولا تلبث ان تجعل نبضات قلبها تخفق بقوة و سرعة لأجله..
ان لاامر ليس مقتصرا على الاهتمام بصاحب هاتين العينين فحسب .. بل ان الامر يفوق ذلك بكثير.. انها تحبه!! ..شعرت بالدهشة.. بالذهول من نفسها.. ومن تفكيرها هذا.. هل هي تحبه حقا؟؟.. اجل لم لا تعترف لنفسها؟.. لم تخف هذا الامر عن نفسها.. اتخشى ان تعرف بأنها تحمل لها هذا الحب في قلبها؟.. ام حكاية مايا لا تزال تذكرها بأن طارق قد احب ذات يوم وان محبوبته تلك لا تزال تسكن قلبه...
وادارت رأسها بغتة عنه.. حاولت ان تهمس له ولو بكلمة وداع ولكن لسانها قد انعقد فجأة وكأنه يأبى عليها ولو كلمة وداع تلقيها على مسامعه.. ووجدت نفسها تتحرك بخطوات متثاقلة عن المكان وهي تشعر بالمرارة .. بالالم.. ستغادر هذا المكان .. سترحل عنه لمدة ثلاثة ايام فحسب.. لكنها تشعر بها اشبه بالسنوات.. لانها لن تراه.. لن ترى طارق كما اعتادت يوميا.. لن يمكنها ذلك بعد الآن..
( وعد..)
منذ متى كان رنين اسمي جميل الى هذه الدرجة.. هل هما اذناي؟.. ام صوته الذي همس باسمي بأروع مافي الكون من معان.. والتفتت له في لهفة وهي تسير بالممرات بعد ان غادرت القسم .. فقال بعتاب: الن تسلمي علي حتى قبل رحيلك؟..
كادت ان تهتف بوجهه هاتفة: ( الم تفهم؟.. لقد كنت اخاطبك بلغة العيون تلك التي علمتتني اياها.. الم تفهم كلمات توديعي لك.. الم تفهمي نظرات الحب الذي ارسلتها لك.. الم تفهم بعد؟) ..
ولكنها لم تقل حرفا من هذا بل اطرقت برأسها ومن ثم قالت: الفراق صعب كما يقولون..
قال بابتسامة شاحبة: لم تتحدثين هكذا.. انها ثلاثة ايام لا اكثر..
ثلاثة ايام؟؟.. تقولها بهذه البساطة.. اية اعصاب فولاذية تملك؟.. احقا لم تعرف بعد معنى نظراتي لك ؟.. وقالت وهي تشيح بوجهها: معك حق.. انها ثلاثة ايام فحسب..
مد لها يده ومن ثم قال: الن تصافحيني حتى؟..
التفتت له وكادت الدموع ان تترقرق في عينيها.. أي رجل هو هذا؟.. الا يشعر بأني احبه؟.. اعشقه.. لم اعد ارى سواه في حياتي.. انه فارس احلامي الذي طالما كنت احلم به.. الا يحمل لي ولو ذرة من المشاعر.. الا يشعر بي؟..
ومدت له يد مرتجفة لتصافحه وهي تقول: الى اللقاء يا استاذ...
قاطعها قائلا وهو يتطلع اليها بحنان: طارق بدون استاذ.. لقد قلتيها مرة وسأكون سعيدا لو سمعتها منك مرة اخرى.. فهذا يعني انني قريب اليك..
كلماته تؤكد اهتمامه بامري..وتصرفاته تؤكد عكس ذلك احيانا!.. ولكنه لا يشعر بي.. ولا اظنه سيشعر ابدا.. فمايا.. حبه الوحيد.. ستظل تجري في عروقه كمجرى الدم.. سيظل يحبها ولن ينساها ابدا.. وهي -وعد- لن تكون سوى صفر على الشمال..
قالت وعد وهي تطرق برأسها وتقول بصوت مرتجف بالرغم منها: لقد كانت زلة لسان يومها لا اكثر..
تطلع لها بصمت وهو يبتسم فقالت وهي تزدرد لعابها محاولة السيطرة على مشاعرها: اراك بخير.. يا .. طارق..
قالتها وكادت ان تسحب كفها من يده حتى تغادر.. لكنها وجدته يحتضن كفها بكفه الاخرى ويربت عليها ليقول بابتسامة: سنكون بانتظارك..
اومأت برأسها فحرر يدها لتضعها الى جوارها ومن ثم سمعته يقول بهمس: اراك بخير يا وعد..
واردف وهو يكور قبضته بحزم: لكني اعدك بفعل أي شيء تجاه هذا القرار القاسي الذي تعرضت له..
قالت بشحوب وهي تهز رأسها نفيا: لا داعي..
ومن ثم لم تلبث ان لوحت له بكفها وهي تبتعد..وتابعها طارق بناظريه حتى اختفى طيفها من امام عينيه وهنا ردد بصرامة وحزم: اعدك يا وعد.. اعدك...
********* من منا جرب الانتظار يوما؟.. من منا جرب ان ينتظر لساعات طويلة ظن انها لن تنتهي ابدا؟.. ساعات جعلته يشعر بالملل والتعب والرغبة في الخلاص من هذا الانتظار.. لو جرب احدا منكم مثل هذا الشعور فعندها فقط سيعرف شعور عماد الذي ان يجلس في سيارته بانتظار هبوط ليلى.. وعلى الرغم من ان تأخرها لم يدم الا ربع ساعة الا ان الترقب واللهفة اللذان يسيطران على كيانه جعلته يشعر بأن الوقت طويل ولن ينتهي..
ووجد نفسه يهبط من سيارته ويستند اليها بملل.. انه خطأه لأنه خرج من الشركة مبكرا.. ولكنه كان يخشى ان تغادر دون ان يراها.. دون ان يمنحها ذلك الخاتم الذي تمنى ان يزين اصابعها يوما.. والتمعت عيناه بغتة ببريق امل وهو يراها تخرج مغادرة الشركة.. وتابعتها عيناه بلهفة وشوق.. قبل ان يرى الحيرة قد ظهرت على ملامحها وهي تراه في وقفته هذه .. فاقتربت حيث يقف ومن ثم قالت: هل تنتظر احدا؟..
قالت مبتسما وهو يعقد ساعديه امام صدره: بلى انتظرك انت..
قالت مستفهمة: ولم؟..
جذبها من كفها ومن ثم قال: لدي ما اريد ان اريكِ اياه..
رأته يجذبها برفق الى حيث سيارته القابعة على القرب منهما ..وقال وهو يفتح باب سيارته بابتسامة واسعة: تفضلي بالدخول يا أميرتي..
تطلعت اليه بخجل ومن ثم قالت ووجنتاها متوردتان: عماد الجميع ينظر لنا..
غمز بعينه لها ومن ثم قال: وفيم يهموني؟..
ارتبكت أكثر ومن ثم لم تلبث ان دلفت الى داخل سيارته واغلق هو خلفها الباب.. ليدور حول مقدمة السيارة.. ومن ثم يحتل مقعد القيادة وينطلق بالسيارة مبتعدا عن الشركة والمكان بأكمله.. والتفتت ليلى لتتطلع من خلال النافذة الى الشوارع والسيارات والمباني ..ومن ثم تمتمت بخفوت: ما الامر؟..لم اصطحبتني معك..
قال مبتسما: أخبرتك انني اريد ان اريك شيئا ما..
التفتت له وقالت وهي تزيح بعض من خصلات شعرها خلف اذنها: وما هو هذا لشيء؟..
صمت ولم يجبها.. وكادت ان تكرر السؤال ولكنها آثرت الصمت.. وران الصمت على المكان لخمس دقائق اخرى قبل ان تتوقف السيارة بغتة على جانب الطريق.. مما جعل ليلى تعقد حاجبيها باستغراب ومن ثم تقول: لم توقفت هنا؟..
قال وهو يهمس بحنان: لانني اريد ان اتحدث اليك لوحدنا قليلا..
التفتت له وقالت بحيرة: وعن ماذا ستتحدث الي؟..
قال وهو يلتفت لها ومن ثم يخرج من كفه علبة القطيفة ويفتحها امام ناظريها وهو يقول بخفوت: هذا..
تطلعت الى الخاتم الذي انعكست عليه اشعة الشمس لتجعل ماساته تتلألأ بشكل رائع .. ورفعت عيناها عن الخاتم لتتطلع الى عماد وتقول بدهشة: خاتم زواج؟؟..
قال وهو يومئ برأسه بابتسامة واسعة: اجل حتى يعلم الجميع انك خطيبتي ولا يحق لاحد التفكير بك بعد الآن..
تطلعت الى الخاتم من جديد ومن ثم قالت متسائلة: يبدوا غالي الثمن.. اليس كذلك؟..
قال عماد وهو يهز رأسه: بم تفكرين يا ليلى؟.. حتى وان كان ثمنه ملايين من القطع النقدية فهو سيكون رخيصا في حقك..
توردت وجنتاها ومن ثم قالت بارتباك: ولكن الخطبة يجب ان تكون رسمية وامام الجميع..
امسك بكفها ومن ثم قال: دعينا نقيمها لوحدنا الآن.. ثم نقيمها مرة أخرى لاحقا..
- اتمزح؟؟..
قال مبتسما: ابدا.. لست امزح.. ولكن اتمنى ان اكون انا وانت فقط معا عندما البسك هذا الخاتم.. الذي سيظل يزين اصبعك الى ابد الدهر..
لم تستطع ان تتفوه بحرف.. الكلمات تعجز عن الخروج من حلقها.. وكأنها قد رفعت الراية البيضاء واعلنت الخضوع التام لما قال.. واتسعت ابتسامة عماد وهو يتطلع لها بحب ومن ثم يقول بهمس وهو يدخل الخاتم باصبع كفها اليمنى: سيذكرك بي دائما وانا بعيد عنك..
قالت بخجل: انا لا انساك حتى اتذكرك..
تطلع لها بحب وحنان شديدين.. ثم لم يلبث ان رفع كفها الرقيقة الى شفتيه ليقبل اناملها بحب.. ومن ثم قال: ستكونين حبيبتي وزوجتي الى الابد يا ليلى .. فأنت حلم حياتي قبل كل شيء.. الذي حلمت به طويلا.. طويلا جدا...
وظلا على حالهما هذا كلاهما يتطلع الى الآخر بحب وحنان شديدين.. وعيناهما تنطقان باسمى المعاني.. ومشاعرهما تبثها لمسة كفيهما..
وعاد السؤال ليتردد بذهن ليلى على الرغم منها.. ترى هل ستدوم هذه السعادة التي احياها طويلا؟؟..
وبات السؤال معلقا دون جواب.. فمن يعلم بما يحفيه لنا القدر.. من يعلم؟...
********** |