(2) يوم الهدوء العالمي:
هدوء عجيب يعمّ الأزقَّة والأمكنة لم أعْهدْه على مدينتي من قبل، عجيبة حقًّا يا مدينتي! تُرى هل وصلَهم خبر الشَّكوى أم ماذا؟ لماذا كلّ هذا السّكون؟ أشعر أنَّني في لحظات إفْطار رمضانيَّة، وأين صخب الأطفال ودندنة البائعين وسائقي الأجرة المهلّلين؟ لا، لن أستطيع العيشَ وحْدي رغْم كلّ شيءٍ من فضلكم.
انتظرتُ صدى صوْت دقَّات يدي وهي تطرق على باب منزلي من شدَّة السّكون.
فتحتْ لي زوجتي الباب...
عجيبة يا زوجتي، وكأنَّ الحيَّ كلَّه وصله خبري مع المدير، فظلَّ ينتظِر قدومي! أو ترى أسكتتْهم قنابل غزَّة فأوجعتْهم الفجيعة! هل هذه لحظات حداد على اللَّبن المسكوب من الوطَن الغالي والحرَم المسلوب؟!
سألتُها عن سبب السّكون الرَّهيب، فأجابَتْني أنَّها تخمّن أنَّ ثَّمَّة "كأس العالم"؛ "فقد أخبرتْني بذلك صباحًا جارتي؛ تذكيرًا منها لي بالموعد إن كنتُ قد غفلت عنْه".
انفجرتُ في زوجتي غضبًا، ثمَّ تراجعتُ للحق قُدُمًا؛ فما ذنب المسكينة في زمَن الغرائب؟! وما ذنب الغافلين وقد كنتُ واحدًا منهم بالأمس القريب؟! أولمَّا أنتبه من غفلتي أسخر منهم وأغضب؟!
تكلَّم الصَّغير بصوْت طفولي روتيني: "الرّياضة ممارسة لا مشاهدة" هكذا قالت لنا المدرّسة. طالت لحظات السّكون والتَّفكير، خرجتُ للشُّرفة أتأمَّل في سكون مدينتي الجميلة لحظات الغروب الهادئ.
إنَّها لحظات شاعريَّة ونادرة، تُشْعِرك بأنَّك لا تزال في الستينيَّات؛ فرغْم غُثاء السَّيل فإنَّ الهدوء يعمّ،
يا لها من لحظات ممتعة؛ أن تعيش في هذا السّكون في تلك السَّاعة من آخِر النَّهار، في تلك العاصمة الصَّاخبة! لكنَّها لحظات للأسف لم تدُم طويلا، وانقطعتْ بفزعة صاعقة من هول (جوووول) المباراة، تسمعُه ما بين أصْوات الفرَح ونَحيب الفريق الآخَر، يا حسْرتَا على ما فرَّطْنا في جنبِ الله!
أفراح وأتراح وألوية النَّصر خفَّاقة في سمائِك يا مدينتي، وألْوية أخرى أصبحتْ أرْدِية للكلاب، وما ذنب الكلاب؟! ولَم تشارك من قبل خيول داحس والغبراء!
علِمتُ عن مدينة العجائب أنَّ لواءَها متعدّد الألوان، واليوم نبأ جديد عن ألوان متعدّدة الألوية. ♦ ويبقى في حلْقي مرارة غُربة لم أزل أتذوَّقُها في كلّ ساعة أعيش فيها في بلاد العجائب.
اللَّهُمَّ ردَّ عليهم بصيرتَهم فقد سلبتْ منَّا منذ مائة عام أو يزيد، اللهُمَّ هاديَ الضَّالَّة ردَّ عليْنا ضالَّتنا.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |