عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-13-2015, 11:54 AM
 





في الصباح التالي استعدت لين للرحيل بعد ان سددت الفاتورة ووعدت بالعودة الى
المزرعة في رحلتها المقبلة الى ايرلندا توجهت الى مدرسة الفروسية حيث تركت
السيارة في موقف خاص و ترجلت لتستاجر حصانا قررت ان تقوم بنزهه صغيرة على
الحصان في ذهابها الى منطقة جديدة ووقع اختيارها على فرس قوي

- هل هذا الحصان هادئ؟؟

اجابت الفتاه المسؤولة عن الاسطبل:

- فونيلا افضل حصان عندنا و انا واثقة من انك ستفتقدينه كثيرا عندنا تنتهين
من جولتك.

حدقت الفتاة في لين جيدا و تاملت الوجه الرقيق و الشعر الاسود الطويل المعقود
بشريط ابيض كما اعجبت بالقامة الرشيقة و خصوصا بالساقين الطويلتين و الخصر
الضامر لاشك في ان لين فتاه جميلة تجذب الرجال و تدير رؤوسهم...

بعد قليل كانت الفتاه الانجليزية تمتطي جوادها في الغابة التي ارشدتها اليها
فتاه الاسطبل حيث يمكنها التجول بحرية و حيث لا خطر بان تتوه لان اللافتات
منتشره في الغابة خصيصا لارشاد المتنزهين.

كانت اشعة الشمس الساطعة تنفذ من بين اوراق الكثيفة بحياء مضفية على الجو
الداكن اشراقه من السحر وومضة من الغموض

- يا الهي! كانني بالجنة!

ضحكت لين مسرورة لأنها تتمكن من الكلام و التفكير بحرية مطلقة في هذا المكان
كان العالم اصبح ملكها لا ينازعها فيه احد.

- حسنا يا حصاني الجميل لنرتح قليلا هنا.

ربطت الحصان الى شجرة ووقفت تتأمله يلتهم العشب الطري بنهم.

اجفلت لين عندما سمعت صوتا غريبا و اخذت تحدق حولها لترى مصدر الجلبة و شعرت
بان احدا يراقبها في هذه الغابة الموحشة تلفتت فلم تسمع الا خفقة ورقة صفراء
يحملها النسيم.

فجاة سمعت صهيل حصان فاقتربت من فرسها و حلت الحبل بيدين مرتجفتين و قبل ان
تستطيع الانطلاق بالفرس و الابتعاد اقترب منها حصان يمتطيه......الغجري
الاسمر

تجمد الدم في عروقها لما رات الغجري امامها....كيف استطاع الوصول الى هنا من
مخيمه البعيد بهذه السرعة لا يعقل ان يكون جاء على حصانه لان المسافة بعيدة
الى حد يجعل مستحيلا لابد انه استعمل وسيلة اخرى ثم من أين اتى بهذا الحصان
الاصيل الذي لا يمكن ان يملكه غجري فقير؟؟

رفعت عينيها الى وجهه لاحظت اشياء لم تلحظها فيه عندما حاول الاعتداء عليها
بعد تعطل سيارتها قرب المخيم رأت الى جانب وسامته مسحة ارستقراطية نبيلة و
شيئا من اللباقة و الاستعلاء يده الممسكة باللجام بدت انعم تدل على انه لم
يقم بعمل يدوي في حياته حتى ثيابه تبدلت لم يتخل عن قميصه الاسود

لكن الشال الاحمر المتسخ اختفى لحل مكانه شال اخر نظيف السروال الممزق تغير ليصبح
سروالا انيقا...لا شك انه سرق الحصان و الثياب و لكن كيف تبدلت يداه من يدي
متشرد الى يدي ارستقراطي نبيل وقف الغجري يحدق فيها باستغراب كانه فوجئ
بوجودها.

حطم جدار الصمت و اخيرا يقوله:

- صباح الخير.

اخذت لين تحسب فرص الهرب و جسمها الرقيق يرتعش خوفا و غضبا نظرت الى الممر
القريب الذي يوصلها الى مدرسة الفروسية و بخفة لم تعهدها في نفسها من قبل
قفزت الى الحصان و السوط في يدها انطلقت بسرعة وكي تعاقب الغجري على فعلته و
لتؤخر اللحاق بها ضربته بالسوط على وجهه و ضع الرجل يده على خده الدامي و قد
ارتسم على وجهه ذهول كبير.

- تستحق اكثر من ذلك ايها الغجري المتشرد! كيف تجرؤ على التحدث الي؟؟ عد الى
قومك ولا تتحرش بالناس المتمدنين!

قالت لين كلماتها هذه وهي منطلقة على حصانها تحثه بضربات خفيفة من قدميها على
الاسرع في العدو اخذت تخترق الغابة بسرعة عمياء و خوفها يتعاظم مع اقتراب
حوافر جياده منها اذا تمكن من اللحاق بها سيقتلها و يرميها في الغابة!

ازداد هلعها لهذه الفكرة و لم تعد تدري ما تفعل لتخرج من الورطة المميته فهذا
الحصان يقترب منها اكثر فاكثر و صاح فيها الرجل:

- توقفي!

استمرت لين في العدو باسرع ما يمكنها لكنها ضلت الطريق بسبب ذعرها الشديد و
لم تجد ممر الخروج من الغابة فصارت تصرخ بأعلى صوتها:

- النجدة!! النجدة!!

دب التعب في حصانها فخفت سرعته في حين ان حصان الغجري الجبار ما انفك يدنو
منها.

- توقفي و الا اوقعتك عن الفرس.

تجاهلت الفتاه اوامره باحثه دون جدوى عن وسيلة للافلات.

- دعني و شاني! ارحل عني سابلغ رجال الشرطة.

توسلات و تهديدات لن تجدي نفعا مع هذا الرجل الشرير و اخيرا صار الغجري
بمحاذاتها فبذلت المستحيل للصمود فوق فرسها المتعبه

مال الرجل و خطف من يدها
اللجام اجبر الفرس على التوقف ثم نزل عن حصانه و انزل لين عن حصانها شعرت
انها سجينة نظراته الغاضبة ووقفت عاجزة عن الحراك.

رفع الغجري يده الى خده الدامي يتحسس الجرح العميق الذي سببته ضربه السوط

- هل هو حصانك.

- لا استاجرته من مدرسة الفروسية.

هز الرجل راسه و كانه يعرف المدرسة ثم اخذ يحدق في الفتاة لثوان مرث ثقيلة
كأنها الدهر قبل ان يقول:

- لا خوف على الحصان انه يعرف طريق العودة الى الاسطبل
و ضرب فونيلا ضربتين خفيفتين فبدا بالعدو حتى اختفى عن نظر لين بعد قليل.

- من أين انت؟؟

- انا انجليزية و جئت الى ايرلندا لامضي اجازتي السنوية...انزل في مزرعة
قديمة من هنا.

هز الرجل راسه كانه يعرف المزرعة كذلك.

- قلت انك في اجازة فهل يعني هذا انك بمفردك؟

- تمام انا اجوب البلاد بسيارتي التي تركتها في موقف قريب من الاسطبل.

واصل الرجل طرح الاسئلة وواصلت لين دون ان تدري مدى خطأها في اعطاء معلومات
يجب ان لا تطلعه عليها و لم تعي ذلك الا عندما سمعته يقول:

- انت وحدك هنا...

و عندما سالها لما ضربته بالسوط اجابت لين وفي صوتها نبرة الازدراء:

- لأنك و جنسك حثالة المجتمع و رعاع القوم!

سرعان ما ندمت لتهورها و طيشها اذ رات في عيني الرجل عاصفة من الغضب و نية
على ارتكاب عمل شرير اقترب منها و زمجر:

- حثالة المجتمع و رعاع القوم؟ ستدفعين ثمن كلماتك غاليا.

و بسرعة حملها في قوة و رمى بها على ظهر الحصان ثم قفز خلفها و انطلق مسرعا
نحو عمق الغابة

......

تساءلت لين عما ينوي الغجري فعله بها و لكنها لم تفلح في تصور مصيرها يعزز
ذلك الغضب اقرب الى الجنون يسيطر على خاطفها

ازداد الحصان توغلا في الغابة و لين تكاد تصاب بالاغماء و الرجل ملتصق بها
تحس بنفسه يلفح عنقها و هو يقود الحصان بسرعة كبيرة اخذت ترتعد كورقة خريفية
و هي تسال نفسها عما فعلته لتستحق هذه النهاية السوداء اخيرا قرر الرجل
التنازل عن صمته فأعلن:

- نحن ذاهبان الى المخيم

- المخيم... اي مخيم هذا.

قهقة الغجري عاليا يتلذذ يخوفها و اجاب:

- الا تعلمين ان الغجر يعيشون في مخيمات؟

- ستندم ايها الحقير على عملك لان رجال الشرطة سوف يرمون بك في السجن!

كانت تعلم في قرار نفسها ان كلامها لا يرهب الرجل فالغجر (( محترفون)) في
الخروج على القانون ولا يهابون السلطة القانون الوحيد الذي يحترمونه هو ان
الغاية تبرر الوسيلة و ان مصلحة القبيلة يجب ان تكون الاهم بغض النظر عن أي
اعتبار واصلت لين بالرغم من ذلك تهديدها لعلها تنج في العثور على نقطة ضعف في
الغجري:

- تكون احمق اذا اعتقدت ان بامكان الافلات من قبضة العدالة الاختطاف جريمة
يعاقب عليها القانون بشدة!.

لم يعلق الرجل بشئ وظلا صامتين حتى وصلا الى المخيم حيث انتشرت عربات كثيرة
نظرت الى الوجوه التي تنظر اليها فلم تتعرف الى احد من الذين راتهم عندما
تعطلت سيارتها كما لم تجد تلك الفتاه التي انقذتها يومها من الغجري لعلها
تعيد الكرة الان.

تعالت الصيحات الترحيب للغجري:

- اهلا بك يا رادولف!

- ما هذه الغيبة الطويلة؟؟

- اخيرا عدت الينا.

نشأ لدى لين انطباع بأن الغجري لا ينتمي الى مخيم معين خصوصا ان هذا المكان
ليس المكان نفسه الذي شاهدته

تقدم من الغجري رجل كهل قال:

- رادولف ليس من عادتك...

اسكته رادولف باشارة من يده و لكن الكهل تابع:

- ما حدث لوجهك؟؟ الدماء تسيل منه بغزارة!

عندما رأت لين الجميع يلتفون حول رادولف و علامات التعجب بادية على وجوههم
سمعت بعض الكلمات الانجليزية لكن معظم الكلام باللغة الغجرية التي تجهلها
اوضح رادولف الامر لقومه بلغتهم و نظراته مليئة بالحقد تصب نارها على الفتاة
المصابة بالذهول مطبق

امسك الغجري بخصرها و انزلها عن الحصان فتعالت ضحكات من حولها و كان القوم
يستعدون لمرح أت ولاثارة توفرها لهم ضحية جديدة يتسلون بها..

زادت الدماء المتجمد على وجه رادولف من رهبة شكله وجعلته يبدو مجرما اكثر و
اكثر ايمكن ان تتوقع رحمة من انسان كهذا لا يهتم الا بارضاء غرائزه لا يعرف
المثل و المبادئ التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة حاوت الفتاة الا تفكر بما
ينتظرها لكن الرؤى السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة داكنه تمنت لو انها تموت!

فالموت ارحم من العذاب القابع وراء الساعات المقبلة...تمنت لو ان يدي رادولف
الجبارتين تلتفان حول عنقها الغض و تعصران منه اخر نقطة حيا...

انصرف رادولف الى الحديث طويل مع الرجل الكهل سمعتهما لين يتلفظان ببعض
الاسماء اولا بوريل وو غيرها و فهمت ان الكهل هو اولاف و انه و رادولف
يتحدقان عن بوريل و لكنها لا تعلم ما اذا كان بوريل اسما لامراه او لرجل

حدقت الفتاه في وجه رادولف لتجد الاضطراب و القلق الشديدين باديين عليه في حين كان
اولاف يتنهد من وقت الى اخر و يزم شفتيه بامتعاض ما هو الحديث المهم الدائر
بين الرجلين؟؟ سؤال لا يمكنها ان تجيب عليه قبل ان تفهم هؤلاء القوم.

بعد ذلك بدا القوم يوجهون الاسئلة الى رادولف فيجيب عليها باقتضاب و الاولاد
الحفاة ذو الثياب البالية يحملقون في ثيابه النظيفة و الانيقة بانبهار.

نظر رادولف الى لين فعاد الى عينية لمعان الشر و بلمح البصر حملها بين يديه
وسط ضحكات الجميع الى عربه ارشده اليها اولاف

صاحت لين في الغجر:

- هذا الرجل خطفني!! ستحاكمون جميعكم ان لم تساعدوني!

نظرت حولها تبحث عن احدهم يتعاطف معها فلم تقع الا على وجوه ضاحكة و نظرات
ساخرة لا امل اذن بان يساعدها احدهم فالجميع وحده متماسكة و الافراد يتعاونون
حتى على اعمال الشر

ادخلها رادولف إلى العربة ثم خرج بسرعة بعد ان اغلق الباب بعنف. في هذه
العربة لن يتدخل احد لانقاذها.

عليها ان تواجه وحدها الرجل الذي يبدو زعيما
او ملكا على قومه يذعنون لمشيئته بدون نقاش اغرورقت عيناها بالدموع فساعة
العقاب حلت شرعت تبحث في العربة عن وسيلة للخروج من سجنها الصغير مكان قذز
فيه اريكة و طاولة مستديرة مع بعض الكراسي العتيقة في الطرف الاخر سرير ضيق و
على الخزانة كتب قديمة ووضع مصباح زيتي يغطيه غبار سميك كأن احدا لم يشغل هذه
العربة منذ وقت طويل فالقذارة المنتشرة في ارضها و على محتوياتها لا توصف.

في خلدها تدور اسئلة كثيرة من هو رادولف بالحقيقة؟؟ من هو بوريل الذي تحدث
رادولف و اولاف عنه بكثير من الجدية؟؟ لكن السؤال الاكثر اهمية و الحاحا
يبقى: ماذا سيكون مصيرها؟؟