عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 01-27-2015, 07:44 PM
 
الفصل الثالث لقصة " شــــفــق ~ عــشـقـي لـلــون الأحـمـر قــــاتـل ~ "





الفصل الأول في الرابط أدناه



الفصل الثاني في الرابط





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~

لاحظتُ أن الفصول ضائعة بعض الشيء لذلك قررتُ وضع روابط الفصول لكيلا تضيع . هذا هو الفصل الثالث .

الفصل الثالث :
فقدت روز وعيها بالكامل ولم تعرف ما إذا كانت حية أم لا ؟
ولكنها أفاقت ووجدت نفسها في المستشفى وحدها لا أحد بجانبها . ظنت في البداية أنها ماتت ولكنها كانت تتألم ومدركة لما حولها وتشعر بالألم الشديد في جسمها كانت شبه مقيدة فقالت لنفسها بحيرة وقلق وعدم استيعاب : هاه ! أين أنا ؟ هل مِـت ؟ ما هذا المكان الغريب ؟ لمَ المكان مظلم هنا ؟ هل ظنوني مِـتُ فوضعوني في تابوت الموتى ؟؟؟ لا مستحيلأخــرجــونــــــــــــــــي مـــــن هــــــــــــنــــــــــــــا

قاومت روز وحركت جسمها ظناً منها أنها في تابوت الموتى فأرادت أن تصدر جلبة وضجة كي ينتبه حاملي التابوت على أنها لم تمت ، وبسبب مقاومتها العنيفة خوفاً من أن يدفنوها حية نهضت ثم جلست لتجد نفسها على سرير ولكن رغم ذلك لم تعلم أين هي لأن المكان كان مظلماً لأن الإنارة مطفئة .

كانت ترتجف من شدة الخوف والألم . نزعت روز من دون قصد اللواصق الطبية التي يضعها الأطباء على جسد المرضى لقياس النبض وللاطمئنان على صحة المريض .

انطلقت صفارة الإنذار فجأة عند الأطباء فهرع الطبيب لغرفة روز ليطمئن عليها . أضاء الطبيب الغرفة بعدما دخلها بسرعة ففزعت روز التي لم تستوعب أي شيء .

قالت روز للطبيب بنبرة حيرة : أنا .. أنا لم أمت ؟ فابتسم لها الطبيب وقال لها : أنتِ لا زلتِ حية فلا تقلقي ! قالت للطبيب وعلامات الحزن على وجهها : أجل . قال لها الطبيب بابتسامة : لا يجب عليكِ أن تنزعي هذه الأشياء . إنها لتضمن صحتكِ . ثم قالت بنبرة حزن : آسفة . شعرت بالفضول فقالت للطبيب : ماذا حدث لي ؟ وكيف جئتُ إلى هنا ؟

نظر إليها الطبيب بتعجب وقال : أتسألينني ؟ أنا من يجب عليه أن يسأل . فبدت على وجه روز علامات الحزن وصمتت وتنهدت بقوة .

قال الطبيب لها مبتسماً : ماذا جرى معكِ ؟ فلم ترد عليه روز . فقال لها ليستدرجها لتتكلم : قيل لي إنكِ تعرضتِ للضرب من قِـبَـل مجموعة من المشاغبين الجانحين في الطريق ، فهل هذا صحيح ؟

نظرت إليه روز بغضب وقالت بانفعال : هذا ليس صحيحاً . من أخبرك بذلك ؟ فرد عليها بهدوء وبثقة : والدكِ .
بدت علامات الدهشة والمفاجأة على وجه روز ثم حنت رأسها بحزن . قال الطبيب : من فعل هذا بكِ ؟ قالت روز متجاهلة سؤاله : من أحضرني إلى هنا ؟ فرد عليها : والدكِ . ألا تنوين الإجابة عن سؤالي ؟ إذا لم يكن الجانحون قد ضربوكي فمن إذن ؟ لقد علمتُ أن كل هذه الآثار على ليست من فعل مجموعة من الناس ؛ والسبب هو بما أن هؤلاء الجانحين قد ضربوكي في الشارع عندما رفضتِ الذهاب معهم لمكان ما فلا يمكنهم أن يضربوكي هكذا من دون أن يراكم أحد وإلا فلمَ لم يأخذكِ أولئك الجانحون معهم إذا كان الشارع خالياً من الناس ؟ وأيضاً الآثار على جسمك في اتجاه واحد ، لو ضربكِ أكثر من شخص كنتُ لأجد آثاراً في اتجاهات مختلفة وليس في اتجاه واحد فقط . من ضربكِ ؟

قالت روز : هل أبلغتم رجال الشرطة ؟ فقال الطبيب بنفاد صبر : لا لم نفعل ولكن قولي من ضربكِ ؟ والدكِ ؟
فردت روز : لا . ثم قال الطبيب : أمكِ . فردت : أمي ميتة . فقال الطبيب بحيرة : آسف .. إذن أخوكِ أو أختكِ ؟ فقالت روز بغضب : لا ليس لدي إخوة أو أخوات . فقال الطبيب في حيرة : إذن من ؟
فقالت روز : زوجة أبي . صُدِمَ الطبيب وقال لروز بنبرة شفقة وانفعال : يا لها من امرأة قاسية هل أنتِ واثقة بأنها امرأة ؟ هل كانت وحدها من يضربكِ أم أن والدكِ كان يساعدها ؟

قالت روز : كانت وحدها .. إنها امرأة قوية كانت تلعب ألعاب القوى في صغرها وفازت بالبطولة . والدي ساعدها بالصمت طيلة هذه السنوات وأحياناً كان يساعدها على تعذيبي . ليس لي أقارب ليدافعوا عني بل أقارب زوجة أبي يضربونني وعندما أتصدى لهم وأوقفهم تضربني زوجة أبي وتخرج غلها وحقدها عليّ أنا لأن لا أحد يقف في وجهها .

قال الطبيب : لماذا لا يطلقها والدكِ ؟ فقالت روز بعدما ضحكت ضحكة ساخرة : هَـه ! " بِـزنـِـس " كما يقولون . بين عائلته وبين عائلتها شراكة لذلك فهو مجبر على إتمام تلك الشراكة بإكمال الزواج -_- وعليّ أنا الطرف المطحون أن أتحمل بصمت وأخرس وأسكت ولا أتكلم أو أنطق بأي حرف -___- .

قال الطبيب : لا أعرف كيف أحل مشكلتكِ تلك . أتمنى أن يعينكِ
على التخلص من هذه المرأة ومن شرها . كم عمركِ يا ابنتي ؟
قالت روز : 17 عاماً . فقال لها : أنتِ أصغر من ابني بعام واحد . اسمه أسامة في المرحلة الثانوية وهو يريد أن يصير طبيباً لذلك فهو سيذهب ليعيش في القاهرة ليكون بقرب كلية الطب ، السفر كل يوم من الإسكندرية إلى القاهرة أمر متعب أليس كذلك يا ابنتي ؟

فقالت روز : أجل هو كذلك . أنا كذلك سأنتسب لكلية الطب إن شاء الله . قال الطبيب بابتسامة : وفقكِ الله . ثم مسح على شعرها بحنان فاحمرت وجنتا روز ودمعت عيناها ولكنها أخفت دموعها بإغماض عينيها وقالت لنفسها بنبرة حزن وتمني : لماذا لم تكن أنتَ أبي أيها الطبيب الرائع الحنون ؟ أكادُ أبكي حزناً على حظي البائس الحزين . تركتني أمي الحنون التي لا أعرف شكلها ليدي أبي الذي لا أعرف سبباً لقسوته عليّ وليدي زوجته القاسية المجنونة التي تخرج جام غضبها عليّ من دون ذنب .

قال الطبيب لروز : هل تعرفين سبباً لقسوتها عليكِ ؟ فقالت روز وهي تقطب حاجبيها : تقصد زوجة أبي ؟ فقال الطبيب : أجل . فردت روز وهي تتنهد ببطء : هي تحقد عليّ لأنه لولا وجودي في حياة أبي ما كان ليتزوج أبداً بامرأة مثلها . أجبرتها عائلتها على القبول بأبي زوجاً برغم علمهم بوجود طفلة لديه وكل ذلك لأنهم يستغلون أسرته في التجارة وهكذا . لحقدها عليّ أسباب كثيرة منها أن طفلها الوحيد الذي تعبت كثيراً حتى حملت به وتحملت الكثير أثناء حمله مات أثناء ولادته . فقال الطبيب : وما ذنبكِ أنتِ بموته ؟ فقالت بغضب : لأنها تشعر بالغيرة من أمي لأنها تمكنت من إنجابي بكل سهولة في حين أن زوجة أبي حملت بطفلها بصعوبة ومع ذلك فقد مات ولا يمكنها الإنجاب مرة أخرى لأن احتمالات حملها ضعيفة . إنها امرأة مجنونة تُـسَـبِّــبُ الأمور بغير أسبابها . ثم انتفضت من مكانها وظلت تصرخ بغضب قائلة : وما ذنبي أنا إذا كان ابنها قد مــــــات ؟؟ هل أنا من قتله مثلاً ؟؟ هل أنا من طلب إلى زوجة أبي الحقودة والمجنونة أن تبذل جهداً أكبر من اللازم في عقابي وتعذيبي ؟؟؟

قال لها الطبيب مخففاً : اهدأي . اهدأي وإلا سأضطر لتخديركِ .
هدأت روز بعدما تنفست الصعداء وهي تتمنى الخلاص من زوجة أبيها المجنونة تلك .

قال الطبيب لروز : عليكِ فقط أن تهدأي . حاولي التماشي معها إلا أن تجدي شخصاً يحبكِ لتتخلصي من كل ما تعانينه من زوجة أبيكِ تلك , حاولي التفاهم مع والدكِ لربما استطاع فصلكِ عنها على الأقل . اصبري . عليكِ فقط بالصبر والهدوء .

التفتت روز للجهة الأخرى ونامت على جانبها الأيمن
قال الطبيب في نفسه : أنا لا أجد حلاً لمساعدتكِ أيتها المسكينة !

قالت روز لنفسها بغضب : أنا أكره حياتي وأكره نفسي كثيراً . لماذا أنا عثرة الحظ هكذا -_- ؟ لماذا يحصل معي كل ما لا يرضاه بشر ؟ لماذا أتحمل فوق طاقتي وبعد كل ذلك أنا مطالبة بالصبر والهدوء الشديد والتحمل ؟ أنا بشر .. بـــــــــــــــــــــــــشــــــــــــــــــــــــــر ألا يدركون ذلك ؟ لكل إنسان طاقة للتحمل أما أنا فلم تعد لدي أية طاقة ومع ذلك أنا مضطرة للتحمل أكثر . سأصاب بكل أمراض الدنيا إذا لم تحل مشكلتي بل مشاكلي . لماذا لا تتغير حياتي للأفضل ؟ لماذا عليّ أن أظل أتعذب وأتعذب وأتعذب بلا نتيجة ومن دون ذنب ؟ لماذا لا يتوقف حزني أبداً -_- ؟ لماذا لم تمت هدى في أثناء ولادتها ؟ أذكر جيداً ما حدث .. قال لها الطبيب إنها لن تنجب ولو حاولت الإنجاب سيموت الطفل في بطنها وهي ستموت إن لم ينقذوها في الوقت المناسب . كانوا سيستأصلون رحمها أيضاً لولاً أنهم أنقذوها . أذكر كل ما حدث ولكني حيزنة لأنها عاشت ولم تمت . لماذا لم تمت هي بدلاً من طفلها ؟ تغيرت نبرة روز وصارت مليئة بالغل والحقد وقالت : كانت هي ستموت وهو سيعــــــــــــيــــــــش ولكن للأسف مات هو لكي تعيش هي وأبقى معها .. ثم صرخت قائلة : في هذا العذاب لو كان ابنها عاش وهي ماتت لكان الوضع قد اختلف قليلاً أو على الأقل لو كانا قد ماتا معاً لكنتُ الآن أنعم بالراحة وأشعر بالسعادة الناقصة وبالحرية لتكوين الأصدقاء . أكره حياتي وأكره كل لحظة ناديتها فيها بــأمــي . حسبي الله ونعم الوكيل . حسبي الله ونعم الوكــــــيــــــل .

فجأة دخل شاب لغرفة روز من دون طرق الباب ثم قال بسرعة وهو يتنهد من التعب : أبي ! ثم ظل ذلك الفتى ينهج من شدة التعب . قال الطبيب : أ-أسامة ! ماذا جاء بكَ إلى هنا ؟ هل من خطب ما ؟ هل حدث شيء ما لك أو لوالدتك ؟ أومأ أسامة برأسه رافضاً وقال : لا .. لم يحدث شيء .
قال الطبيب متعجباً : إذن ما سبب قدومكَ إلى هنا ؟ قال أسامة : أردتُ إبلاغكَ بالنتيجة . لقد .. لقد علمتً أن تنسيق كلية الطب سيقبل هذا العام مجموع الدرجات وهو ..
لفت نظر روز ما سمعته من كلام أسامة فانتبهت لكلامه بصمت وترقب . قال أسامة بحماس وببطء : مجموع الدرجات التي تريدها كلية الطب هذا العام هو .. هو .
كان كلٌ من الطبيب وروز في ترقب لسماع كلام أسامة الذي بات يشوقهم بكلامه إلى أن قال أخيراً بعد لحظات من الصمت والترقب : 98.23% .
بدا الطبيب فرحاً جداً وهنأ ابنه أسامه بينما ضحكت روز ضحكة عالية من شدة سعادتها والتفتت إلى أسامة لتنظر إليه لتشكره على إبلاغها بهذا الخبر السعيد فوجدت أن أسامة ذاك هو الشخص الذي وقعت روز في حبه وهو ابن الطبيب .
شعرت روز بالارتباك الشديد لأنها لا تريد لأسامة أن يعرف حقيقة حياتها البشعة كيلا تشعر بالإحراج ولكنها قالت لنفسها بيأس : هَـه ! وكأنه يعرفني ليأبه لحياتي التعيسة .
قالت روز بابتسامة باهتة لأسامة : شـ شكراً لك ^_^ لقد أفرحتني كثيراً . نظر إليها أسامة بتعجب ففوجئ عندما نظر إليها وقال لها : هاه ؟ أنتِ ! ألستِ شفق من مدرسة الحرية الثانوية للفتيات ؟
شعرت روز بالإحراج الشديد لأنه يعرفها والفرح في آن واحد وقالت له بارتباك : أ-أجل .. كيف علمتَ هذا ؟ فابتسم وقال لها : حقيقة هناك الكثير من الفتيان يعرفون اسمكِ في مدرستي . فزعت روز وقالت لأسامة : هــــــــــاه ‼ ماذا ؟ ولكنني لا أعرف أحداً منهم ولا أكلم أياً من الفتيان .
قال لها أسامة : في الحقيقة الفتيان يعرفونكِ لأنكِ دائماً ما تسيرين وحيدة دون مرافقات ونادراً ما يراكِ أحد مع فتاة . أنتِ وحيدة للغاية ولم نرَ والديكِ قط يزورانكِ ولم نسمع عنكِ شيئاً سيئاً . إلى جانب أن بعض الفتيات من مدرستكِ ومن صفكِ يصادقون الفتيان من مدرستي لذلك يثرثرون بشأن أشياء كثيرة ويتحدثون عنكِ دائماً وعن تصرفاتكِ المخيفة لذلك أنتِ متجنبة ومنبوذة ولا تكونين صداقات وهناك شائعات غريبة ومخيفة حولكِ .
قالت روز وهي مذهولة : أنا ؟ أنا لا أكلم أحداً إلا نادراً ولم أكلم أي فتى في حياتي فلماذا يتكلمون عني ؟ أنا لم أؤذِ أحداً قط فلماذا يؤذونني ويطلقون عني تلك الشائعات ؟
قال أسامة : السبب هو غموضكِ . فلا أحد يعرف عنكِ شيئاً وعن حياتكِ الخاصة وعن عائلتكِ . لذلك فهم يطلقون الشائعات السخيفة حولكِ والافتراضات لأنهم لا يعرفون عنكِ شيئاً إلى جانب صدكِ وإبعادكِ للناس عنكِ .
تعجبت روز كثيراً وقالت بإحباط لنفسها : يا إلهي ! هل أنا مشهورة لهذه الدرجة بينما لا أدري ؟ كل هذا يُقال عني وأنا لا أعرف ؟ أنا أعلم أن الفتيات يكرهنني ولا يعاملنني بطريقة جيدة لأني لا أحسن إليهن كذلك ولكن هل وصل صيتي لهذه الدرجة ؟ لدرجة أن أسامة الذي أحبه بصمت - بسبب سمعته الجيدة بين الفتيات في المدرسة وسمعته في الحي ولتجربة شخصية لي معه عندما دافع عني عندما كان الفتيان يزعجونني لأني وحيدة – عَـلِـمَ بما يُـشاع عني وهو لا يعرفني . ربما كان يعرفني ولكني لم ألحظ ذلك . يا للإحراج !!
قال الطبيب للتخفيف من هذا الجو : احم .. الشخص الوحيد دائماً مستهدف ومنبوذ ممن حوله حتى لو لم يؤذيهم فهم يشعرون بأنه يستحقرهم إذا لم يوافق على مصادقتهم ، سيظنونه متكبراً ومتعالياً لذلك سيسعون لإزعاجه دوماً ليجبروه على الكلام معهم .
قالت روز : على كل لا يهم الآن . سأبتعد عن إزعاج الجميع وهذا هو المهم . سأنتسب لكلية الطب . وكلية الطب لا يدخلها إلا العباقرة لذلك فالحثالة لن يتبعوني إلى هناك بالتأكيد . أظن أن جامعة الإسكندرية أقرب .
قال أسامة : أنا سأنتسب لجامعة القاهرة لأني أرغب منذ صغري بزيارة القاهرة لأنها عاصمة مصر . لدي شقة هناك كانت لأبي عندما كان صغيراً قبل أن ينتقل للإسكندرية ويستقر فيها . أنت لا تمانع يا أبي صحيح ؟ فأومأ الأب برأسه إيجاباً .
نظرت روز إلى الطبيب وابنه نظرة حزن وابتسمت . شكر أسامة والده ثم نظر أسامة إلى روز وقال لها : ماذا حدث لكِ ؟ فزعت روز من سؤاله فجأة ثم قالت عفوياً : لا شيء . أنا بخير .
نظر أسامة إليها بحيرة بينما اكتفى والده بالصمت . غادر أسامة الغرفة بعد أن استأذن والده ثم تبعه الطبيب وبقيت روز وحدها تفكر في حزنها الشديد .
بعد عدة دقائق بدأت روز بالنوم ثم فجأة طرق أحدهم باب غرفتها فأفاقت مفزوعة ونظرت للباب لترى من أتى فوجدت والدها وقد أتى حاملاً حقيبة وباقة من الورود .
هرع والد روز إلى ابنته ليعانقها وصرخ قائلاً : ابنتي ! شفق ! كيف حالكِ يا ابنتي ؟ قالت روز في نفسها وعلى وجهها نظرة لا مبالاة : شفق .. كدتُ أنسى هذا الاسم .. هذا الاسم الذي لا أستخدمه إلا عندما أكتب اسمي على دفاتري المدرسية أو أملأ الاستمارات المدرسية أو الحكومية .
قال حسني : شفق ! اشتقتُ إليكِ .. لمَ لا تردين ؟ هل أصاب لسانكِ مكروه ؟ آه يا إلهي ! تلك المرأة ! كم هي قاسية ! ماذا فعلت بكِ تلك المجنونة ؟ استشاطت روز غضباً وقالت لوالدها بانفعال : أنتِ من يسأل ؟! ألستَ من أحضرها لتكون أماً لي وترعاني ولكنها خانت الأمانة وعذبتني بشتى الطرق وأنتَ ساعدتها ؟ ما الذي فعلته لكَ لتفعل بي كل هذا ؟ لماذا لم تدافع عني بينما هي تعذبني ؟ بل أنتَ كنتَ تشاركها أحياناً . ألستَ من لا يرغب بالانفصال عنها وتركها تبتعد عنا ؟ لا تقل لي إن سبب تمسكك بها هو المصالح والتجارة ، ما علاقتكَ أنتَ بالتجارة والبيزنس أيها الجراح ؟!
قال حسني مذهولاً : أنتِ .. تتكلمين ! الحمد لله كنتُ قلقاً عليكِ فلم أعلم إلى أية درجة من القسوة والتعذيب وصلت هدى . إنها سادية مجنونة . مذ كنتِ صغيرة وهي تخبرني بأن أضربكِ لأن تربية الفتيات أصعب من تربية الفتيان وهي من طلب إخفاء كونها زوجة لي بعد أن عَـلِــمَـت أن لا أمل لها في الإنجاب . ظننتُ أنه إن ضربتكِ وربيتكِ بقسوة ستكونين قوية وجامدة وتعتمدين على نفسكِ وليس مجرد شبح هلامي شفاف مرتعش خائف .

قالت روز بغضب لوالدها : وبسبب مَـن صرتُ شبحاً على حسب ظنك ؟ هاه ؟ ثم صرخت روز قائلة بعنف : هــــــــــاااه ‼ آآآآآآه !
ظلت روز تبكي وتصرخ بانهيار شديد بينما ينظر إليها والدها نظرة حزن وشفقة وحاول التخفيف عنها . عانق حسني ابنته وقال لها بنبرة حنان وشفقة : شفق ! حبيبتي اهدأي أرجوكِ . حالكِ هذا يؤلمني يا شفق !
أبعدت روز رأسها عن صدر والدها وصرخت قائلة : ما معنى تسميتي بـشفق ؟ من سماني به ؟ ومن سماني روز ؟ أيهما اسمي الحقيقي ؟!
قال حسني : في الحقيقة والدتكِ كانت تحب اللون الأحمر كثيراً لأنها تراه لوناً جميلاً جداً ومشعاً بالحياة والنبض وهو رمز القوة . أرادت والدتكِ تسميتكِ باسم يعني اللون الأحمر ولكن لم نجد اسم فتاة بهذا المعنى لذلك أسميناكِ شفق لأن معناه ومضمونه يحتوي اللون الأحمر . إن الشفق هو الوقت ما قبل غروب الشمس حيث تكون السماء حمراء اللون وذات منظر جميل للغاية . لذا فوالدتكِ صاحبة اسم شفق ، أما روز فهو اسم اختارته هدى لكِ لأن اسم شفق غريب بعض الشيء لذلك فهي قالت إنها ستناديكِ بروز لأنها تحب اللون الوردي وليس الأحمر الدموي لذلك أسمتكِ بروز لأنه أجمل في نظرها . في الحقيقة أنا أميل للون الأحمر أكثر لأني كنتُ أحب والدتكِ كثيراً جداً لدرجة جنونية . كانت والدتكِ ترتدي كل الثياب حمراء اللون ولكنها تنوع فيما بين أشكال الثياب وتصميماتها ودرجات اللون الأحمر وكانت تخلط بينه وبين الألوان الأخرى ولكنها أحبت الأحمر أكثر وتعلقت به . لذلك فقد أسماها بعض الناس بــ " ذات الرداء الأحمر " .

كانت والدتكِ طيبة ورائعة جداً وخفيفة الظل وخطفت قلوب الكثيرين لدرجة أننا كنا نتنافس على من يحصل على قلبها . كنتُ محظوظاً جداً لأني حظيتُ بها ولم أصدق ذلك وكان الجميع يحسدونني في حينا لأننا كنا جيران ونلعب مع بعضنا جميعاًعندما كنا صغاراً ، عندما كبرنا تفرقت جموعنا وانصرف كلٌ منا لما يشغله ولم نجتمع ثانية . كانت خسارة والدتكِ بمثابة كابوس مزعج لا أريد أن أصدقه وفي نفس الوقت لم أستطع الهروب منه .
تشوقت شفق للاستماع إلى حديث والدها عن والدتها الذي كان ممتعاً للغاية لدرجة أن وجنتاها احمرتا بسبب السعادة البالغة . لقد وقعت في حب أمها هي الأخرى عندما سمعت الكلام عنها فقالت لنفسها بسعادة أنستها كل همومها : أمي كانت امرأة رائعة جداً . مؤسف أني لم أحظَ بوقتٍ للتعرف إليها و.. إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها والدي معي بهذا اللطف والهدوء والفرح . السعادة تغمره بالرغم من أن الحزن يعلو وجهه لأن أمي ميتة وليست معنا . في الحقيقة أنا واثقة بأنها بقربي أو على الأقل تعرف بما يحدث معي ربما ولكنني أريد معرفة الكثير عنها أريد كل شيء يذكرني بها .. كل شيء حتى لو كان تافهاً ، المهم أني أريد تذكاراً من أمي التي أحبها وحُرِمْتُ منها .
قالت شفق وهي تبدي علامات الفرح : أنا سعيدة جداً لسماع ذلك منك . أرجوك يا أبي أخبرني بالمزيد عن أمي . ماذا كان اسمها ؟ كيف كان شكلها ؟ صفها لي . هل لديكَ تسجيل لها ؟ هل صورتها بالفيديو ؟ أخبرنـــــــــــــــــــــــــــي !! أين ثيابها التي تركتها ؟ من هي عائلة أمي ؟
قال حسني مبتسماً : كانت والدتكِ جميلة جداً ورائعة للغاية . اسمها كان جميلة وهي بالفعل كذلك . تغيرت نبرة صوته وصارت حزينة وتغيرت معالم وجهه وبدا الحزن مخيماً عليها وابتسم ابتسامة باهتة ثم قال : كانت كذلك .
ثم قال بعدما تذكر شيئاً : في الحقيقة لقد أحضرتُ صورة لها لأريكِ إياها بما أنكِ قد علمتِ أن هدى ليست أمكِ الحقيقية .
بحث حسني في الحقيبة التي أحضرها وأخرج منها إطار صورة عليها امرأة جميلة جداً وأعطاها لشفق فتناولتها منه ونظرت إليها ثم دُهِشَت وقالت بذهول : إنها .. إنها تشبهني !! ثم قالت شفق لنفسها بنبرة ثقة وحزم وحزن : هكذا إذن .. لهذا السبب كنتَ تكرهني . لا أصدق ! حتى أنتَ يا أبي تصدق هذا ؟! تظن أني سبب موت أمي ؟؟! وتعاقبني لأنها ماتت ولأنني أشبهها أيضاً ‼ أنا ابنتك يا أبي فلماذا تفعل هذا بي ؟ أنا من رائحة زوجتكِ ، أنا كل ما تبقى لك من راشحة حبيبتك وهي أمي !! لا يمكن . لااا يـــمــكــن !! لقد فقدتُ الأمل بالكامل .
قالت شفق لوالدها : أين هي عائلة أمي ؟ فقال لها : في الحقيقة والدتكِ كانت وحيدة والديها وماتت والدتها عندما كانت طفلة لذلك فهي كانت حنوناً جداً وتعامل الأطفال الأيتام والجميع بلطف لأنها جربت مرارة فقدان الأم . مات جدكِ بعدما علم بموت ابنته بأيام بسيطة ، طلب رؤيتكِ ثم مات بعد أن قَـبَّـل خدكِ . لذلك فليست لديكِ عائلة من جهة الأم .
قالت شفق لنفسها بحزن وعلى وجهها ابتسامة باهتة : إذن جربت أمي مرارة فقدان الأم وها أنا ذي أجرب مرارة فقدانها هي . أمي الحبيبة كم أتمنى أن آتي إليكِ قريباً جداً لأتخلص من هدى الظالمة .
قال حسني : روز هل أنتِ بخير ؟ قالت شفق وهي تشعر بالغضب : لا تنادني بروز ‼ أتفهم ؟؟!! أنا أكره اسم روز كثيراً مذ كنتُ صغيرة لأنه يشعرني بالضعف . نادني بشفق فقط . أردكتُ الآن أني أحب اللون الأحمر فعلاً لذلك لطالما أحببتُ ارتدائه في ملابسي ولطالما كرهتُ إلباسي الثياب الوردية لأنها سخيفة وتدل على الضعف وقلة الحيلة في نظري . أنا أحب اللون الأحمر كثيراً لدرجة العشق وأحب رؤيته في كل شيء .
أين هي ثياب أمي ؟ هل تخلصتَ منها ؟ قال حسني : لا .. طبعاً لا . فهي ما يذكرني بوالدتكِ ؛ لأنه من رائحتها . فقالت شفق : إذن أريد ثيابها كلها لي وأريد كل أغراضها أن تبقى معي وعندي .
عم الصمت بحظات ثم تذكرت شفق شيئاً وقالت : أبي . سأنتسبُ لكلية الطب لقد علمتُ أنه يمكنني ذلك . أنا سعيدة جداً . هل ستنفصل عن هدى ؟ قال حسني : لا . قالت شفق : بالتأكيد . إذن أنا لن أبقى في منزلٍ واحدٍ مع هذه المرأة السادية . سأبحث عن شقة أخرى في الإسكندرية لأعيش فيها بينما أذهب لكلية الطب بجامعة الإسكندرية .
قال حسني : لقد أردتُ لكِ أن تعيشي بعيداً عنها بعدما رأيتُ نتيجتكِ المبهرة . فقالت شفق : إذن قررتَ أن تعتقني وترحمني ؟ فرد والدها : أجل . لذلك فأنا قد اشتريتُ لكِ شقة في القاهرة لكي تتمكني من الانتساب لكلية الطب بجامعة القاهرة فتبتعدي أكثر عن هدى وجنونها إلى أن تموت هي أو حتى انتهاء الشراكة المقززة .
بدت علامات الفرحة والسرور والرضا على وجه شفق وشعرت بسعادة غامرة جداً حيث ستتحرر أخيراً من استعباد زوجة أبيها الحاقدة السادية لتبدأ بحياة جديدة في القاهرة ، وتكون صداقات جديدة وتشعر بالحرية وبمعنى الحياة . هل ستتحق أحلام شفق في هذه الحياة الجديدة ؟ هل ستكون الحياة الجديدة مثلما توقعتها شفق ؟ هل ستقابل أصدقاء حميمين ليعوضوها عن كل ما فقدته ؟ هل ستتغير شفق بعدما حصلت على اسم جديد غير الاسم الذي لطالما كرهته ، وبعد حصولها على ذكريات جميلة عن أمها ومتعلقات وتذكارات من أمها الغالية ، وبعد منحها فرصة للحياة الجديدة في العاصمة ؟ هل ستكون القاهرة مثلما توقعتها شفق أم أنها ستخالف توقعاتها كثيراً ؟

أتمنى أن تابعوا بقية الأحداث ستبدأ الإثارة ومعالم القصة الحقيقية في الفصل الرابع إن شاء الله ترقبوووه ^_^ .


رد مع اقتباس