عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-09-2015, 01:57 AM
 
● آميثيست | Amethyst

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im49.gulfup.com/rxmUtW.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]













[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im49.gulfup.com/6zo2Wg.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]













" أهرُب .. أهرُب بعيداً يا طفلي ..

إحتميّ من سقوطِ السماء

إسمع تنفُسَ الغابة

تحسسّ العاصفة ... اوه العاصفةُ التي تنفخُ الحياةَ في الروح

أين الطغاةُ الآن ؟ أستطيع سماع نعيّ ورثتهم

لينم الضمير ، ويستيقظ الجشع اللئيم

على الجميعِ النسيان ، و على المآسي البقاء

لا أحد هنا ليسمع صوت بكائك يا صغيري ، أنت أبنُ الظلمة

منها تخرج وإليها تعود ..

أهرُب بعيداً يا طفلي .. في بئر الحرمان هي ستنتظرك"








فتحتُ عينيّ على رنّة جرسِ كنسية لاس لاجاس العتيقة ،
ريثما كنتُ على جرفٍ جالسة .. أعزف قيثارةً تاريخية .. عانقت قصةٌ قديمة ذاكرتي
قصةُ لا تزال عالقةً تروي أحداثها في صدري و رأسي ..
لا أدري هل تراثاً أعتبرها لقدمِها .. و جهلِ الناس بها ؟ .. أم تراجيديا منسية أصنّفها ؟
أثبتُ خصلاتي البيضاء للخلفِ على حدثِ الرياح التي نفخت إستغراباً في نفسي
فبدأت احفر عميقاً في قوقعة ذكرياتي ، باحثة عن طاحونة مكسورة تحوي
ما في قصتها من تفاصيل طواها الزمن و دثرها بعيدا
حينها عانقت روحي أسرابَ الطيورِ المثلثية الحرّة و أعيد شريط فيلمها يعرضُ
على مرأى من عينيّ ذوات لون الجليد ..


لا أزالُ اتذكرها جيداً .. ( آميثيست ) فتاةٌ في ربيعها الثامن
كان بداية خريفِ عام [ 1861 ] في منتصف القرنِ التاسع عشر
حينما شاخت الأوراق و شاب الشيب في جذوع الأشجار فوقعت في سباتٍ
خسرت فيه نوعاً من الجمال .. ثم غدت عجفاء كما لو الشمس الكابية حرقتها بزرقة النيران
لا ادري كيف حطّ بي الرحال في تلك الفترة في روسيا – مدينة إيسترا
غجرية مثلي .. ملعونة لأقاصي الأرض و مباعدها
فرحتُ ألاحق العوائل الإرستقراطية بعينيّ .. الطبقة المخملية المحمية من قبل عالم الجريمة
وريثما أنا على حالٍ من هذا المآل ..
شدتّني .. حضورها أيقظ جزءاً من روحي في لحظة تقابل أعيننا
كما لو أن أرواحنا قد طفت وحلقت في الفردوس لثوانٍ لا ذكريات واضحةً عنها
تجّلى البنفسج الداكن في خصلاتها الحريرية و أندمج معه في تناغمٍ لوني
بهاء الكرز في عينينِ فائقتي الجمال
لم تكن إجتماعية بطبعها ، ولم تحبذ يوماً حشود البشر حولها ولا متنفساً لها معهم
تعانقُ جلساتها مع الدمى الفرنسية في حجرةٍ ظلامها هو الأمانُ الوحيد لوعيها
تداعبُ أشباح أرواحٍ في وحدتها وتضحك لسلوى الفراغ في عقلها
رغم إنخداعِ الناس بها و حسدهم على حياةٍ النفلِ التي كانت تلازمها ظاهرياً
تسري دماءُ النبلاء الزرقاءِ في أوردتها ، و في أكثر القصور رفاهيةً تقطن
إلا ان ما خفي خلفَ الحجابِ كان أعظم ..


والدتها ( ميريديث ) إجتماعية جميلة و مغنية معروفة .. يعشقها الرجالُ و تحيطها النساء
و على الكفة الأخرى يكونُ والدها ( دايفيد ) سياسيٌ ذائع الصيت و كاتبٌ ذو حسٍ رهيف
ما أكثر الأقعنة التي يرتديها هؤلاء ، حتى تبدأ وجوههم بالذوبان فلا تبقي ملامحُ حقيقية لهم
مبنية على الزيف والخداع شخصياتهم ، موبوءة عقلوهم
يستهويهم صراخُ الأرواح ، ويستلذون بنشوة الكذب كالحيوانات
ما كانت ( آميثيست ) لتعرف الأمان ، الحب و ما في ترابط الدماء من قداسة الحياة
ففي الليالي حينما تنعق الغربان ، على سديمِ الظلام السقيم تصرخ والدتها كالمجانين
تخمشُ الجدران وتوصدُ الأبواب خوفاً من إنتقامٍ قديم .. بخشيها للظلمة تتبع خيط اللا عقل
و تبكي متدثرةً بغطاءٍ مرقعٍ خفيف ، يستغلُ والدها الفرصة .. يأتي بالسوطِ فلا يفقه الرحمة
ينهال عليها ضرباً .. مخرجاً ما التحم بعظمه ولحمه من فسادٍ و قبحِ ذنب
تبكي الفتاةُ الصغيرة بحرقة .. صامتة ..
تتكور على نفسها كجنينٍ آثر البقاء في رحمِ الظلمة فلا الحياة تستقبله بذراعين دافئتين
ولا ملجأَ يلجأُ إليه من ألمٍ حقيقيٍ و كبير


تمرُ الأيام و حياتها تسير على منوالٍ واحد ، كئيبٍ ملصوقٍ بالشمع والأقنعة الزيف
أتذكرُ يوماً فيه كنتُ أراقبها فضولاً .. ما كنتُ بمتدخلة .. وأنا من النافذة سراً أتجسس
إحدى الدمى المريبة تمسك بيديها ، لم أرتح – و لن افعل – للدمى الفرنسية .. كانت تبدو حية
حية تسري الروح في اجزائها الخشبية و تلمع عينيها بخبثِ إدراكٍ واقعي
همست الطفلة عديمة الوعي لحظتها

" يقول أخي أن أمي قتلته ، و تقول أمي أن لا أخ لي "

ما توقف الحال عند جملةٍ مربكة ، و دخولُ ( ميريديث ) قد ضغط الجو ثقيلاً على الرئات
سمعت جملتها .. ترجفُ من الغضب .. تضرب يديّ الطفلة فستقطُ الدمية منها صارخة


" كم من المراتِ أخبرتك .. لا أخ لك ولن يكون !!! "
" أخي لا يكذب .. ولا أنتِ تكذبين .. من الصادق ومن المتوهم ؟ "
" أي عقلٍ لك يا فتاة ؟! إنسي هذه الخرافات "
" سأحاول .. "


تنتهي المحادثة عند خيطٍ رقيق متين في الخفاء ، تخرجُ الأم بلا أي تفكير لحال إبنتها
بعد مرور الشمس و غروبها على افقٍ أحمر قان تسمع خطواته الرتيبة من بعيد
يسير مدندناً .. والسوط في يده يضربه برفقٍ على باطنِ يده الأخرى
دلف للغرفة مبتسماً بحنانٍ زائف .. دانياً منها يرنو لعينيها بفكرة متأصلة متجذرة
عميقاً في كيانه

" من أجل أن تغدي أكثر صلابة ، أكثر قوة .. عليكِ الأحتمال ..عليكِ أن تتعودي على الضرب والقسوة حتى لا تطرحكِ الحياةُ أرضاً .. هذا هو مقدار حبي لك ! سأعدك للمستقبل !! "

فعاد ينهال عليها ضرباً .. و أمها عند البابِ تراقب خائفة .. تظن أن لا حيلة لها على زوجها
و أنا خارجاً .. بوجهٍ عديم الملاح .. كنت أرى المها .. اسمع استنجادها
ولكن عملي يقضتي تسجيل التاريخ .. و عدم التدخل فيه !


القشة التي قصمت ظهر البعير كانت هذه .. تسلل الوجل .. الإدراك لها
فهي التي تُضرب في الليالي لن يختلف مصيرها عن الموت إن بقي الأمرُ على حاله
وإلى النجاة هي باحثة ، هرعت من الباب السامق خارجة ولن تعود إلى هذا البيت
إنعدم الأمان في عقلها ، روحها وجسدها .. لن تثق بهما .. هما المجنونان !!
و لربما الخيار هذا مستعجلاً في حالتها .. وهي فقط لم تدري أي داهية تنظر أمامها


مرّ أسبوعٌ واحد .. تسير هائمة في الطرقات .. بلا هداية .. عيناها خفّ بريقهما
كيف إلى مثل هذه القرية وصلت ؟ .. لا تعلم
الفقر عمّ و لم يترك في مدينة الأشباح هذه إلا هياكل تسير منخورة العظامِ من البرد
حالها .. لم يختلف كثيراً .. ملابسها باتت بالية .. الثوب المخملي هذا تشقق
و غدت قدماها زرقاوتان من شدة البرد .. جسدها لم يسلم .. بدأ بالنحول كذلك
هطل المطر .. تلبدت السماء بغيومٍ قاتمة السواد ..
رياحٌ باردة تيبسُ العظام هبت ، تراكض الناس إلى حيث ملجأٌ من هكذا بردٍ قاتل
إلا هي .. بقيت وسط الطريق .. متسعة الأعين .. مرتجفة .. وإمارات الصدمة على
وجهها ظاهرة ..
إلى أين تلتجأ ؟! .. و لا ملاذ لها في غربةٍ أوقعت نفسها فيها
همّت بالسير لتتعثر وتسقط على وجهها متألمة ، والناس ببرود أعينهم ينظرون إليها
لم يمد أحدٌ يد المساعدة لها .. فلربما قررتُ في تلك اللحظة أن أكتب سطراً محرفاً في التاريخ
عباءةٌ رمادية متصلة بقلنسوة تغطي رأسي هي ما كنت ارتديه
حينما دنوتُ منها .. ومددت يدي لها ولا شيء سوى خصلاتي البياض يظهر من وجهي
ساعدتها على الوقوف .. و بضعة قطعٍ نقدية أعطيتها .. لعلها تجد ما تأكله قبل أن تموت جوعاً
ربتُّ على رأسها .. ومضيتُ في طريقي .. كي أختفي .. و أراقبها !


حالما أنهى المطر مهمته في إغراق الأرواح بسيلٍ من المشاعر المجتاحة
قصدت هي أقرب دكانٍ كي تملأ و لو ببعض الفتات .. معدتها التي كادت ان تهضم نفسها
في اللحظة التي وصلت فيها لمقصدها باغتها مجموعةٌ من الصبيان
لمعت أعينهم كالذئاب ينظرون بجشع لبريق النقودِ بين يديها ..
رفضت أن تسلمهم ما كان حقاً لها ، فضربوها .. أبروحها ضرباً كما لو كانت حيواناً ما
تقطع ثوبها ، وأمتلأ جسدها بالرضوضِ و الكدمات و ما بات لها قدرة الحركة
لم يرحموا طفولتها .. لم يرأفوا رثاثة حالها
ألقوها في زقاقٍ معتم .. و جسدها للأزرقاق حائل .. ترتجف .. وفيها جراحٌ تنزف
في الظلمة هي .. الظلمة كانت الوحيدة التي احتضنتها دون شروط
تقبلت وجودها .. و عانقتها بوحدةٍ دافئة .. لم ترفضها ولم تضربها ..
و كما يعاود المطرُ الهطول .. تدرك هي الموت .. ستموتُ وحيدة ..
غريبة .. لن يتذكر العالم أسمها .. ولن يعرف أحدٌ بقصتها أبداً .. !!
سمعت صوتاً قربها .. صوت رجلٍ فحاولت فتح عينيها الغافيتين على النهاية
وجدته أمامها .. يكاد يبكي على حالها .. خلع معطفهُ و غطاها به
ثم حملها بين يديه .. و نطق لها مطمئناً

" ليس العالم كله سواء ، وانا لن اتقبل الوحشية في حياتك يا صغيرة "

عادت لتغمض عينيها .. دون أن تدرك .. أن فصلاً جديداً سيبدأ قريباً
إستيقظت على تسلل أشعة الشمس لمخدعها ، إعتدلت في جلوسها على الفراش
و نظرت للضمادات التي تغطي جسدها وإلى رفاهية الغرفة الواسعة التي وضعت فيها
مسدت جبينها وحاولت أن تترجل من الفراش فسقطت .. وقفت بعدها بصعوبة
طُرق الباب وأتى من خلفهِ صوتٌ رؤوف

" هل أنتِ متسيقظة ؟ "
" اجل "
" سأدخل إذن "

فُتح الباب ، ليأتي من خلفه رجلٌ مديد القامة ، عريض المنكبين
هندامه رسميٌ أنيق .. تألق بلون العسجد في خصلاته .. و زرقة الكريستال في عينيه
وقف أمامها مبتسماً .. فجلس على ركبتيه يحيط وجهها بكلتا يديه

" أنتِ بخير .. هذا جيد "
" شكراً لك .. على مساعدتي "
" لا عليكِ .. بالمناسبة أنا ادعى فينسنت .. فينسنت ماكيجرام وأنتِ ؟ "
" آميثيست .. آميثيست هاردفورد "
" أنتِ جميلة كما الحجر آميثيست "
" شـ .. شكراً "

عمّ الصمت ، ولم يبدو أن أياً منهما كان على وشك الكلام
حتى إتسعت إبتسامة ( فينسنت ) فجأة ، مربتاً مراراً على شعرها متفحصاً إياها بعينيه

" أنتِ جيدة .. سيكون الأمرُ ممتعاً "
" ما الذي تقصده ؟ "
" ما الذي اقصده يا ترى ؟ "

لطالما سمعت أن الشيطان يتخذ هيئةً جميلة يخدع بها من يفتنون بحسنه
و لكنها لم تعتقد أن مفترق طريق حياتها سيجعلها تقابله .. أن تكوناً وجهاً لوجه مع الشيطان
فكيف لها ان تقتنع أن هذا ليس من عمل الوحوش والشياطين ؟
فأيُ بشري عاقل .. سيصنعُ دهاليز أسفل منزله .. تقود لحجرة ضخمة مظلمة
مليئة بالأطفال ورائحة النتانة و الرطوبة .. والدم ؟!
لم تستطع البكاء .. لم تبد أي نوعٍ من المشاعرِ في تلك اللحظات ..
من السجن إلى سجنٍ آخر هي تتنقل كالبلهاء .. ادركت ذلك في وقتٍ متأخر
جائتها فتاةٌ أكبر منها عمراً .. جلست بقربها قائلة

" لن أقول شيئاً يزعجك .. هناك طريقةٌ واحدة للخروج من هذا الحبس ، كل أسبوع يفتح بابٌ حجري متصلٌ بسلالم تقود للخارج .. عليكِ بلوغ المخرج قبل مضي خمس عشر ثانية و إلا .. "
" وإلا ماذا ؟ "
" سيدهسك السقف الحجري المتحرك ! "
" وهل نجح أحدٌ بالخروج "
" أجل إثنان .. لا نعلم ما الذي حصل لهما بعد ذلك "

لا فائدة .. هي ليست بالسريعة في الجري حتى تبلغ المقصد في خمس عشرة ثانية
ستدهس من قبل السقف الحجري .. لا محال !!
ولكنها تفضل ذلك .. على البقاء تحت رحمة مسلتذٍ بالسلطة

" لما يفعلُ ذلك ؟ "
" لا أعلم .. ولكن على الأرجحِ كونه يحب رؤية اليأس على وجوهنا ونحن نحاول الهروب .. هذا ما اقرّه مرةُ على مسامعنا "

أغمضت عينيها ، تشعرُ بالخمول .. ولا تريد سماع نشيج الأطفال بعد اليوم
أغمضت عينيها .. وبارقة الأملِ في خروجها .. تتضائلُ تدريجياً
لم يكن ( فينست ) بالذي يكتفي بملامح اليأس على وجوه الأطفال ..
لم يرضه الأمر حتى بدأ يعذبهم .. كلاً على حدى .. بأساليب متنوعة ..
مؤلمة .. ووحشية .. في نظرها هو ميت الضمير .. وحشٌ كاسر يكسوه جلدٌ جميل
طالها بطشه .. حتى كادت تفقد إحدى عينيها من ضربةٍ بسلكِ حديدي
و لكنها تحمّلت .. فها قد مر الأسبوع المنتظر .. واتى الوقت الذي يفتح فيه الباب
تقدم مجموعة من الأطفال إلى الباب المغلق .. من بينهم صبيٌ يحتضن دباً محشواً
اثار إنتباهها .. ربما لأنه كان يائساً .. غاضباً .. كما لو كان قنبلة على وشك الإنفجار
سمعت صوتاً و اهتزت الأرض قليلاً فارتفع البابُ الحجري .. تسللت أشعت الشمس
و ظهر السلم الطويل .. الذي ما ظهرت له نهاية ابداً ..
تزاحم الأطفال .. كلٌ منهم يريد الفرار بجلده ، غير مهتمٍ بمن حوله
هي كذلك .. لا تريد ان تستلم .. رغم ان لا هدف لها غير الحرّية
فتزاحمت راكضة بأسرع ما يمكنها على الدرجات و السقف يهبط بسرعة على رؤوسهم
إستطاعت أن تلمح المخرج .. إبتسمت وهي ترى الأمل أخيراً .. إلا أن
السقف كاد يصل إليها .. هذه المرة .. لابد من موتها حقاً !
صرخ بها احد الأطفال

" أبتعدي عن الطريق !! "

دفعها غاضباً حتى تفسح له المجال .. ولم يدرك أنه بالفعل اوصلها للمخرج
إلا أنه لم يستطع بلوغ المنال .. وسقط تحت رحمة السقفِ الحجري ..
لم اكن حاضرةً كي أعلم ما الذي حدث بعدها .. ولكن يقال أن آخر شيءٍ شاهدته
قبل أن يدهس الطفل حياً .. هو دبه المحشو .. مقطوع الرأس !



" إلى أين يجب أن اذهب ؟ "
هي لا تعرف الطريق .. يقودها المجهولُ و يرفض القدر أن يعينها
فها هي تجول في الغابة التي كان من المفترض أن تؤدي بها إلى مدينة مجاورة لمدينتها
إلا أن الضياع كان حليفها ، و الخوف والجوع هما رفيقا دربها
منابع الإدراكِ في عقلها بدأت تضمحل .. وهي ترى أول علامات الشتاء على الأبواب
إن تساقط الثلج أمامها فستموت .. هي تخشى الثلج .. تخشاهُ حقاً !!
لا تدري لما .. ولكنها كلما رأته يرتجف قلبها وبخفق بوتيرةٍ غريبة
تصيبها حالة هستيرية من الصراخِ والبكاء .. بسبب الثلوج البيضاء !
اكملت مسيرها .. نحو المخرج الذي تظنه في مكانٍ ما هنا ..
ولكن الغابة كبيرة .. لا مجال لها كي تعرف الطريق دون شخصٍ ما يعينها
لحظة .. هي لن تثق بأي شخصٍ بعد الآن .. هذا ما عاهدت به نفسها
لن تذوق المرارة على يدي رجلٍ بور مجدداً !
الغابة ميتة .. هذا ما كان الأمر يبدو لها جلياً ..
توقفت عن المسير .. قدماها مجروحتان بشدة .. و البرد الخريفيّ قد حطم عظامها
وتسارع انفاسها الحارة ارهق رئتيها وقلبها ..
ثلج ..
شاهدت أول ذرّة بياضٍ تسقط أمام ناظريها ... بدأت بالإرتجاف .. تراجعت عدة خطوات
ولكن الذرات أخذت تتساقط من حولها .. حوطتها .. غدر بها الزمن !!
أحاطت بيديها رأسها .. بدأت تصرخ كالمجانين والدموع تأبى البقاء في محاجرها
تسير بخطواتٍ مقطعةٍ دورانية وهي تصرخ ، حتى بدأت عيناها تنزفان من الخوف ..
سقطت على ركبتيها تضرب الأرض بقضبتيها الضعيفتين .. تشعر به
الثلج على جسدها .. يسقط ويذوب .. يؤلمها ذلك جداً
إشتّد الخوف .. العمليات الحيوية أضحت بطئية في جسدها
بدأت تختنق من الخوف والصراخ ، ضغط دمها يرتفعُ بسرعة مهيبة
تقيأت دماً غليظاً .. في اللحظة التي طغى فيها الخوف عليها .. إغمقت عيناها بلون الجمشت
نظرت نحو السماءِ برأسٍ مرفوعٍ من الألم ..
صرخت بآخر ما تبقى لها من طاقة

" إلهي !!!! "

شُدت أعصابها ، و إنكمشت العضلاتُ من البرد
و على مدى الألمِ المستمر .. تخافض نبضُ القلبِ حتى إستفاقت الروح
خارج الجسدِ المبتور ألماً
توقف قلبها عن ضرب الأضلع الصدرية .. توقف الألم
توقف الرنين الذي رنّ في آذانها كأزيز الذباب .. طغى السكون
تهاوى الجسد على الأرض لاطماً الثلج بشدة
سقطت صريعةً على غطاءِ الثلوج .. التي غطّت جسدها .. كما لو كانت تحاول حمايتها
ماتت وحيدةً .. تنزف من الخوف .. وأملها الوحيد كان .. النجاة !
ما وجدت سوى اليأس .. في عالمٍ لا يعرف سوى البأس
كفاحٌ شرس لن ينتهي خيراً .. و أسطورةٌ من عهودٍ مغبّرة لن تفقه حديثاً
وحينما أفكر بالأمرِ يخطر سؤالٌ واحد لعقلي ... إن كانت قد هربت من بيتها لإنعدام الأمان ،
فماذا انتظرت من العالم الخارجي؟



[/ALIGN]
[ALIGN=center]




صه يا صغيري أنت بأمانٍ الآن
هم لا يستطيعون إيذائك بعد اليوم
هي كانت تنتظرك لفترة طويلة .. ولكنك لم تأتي
الأمواجُ حطمّت أضلعك .. والثلج امتص كل دمائك
أبإمكان الأحجار سماعي أناديك ؟
أم شهيدك لن يلاقي السلام ؟
عزيزي الظلام لا يستطيع أن يعانقك
يخشى أن يؤذيك .. لمسته ستدمرك
لذا يا صغيري إرقد بسلام .. و أستدع الموت من الأسفل



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im49.gulfup.com/OIiwY5.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]











[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
رد مع اقتباس