فلما رأى الأمير ذلك هاله ذلك المنظر وسأل عنهم فقيل له هم مشتكون،فقال ليدخل بعضهم فدخل شيخهم وأظهر من الشكوى علي ودعوى الاعتداء مني عليهم كلامًا كثيرًا لم يبلغني جميعه؛
لكن حدثني من كان حاضرًا أن الأمير قال لهم:
فهذا الذي يقوله من عنده
أو يقوله عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالوا:
بل يقوله عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال:
فأي شيء يقال له ؟
قالوا:
نحن لنا أحوال وطريق يسلم إلينا.
قال:
فنسمع كلامه فمن كان الحق معه نصرناه.
قالوا:
نريد أن تشد منا.
قال:
لا ولكن أشد في الحق سواء كان معكم أو معه.
قالوا:
ولا بد من حضوره ؟
قال:
نعم فكرروا ذلك فأمر بإخراجهم
فأرسل إلي بعض خواصه من أهل الصدق والدين
ممن يَعرف ضلالهم وعرفني بصورة الحال
وأنه يريد كشف أمر هؤلاء.
فلما علمت ذلك ألقي في قلبي أن ذلك لأمر يريده الله
من إظهار الدين وكشف حال أهل النفاق المبتدعين
لانتشارهم في أقطار الأرضين،
وما أحببت البغي عليهم والعدوان
ولا أن أسلك معهم إلا أبلغ ما يمكن من الإحسان،
فأرسلت إليهم من عرفهم بصورة الحال
وإني إذا حضرت كان ذلك عليكم من الوبال
وكثر فيكم القيل والقال،
وأن من قعد أو قام قدام رماح أهل الإيمان
فهو الذي أوقع نفسه في الهوان.
فجاء الرسول وأخبر أنهم اجتمعوا بشيوخهم الكبار
الذين يعرفون حقيقة الأسرار
وأشاروا عليهم بموافقة ما أمروا به من اتباع الشريعة
والخروج عما ينكر عليهم من البدع الشنيعة.
وقال شيخهم الذي يسيح بأقطار الأرض كبلاد الترك ومصر وغيرها:
أحوالنا تظهر عند التتار
لا تظهر عند شرع محمد بن عبد الله.