دفنتُ حبيَّ في مقبرة الجحيم 23\7\2014 ( إحدى الصحاري الضخمة )
... : ما رأيك [مايكل] ؟ أليست مقبرة الإمبراطور [دراجونير] رائعة ؟ بحنقٍ رد صاحبه و هو من الخوف يرتجف :
لا ، لا تعجبني مساكن الأرواح الشريرة هذه ، نحن علماء آثارٍ [جاك]! نكتشف الآثار لا نتوغل في أعماقها. تهكم
وجه [جاك] ثم أردف : بل نتوغل فيها . بالإضافة إلى هذا ، لا أعتبرها مقبرةً حتى ؛ أين القبور؟! أين الجثث؟! كل ما
في المكانلوحات جدارية و أختام بارزة غريبة . سكنت ملامح [مايكل] فجأة ثم باغت جاك بسؤاله:أيُّ اللوحات
أخضعتك لسلطانها ؟ رد رفيقه بجوابً متوقع : الأولى و الأخيرة ، فالأولى لثلاث زهراتٍ و بستانً ممثلة و الأخيرة
لذات البستان و الأزهار مجسدة لكنها دون أرواح ! وافقه [مايكل] بإشارةٍ و همس دون وعي : ليت للوحات القدرة
على النطق . انقلبت الآية في لحظات ، أضاءت كل الأختام و اهتز المكان ، صورةٌ ما ظهرت على الجدارن ، و أناس
الماضي باتوا أمام أعينيهما .
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
عصر الأباطرة ( قصر الإمبراطور دراجونير )
كانت تبدو مناقضةً لأختها الكبرى [هيميكو] بشكلٍ فظيع ، فالكبرى كانت متزينةً بشدة كما أختها الصغرى [ليليس]
إلا أن أوسطهنَّ [أوهارو] كانت تبدو كالعامة إلى درجة تجعل الناظر يشك أنها أميرة ، سألتهن [ليليس] بحماس : إلى
الأماكن المعتادة ذاهبتان ... صحيح ؟ وافقتها [هيميكو] بهزة رأس أما [أوهارو] شرحت : أنا متوجهة إلى السوق و
أنت إلى درس الناي و [هيميكو] إلى حديقة القصر . ابتسمت الصغرى و شرعت بغناء أغنية مطلعها : إلى أحبتنا نحن
ذاهبات .
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
تكاد تحلق مع ألحان ناي معلمها [أكيرا] . كم تحبه! رغم فارق السن الذي يكاد يجاوز العشرين سنة ، لكن ابنة
السابعة عشر هذه مدركةٌ بأنها تعشقه كما يفعل هو ، لا يهمها فقره أو كبر سنه أو شلله !
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
تسير بين حشود الناس دون الإلتفات ، فاتنةٌ و تعرف أن الكثير من الأنظار تلاحقها لذلك قررت تجاهلها فحسب ، لمحت
طيف معشوقها [ألوي] فأسرعت ، ارتمت في أحضانه فبادلها العناق المفاجئ ، أحبت هذا التاجر الأجنبي و أحبها .
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
متشابكةٌ أيديهما معاً ، و بصيرتها التي أعماها الحب لم تسمح لها بإدراك الذئب الذي يقبع تحت جلد من تظنه يحبها ،
[هيميكو] وقعت في الحب مع عامل الحديقة [سون] منذ رأته ، أخذت تبني أحلامها الوردية معه التي شحب لونها
حالما انتثر الدم على وجهها ، طعنةٌ وجهت إلى قلب معشوقها كانت كفيلةً بإنهائه ، التفت لترى الجاني فكانت صدمتها
الكبرى حين رأت والدها ، ألا يفترض به أن يكون في الحرب ؟! قطعت أوامره بحبسها في غرفتها صدمتها ، ثم إلى
القصر اتجه ، ما لا تعرف ابنته الكبرى البلهاء أن محبوبها رجل عصابات كان من الممكن أن يقتلها ، دخل حجرة
العرش فجفلت ابنتاه ، لم يتوقعا عودته فجأة ، دون مقدمات أخبر [أوهارو] بأنها خُطِبت و ستتزوج بعد شهر بأمير
الإمبراطورية المجاورة ، شحبت ... ارتجفت ثم ألقت قنبلتها قائلةً : أنا متزوجة و حاملٌ أيضاً . شهقت [ليليس]
بخوف ؛ فالإعتراف كان آخر خطط أختها ، اقترب والدهما [دراجونير] من الوسطى و قال بجمود أرعبها : هذه خيانة!
و عقاب الخيانة الموت . طعنةٌ واحدة في منتصف قلب [أوهارو] أنهت حياتها ، أطلقت [ليليس] العنان لصرخاتها
المرعوبة و هرعت إلى [أكيرا] لعل حنانه بنقذها من كابوسها هذا ! أمّا والدها إلى غرفة [هيميكو] اتجه متوقعاً
خيانةً أخرى ، أمر حراسه بفتح باب غرفتها إلا أن ما رآه جمده ، كانت [هيميكو] مدلاةً من سقف غرفتها ! و قد
خطت على الجدار كلمةً واحدةً بدمائها ((أكرهك)) ، عَلِمَ أنها تقصِده فكاد يسقط أرضاً إلا أن صراخ [ليليس] انتشله
من صدمته ، تتبع صراخها فوجدها تتنتحب عند جثة معلم الناي ، كان موته طبيعيأ فقد كان مصاباً بداءٍ في القلب أخفى
أمره عن محبوبته ، أمّا غير الطبيعي فهو الجنون الذي أصاب [ليليس] ! فقد امتزج بكائها و صراخها و ضحكها
الهستيري في لحنٍ خنقه ، رحلت فتياته الثلاث في لحظات ! زهراته الصغيرة ماتت و لم تترك له مكاناً بين الأحياء !
أخذ يختنق و غشاوة سميكة منعته من الإبصار ، لم يستغرق الأمر سوى لحظات حتى صعدت روحه إلى السماء معلنةً
نهاية البؤس الملكي هذا .
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
تبخرت الصور و عاد الإستقرار للمكان ، أدرك كلٌ منهما أن الزهرات لم تَرمُز إلا إلى الأميرات الثلاث ... أمّا البستان
فقد كان يشير إلى والدهن الذي كان يحبهن و يحميهن ، و الصورة الأخيرة كانت تدل على موت الإمبراطور و الفتيات
مخلفاتٍ خلفهن الرماد و شحوب الأشباح ، صمت الشابان لدقيقة كاملة في محاولةٍ يائسة لتناسي ما شاهداه .
قطع الصمت صوت [مايكل] الذي حاول أن يبدو مرحاً : ماذا سنسمي اكتشافنا ؟؟ رد عليه [جاك] و صور شهيدات
الحب لا تفارق ذهنه : الحب مقبرة ...! |