المقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين .
اللهمّ صلّ على سيدّنا محمّد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين والشُّهداء والصَّالحين وعلى أهل الجنّة وعلى الملائكة وباركْ عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.
قال تعالى :
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ( مُحمَّد : 24 ).
فقد قال الله تعالى :
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }( البقرة : 146 )
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }( الأنعام : 20 )
وقد جاء في التفسير المُيَسَّر :
[ الذين آتيناهم التوراة و الإنجيل , يعرفون : مُحمَّدًا ـ صلى الله عليه وسلم ، بصفاته المكتوبة عندهم ، كمعرفتهم أبناءهم , فكما أنَّ أبناءهم لا يشتبهون أمامهم بغيرهم , فكذلك : مُحمَّد ـ صلى الله عليه وسلم ، لا يشتبه بغيره ، لدقة وصفه في كتبهم , ولكنهم اتبعوا أهواءهم , فخسروا أنفسهم ، حين كفروا : بمُحمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به ].
أحبتي في الله تعالى : لنتأمل معا، هذه المعجزة ، التي تكلم عنها القرآن العظيم ، في كثير من الآيات ، والتي أكد فيها ، أنَّ :
أسماء و صفات ، سيدّنا رسول الله : صلى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم ، وكذلك صفات أتباعه وصفة مكان مبعثه وهجرته ونسبه و.... ، كلّها قد ذكرت في كتب أهلّ الكتاب ، بل وحتى في كتب غيرهم.
وعلى الرغم من : طول الفترة الزّمنية ، وكثرة عمليات التحريف ، التي أُلحقتْ بتلك الكتب ، نجد انَّ فيها ، ما أخبرنا عنه كتاب الله تعالى ، الى يومنا هذا ، ونحن نعيش ، في بداية القرن الحادي والعشرين ، من ميلاد : السيد المسيح : سيدّنا عيسى عليه الصّلاة والسّلام .
وقد وجدتُ : في البحث الذي قدمه لنا : الأستاذ الفاضل : الباحث : الشيخ عبد المجيد الزنداني : غفر الله تعالى له ولوالديه آمين ، والموسوم : { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ } ، معلومات قيمة : تستحقّ قرائتها والوقوف عندها ، لما لها من قيمة علمية فريدة ، قد جائت موثقة بادلتها ، فقمتُ بفضل من الله تعالى ، بتنسيقها وبتصرف يسير ، لغرض إتمام الفائدة ووضعها في حلة رائعة ، نقدمها بين يديّ من يروم البحث عن النفائس الفريدة .
وقد نسقته في كتاب : أسميته :
[ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ]
وشاء الله تعالى ، ان تبقى هذه الإشارات ، على الرغم من محاولات ألأعداء من طمسها وإطفاء نورها ، لكنّ الله تعالى ، يأبى الا أنْ يتم نوره ولو كره الكافرون.
الصورة : للباحث العلامة الشيخ عبد المجيد الزنداني
و الشيخ الفاضل : الاستاذ عبد المجيد الزنداني : غفر الله تعالى له ولوالديه آمين.
هو من :
أرض اليمن
التي دعا لها سيدّنا رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلم : حيث قال :
{{ « اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا » ، قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا !!!! قَالَ : « اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا » ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَفِى نَجْدِنَا !!!! فَأَظُنُّهُ قَالَ فِى الثَّالِثَةَ : « هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ » }}( رواه البخاري واللفظ له ) ، وقال :
{{ أَتاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ، أَضْعَف قُلوبًا ، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً ، الْفِقْهُ يَمانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمانِيَةٌ }} ( متفق عليه ) ، وقال :
{{ « جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ : هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً : الإِيمَانُ يَمَانٍ وَ الْفِقْهُ يَمَانٍ وَ الْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» }} ( رواه مسلم ).
فهل الدين : الا إيمان وحكمة وفقه ؟؟؟؟
فأنعم بهم وأكرم ، فهنيئا لهم ذلك الفضل الرّباني.
وآخيرا : أتوجه الى الله تعالى : القريب المجيب : البرّ الرَّحيم : أنْ يجعله عملا خالصا ، لوجهه الكريم تعالى ، وأنْ ينفع به ، وانْ يجزي شيخنا الزنداني ، خير الجزاء ، وأنْ يغفر له ولوالديه ، ولي ّ ولوالديّ ولجميع المسلمين ، إنه تعالى خير مسؤل وخير مجيب ، آمين.
التنسيق راجي عفو الكريم
{ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ }(1)
قد أخذ الله تعالى ، الميثاق على الأنبياء ، أن يؤمنوا بمُحمَّد : صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ، وينصروه إذا بُعث وهم أحياء ، وأنْ يبلغوا أقوامهم بذلك ، ليشيع خبره بين جميع الأُمَّم ، قال تعالى : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾( آل عمران : 81 ) ، وذلك لأنَّ : الرّسل كانوا يبعثون في أقوامهم خاصة ، وبعث محمّد : صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم، للناس كافة ، فبشر به جميع الأنبياء ، وكان مِمَّا قاله عيسى عليه السّلام لقومه ، كما ذكر الله تعالى عنه : ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾( الصف : 6 )
(2) والبشارات في الكتب السّابقة (3) هي تلك الأنباء والأوصاف ، التي وردت عن مقدم سيدّنا محمّد : صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ، مُبينة اسمه وصفاته البدنية والمعنوية ونسبه ومكان بعثته ، وصفة أصحابه ، وصفة أعدائه ، ومعالم الدين ، الذي يدعو إليه ، والحوادث التي تواجهه ، والزمن الذي يبعث فيه ، ليكون ذلك دليلاً ، على صدقه ، عند ظهوره ، بانطباق تلك الأوصاف عليه ، وهي أوصاف وبشارات ، تلقاها أهلّ تلك الأديان ، نقلاً عن رهبانهم وأحبارهم وكهنتهم ، قبل ولادة سيدّنا مُحمَّد : صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ، بقرون كثيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معانى بعض الكلمات :(1) [ ( زبر الأولين ) : أي كتبهم ] / (2) [ وقد كان عيسى عليه السلام يرسل المبشرين للتبشير بمقدم سيدّنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم ، بل إن معنى الإنجيل : البشارة ، وبقي المبشرون إلي يومنا هذا يحملون هذا الاسم ] / (3) [ هي الكتب الدينية المقدسة عند أصحابها مثل التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى ].