اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الرابع في خصائصها ومزاياها على غيرها رضي الله عنها خصائصها ومزاياها على غيرها
وهي كثيرة: الأولى - أنها أفضل هذه الأمة: روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري - بإسناد صحيح مرفوعا - (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم).
وفي رواية صحيحة: (إلا ما كان من مريم بنت عمران) فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها؛ فإنما هو من حيث الأمومة فقط.
وعن عائشة - على الصحيح - بل الصواب.
قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل! ثم خديجة! ثم عائشة! قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.. وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر؛ فقال في موضع: هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعد هن مطلقا.
مناقشة قول ابن القيم: وأما قول ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه؛ فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح.
وإن أريد كثرة العلم فعائشة.
وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها.
وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها.
وما امتازت به عائشة من فضل العلم لخديجة ما يقابله وأعظم! وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعى إليه، وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجه؛ فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة.
قال: وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة فأين ما عدا مريم؟ مريم أفضل منها إن قلنا بما عليه القرطبي في طائفة من أنها (نبية)، وكذا على قول تقدم نبوتها بقوة الخلاف، وبقصده استثناءها. أعنى مريم في عدة أحاديث من بعضها.
بل روى ابن عبد البر عن ابن عباس مرفوعا: (سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة ثم آسية).
قال القرطبي: وهذا حديث حسن يرفع الإشكال من أصله.
قول الحافظ بن حجر: وقول الحافظ بن حجر: (إنه غير ثابت).
إن أراد به نفي الصحة الاصطلاحية فمسلم؛ فإنه حسن لا صحيح.
ونص على ذلك الحافظ الجبل ولفظه عن ابن عباس مرفوعا (سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة، ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون) رواه الطبراني في الأوسط وكذا الكبير بنحوه.
قال الحافظ الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح.
لكن قال بعضهم: لا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وممن صار إلى ذلك: المقريزى والسيوطى.
أفضليتها على نساء هذه الأمة: أما نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهن مطلقا بل صرح غير واحد أنها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتى الخلفاء الأربعة. أفضليتها على بقية أخواتها
وذهب الحافظ بن حجر أنها أفضل من بقية أخواتها؛ لأنها ذرية المصطفى دون غيرها من بناته، فإنهن متن في حياته، فكن في صحيفته؛ ومات في حياتها فكان في صحيفتها! قال: وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبرى نص عليه: فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن على بن جدتها فاطمة قالت: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة، فناجاني فبكيت، ثم ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لا أخبرك بسره، فلما توفى سألتني فذكرت الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين، وأنه قال: أحسب أني ميت في عامى هذا، وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها.
فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا، فبكيت، فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة فضحكت).
ما أخرجه الطحاوي: وأما ما أخرجه الطحاوي وغيره من حديث عائشة في قصة مجىء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى. قال النبي صلى الله عليه وسلم (هي أفضل بناتي أصيبت في).
فأجاب عنه بعض الأئمة - بفرض ثبوته - بأن ذلك كان متقدما، ثم وهبه الله فاطمة من الأحوال السنية والكمالات العليا ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقاً.
على أن البزار روى عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (هي خير بناتي أنها أصيبت بي).
وعليه فلا حاجة للجواب المتقدم بنصه الصريح على أفضليتها مطلقا. الثانية أنه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرة
قال المحب الطبري: قد دلت الأخبار - أي المارة - على تحريم نكاح علي على فاطمة حتى تأذن.
ويدل عليه قوله تعالى: (وَما كانَ لَكُم أَن تُؤذوا رَسولَ اللَهِ) لكن تبين من كلام جمع متقدمين من أئمتنا الشافعية أن ذلك من خصائص بناته، لا من خصائص فاطمة فقط.
وممن صرح به الشيخ أبو علي في شرح التلخيص: فقال: يحرم التزويج على بناء النبي أي من ينسب إليه بالنبوة.
لكن استوجه الحافظ ابن حجر أنه خاص بفاطمة؛ لأنها كانت أصيبت بأمها وأخواتها واحدة فواحدة، فلم يبق من تأنس به ممن يخفف عنها ألم الغيرة وفيه نظر. الثالثة أنها كانت لا تحيض أبدا
كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
قالت المولدات: طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة ولذلك سميت الزهراء!! ومن جزم بذلك من أصحاب الشافعية: المحب الطبريى وأورد فيه حديثين: أنها حوارء آدمية طاهرة مطهرة، لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث، ولا في ولادة.
لكن الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة.
وهما موضوعان كما جزم به ابن الجوزى، وأقره على ذلك جمع منهم: الجلال السيوطي مع شدة عليه. الرابعة أنها كانت لا تجوع
روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فوقفت بين يديه فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها، وغلبت عليها الصفرة من شدة الجوع، فرفع يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة، وفرج بين أصابعه ثم قال: اللهم مشبع الجماعة، ورافع الوضيعة ارفع فاطمة بنت محمد).
قال عمران: فسألتها بعد. قالت: ما جعت بعد يا عمران! وعنه أيضا: إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فقامت بحذائه مقابلة.
فقال: (ادنى يا فاطمة).
فدنت دنوة، ثم قال: ادنى فدنت حتى قامت بين يديه.
قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها، وذهب الدم، فبسط رسول اله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ثم وضع كفه بين ثدييها، فرفع رأسه فقال: (الله مسبع الجوعة، وقاضي الحاجة، ورافع الوضيعة، لا تجع فاطمة بنت محمد).
فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها، وظهر الدم.
ثم سألتها بعد فقالت: (ما جعت بعد ذلك أبدا).
رواه الطبراني في الأوسط. وفيه عقبة بن حميد، وفقه ابن حيان وغيره، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله موثقون.
وروى أحمد عن أنس (أن بلالا أبطأ عن صلاة الصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حبسك؟ قال: مررت بفاطمة تطحن، والصبى يبكى. فقلت: إن شئت كفيتك الرحى، وكفيتني الصبى، وإن شئت كفيتك الصبى، وكفيتني الرحى؟! قالت: وكفيتني الرحى؟! قالت: أنا أرفق بابني منك! فذلك الذي حبسني.
ورواه الطبراني بسند حسين عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال: (أين ابناي؟).
يعني الحسن والحسين.
قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق فقال على: أذهب بهما؛ فإني أخاف أن يبكيا عليك وليس عندك شيء! فذهب بهما إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما في سربه بين يديهما فضل من تمر.
فقال يا علي: ألا تنقلب بابني قبل الحر؟! قال: أصبحنا ولي عندنا شيء، فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة بعض تمرات.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع لفاطمة شيء من تمر، فجعله في حجره، ثم أقبل فحمل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وحمل على الآخر حتى أقبلها. الخامسة يقال إنها لم تغسل بعد الموت وإنها غسلت نفسها
لما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن سعد في طبقاته عن سلمى قالت: اشتكت فاطمة شكوها التي قبضت فيه! فكنت أمرضها، فأصبحت يوما، وخرج علي لبعض حاجته فقالت: يا أمة، اسكبي لي عسلا، فسكبت لها عسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت: أغطيني ثيابي الجدد، فلبستها، ثم قالت: قربى فراشي وسط البيت، فاضطجعت واستقبلت القبلة، وجعلت يدها تحت خدها وقالت: يا أمة: إني مقبوضة، وقد تطهرت، فلا يكشفني أحد! فقبضت مكانها، فجاء على فأخبرته فقال: لا والله لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك. حديث غريب، وإسناده جيد، ولكن فيه ابن اسحق وقد ضعفه وله شواهد ومرسل وهو: ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل: أن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت، ودعت بثياب كفنها، فأتيت بثياب غلاظ خشنة، فلبستها، ومست من حَنوطُ ثم أمرت ألا يكشفها أحد إذا قبضت، وأن تدرج كما في ثيابها.
فقلت له: هل علمت أحدا فعل ذلك؟ قال نعم كثير بن العباس، وكتب في أطراف أكفانه: يشهد كثير بن العباس: أنه لا إله إلا الله.
وقد أنكر الحافظ بن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد علي ابن الجوزى في حكمه عليه بالوضع وقال كثيرون: غسلها زوجها علي، أو أسماء بنت عميس، وصلى على عليها ودفنها ليلا بوصية منها، في محل فيه ولدها الحسن تحت محرابها.
وكان موتها بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ستة أشهر على الصحيح.
وقيل بثمانية، وقيل بثلاثة، وقيل بشهرين ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة أحدى عشرة.
قال الذهبي: والصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة. وقيل: أحدى وعشرون. وقيل: ست وعشرون وقيل: ست وعشرون وقيل: تسع وعشرون. وقيل: ثلاث وثلاثون، وقيل: خمس وثلاثون.
وقال عبد الله بن الحارث: مكثت بعد أبيها ستة أشهر، وهي تذوب، وما ضحكت بعده أبدا!! وروى الطبراني بسند رجاله موثوقون - لكن فيه انقطاع - عن جعفر بن محمد: مكثت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ما رئيت ضاحكة..الحديث). أول من غطى نعشها في الإسلام
قال جمع: وهي أول من غطى نعشها في الإسلام. روى ابن سعد عن أم جعفر أن فاطمة قالت لأسماء بنت فيصفها: إني أستقبح ما يصنع بالنساء!! يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت: ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجريدة رطبة فحسيتها ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا!! إذا أنا مت فغسليني أن وعلى، ولا يدخلن أحد علينا، ثم اصنعي بي هكذا.
فلما توفيت صنع بها ما أمرت به. انقراض نسب الرسول إلا من فاطمة
قال العلماء: انقرض نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة؛ لأن أمامة بنت بنته زينب تزوجت بعلي بوصية من فاطمة، ثم بعده بالمغيرة بن نوفل وأتت منها بأولاد.
قال الزبير بن بكار ثم انقرض عقب زينب.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |