مطأطأةً رأسها نحو الأرضِ تنظر ، إنتظرت هنا لساعاتٍ ولكن أحدًا منهم لم يأتي بعد
لا تطمحُ في رؤية المختل إليوت .. تفضل أن تبقى عنهُ مسافة خمسين مترًا على الأقل !!
زفرتْ ، تتذكر بعضَ الأمورِ القديمة التي اثار غبار نقعها ما فعلتهُ بجنودِ الحكومة السابقين ،
أغمضت عينيها مستحقرة .. هايسانث لا تتحمل الضعفاء المكابرين !
فُتح الباب . قاطعًا أفكارها العميقة ، ببرودٍ ترفعُ رأسها فتجدهُ أمامها .. القائدُ بنفسه . فريدريك !
باتت تنظرُ إليهِ مطولًا كما يبتسمُ هو لها إبتسامةً لم تفهم مغزاها على الرغمِ من كونها الإبتسامة الطبيعية التي يظهرها على الدوام !
- آنسة هايسانث ، أعذريني على هذا التصرفِ الغير لائق .. ولكن هناك ما اريد مناقشته ..
لم تبدِ أي موافقةٍ أو رفضٍ حتى ، فكان الأمرُ له جيدًا حتى يسترسلَ بالحديثِ معها
- حسنًا إذن ، دعيني افسر لكِ بضعة أمورٍ أولًا ! مثلًا كيف لا ازالُ حيًا ؟! وما هي تلك المادة الزرقاء ؟! ما رأيكِ في هذا ؟
لا تزالُ غير مهتمةٍ حقًا .. كلُ ما تريده هو إستعادة مفاتيحِ شقتها والعودة لفراشها والنوم ليومين كاملين !
إبتسم بلطفٍ زائد لم يرق لها وهو يبدأ الحديثَ بلا إبتسامةٍ بعدها
- عليكِ أن تعلمي ان لدي ماضٍ طويل مع والدكِ ومع سولومون كذلك إن كنتِ تعرفينه ! هذا لا يهمُ الآن ما يهمُ هو كون رغبة سولومون في موتي لا تضاهيها رغبةٌ في هذا العالم ، هو يرجو محقي وأنا ارجو خلاصه .. تعاقبٌ متضاد أليس كذلك ؟!
أخذ نظرةً سريعة على أعضاءِ منظمتهِ ثم اكمل
- قبل شهرٍ ونصف ، سرقنا المادة الزرقاء التي تدعى " بلورينا " وهي مادةٌ خطيرة لابد انكِ علمتي بشأنها حينما حضرتي لتشريحي .. يمكن إستخدامها في تجاربَ عدة .. تجاربَ على البشر ، على الأسلحة .. وحتى الطبيعةِ نفسها ! لذا قررنا ان نسرق ما لديهم وهي كميةٌ ليست بقليلة وليست بكثيرةٍ في آن !
صمتَ قليلًا ، ينظرُ في عينيها بشكلٍ أعمق
- بعد سرقتها وجدتُ ان المكان الأكثر أمنًا هو داخل جسمِ الإنسان حيث لا تتفاعلُ إلا بالحقن عبر الوريد فكانَ من الجيدِ إخفاؤها في احشائي كي اضمن ان لا تتم سرقتها منا بسهولة !
سعلَ قليلًا ، أشاح بوجهه متنحنحًا فأكمل
- بعدها وبكلِ جنونٍ لا اتذكر من أين جلبته .. وجدتُ نفسي واقفًا في وسط المنشأةِ العسكرية التابعة لسولومون ! بالطبعِ كانت خطةً محكمة كي يظن موتي ولا يتوقع ما سيجري بعدها من مخططاتٍ طويلة لدي .. وضع قناصًا واحدًا على السقف .. لم اعرف هويته .. للأسف ! ولكنه كان واثقًا منهُ لدرجةِ أن لا غيرهُ من الإمداداتِ وصل !
- اجل واحدٌ وحسب ! أيذكركِ بشيءٍ ما ؟!
تجاهلتهُ تمامًا تنتظرُ منه إكمالَ الحديث ، تنهد بقليلٍ من التعجب وإبتسامةٌ بلهاءُ على ثغرهِ ظهرت
إحتدتْ ملامحهُ يكملُ بجدية
- ومن أجل أن يظن القناص بإنه قلتني إستخدمنا جهازًا من تطوير دانتي ، يدعى ocaاو أداة التمويهِ البصري ، والتي تعملُ على تشتيت مدى نظرِ القناصِ من خلالِ بندقيتهِ الخاصة ، كنتُ على بعد 20 مترًا منه وقد ظنني على بعد 40 مترًا . تتخيلين ما حدث بعدها ؟
صمت لوهلةٍ ثم أجابت بجدية
- أخطأ القناصُ إصابتك بالتأكيد !
إتسعت إبتسامتهُ بشكلٍ مخيف يثني عليها
- أجل . احسنتِ ! تزامنًا مع إطلاقِ النار أطلق عليّ أوديسيوس بإستخدام رصاصةِ rdbبالطبعِ تعرفين ما هي .. فهي من صنعكِ في النهاية !
إحتدت عيناها بإنزعاج فيما تفاجئ كلُ من كانَ واقفًا وسمع حديثه ، إبتسامتهُ النقية .. شابتها خصلةٌ شيطانية واحدة حينما حدثها ببرودٍ غريب
- أعلمُ الكثير عنكِ هايسانث ، إبنة الأدميرال ويليام نوكتيس .. من الصعبِ أن لا تكوني مشهورة !
احد الواقفين .. حال سماعِ الإسم قد دارت بهِ الدنيا وباتَ من الصعبِ عليهِ الوقوف .. نبضتْ عينهُ المشوهة وشعر بها تحترق نارًا قائظًا !
تسارعتْ نبضاتُ قلبه .. يشتهي قتلها كي يحرق قلبَ أبيها عليها !! حتى وهو في قبرهِ نائم !!
سرعان ما خرج شاهان محاولًا تجنب الرغباتِ الملتوية .. ليكمل فريدريك حديثه
- قمنا بتعديلِ الرصاصةِ قليلًا بحيثُ تحتوي على سم popdgوهو سمٌ خاص طورناهُ بأنفسنا يظهرُ عوارضَ الموتِ نفسها ، فلا يعرفُ احدٌ ان مستخدمهُ لا يزالُ حيًا ، بالطبع خاصية ذوبانِ الرصاصة و معالجتها للجرحِ لم تختلف ، ولأن الحكومة تستخدم رصاصات rdbفي الإغتيال لم يشكوا بالأمر بتاتًا !
قطبت حاجبيها ، واغمضت عينيها تفكرُ بعمقٍ فيما قاله .. اجل يبدو الأمرُ منطقيًا الآن بالنسبةِ لها
- لكن .. هناك ما يؤرقني ..
- كيف عرفتي أني لا ازالُ حيًا ؟!
زفرت مرة أخرى ، مددت إحدى قدميها واستخدمت الأخرى مسندًا ليدها وتحدثت بعدها
- كدت تخدعني للحظات .. إلا أن هناكَ ما أثار إهتمامي .. ليس بالأمر الجلي ولا يلاحظه الكثيرون
جفلَ عدة مراتٍ يحاول إستيعاب ما قالتهُ للتو ، ما اهتمت لردةِ فعله بل اكملت ببرود
- في الملفِ الذي أعطاني إياهُ سولومون ، ذُكر بإن موتك قد حصل قبل عشرةِ أيام ، وحينما تكون طبيبًا جنائيًا ستدركُ انه بعد مرورِ عشرةِ أيام تنتفخُ المعدة وقبلها من المفترضِ إنتفاخُ الوجهِ وعدةِ أعضاء .. ولكن هذا لم يحدث لك
لا يدري لما لم يرقهُ هذا كثيرًا .. ما اراد تخيل نفسهِ كجثةٍ جميلة .. ليس قبل مرور ثمانين عامًا
- ولكني أردتُ التأكد لذا فتحت صدرك .. ورأيتُ قلبكَ ينبضُ بسعادةٍ في حقل أزهارٍ قبيح
جُرحَ تمامًا .. تجمعت الدموع في عينيه يجلسُ واضعًا رأسهُ في حضن فيميليا شاكيًا
- فيميليا هل سمعتِ ؟ هي تهين جمالي الأخاذ ؟
- ليس كذلك حقًا .. فحقول أزهاركَ مملة
تدمرت كلُ أحلامهِ وآماله ، فاتخذ من زاويةِ الجدارِ ملجئًا يقيهِ منهم ..