قال الحق سبحانه وتعالى:
{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ
وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ
كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ
يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ
هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }
( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )
أي : كانوا أشكالا حسنة وذوي فصاحة وألسنة ،
إذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم ،
وهم مع ذلك في غاية الضعف ، والخور ،
والهلع ، والجزع ، والجبن ;
ولهذا قال : ( يحسبون كل صيحة عليهم )
أي : كلما وقع أمر ، أو كائنة ، أو خوف
يعتقدون لجبنهمأنه نازل بهم ،
كما قال تعالى :
( أشحة عليكم
فإذا جاء الخوف
رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم
كالذي يغشى عليه من الموت
فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد
أشحة على الخير
أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم
وكان ذلك على الله يسيرا )
[ الأحزاب : 19 ]
فهم جهامات وصور بلا معاني .
ولهذا قال :
( هم العدو فاحذرهم
قاتلهم الله أنى يؤفكون )
أي : كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال .
تفسير الإمام ابن كثير
رحمه الله تعالى