عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-30-2014, 11:02 AM
 
























البارت الاول
عشر سنوات مرت..






"آلو.."
أطلقت زفرة ارتياح حين أجابني الصوت اللطيف المألوف.
"مرحبا أدنيس."
رددت بابتهاج فيما أترجل من سيارتي الحمراء الصدئة، إلى موقف السيارات المدرسي.
أقفلت الباب واستندت إليه غير راغبة في دخول المدرسة بعد.
كان صوته قد هدأني مباشرة، رغم أنني كنت أمر بصباح عصيب.
هتف ببهجة:
"دي! كنت أفكر فيكِ توًا."
شعرت بوجهي يتورد قليلًا، ورحت أشد خصلة من شعري البني الطويل وألفها.
"حقًا.. لكن ألا يفترض أن تكون في المدرسة الآن؟"
شعرت أنه نوع من النفاق أن أسأله هذا السؤال وأنا أحدثه من موقف السيارات.
رد محرجًا:
"أنا متأخر، سيارتي الغبية اللامعة رفضت أن تعمل هذا الصباح!"
ابتسمت بتسليّة، ثم سألته بينما أشق طريقي بحذر بين سيارات الطلاب المتوافدة:
"إذًا.. ما الذي جعلك تفكر فيّ؟"
صمت لبضع لحظات، وأمكنني تخيله يتململ بارتباك.. محاولا تشكيل جواب مناسب.
"حسنًا، إذا أصريت أن تعرفي، كنت متوقفًا عند إشارة حمراء قبل دقائق،
وعبرت أمامي امرأة عجوز تتحدث في هاتف نقال، ثم تعثرت أثناء سيرها،
فعرفت فورًا أنك ستبدين مثلها حين تبلغين الثمانين!"
ضحك بلطف وشاركته لدقيقة.
تساءلت رغم أني أعرف الإجابة مسبقًا:
"ومع من سأتحدث وقتها يا ترى؟"
"معي بالتأكيد.."
صمت لحظة ثم سأل متظاهرًا بالارتياب:
"لما السؤال؟ ومع من قد تتحدثين غيري؟"
"مع رفاقي الخارقين الآخرين، مع (سوبرمان) و (كات ويمان) و (سبايدر مان) بالطبع!"
شعرت بابتسامته من خلال صوته وهو يسألني:
"هل تعلمين ما هو اليوم؟"
توقفت في الممشى الحجري المؤدي لمدخل مبنى المدرسة، كلا.. لم تكن لدي فكرة عن تاريخ اليوم.. ولم يستطع ذهني تحديد أي مناسبة ذات أهمية.
كنت على وشك سؤاله حين لمحت جيس يقف أعلى درج المدخل وينظر إلي بابتسامة أعرف مضمونها.... أنَنْت باستياء!
"دي؟"
"آه كم هذا عظيم!"
قلتها متهكمة حين أيقنت أن الوقت قد فات على الهرب، جيس كان يتقدم باتجاهي، فأخبرته على عجل:
"الصبي الودود هنا من جديد.."
حاولت ألا أعبس حين توقف جيس أمامي، لم يكن جيس بالضرورة قبيحًا أو لئيمًا حتى يزعجني..
أفترض بأنه.. إذا نظرت إليه من الزاوية الصحيحة.. أسفل الإضاءة المناسبة.. فهو سيبدو وسيمًا للغاية.
كما وأنه كان لطيفًا كذلك، تقريبًا لطيفًا أكثر بكثير من اللازم!
"مرحبا.."
حييته سريعًا، وواصلت:
"أنا على الهاتف الآن، هل يمكننا التحدث لاحقًا جيس؟"
استخدم هذا العذر دوما لذا كان علي أن أخمن بأنه سيبلى ذات يوم.
اعترض جيس:
"لكن الدرس الأول سيبدأ قريبًا (بي)، الأفضل أن نتوجه إلى الداخل الآن."
قالها ومنحني ابتسامة عريضة، كتمت إجفالة أمام مرأى أسنانه البيضاء اللامعة جدا.
وصلني صوت متحمس عبر الهاتف:
"(بي)؟ .... آها!"
جعلتني نبرة الإثارة في صوته أكاد اضحك، لقد كان هادئًا جدًا بحيث أوشكت أن أنسى أمره.
"أخبرني..."
طالبته مبتعدة عن جيس، سوف يسامحني الأخير.. دائمًا ما يفعل.
"الآن أعرف أول حرف من اسمك، هل هو باربرا، بيتي، برينا؟"
ضحكت على محاولاته اليائسة في معرفة اسمي، بيث أو بي كان ما يدعوني به أصدقائي تحببًا، لكن اسمي الكامل هو إليزابيث!
"ليس أيًا منها، إن أردت المتابعة فيمكنك ذلك، لكنك لن تحزر أبدًا."
توقفت مجددًا في منتصف الممشى:
"ما هي مناسبة اليوم؟"
"ألا تعلمين حقًا؟"
بدا صوته حزينًا نوعًا ما، هتفت به بنفاذ صبر:
"أدنيس، إن لم أكن أعرف قبل خمس دقائق فلن أعرف الآن فجأة.. هيا أخبرني وكفاك لهوًا."
"إنه اليوم الذي اتصلت بي فيه أول مرة لأنك جرحت اصبعك، 16 من مارس، أضع علامة على التقويم بجانب هذا التاريخ كل عام."
"غير ممكن!"
شهقت، كنت أضع علامة بجانب التاريخ كل عام أنا الأخرى، لكنني نسيت.
احمر وجهي خجلا من نسياني يومًا مهمًا كهذا.
"بل ممكن!"
أتاني صوته مداعبًا، كما لو أنه يخفف عني إحراجي وإحساسي بالسوء.. كنت على وشك قول شيء حين ارتفع رنين جرس الدرس الأول..
"آه علي الذهاب."
"تبًا علي الإسراع."
أعلنا في الوقت نفسه، وانفجرت ضاحكة:
"أظننا نتشابه أكثر مما تعتقد أدنيس.. لكن علي الذهاب حقًا، سأحدثك لاحقًا."
ودعني بابتهاجه المعهود:
"لاحقًا إذًا... أحبك دي."
"حسنًا..."
أومأت ببطء، انقل وزني من قدم لأخرى، غير راغبة في الرد..
ليس وكأن لدي مشكلة في قولها لأفضل وأعز صديق امتلكه، لكني لم أكن أحب قولها في العلن أمام الآخرين... يوجد من يستمع دائمًا!
"دي؟"
تخيلت أدنيس يبتسم مناكفًا، لم يكن ليغلق الخط حتى أقولها!
همهمت:
"أحبك أيضًا."
جادلني ضاحكًا:
"أنا لا أسمعك!"
"مؤسف جدًا... علي الذهاب الآن، سأعلن لك حبي في وقتي آخر أيها الأبله.. أغلق الخط!"
أغلقت الهاتف بتقطيبة انزعاج، لكن وجهي شحب فجأة حين أدركت ما تفوهت به..
(أعلن حبي)؟ ياللهول.. بالسرعة التي شحب فيها وجهي تحول إلى الحمرة الآن.
تجاهلت الأعين المحدقة بي و أسرعت إلى درس اللغات..











رد مع اقتباس