رسالةٌ إلى الماضي
عبرت إلى زمن ولَّى
صوتٌ يصرخُ في بيداء
نذيرٌ من زمنٍ آت
إلى بلدٍ يغرقُ في آسنِ أفكار
في بركٍ ضَحْلَة
تراءتْ أسماكٌ منكرةٌ
تضْحَكُ بِدَهَاء
لنفرٍ من أهلِ بلادي
صرختُ:
مدينتُكُم...
مدينتُكُم تمضي إلى المجهول.
قالوا ما يُدْرِيك؟!
أنا صوتٌ آتٍ من غَدِكُم
أنذِرَكُمْ من قدرٍ محتوم.
قاطَعَنِي أَكْثَرُهُمْ جَدَلاً: يالكَ من مشئوم!
سألتُهُ من أنت؟
قال: أنا ابْنُ فُلان.
قلتُ: وتاريخُ اليوم؟
قال: كذا وكذا.
قلتُ: ستموتَ غَدًا أو بَعْدَ غدٍ
نحتفلُ بذكراكَ سنيناً ثم يطويكَ النسيان.
يبني فلانٌ عند تخومِ البرزخِ نزلا
يَهْجُرُهُ الزوار
تسكنُهُ البومُ
وتأتي أسرابُ الغربان
والشذاذُ من الآفاق
وتأتي الغيلان!
يمسي العارُ مجدًا
ليس يدانيهِ فخار
وترفرفُ راياتُ المجدِ الموهوم
ومدينتُكُمْ تَرَقُصُ نَشْوَى
بفتوحِ النصرِ المزعوم
ثم يطويها خراب
توصدُ كلُّ الأبواب
قالوا: وثورتنا؟!
قلت: يسرقها أشباهُ الثوار
قالوا: وثروتنا؟!
قلت: تأكلها الغيلان.
قالوا بصوتٍ مرتجفٍ:
أهي الحربُ أم الزلزالُ أم الطوفان؟
قلت: حربٌ لا حرب،
سلمٌ لا سلم
الآتي أسوأ
الآتي أسوأ.
لكنهم لم يفهموا ما قلت
نسوني ما أن غادرت
وخاضوا في جدلٍ من آسنِ أفكار.
فما كانَ لكلماتي أن تمنَعَ حكمَ الأقدار.
•