عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 01-01-2015, 08:04 PM
 
.










.



الفصل الثاني


أخفضت رأسها تسير دون وجهة محدده , توقفت أمام المكان الذي حدث فيه الاصطدام , كل ما يخطر في بالها دفع تسوبارا لها وتلقيها الصدمه , كما الحال بالأمس فانه كذلك اليوم , لا يوجد كثيرون في الشارع
مسحت دموعها , وعدلت وشاحها الحريري , نفخت بيدها فخرج بخار الماء متصاعدا من فاهها , فصل الخريف حيث تتساقط كل أوراق الاشجار , معلنا أن الشتاء ليس ببعيد
بعد سير مضن جلست يوري على احدى المقاعد الخشبيه في احدى الحدائق العامه , تسمع صدى ضحكات مع رفيقتها ويخيل اليها طيفها يجلس معها , أغمضت بقوه عينيها اللوزيتين بلون زهور الليلك لتنزلق على قسمات وجهها الحزين بعض من خصلات شعرها البني القصير ظلت تردد : أسفه تسوبارا , أنا أسفه
وتحتضن معطفها الجلدي الأسود ,رأسها موجه نحو الاسفل ترى فقط حذاءها الرياضي الأبيض .
من بعيد , ظلت تسوبارا تراقبها بحزن شديد , على عكس صديقتها فدموعها كانت أقوى منها , أخر امل لها , لا يستطيع رؤيتها , أنسحبت بهدوء وظلت تسير بملابس المشفى دون حذاء .
مرت على محل لبيع الوجبات السريع ووقفت تنظر من الزجاج , ارتسم على ثغرها شبح ابتسامه ساخره , حتى هي لا تستطيع رؤية طيفها فما بالها بألاخرين .
حركت قدميها لتواصل سيرها لكنها بلعت ريقها بصعوبة بدل ذلك , كلب الحراسه الأسود ذاك كان يراقبها بعينين حادتين , سمعت زمجرته ولكنها هدأت محدثة نفسها : لا بأس انه لا يستطيع أن يراني , يجب ان ابقى في مكاني .
منذ طفولتها و هي في حرب شرسه مع الكلاب , لا يمكنها أن تحبهم رغم كل محاولات صديقتها يوري من اجل التخلص من عقدتها .
زمجر بقوه في وجهها لتطلق صرخه وتهرب , لاحقها الكلب بسرعه كبيره .
خرج صاحب المحل صارخا : جورجي عد الى هنا , لكنه لم يستمع بل ظل يركض ويركض , همس صاحب المحل مع نفسه : ماذا رأى يا ترى ؟
اعلى اغصان تلك الشجره , احتضنت تسوبارا نفسها وحبست دموعها , سمعت نباح الكلب , ولكنها فقط دفنت رأسها في حجرها تدعو بحصول معجزه , بعد قليل رفعت رأسها وتفقدت الوضع مرت مده والكلب لا ينبح تساءلت ان كان قد رحل . لكن بعد النظر وجدته مستلقيا ونائما بعمق تحتها.
لعنت حظها وصاحت : ارجوك فقط دعني اذهب , لا يكفيني ان يركض كلب ورائي يجب أن اذهب لوالدي قد يستطيع رؤيتي . لكن الكلب لم يتفاعل معها اطلاقا .
***
" تبا لك ايها العجوز الاحمق "
قالها وركل علبه العصير نحو القمامه , غير انها ارتطمت في زاويتها وعادت حيث موضع قدميه . شعر انها هي الاخرى تسخر منه . زفر بهدوء وتركها , اخرج هاتفه وبحث في ملف أرقامه ليضع بعد دقائق الهاتف على اذنه اليسرى , حيث سمع في الطرف المقابل : اوه انتظروا الهااتف يرن , دعوني اجب ونواصل اللعب .
- اوي , أنا قادم للمبيت عندك أياكو .
- هل طردك والدك مجددا اوتو ؟
- أجل .
همس بها بصوت منخفض وحانق .لكن ما اثار غضبه رد صديقه عليه بان البيت ممتلئ بجميع افراد العائله ولا يوجد متسع .
اقفل سترته الحريريه المخططه بالوان عديده , اخرج من سروال الجينز الفاتح اللون محفظة مال .
مر على علبة العصير أمام سلة القمامه ووضع نقودا في ماكينة العصير , ليختار مشروب غازي , التقطه منها و واصل تقدمه , لكنه قبل هذا وضع سماعات الاذن التي غطاها شعره الاسود الفحمي الكثيف ورمق بعينيه الذهبيتين علبه العصير السابقه مستحقرا اياها .
بقي يمشي في تلك الحديقه الخاويه , رن هاتفه ما أفزعه كثيرا , التقطه من جيبه , كان المنبه يشير الى أنها العاشرة ليلا , ضغط بقوه عليه وأراد تحطيمه , لكنه زفر بعمق و أرجعه لمكانه .
سمع خشخه قادمه من شجرة لا تبعد عنه كثير . تجمد الدم في عروقه , وحرك رأسه عله يجد احدا , لكن بلا جدوى , سمع نفس الصوت للمره الثانيه , نزع سماعات الاذن وحاول التقدم من مصدر الصوت بهدوء شديد لم يبق على قربه من الشجره سوى مترين , فجاة نزل شخص ما منها , بثياب بيضاء , وشعر مبعثر , ..لم يفعل شيئا فقد كان اغمي عليه
--
رائحة الحلوى ؟ لا تبدو مثل عطر بناتي ؟ لا ما هذا ؟
فتحت عيني ببطئ شديد كانت الرؤية غير واضحة , أمسكت رأسي وحاولت أن أعتدل في جلستي لقد كنت مستلقيا . أنا في نفس المكان , هل فقدت الوعي , اه تذركت ما جرى تحسست جسدي كاملا , ماذا كان ذاك الشيء . هل هو شبح . هل هو في جسدي الأن ؟ هل ساموت ؟
نفيت كل هذا عني , يجب أن اهرب اجل سأجد مكانا أخر للمبيت ألا هذه الحديقة المسكونه , ركضت باقصى ما أستطيع
اني أشعر ان انفاسي ستتقطع , لم يبق الكثير المخرج بعد هذه الدوره . حقا , استدرت وهاهو المخرج ركضت بسرعه أكبر , التفت فجاءه على يساري لأرى فتاة تبكي
توقفت , هل اتحدث معها واخبرها أن تهرب ؟ رفعت يدي نحوها لكني أنزلتها بسرعه , وتقدمت أكثر منها لأضع علبة العصير بجانبها واهمس بصوت خافت : فلتشربي هذا , سيحسن مزاجك .
في العادة لا أتكلم مع الفتيات , شعرت ان الدم اكتسح وجهي حقا سأغادر , لا اريد ان اتدخل في شؤون أحد , هذا لن يجلب لي سوى المشاكل . سرت مبتعدا عنها , لكنني سمعتها أخيرا تتحدث : هل ستعلمني كيف اعيش حياتي هكذا بائسة ؟
ها ؟ عم تتحدث ؟ التفت لها واستفسرت عن هذا لترد : أنت شبح مثلي أليس كذلك ؟ لهذا تستطيع رؤيتي ؟ رفعت رأسها نحوي وكانت تبكي بقوة , للامانه فقد كانت تبدو بشعه مع شعرها وملابسها لكن لفتني أليها لون عينيها الزمرديتين ..حقا انهما متلألئتان . وضعت يدي لا اراديا على فمي , ماذا لو أنها هاربة من سجن المجانين ؟ انها ترتدي ملابس مشفى , سحقا ان رصيدي غير كاف لاجراء مكالمة لأحد .
استفقت من تفكيري مع نفسي فوجدتها امامي . أطلقت صرخه وتراجعت للخلف , خاطبتها بقوه متعلثما في كلماتي : أنت ..أنتِ ..لا داعي للهرب من السمتشفى , انه فقط للمساعده , يجب أن تتأكدي من تناول طعامك فقط وستعود حياتك السابقه كما كانت .
مسحت دموعها اخيرا و أنبست نحوي : لكن لآ احد يراني , أخبرني كيف اتخلص من هذا لآ اريد ان ابقى طيفا . افضل الموت .
الصراحة , أنا في موقف لا اريد التواجد فيه , كيف لي أن أقنعها بعدم الانتحار , الاكثر من هذا , لست مهتما على الاطلاق .
سعلت قليلا ونقرت جبينها بخفه : اسمعي لا اعرف عما تتحدثين وما قصة الاشباح هذه , أخبريني أين منزلكِ وسأعيدكِ اليه فورا
رأيت علامات الاستفهام على وجهها , أنا فقط اريد أن اضربها , اكره هذا النوع من الفتيات الذي يبدي الغباء . لماذا أعطيتها حتى علبة العصير , لماذا لم أخرج سلة القمامة فقط , اه اجل .
أمسكت معصمها وظللنا نركض نحو منزلي , ابتسمت بشر بالتاكيد مع هذه الفتاة سيتركني ذلك العجوز أبيت في المنزل.
احسنت اوتو أنت تفكر اخيرا , بقيت ضاغطا على زر الجرس , كالعاده يستقبل أبي الضيوف بصراخه من الدرج أنه أتٍ
فتح الباب بوجه بشوش , لكن ابتسامته زالت برؤيتي , لم اتوقع غير هذا , دون ان أتيح له الكلام قلت أولا مغمضا عيني : أنا ايضا لا اريد التواجد هنا , لكن هذه الفتاه لا تملك مأوى حاليا لهذا يجب أن تبيت عندنا .
فتحت عيني اليسرى لأرى رد فعله لكني وجدت الباب مقفلا , صرخت بعنف : اوي افتح الباب , ليس لأجلي من أجل الفتاه
فتح أخي الصغير النافذه من الاعلى ونقل لي رسالة والدي : جد عذرا مقنعا ايها الكاذب .
ماذا ؟ أنا كاذب ؟
كنت أضرب الباب بشدة و أصيح :أفتح لي لست اكذب ان الفتاة معي حقا
- لا فائدة , لا يتستطيعون رؤيتي أخبرتك .
التفت لها بعد ان شعرت انها نزلت الدرج , انتظري , انها لا تستدير لي , كلا انه تتجه نحو الشاحنة صرخت بقوة : ابتعدي .
الاوان قد فات , لقد دهستها السياره , يالهي , ان يدي على فمي , لا اصدق لو أني فقط تكلمت أكثر معها لما أنتحرت المسكيــ..
لا تزال حية .
تقدمت تلك الفتاة مني , لحظة لحظة لقد دهستها السيارة توا , أنا أرى جيدا أليس كذلك ؟ كيف تتواجد امامي ؟
أصبحت قبالتي تماما وهمست : انت تستطيع رؤيتي ايها الفتى . ادعى تسوبارا
لم أستطع ان اجيبها اني فقط لا اصدق ما جرى , هل انا حقا أرى شبحا أم ماذا ؟
كل ما اعرفه اني فقدت وعيي مجددا


__________________
لست هنا
رد مع اقتباس