عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-01-2015, 05:10 PM
 


عندما يشتهي المرء يصبر حتى يذوق ثمرة صبره
ليعيش سعادة كما لو أنه بأراضي ريان وفردوس

عندما يذوق المرء الشهوة ويبكي فرحا لنجاحه
يحضن الثمرة قريبا من قلبه لكن

ماذا لو انتزعت الثمرة منه بغمضة عين
اختبارا أو ابتلاء له و القدر شاء

أن يراقب أغلى الناس على قلبه يتمتع بثماره دون أن ينتزعها أحد منه
هنا تنقلب الشهوة حقدا و كراهية لمن خضع لرغبات نفسه الدنية


أتساءل لما انتزعت مني بعد صبر و تعب , لما بقيت وحيدة أشتهي من اختي ما حصدناه معا , لما , لما و لما؟؟ .



قصتنا تروي حكاية أميرتين وأختين بعمر الزهور ملكن من الحسن و الجمال
ما ملكته الشمس من دفئ و سحر و ما ملكه الليل من جاذبية و أناقة

الصغرى بأشهر حملت شعرا أشقر لامع كالشمس و أعين فيروزية ملكت السماء بقزحياتها , بشرتها بيضاء ناعمة كملمس القطن , حنونة دافئة كالشمس , تجسيدا لجمال السماء ,سُميت الفتاة سكاي

الكبرى بأشهر ملكت سحر الليل ورونقه , بشعر أسود لامع كظلمة الليل ,وأعين تركوازيه عكست لمعان النجوم بقزحياتها.

بشرتها حنطية كلون رمال الصحراء الحامية , راقية و الأدب ثوب تتحلى به, تجسيدا لسحر الليل سميت الفتاة لونا ...

شقيقتين و الروح بالروح ,لتكتمل الصدف ميلادهما بيوم واحد, نصفين انشقا ليكملا بعضهما واتحادهما مثل قوة المملكة و فخرها

كل رآهما تعجب لصدق و قوة رابطهما , رزقهما الله حياة منعمة هنية , بأرض الشاطئ الشمالي , تحت كنف والدهما الملك ووالدتهم الملكة و شقيقهم الرضيع هيوغ , رفاهية ورخاء عنوان مملكتهما ولأثبات مشيئة القدر وقعت كل منهما بحب شاب من الممالك المجاورة

الأميرة سكاي وقعت بحب أمير مملكة الشاطئ الجنوبي , شاب وسيم ساحر تحلى بالأخلاق ما يؤهله ليكون فارسا نبيلا و صادقا , لم يحبها الأمير هيليوس فحسب , بل هام بغرامها و عشق هواها فوق كل شيء , أحيانا ظن الشعب أنه يحب سكاي فوق مملكته حتى ,باعين فضية و شعر أسود كالح السواد

الأميرة لونا عشقت شابا مرهف الاحساس بأرض الشاطئ الجنوبي , يحب صناعة الآلات الموسيقية ملك من الموهبة والعطف ما ملكه نبع , سجنته أعين التركواز و احتجزته بخصلات ليلها الجذابة , بأعين ترابية و شعر أشقر مغبر
صادف أن الأمير هيليوس و السيد ويليام كالأخوين بصداقتهما كذلك ..

كل منهما اختار حياته الخاصة , عجبا كيف اجتمعت الأقدار و الطرق بهذه المثالية و الكمالية , عجبا للفرح الذي عم بين الشابين و الفتاتين عجبا للصدف عجبا ؟ !.



كهديه مولدهما العشرين , سلم الملك و الملكة الأراضي و اقتسماها بين الفتاتين بالمنتصف تماما و اتفقا أن يكون يوم زواج الأميرتين ذات اليوم .

سعادة عمت أرجاء الممالك الأربعة , فرح و احتفالات , زهر و ازدهار , أغاني و سهر , مثالية لدرجة غريبة , كعالم بالأحلام فحسب , لكن هؤلاء الأربعة حققوا الأحلام و الأوهام بحبهم و روابطهم



خطط كل من الشابين هدية لعروسة الأخر , سافر كلاهما و اجتازا المحيطات بحثا عن أجود أنواع الكنوز و الهدايا علهما يجدان ما يليق يشمس حياتهم و قمر لياليهم و ملكتي قلوبهما , كل سافر باتجاه , ويليام سافر لأرض الشاطئ الغربي و هيليوس سافر لأرض الشاطئ الشرقي

بعد شهر من سفرهما و قبل شهر من زفاف الفتاتين , وصل خبر هز أرجاء الممالك , دمر كل شمس وأمل , حطم كل حلم و سعادة , حينما سمعت الأميرة لونا خبر غرق سفينة محبوبها بعاصفة هوجاء ولأجل الصدفة و على عكس ويليام , سفينة هيليوس نجت , سبحان مسير الرياح و الحياة .



أيام كئيبة و ليالي عصيبة , مرت ببطء شديد , فالخبر زلزل الجميع , مع هذا الأمير هليوس قدم عزائه واهدى لونا هديته باسم ويليام , دموعه انهمرت منحنيا أمام الفتاة , أما دموعها عاركت مكافحة ألا تتساقط , فدموع أميرة الصحراء و الليل لم تنهمر يوما بسهولة ,لكن لكل قاعدة استثناء فحادث ويليام حطم قلبها الصغير و انهكه , فانسابت اللألئ من عينيها أنهارا تحضن الهدية

أهداها امير الجنوب خواتم من أفخم أنواع الخواتم وأندرها , لا توجد إلا بصحاري أرض الشرق ,ظن الشاب أن صحارى الشرق تليق بأميرة شبيهة للصحراء و الليل , جلب لها من الآقاصي كذلك قفازات حريرية من أفخر أنواع الحرير و أندره وجودا

بينما الأميرة سكاي انعزلت بوحدتها , بقلب يهمي دما على شقيقتها , فمحبوبها حي و هي سعيدة على عكس نكبة شقيقتها , قررت الفتاة الغاء زواجها و قطع علاقتها بالأمير هيليوس تماما مما زاد من نكبات الممالك , عاجزين عنتغير رأيها

إلا شقيقتها الأميرة لونا , و بكل ما تملك أجبرتها بحضن أن تتزوج هيليوس هامسة بكلمات نابعة من أخلاق لا من قلب

لونا :" لا ذنب لك بما جري , شقيقتي العزيزة ,أفرحي ففرحك من فرحي و عزائي من عزائك , افرحي يا اختي افرحي"

هذه الكلمات أطلقت جناحا سكاي عاليا و حررتها من قيود وفاة ويليام , لم تعلم سكاي أن شقيقتها تعارك بظلمتها , بغسق الليل تبكي و الكوابيس تلاحقها تحثها على قتل هيليوس

مستغربة من فرح شقيقتها بزفافهما متناسية أمر نكبتها , نسيت اميرة الليل أنها من أمر شقيقتها بالفرح

أعماها اليأس و الحزن , قررت أخيرا اللجوء لزاويا أرض شاطئ الشمال المظلمة , زاوية الشعوذة والسحر, تبحث عن وسيلة تحي بها محبوبها.

ركبت ظهر خيلها منطلقة نحو وادي السحرة , قابلت ساحرا قبيل سبع ليال من الزفاف المنتظر, انحنت بشعرها الناعم على الأرض باكية راجية الساحر ملاذا لها , أجابها بخطة شيطانية تعدت مقتل هيليوس أفاق عديدة

الساحر :" مقتل أمير الجنوب لن يجلب إلا الشؤم لكما كلاكما , لكن ماذا لو نالت أميرة الليل على أمير الجنوب و حققت سعادتها المفقودة , هدية الأمير و خصلة من شعر شقيقتك تكفي سعادتك الأبدية "

كلمات الساحر أذهلت فتاة الليل , بدى شيطان متوحشا لا إنسان , ما الذي ورطت نفسها به ؟ مع هذا ابتسامة الأميرة علت مشعة تحت ظل القمر , منصرفة لقصرها , و الظلام لباسها الكامل قلبا و قالبا بين يدها حقيبة صغيرة ...



بزغ فجر اليوم السابع , ركضت أميرة الليل بقناع الزيف نحو شقيقتها , بابتسامة لا ألطف منها ولا أجمل , تلاعبها و تضحكها , طيبة سكاي حجبتها عن ظلام شقيقتها , كل ما أسعدها ضحكة شقيقتها الرائعة , حتى انكسرت أخر قيود جناحيها لتحلق حرة من أعبائها

نزلت سكاي مع شقيقتها نحو شاطئ الشمال , يراقبن السفن الشراعيةو طيور النوارس المحلقة مع أول خيوط الشمس الساطعة , لأول مرة شمس الشمال رغم سطوعها خبأت لونا دامي , وقفت الفتاتان يستنشقان عبق الرياح المحملة بحكايا و أسرار البحار .

بلحظة واحدة يد غادرة مست ظهر أميرة الشمس و دفعتها بكل حقد نحو البحر , بثواني توقف الزمن , تعلقت أعين سكاي المصدومة بأعين شقيقتها الفارغة , تلك اليد الخائنة , سندها و قوتها ... يد شقيقتها لونا ...

تحرك الزمان بارتطام الفتاة والأمواج لتبدأ معركتها مع المياه , دقائق حاولت السباحة دقائق أخرى غرقت بها , حدقت بشقيقتها بين سكرات موتها

سكاي :" أختي , ساعديني ,أختي ,أرجوك , يدك!!!! "

لونا :" لا أريد قفازات ولا خواتم , لا أريدك أن تشاركيني حزني ولا فرحي , و لا يد ستمد إليك "

سكاي :" سأعطيك أي شيء ,أي أرض و أي مال , أختـــــــــــــي !!! "

لونا :" حب حياتك ما أريده , حياتك لنفسي ما أريدها , فلتغرقي و تلقي السلام على لونا و ويليام فسكاي ما أنا الأن "

ظلت الفتاة تعارك حتفها , جسدها الرقيق عجز عن حملها منهكا و متعبا , فمياه البحر جبارة عاتية على أميرة طيبة و ناعمة

لونا :" هناك تطفو البجعات بحسن و جمال , هناك البجعات تطفو بحسن و جمال .."

كلمات ظلت تنطقها أميرة الليل , حتى غمرها ضوء الشمس لتظهر نسخة عن سكاي , أخر ما رأته أميرة النهار شكل فتاة الليل , توقفت عن الحراك و نظراتها متعلقة بنظرات شقيقتها , لم تجد الصغيرة من شقيقتها إلا ظهرها , و الأمواج تسحبها غرقا لأسفل , شمس هذا الفجر أعلنت عن غياب ابنتها بيوم زفافها



من خلف أفق الشمس المشرقة و الزفاف يكاد يرن أجراسه السعيدة , خبر سعيد هل و أنار , خبر نجاة سفينة الأمير ويليام و نجاة طاقمه



درر حزن الأميرة العذراء أسكتها الظلم وأمالها المشتعلة أخمدتها أمواج الحقد والغيرة حاملة قلبا محطما وأجنحة مفتتة
لعلها نهاية أميرة النهار لكن محال للحق أن يموت , محال للحقيقة أن تندثر ...



كلمات أميرة الليل أثارت جثمان أميرة النهار المستلقية كالحسناء النائمة , على رمال القاع , مياه البحر الطاهرة حملت مشاعر الانتقام لحلم أميرة الشمس

تحولت الفتاة لبجعة ساحرة بيضاء و من بين أمواج القاع , حلقت و الحق رمم أجنحتها , لتخرج طليقة حرة و الشمس وثقت أعينها المشعة بالصدق , طافية على ظهر البحر و الأمواج تقودها

بان الأمير ويليام سعيدا فرحا بنجاته وقد غرزت سفينته مرساتها على بر الأمان بعد رحلة الألف عام , استطاع الوصول يوم زفافه , مفاجئة مبهجة غير متوقعة , للأمير هيليوس و الأميرة لونا ...

حطت على رمال الشاطئ , و الأمواج لاحقت خطوات الأمير ويليام , طافت جثة أميرة النهار لتستقر على تراب وطنها , بشرتها شاحبة بيضاء ,سيل دموعها ترك أثرا على وجنتيها الناعمتين, خصلات شعرها الحريري باتت مبللة ذابلة

مظهر البجعة المتحولة بهر ويليام وأسره , فقد تراءى له تفاصيل مخطوبته الغالية , وجد الأمير بالفتاة سحرا يغرقه نحوها , حمل جثمان الفتاة بكل حرص و لطف , دموعه انسابت دون شعور منه

دخل الغابات , و بدأ يجمع الخشب وبعض الأدوات , فجرس الزفاف لم يرن بعد و هديته أغرقتها أمواج العاصفة , قيثارة مزخرفة بأفخر أنواع الجواهر , قيثارة صنعها من عاج نادر الوجود من لؤلؤ وماس

أخذ الشاب بضع خصلات ذهبية لأوتار القيثارة , من أصابعها أخذ الماس مثبتا الاوتار من صدرها أخذ العاج جسدا للقيثارا , من قزحيتها أخذ الأحجار زينة للقيثارة

بسحر الحق بجانبه درعا لأميرة الشمس , قام الشاب بصنع قيثارة من جثمان الفتاة , تذيب قلب كل متحجر تعزف أحزان وأمال , قيثارة ملكت السماء بأحجارها و الشمس بأوتارها , ملكت الثلج بقالبها , حملها متوجه نحو زفافه , منتظرا عناق أميرته و هدية هيليوس , منتظرة ضحكة اميرة الشمس بهديته



وصل الشاب وسط الحشود نحو قاعة الزفاف ليرى المراسيم على وشك البدء , صرخ مناديا صديقه عاليا , التفت هيليوس ببسمة صادقة , متشوق للصوت , ليرى أغلى أصدقائه حي يرزق , بينما أميرة الليل غرقت بصدمة أنستها الكون و زفافها ,أتبكي فرحا برؤية محبوبها ام تبكي ندما ؟!

وقعت أعينها على أحجار القيثارة فلمحت أعين شقيقتها الخائفة والمذهولة , تحجرت بذكرى غرق شقيقتها و يدها الصغيرة الممدودة من اسفل المياه, صوتها الناعم الفزع صدح بأذنيها كالطبول



وضع ويليام القيثارة أرضا راكضا نحو هيليوس , ارتعش الجميع خائفا حالما غمر القيثارة نور مشع ذهبي ,أصاب الجميع بالجزع

أوتارها عزفت وحدها , خلف القيثارة خيال عذراء منيرة بشعر أشقر , أعين ملكت السماء وبشرة كالقطن بنعومتها ونضارتها , كبجعة تتراقص القيثارة بين أصابعها الناعمة

أول وتر عزف لحنا حنونا و ضحكة ناعمة زينت شفتي الفتاة :" هذه هو أبي الملك بأجمل حلة , تلك هي أمي الملكة بجانبه بهيجة بهية , شقيقي اللطيف هيوغ جالسا بسريره يلعب , ذاك هو محبوب شقيقتي ويليام حساس و طيب و الشوق بأعينه كما عهدته "

ثاني وتر عزف لحن حزن و الدموع تناثرت بمرارة كدرر أكسبت الرخام الناعم لمعانا أخاذا:" ذاك هو حب حياتي هيليوس صادق ووسيم كلؤلؤة نقية , أخيرا شقيقتي لونا , سندي و بطلتي من خانتني وأغرقتني في سبيل شاب واحد ..."

ابتعدت العذراء عن القيثارة بنعومة , رفعت يديها لتتحد البجعة بكيانها و تبدأ بالتمايل و الرقص بحركات ناعمة جميلة و القيثارة تعزف ألحان صوتها الغاضبة

تحت مشهد أذهب عقول الجميع و أسكتهم , فزع و هيبة ملأ الأرجاء , ذهول و تعجب اجتاح القاعة و الاعين توجهت نحو أميرة الليل , فرقصات العذراء أصابت شقيقتها , لتظهر أميرة الليل على حقيقتها وتخلع زيفها

سكاي :" ها هو محبوبك حي ,ليثبت القدر لك مهزلتك و غباءك , هاك دمرت حبنا , هاك قطعت اوصال روابطنا ,الحق دائما ساطع و مشرق , عيشي للأبد ما حييت مجرمة أمام محبوبك , مملكتك وأهليك , قتلتني وقلب حبي , وددت سرقة الحب فسرقك , حطمت قلب ويليام , ها انت تبكين أرضا , نادمة و ما نفع الندم الان ... يا شقيقتي الغالية "

ظلت دموع الفتاة تتناثر و هي تتمايل برشاقة و براعة , كل حركة يشع لون ذكرى لها و لحياتها إلى أن وصلت لذكرى مقتلها ، ذكريات العذراء تناثرت بدموعها النقية , حسنها و جمالها تجسد ببجعة محلقة حُرة عنوانها الطيبة و الحب , اختفت الفتاة لتبقى القيثارة مكانها , و رأس القيثارة بجعة حسناء طليقة الجناحين و اسم هيليوس محفور على عاج القيثارة ...

انتهت مأساة البجعة الحسناء و أخذ الحق مجراه كما يفعل دائما , لترقدي بسلام يا أميرة الشمس , فالظلم لا يعيش و مهما على سيسقط لجهنم محترقا , سنايا ذكراك خلدتها كل قيثارة موجودة على وجه الأرض و كل نغمة صادقة نابعة من قلب طيب , و كل حق مغتصب يناجي بالليل فرجا , ذكراك ما حيينا و ما دارت الأرض محفورة على حائط الزمان .



__________________
[CENTER]

بدخلي ماسة ...سأحررها يوما من أشواك حياتي ...ساجدها بإيماني ...سأصقلها بدمي ...سأشكلها بقلبي..ساُلًمِعها بكفاحي...سَتُشّرق متألقة و فخورة بنصري...

التعديل الأخير تم بواسطة diamond rose ; 05-01-2015 الساعة 05:23 PM
رد مع اقتباس