عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-25-2008, 02:35 AM
 
Question إنقاذ اقتصاد غزة.. بين الممكن والمستحيل

بعيدا عن الأزمة السياسية المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية حاليا والخلاف المستمر بين حركتي فتح وحماس، تبقى إحدى الأزمات الأكبر دوما هي الوضع الإنساني والحصار الاقتصادي المفروض على غزة، فنتيجة لهذا الحصار أصبح أكثر من 70% من سكان القطاع تحت خط الفقر، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 50%.
وإذا كان من المؤكد أن إسرائيل تشهد حاليا تباينا واضحا في الرؤى حول كيفية التعامل مع قطاع غزة سواء بالاحتلال العسكري الشامل أو الجزئي، فإن الآراء تبدو متفقة على ضرورة استمرار المعاقبة الجماعية لأهل غزة وحصارهم اقتصاديا، مع المزيد من التشديد المتدرج حسب التنازلات التي يمكن أن تقدمها حركة حماس أو استمرار تمسكها بمواقفها.
الحصار الاقتصادي لغزة.. معلومات وأرقام
يبقى الوضع في غزة أسوأ مما يمكن تصوره بكثير، ويكفي أن نعرف أن أكثر من مليون شخص من بين سكان القطاع البالغ عددهم مليونا وأربعمائة ألف يعتمدون على المساعدات الخارجية، وقد كشف "جون جينج" مدير وكالة غوث اللاجئين "أونروا" في غزة: أن استمرار وإغلاق حدود إسرائيل أمام مرور الأفراد والبضائع، سيحول أعدادا متزايدة من سكان غزة إلى معتمدين على مساعدات الوكالات الإنسانية الدولية والمؤسسات الاجتماعية مما سيسبب انهيار الاقتصاد الفلسطيني، وبالتالي فان موارد الأمم المتحدة قد لا تكون كافية لاحتواء الأزمة الإنسانية.
وفي ظل تماسك حماس ومن خلفها الشعب الفلسطيني في غزة، فقد تعالت الكثير من الأصوات المؤثرة في إسرائيل تنادي بوقف الدعم والارتباط بغزة، فقد كتب "افيجدور ليبرمان" وزير الشؤون الاستراتيجية في صحيفة معاريف يقول: "إن المعاناة في غزة لم تعد من مشاكل الدولة اليهودية، وينبغي نقل المسؤولية الأمنية في قطاع غزة إلى الناتو، والمسؤولية عن الاقتصاد والحاجات الإنسانية إلى الاتحاد الأوروبي. وكلّما كان ذلك أسرع، كلّما كان أفضل". وللعلم فقد كان ليبرمان هو أول من نادى باعتبار غزة كيانا معاديا لإسرائيل، ووقف خلف هذا القرار حتى صدوره بما له من ثقل في اليمين الإسرائيلي.
وبالفعل فقد بدأت بوادر مرحلة جديدة من الحصار بإعلان أكبر بنكين في إسرائيل عن مقاطعتهم للبنوك الفلسطينية في غزة، كما اتخذت إسرائيل إجراءً أخطر قبل ذلك بإلغاء الكود الجمركي لقطاع غزة، وهو ما أدى إلى توقف أكثر من 3500 مصنع عن العمل، وتشريد أكثر من 120 ألف شخص، حيث أن الكود الجمركي هو رقم دولي يتم من خلاله السماح بمرور البضائع عبر الأراضي الإسرائيلية، ووقف العمل بالكود والذي يمثل جزءا من اتفاقية باريس الاقتصادية يعني عدم قدرة المستوردين على استيراد أية بضائع للقطاع وهو ما سيلحق الضرر المباشر بالمنتجين والمواطنين.
حلول ممكنة
رب ضارة نافعة.. فالإغلاق المفروض الآن على غزة يجبر الشعب على ابتكار البدائل، لأن جميع سكان القطاع وبغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية لا يقبلون المساومة في كرامتهم، ولكن يبقى الحل الأهم هو ضرورة تبني سياسة تنموية زراعية قائمة على تحقيق الاكتفاء، لأن الكثير من المحاصيل يمكن أن تغطي حاجة القطاع كما يمكن سد العجز في بعض المنتجات مثل القمح. وفى هذا الشأن علينا أن نتذكر الاستفادة من المستوطنات التي تقدر مساحتها ب40% من مساحة القطاع، وكانت إسرائيل قد أحدثت بها نهضة زراعية واضحة، صحيح أن تلك الأراضي تركت مدمرة من قبل الاحتلال، بجانب سرقة جزء مهم منها بعد الانسحاب، إلا أنه تبدو هناك بعض المحاولات الجادة باتجاه استخدام تلك الأراضي، فقد أعلن في غزة عن عطاءات "تلزيم" لتلك الأراضي لمن يرغب من المزارعين، ولكن لا بد أن ينال الأمر أولوية واهتماما أكبر مما هو عليه حاليا.
ويظل الحل الأمثل للحصار هو فتح معبر رفح، وهو الأمر الذي سيؤدي لحل الجزء الأكبر من مشاكل القطاع الاقتصادية، وهناك عدة أفكار جادة مطروحة لحل هذه الأزمة ، ويأتي على رأسها فكرة خصخصة المعبر، وهي فكرة قديمة سبق أن طرحها البنك الدولي في عام 2003 ضمن توصياته لحل أزمة المعابر، وهناك ضرورة الآن لإحيائها، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار تضرر قطاعات كبيرة من الإسرائيليين نتيجة إغلاق سوق القطاع الاستهلاكي.
هناك أيضا ورقة هامة يمكن للفلسطينيين الاستفادة منها، وهي حقول الغاز المكتشفة منذ سنوات بغزة، والتي يمكنها إنتاج ما يقرب من 24 مليون متر مكعب يوميا، وتستطيع أن تلبي احتياجات الأراضي الفلسطينية وتشغيل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة لمدة 30 عاما، بالإضافة لتصدير الفائض. فإسرائيل تعاني من نقص الغاز؛ وتعتمد بشكل كبير على الغاز المصري، وهو ما يجعلها تفكر في تنويع مصادرها حيث يمكنها أن تتعامل مع الشركة صاحبة الامتياز بشكل مباشر وهي شركة "بريتش غاز"، وفوق كل ذلك فإن الغاز المكتشف بالحقل من النوع النقي الممتاز "غاز ميثان نقي 98 9".
وأخيرا وهو الأهم..تبقى الحاجة دوما لاستمرار السلاح الأكبر في يد الشعب الفلسطيني من خلال الاقتصاد المقاوم، وهو أمر بات المواطن يلمسه الآن من خلال حالة التقشف التي يتساوى فيها الجميع مسئولا ومواطنا.
رد مع اقتباس