عرض مشاركة واحدة
  #112  
قديم 04-11-2015, 03:59 PM
 

أريدكَ أن تخبرني عن كيفَ هو الشعورُ بالأمان والطمأنينة ! , أوصف لي كيفَ هوَ ملمسه ومذاقه !
وماهيَّ الأوقات التي عشتها في كنفَ ذلك الشعور .
بل ما أريدُ معرفته بشدّة هو شعورك أنت عندما مددت يدكَ لتمسكَ بأيديهما الصغيرة ثمّ احتضنت أجسادهم التي غزاها البرد وأبعدتهم عن المكان الذي هم بالقربِ منه لكيلا يذوقوا طعم الحرمان مثلَ من هم بداخله أو كما سمعت من الأحاديث التي عشناها نحن ..
أخبرني هل يحقُ لي السؤال عن ذلك !
أعلمُ يقيناً بالامان الأول , عندما كنتَ في كنفِ عائلتك بينَ والديك والذي سرعان ما تحول ذلك إلى ألم مستمر بالنسبة لك !.
لكن الآن .. برؤيتك أمامَ عيني نائما بعمق , فهذا يكفيني ويمحي كلَّ تلكَ التساؤلات التي أريدُ أن أوجهها لك .
هذا ما كان يدور داخل ميدوري وهي تراقبُ رولند النائم بينَ التوأمين , فقد طلعَ الفجر ولم ترغب بإيقاظهم بل تريدُ البقاء تنظرُ إليه فهو يُشعِرها ويغمرُ قلبها بالسعادة والطمأنينة .
وبما أنّ عقارب الساعة لم تمهلها وقتاً أكثر فها هي تبتعد عنهم لتعدَ طعام الإفطار قبل أن يستيقظوا
هي تريده أن يتذوقَ بعضاً مما تعدّه , وتعلم جيداً أن لن يبقى بعدَ ذلك وربما لن تكون هناك فرصة مثل هذه مرةً أخرى ,
أسرعت نحو المطبخ وبكلّ هدوء بدأت بإعداد إفطار بسيط للجميع .
تحركت عيني لير المغمضة في إشارة بأنّه قد نالَ كفايته من النوم , حركَ جسده جهة اليمين فاصطدم وجهه بخفة, فتحَ عينه ببطئ ليرى إن كانت أخته قد تقلبت في نومها حتى وصلت إليه .
كذلك الحال مع لين التي بدأت هي بالإستيقاظ.. ففعلت تلقائياً مثلَ أخيها التوأم...وعندما ظنّا كليهما حتى نطقا بصوتِ ناعس .
ـ أخي ! .
ـ أختي !
.
ما إن سمعَ كل الطرفين صوتَ الآخر حتى فتحا أعينهما سويةً, نهضت لين جالسة وهي تفركُ عينيها كذلك الحال مع توأمها .
رأى لير بعينيه التي لا زالت تستيقظُ من أثر النوم جسد رولند النائم , لم يعرفه فلم يكن وجهه مقابلاً له .. فظلّ ينظرُ بتعجب شديد .
رأته أخته وشاهدت التعجب على وجهه الناعس فوجهت نظرها إلى حيثُ ينظرُ ..لتعكس حدقةُ عينها وجه رولند النائم .
لم تصدق ذلك في البداية فقرصت وجنتيها ببراءة وهي تظنُّ بأنها تحلم .
في تلك اللحظة دخلت ميدوري فقد شعرت بانهما استيقظا وعندما رأتهما وهما ينظران لبعضها ولين تقرصُ وجنتيها حتى قالت بهمس وهي تضعُ اصبعها على أنفها لتفسر لهما .
ـ لا توقظا رولند, دعوه ينامُ قليلاً .
ما إن سمعا اسمَه حتى أبعدت لين يدها عن وجنتيها وتحركَ لير نحوها فهو لن يصدق حتى يراه .
حدقتْ أعينهما الصغيرة في وجهه بإمعان وتلألأت سعادة وفرحه, لم يستطيعا أن يصبرا أو حتى يلتزمان بما أخبرتهم به فقزا سوية نحوه ليحتضناه وهما يصرخان باسمه .
تحركت عينيه ما إن شعرَ بالأصوات من حوله , وأحسَ بشيء ثقيل يجلسُ على جسده , فاستيقظ سمعه قبل بصره.
ـ لقد فتحَ عينيه ..
ـ أجل إنّه يستيقظ ..
هذا نطقا به وهما يشاهداه يقومُ بفتحَ عينه تدريجاً ... لين جالسه فوقه بينما لير بالقربِ منه بجانب رأسه
صرخت لين بفرحه ما إن رأته ينظرُ إليها.
ـ صباح الخير .
عادت جميعُ حواسه إليه وعلم بأنّ من يجلسُ عليه هو لين , حركَ عينه عندما سمعَ همساً بالقربِ منه يقولُ نفسَ العبارة فوجده لير .
ابتسمَ رغمَ أنّه الآن استيقظ من نومه , ومدّ ذراعه ليحضن كليهما وهو لا زالَ مستلقي على الأرض وبصوته الناعس نطق بكل حبّ .
ـ صباح الخير . لين , لير .. .
انغمرَ قلبيهما بالسعادة ولم يملكا إلا أن يتمسكا به فلم تمض سوى سويعات منذُ أن كانا حزينين لعدم وجوده ولكن الآن هو بقربهما .
بينما ارتسمت البسمة على وجهه ميدوري وهي تراقبهم من بعيد ..
ـــــــ

كذا الحالُ مع إيفان .. رغم المفاجئةِ التي عرفها ليلة الأمس والدعوة التي حصلَ عليها إلا أنه الآن يركضُ مسرعاً حيثُ عائلته الذينَ هم بمثابة أصدقائه ليحصل هوَ كذلك على إفطار لذيذ من يدي ميدوري .
صعد الدرجات سريعاً ولم يطرق الباب بل ولجَ مسرعاً قائلاً بحماسة وهو يخلعُ حذائه .
ـ لقد جئت !! .
سمعَ أصوات التوأمين الصاخبة فابتسم وأسرعَ بفضول ليعلم سرَ نشطاهما في هذا الصباح وأصواتهما المرتفعة .. ما إن دخل حتى وجدهما يتحدثانِ مع شخصِ ما , رفعَ عينيه لينظرُ فقد لمحَ ميدوري في الزاوية الأخرى .
فالتفت التوأمين إليه وقالا بصوتِ سعيد .
ـ مرحباً .
ما إن وقعت عيناه على رولند الجالس بينهما حتى تصلبت قدماه ولم يستطع المضي قدماً , اختفت الابتسامة من شفتيه فهوَ لا يزالُ يذكرُ ما فعله في آخر مرة ويعلمُ يقيناً أنّ ذلك لم يرضيه ! .
ابتسمَ بغباء وقالَ ليتهرب من مواجهته بأن استدار ليغادر وكأنما هو طفل بتصرفه هذا .
ـ لقد نسيتُ شيئاً .
تفاجأت ميدوري التي تضعُ أطباقَ الفطور من تصرفِ إيفان وقالت سريعاً لتوقفه .
ـ ماذا !! تناول الإفطار ثمّ اذهب لما نسيته .
ارتبكَ كثيراً .. فهو يعلم بأنّها لا تعلم عن قراره وذهابه نحو القصر الذي يعمل فيه رولند ليطلبَ العمل معه .. حركَ قدميه للخلف فاستوقفه ذلك الصوت الهادئ الذي انساب إلى مسامعه .
ـ صباح الخير إيفان ... لتتناول الإفطار سوياً سيكون طعمه ألذَ عندما تشاركنا ذلك .
التفت بتفاجأ نحوَه فوجده يقولُ ذلك بابتسامة صافية .
أشارَ بيده إلى مكان شاغر بقربه ليجلسَ عليه
التفت إلى الجميع فوجدً التوأمين يؤيدان ما قاله بينما ترتسم على ميدوري ابتسامة جميلة وهي تنظرُ إليه ..
انغمرَ قلبه بالسعادة فرغمَ الوقت الطويل الذي ابتعد فيهما عنه .. إلا أنّهما لا زالا يعاملاه كما من قبل , وكأنما لم يفترق عنهما كل تلك السنين .
استجاب سريعاً وجلسَ بقربِ رولند بينما التوأمين بالجانب الآخر .



بدأو افطارهم بنشاط وابتسامات تزين صباحهم حكى فيها رولند بأنّه سيبقى لعدة أيام هنا بما أنّه سيده ليسَ هنا وهذا ما زاد ميدوري شعورها بالفرحة
بينما التوأمين بدورهم تحمسوا لذلك فمن اليوم هوَ من سوفَ يصحبهم , كذلك شعرَ إيفان هو بالطمأنينة بما أنّه سيبقى بقربهم لبضعة أيام , ولم ينسى أن يخبرهم بأنّه قد حصل على عمل في مطعم وهذا شرحَ صدر رولند أكثر , فكانَ ذلك الصباح أجمل مما كان من قبل.
ـــــــ

بدأت ميدوري استعدادها للجامعه بينما اصطحب رولند التوأمين إلى رياض الأطفال وإيفان عاد لكِ يستعدَ للعمل هو كذلك .
وبهذا تفرق الجميع كلٌ إلى طريقة وبقيّ رولند وحيداً يمشي في طرقات المدينة وهوَ ينظرُ للعنوان الذي أعطاه إياه المدعو جايد حيثُ المكان الذي سيعمل فيه طيلةَ غياب سيده ميلان .
وصلَ إلى المكان المطلوب كانَ عبارة عن محل لبيع الحليّ المطلية بالفضة , وهذا ما فسرّ له سريعاً ما أراده المدعو جايد عندما أعجبته الفكرة لأنه سيعمل هنا بما أنّ أغلبية من يشتري الحليّ هم النساء ..
دفع الباب الزجاجي بيده ودخل وما إن حطت قدماه على أعتابه حتى رأت عيناه جايد وبقربه شخص بدا وكأنه يعملُ في محله كذلك .
التفت جايد وتحدث وهو متأكد أنّه هو .
ـ لقد جاء , في الوقتُ المناسب تماماً .
تقدم رولند وقدمّ التحية بكلِ هدوء , بعدها أمر جايد الشخصَ الذي بقربه بأن يقومُ بتعليمه كيفية العمل وأوقاته .
وبهذا ابتدأ عملُ رولند فلم يكن ذلك بالغريب عليه , فقد عملَ من قبل في وظائف مثلَ هذه .
ـــــــ

وضعت بعضَ أصناف الطعام لوالدها ليتناوله وهي تشعرُ بفرحة غامرة فقد مضى وقتُ طويل لم تحظى فيه بصباح جميل معه , ابتسمَ شيمون لابنته وبدأ بتناولِ الإفطار معها , بدأت هي بالحديث عن الأيام التي قضتها وبعض الأحداث التي حصلت معها نهاية إلى إخباره بالفتى الجديد الذي أتي للعمل بالمطعم وهوَ نفسه الذي تناولَ معهم العشاء بالأمس ... بقيّ شيمون ينصتُ لها بإمعان ... حتى توقفت هيّ تسأله بتعجب .
ـ ذلك الفتى بالأمس هل تعرفه ؟! .
انتهى من بلع لقمته التي استمتع بتذوقها وأجابها .
ـ ليسَ كثيراً .
صمت قليلاً وهو يتذكرُ تلك الليلة التي جمعته مع رولند في باحة القصر , أرادَ حقاً أن يعرفَ حقيقة صداقتهما وما هي المشاعر التي يحملها كل واحد منهما للآخر , فتحدث بعفوية وهو يحدقُ بعيني ابنته .
ـ مارأيك لو تتعرفينَ عليه أنتِ أكثر ؟! .
أصابتها الدهشة وتوردت وجنتيها سريعاً فهذه أول مرة تسمع فيها والدها يقولُ شيئاً مثل هذا اقتربت منه ووضعت يدها على جبينه .
ـ أبي , هل أنتَ بخير حقاَ ؟! .
ما إن شعرَ بيدها الدافئة وسمع حروفها تلك حتى نطق .
ـ أنا بخيرعزيزتي .
أمسك بيدها تلك وضمّها إلى صدره وبكلِ حبّ قال لها وقد تغيرت نبرة صوته قليلاً .
ـ عزيزتي .. أريدُ حقاً أن أرى الشخص الذي سيختاره قلبك حتى يصبحَ سنداً لكِ .
كل تلك الكلمات جعلت جولي تشعرُ بالحرج كثيراً حتى أنّ لسانها قد انعقد عن الكلام فوالدها يعلمُ جيداً أن خجولة بالفعل , نطقت سريعاً لتتهرب من حديثِ والدها ذاك .
ـ لقد نسيتُ أريدك أن ترى هذا .
وقفت سريعاً راكضة وماهي إلا لحظات حتى جاءت وبيدها صندوقُ صغير ملون .. جلست أمام والدها وأفرغت ما فيه والذي كان عبارة عن قطعِ نقدية كانت تجمعها فيه , ابتسمت بسعادة وقالت والفرحة تكادُ تخرجُ من عينيها .
ـ انظر .. لقد جمعت الكثير , أليسَ كذلك !؟ , إذا استمريتُ على هذا النحو فسنستطيع شراء منزل أمي .
أمعن شيمون النظرَ إليها وإلى فرحتها , فقد كانت تعدُ تلك القطع وكلها تفاؤل وأمل بما تقوله
, هو حقاً عنى فيما يقوله برغبته في رؤية ذلك الشخص على الأقل يريدُ أن يأمن ابنته في غيابه , فهو بعد لا يشعرُ بأنه قد سدد الدين كاملاً لما قدمته له عائلة ميلان في الماضي .
ـــــــ

مضى نصفُ اليوم على خير ما يرام .. فها هوَ إيفان يعملُ بجد ويستمع لنصائح ألفريدو .
كذلك ميدوري وأليسا الذّين ازداد صداقتهما عمقاً ,, وشيمونُ الذي بدى سعيداً وبقربه ابنته جولي
لكن .. لم يشأ القدر بأن يمتدّ ذلك إلى رولند لوقتِ طويل ..
فها قد جاءت اللحظة التي أدخلَ فيها المفتاح داخل قفلِ بابِ ذكريات مغلق طواها في عمقِ قلبه ...

محادثة من طرف واحد , صوتُ يعلو ويصرخ , امرأة كبيرة في السن تتحدثُ بكل رجاء بصوتها الضعيف الذي أرهقه الزمن وطفل صغير يختبأ خلفها وعينيه ترتعشُ خوفاً ! .
بذلك المشهد بدأ المفتاح يدارُ ببطء شديد أمامَ رولند ..!
نهاية الفصل الثالث عشر ..

~


ـ بدأت بإظهار أول مفتاح من ذكريات الماضي المخفية ! , فهل سيكونُ الأمر على خير مايرام لدى رولند ! .
ـ برأيكم ماهو الدين الذي لا زالَ على عاتقِ شيمون .! .
ـ هل تفتقدون ميلان أم لا ! سيغيب لفترة حتى يفتح الباب الأول لذكريات رولند ..
توقعاتكم للفصل القادم ,

رد مع اقتباس