عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-12-2015, 09:34 PM
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وجعلنا مسلمين ،
والحمد لله الذي جعل من عقيدتنا حب الأنبياء و المرسلين جميعا والحمد لله الذي
جعل حب الصحابة سمة نمتاز بها .


والطعن في الصحابة رضي الله عنهم طعن في مقام النبوة والرسالة ،
فإن كل مسلم يجب أن يعتقد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أدى الأمانة وبلغ الرسالة ،
وقام بما أمره الله به ، ومن ذلك أنه بلغ أصحابه العلم وزكاهم ورباهم على عينه ،
قال عز وجل: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } (الجمعة:2) ،

والحكم بعدالتهم من الدين ، ومن الشهادة بأن - الرسول صلى الله عليه وسلم - قام بما أمره الله به ،
والطعن فيهم يعني الطعن بإمامهم ومربيهم ومعلمهم صلى الله عليه وسلم ،
كما أن الطعن فيهم مدخل للطعن في القرآن الكريم ، فأين التواتر في تبليغه ؟

وكيف نقطع بذلك إذا كانت عدالة حملته ونقلته مشكوكاً فيها ؟!.

وأما الزعم بأن أكثر النقاد عدَّلوا الصحابة مغالطة وتلبيس ،

لأن النقاد كلهم قالوا بتعديل الصحابة وليس أكثرهم ، والذين تكلموا في الصحابة ليسوا من نقاد الحديث ،
بل من أصحاب الميول المعروفة في التاريخ الإسلامي بالتعصب والهوى والابتداع في الدين ، لتمرير بدعهم وترويج انحرافهم ،
حيث لم يجدوا لذلك سبيلاً إلا بالطعن في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .


صحيح أن الصحابة رضي الله عنه كانوا بشراً ، وليسوا بالمعصومين ،

لكنهم كانوا في القمة ديناً وخلقاً ، وصدقاً وأمانة ،
والذين قالوا
: إن الصحابة عدول ،
لم يقولوا قط إنهم معصومون من المعاصي ، ولا من الخطأ والسهو والنسيان ،

وإنما أثبتوا لهم حالة من الاستقامة في الدين تمنعهم من تعمد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

حتى الذين أقيم عليهم حدُُّ أو قارفوا ذنباً وتابوا منه ،
لا يمكن أن يتعمدوا الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
وهؤلاء قلة نادرة لا ينبغي أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة ، الذين جانبوا المآثم والمعاصي لا سيما الكبائر منها .


وأما الذين لابسوا الفتن فكانوا مجتهدين يعتقد كل منهم أن الحق معه ، وعليه أن يدافع عنه ، والمجتهد مأجور على اجتهاده أخطأ أم أصاب ، ومع ذلك فهم قليل جداً بالنسبة لأكثر الصحابة الذين اعتزلوا هذه الفتن ،
كما قال محمد بن سيرين :

" هاجت الفتن وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف فما خف لها منهم مائة ، بل لم يبلغوا ثلاثين " .

ولا يلتفت إلى استشهاد أبي رية بكلام " المقبلي " لأن " المقبلي " نشأ في بيئة اعتزالية المعتقد ، هادوية الفقه ، شيعية تشيعاً مختلفاً ، يغلظ فيه أناس ويخف آخرون ،

فجاء حكمه متأثراً بتلك الأجواء التي عاشها ، والبيئة التي تربى فيها ، وقد بين ذلك العلامة المعلمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة .

ونحن حينما نصف صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما هم له أهل ، فإنما نريد صحابته المخلصين الذين أخلصوا دينهم ،
وثبتوا على إيمانهم ، ولم يغمطوا بكذب أو نفاق ،


فالمنافقون الذين كشف الله سترهم ، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم ،
والمرتدون الذين ارتدوا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعده ، ولم يتوبوا أو يرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا على ردتهم ،
هؤلاء وأولئك لا يدخلون في هذا الوصف إطلاقاً ،

ولا تنطبق عليهم هذه الشروط أبداً ، وهم بمعزل عن شرف الصحبة ،
وبالتالي هم بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول العلماء والأئمة : " إنهم عدول " ،
وفي تعريف العلماء للصحابي ما يبين ذلك بجلاء ، حيث عرفوه بأنه من لقي - النبي صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات على ذلك .

وأما الزعم بأن الصحابة - أنفسهم في زمنهم - كان يضع بعضهم بعضاً موضع النقد ،

وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض ،
وهو يعني بعض المراجعات التي كانت تدور بينهم حول بعض الأحاديث ،
فلم يكن ذلك عن تكذيب منهم للآخر كما جاء عن أنس رضي الله عنه :

" لم يكن يكذب بعضنا بعضاً " ، بل كانت الثقة متوفرة بينهم ، ولكنهم بشر لم يخرجوا عن بشريتهم ، فلا يمنع أن يراجع بعضهم بعضاً في بعض الأمور والأحكام ، إما للتثبت والتأكد ، لأن الإنسان قد ينسى أو يسهو أو يغلط عن غير قصد ،

ومن ذلك ما ثبت من مراجعة الخليفتين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما لبعض الصحابة في بعض مروياتهم ،
وطلبهم شاهداً ثانياً ، فلم يكن ذلك منهم عن تهمة ولا تجريح ،
وإنما هو لزيادة اليقين والتثبت في الرواية ، وليقتدي بهم في ذلك من بعدهم ، وليس أدل على ذلك من قول عمر رضي الله عنه ، لأبي موسى الأشعري -
وقد طلب منه أن يأتي بمن يشهد معه على سماعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما إني لم أتهمك ولكنه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد تكون هذه المراجعة لأنه ثبت عند الصحابي ما يخالف الحديث ،
أو ما يخصصه أو يقيده ، أو لأنه رأى مخالفته لظاهر القرآن ،
أو لظاهر ما حفظه من سنة إلى غير ذلك ،
وما دار بينهم من مراجعات مدون ومحصور في كتب الحديث ،
ومشفوع بأجوبته ، وهم فيها بين مصيب له أجران ،
ومخطئ له أجر واحد .


فليس من الإنصاف إذاً ، أن تُجعل هذه المراجعات دليلاً على اتهام الصحابة بعضهم لبعض ، وتكذيب بعضهم لبعض كما يزعم المرجفون .

[
إذاً فتعديل الصحابة رضي الله عنهم أمر متفق عليه بين المسلمين ، ولا يطعن فيهم إلا من غُمص في دينه وعقيدته ،
ورضي بأن يسلم عقله وفكره لأعدائه ، معرضاً عن كلام الله وكلام رسوله وإجماع أئمة الإسلام .
_________________


المراجع :

- دفاع عن السنة د. محمد أبو شهبة .
- منهج المدرسة العقلية الأمين الصادق الأمين .
- السنة ومكانتها في التشريع د.مصطفى السباعي .
- الحديث والمحدثون محمد أبو زهو .

المصدر :

الشبكة الإسلامية
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس